زاهي وهبي
تُقدّم «إسرائيل» نفسها على أنها «الدولة اليهودية» والملاذ الآمن ليهود العالم، لكنَّ هذه الصورة لا تنعكس بوضوح في وعي وشعور قطاعات واسعة من اليهود أنفسهم. فرغم عقود من الهجرة والدعاية، فإن علاقة الكثير من اليهود بدولة الاحتلال علاقة إشكالية، تتسم بالتساؤل والنقد، وقد بلغت ذروتها في رفض حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. هذا الرفض، الذي قاده بشكل لافت الشباب من الجيل Z، يكشف عن هوة عميقة بين ادعاءات الكيان وبين الهوية اليهودية المتعددة في منظور أبنائها.
يهودية الدولة كأيديولوجيا وسياسة
منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، كانت فكرة «يهودية الدولة» إحدى الركائز الأساسية للمشروع الصهيوني، بغض النظر عن درجة هذه اليهودية وبعض مضامينها التي كانت مثار جدل بين تيارات معينة في الحركة الصهيونية، وفي معزل عن تقديم الحركة الصهيونية نفسها كـ «حركة علمانية».
لقد ولدت فكرة يهودية الدولة ليس فقط كهدف ديموغرافي مفترض، بل كأداة سياسية و«قانونية» لتحقيق أهداف دولة الاحتلال التوسعية. ففي تموز 2003، اتخذ الكنيست الإسرائيلي قراراً يدعو إلى «تعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على دول العالم»، معتبراً أن الضفة الغربية وقطاع غزة «ليسا أراضي محتلة، لا من الناحية التاريخية، ولا من ناحية القانون الدولي». وهذا الموقف يعكس محاولة الاحتلال المنهجية لطمس الحقوق الفلسطينية وتكريس السيطرة على الأرض.
ويمكن إدراك الأهداف الخفية وراء شعار «يهودية الدولة» عبر:
- إنهاء حق العودة، إذ يغلق الاعتراف بـ«يهودية إسرائيل» الباب أمام حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ويساعد في شطب القرار الأممي 194 من أجندة الأمم المتحدة.
- تهميش الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة، عبر سن قوانين الإقصاء الدائم والتهميش المستمر، خصوصاً لمن هم في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في عام 1948، والتنكيل بفلسطينيي الضفة وغزة، والتركيز على «الهاجس الديموغرافي» جراء التزايد الطبيعي المرتفع بين أبناء الشعب الفلسطيني.
- جذب اليهود كـ«مادة بشرية»، إذ تعتبر الحركة الصهيونية و«إسرائيل» يهود العالم «المادة البشرية لتحقيق أهداف إسرائيل التوسعية من جهة، وركيزة لاستمرار المشروع الصهيوني برمته».
يهود العالم و«إسرائيل»: علاقة معقدة
رغم الدعاية المستمرة، فإن العلاقة بين يهود العالم ودولة الاحتلال أكثر تعقيداً مما تظهره الرواية الإسرائيلية الرسمية. فالأرقام تشير إلى أن أقل من نصف يهود العالم يعيشون في دولة الاحتلال، حيث بلغت نسبتهم 46% فقط (7.2 ملايين من أصل 15.7 مليون يهودي) بحسب معطيات الوكالة اليهودية في أيلول 2023. كما كشف تقرير للكنيست أن أكثر من 82 ألف إسرائيلي غادروا الكيان بشكل دائم في عام 2024 فقط، لينضموا إلى عشرات الآلاف الذين فروا في 2023 عقب اندلاع الحرب على غزة.
هذه الفجوة بين الدعاية والواقع تعكس طبيعة الهوية اليهودية المركبة، التي لا يمكن اختزالها في الانتماء إلى «دولة إسرائيل». فالهوية اليهودية، كما يحددها الباحثون، يمكن أن تكون:
-هوية دينية: تتبع التعاليم الدينية اليهودية.
-هوية ثقافية: تكون في اتصال مع التراث الحضاري اليهودي عبر اللغة والأدب والفن والموسيقى.
-هوية قومية: تعتمد على الأصول والأسلاف لدى المعتقدين بوجود «مملكة إسرائيل التاريخية».
وهذا التعدد يجعل من المستحيل اختزال الهوية اليهودية في الانتماء السياسي لـ«إسرائيل». بل إن يهوداً كثيرين، خاصة في الشتات، يرفضون هذا الربط جملة وتفصيلاً، فضلاً عن وجود تيارات يهودية تعتبر وجود «إسرائيل» وبالاً على اليهود أنفسهم، مثل ناطوري كارتا (Neturei Karta، وتعني بالآرامية «حراس المدينة»، وهي حركة يهودية أرثوذكسية متشددة مناهضة للصهيونية تعارض بشدة وجود «إسرائيل».
وقد تأسست في القدس عام 1938، وتعتبر الصهيونية خيانة لليهودية، ويرتكز موقف الحركة على معتقد ديني أساسي، فيه أن الشعب اليهودي يعيش في حالة «منفى» فرضها الله عليهم بسبب خطاياهم. ووفقاً لعقيدتهم، لا يمكن استعادة السيادة اليهودية في «أرض إسرائيل» إلا عبر تدخل إلهي عند مجيء «المسيح المخلص».
لذلك تعتبر الحركة أن أي محاولة بشرية لإنهاء هذا المنفى وإقامة دولة يهودية عن طريق القوة أو النشاط السياسي (كما فعلت الحركة الصهيونية) معصية وتحدياً للإرادة الإلهية. وشعارها الرئيسي هو أن «اليهودية لا تساوي الصهيونية» وتؤكد أن دعم الصهيونية يتعارض مع التعاليم الدينية اليهودية الحقيقية.
يهود العالم وغزة: رفض جريمة الإبادة
مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول 2023، بلغت عملية القطيعة بين قطاعات واسعة من يهود العالم و«إسرائيل» ذروتها. فقد أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أن «إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة»، ووجدت أنّ «الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق قد حرضوا على ارتكاب الإبادة الجماعية». هذه الجريمة لم يصمت عليها يهود العالم، بل خرجوا في تظاهرات عارمة رافضين أن تُلصق هوية الإجرام بهم.
قاد «جيلZ» وهم الشباب الذين تُراوح أعمارهم بين 18 و 25 سنة، تحولاً تاريخياً في الرأي العام العالمي، وخاصة بين اليهود أنفسهم. هذا الجيل لم يعد يتردد في نقد «إسرائيل» ووصف سياساتها بالمستندة إلى الفصل العنصري والإبادة الجماعية.
كما تشير استطلاعات الرأي إلى عمق هذه التحولات، إذ بلغت نسبة من يعتبرون «إسرائيل» دولة فصل عنصري 38% (تحت سن الأربعين)، تقابلها نسبة 13% بين مَن هم فوق سن الرابعة والستين بحسب بيانات من منظمة يهود ديموقراطيين تقدميين عام 2021. كما أظهر استطلاع لمؤسسة «هاريس» أن 60% من شباب «جيل Z» يفضلون حماس على «إسرائيل»، بينما بلغت نسبة التأييد لـ«إسرائيل» بين من هم فوق 65 سنة 89%. هذه الفجوة العميقة تعكس تحولاً جيلياً تاريخياً في نظرة يهود العالم لدولة الاحتلال.
انحسار الوهم وبروز الهوية الحقيقية
وهكذا لم تعد «إسرائيل» في نظر قطاعات متزايدة من يهود العالم، تمثل الدولة اليهودية التي تدعيها، بل تحولت إلى دولة تفرض هيمنتها باسم يهودية مزعومة. لقد كشفت جرائم غزة عن الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني، الذي لم يعد قادراً على إخفاء طابعه الاستعماري الاستيطاني تحت شعارات يهودية مجردة.
اليوم، يرفض يهود العالم، وفي مقدمتهم شباب جيل Z أن تكون هويتهم ذريعة للإجرام، وأن تكون يهوديتهم غطاء لاحتلال واضطهاد شعب آخر. إنهم يفضلون هوية يهودية منفتحة وإنسانية، قائمة على القيم الأخلاقية الكونية، لا على الانتماء العرقي أو القومي الضيق. وهو ما عبر عنه الصحافي جدعون ليفي بقوله «إننا أمة موبوءة جرباء، العالم يكرهنا بسبب ما قمنا به».
لقد نجح جيل Z في كسر الصورة النمطية لليهودي كمناصر تلقائياً لـ «إسرائيل» مهما فعلت، وأسقط أسطورة «المظلومية الإسرائيلية» و«معاداة السامية» التي دائماً ما استخدمتها دولة الاحتلال لتكميم أفواه الناقدين. ها هو صوت اليهود يعلو اليوم رافضاً الادعاءات الإسرائيلية، مؤكداً أن الهوية اليهودية الحقيقية أكبر وأسمى من أن يحصرها مشروع استعماري يستند إلى الإجرام والعنف.
فلسطين قضية إنسانية أممية أولاً
هذا الرفض اليهودي المتنامي لـ«إسرائيل» يبرز الآن كفرصة تاريخية لإعادة تعريف أساليب المواجهة، عبر الفصل الجذري بين معارضة الكيان الاستعماري الاستيطاني وبين العداء لليهود كجماعة بشرية أو كديانة.
ففيما يشكل رفض الاحتلال ومؤسساته موقفاً أخلاقياً وسياسياً مشروعاً، تظل معاداة اليهود كيهود، انسياقاً وراء منطق عنصري يخدم المشروع الصهيوني نفسه، الذي يسعى دائماً إلى طمس الفارق الجوهري بين إدانة دولة الاحتلال كرأس حربة استعمارية، وبين الكراهية العرقية والدينية.
لقد استخدمت «إسرائيل» معاداة السامية تاريخياً كذريعة لتبرير سياساتها، وكورقة توتير تستر جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. لذلك، فإن تمييز الخطاب النقدي الموجه للكيان الصهيوني عن أي شكل من أشكال العداء لليهودية، يمثل سلاحاً استراتيجياً في إسقاط هذه الذريعة وكشف حقيقة الصراع: أنه ليس صراعاً دينياً، بل مواجهة مع مشروع استعماري استيطاني يستخدم الدين غطاءً لأطماعه التوسعية.
وهنا تكمن المفارقة العميقة: فكلما ارتفع صوت اليهود أنفسهم رافضين لدولة الاحتلال، تأكدت شرعية النضال ضد الاحتلال، وانهارت المقولات الصهيونية التي تسعى إلى اختزال اليهودية في الدفاع عن دولة الاحتلال.
إن تضامن شرائح واسعة من يهود العالم مع الحق الفلسطيني، يثبت أن العدالة قضية إنسانية أممية، تتجاوز الانتماءات الدينية والعرقية الضيقة. ويقتضي تعزيز هذا التوجه بناء تحالفات إنسانية عابرة للهويات، تركز على القيم المشتركة من كرامة وحرية ومساواة، وتفكك الإطار الصهيوني الذي يسعى إلى حشر الجميع في صناديق هوياتية مغلقة. فكما قال نيلسون مانديلا: «نحن نكافح ضد الظلم، وليس ضد أناس بعينهم».
هذه الرؤية التحررية هي التي يمكن أن تحول الصراع من مواجهة دينية أو عرقية، إلى كفاح سياسي وإنساني ضد نظام فصل عنصري واحتلال استيطاني، ما يوسع قاعدة التضامن العالمي ويحرم الاحتلال من أي غطاء أخلاقي أو سياسي.
من هنا، فإن هذا التحوّل التاريخي في نظرة نسبة كبيرة من يهود العالم، ولا سيما في أوساط جيل الشباب، معطوفاً على التضامن الشعبي العارم مع فلسطين الذي شهدته معظم عواصم العالم ومدنه، يستدعي تقديم أولوية النضال الإنساني الأممي على ما عداها، باعتبار تحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال قضية تعني كل إنسان حرّ في معزل عن دينه وعرقه وجنسه وجنسيته.
تُقدّم «إسرائيل» نفسها على أنها «الدولة اليهودية» والملاذ الآمن ليهود العالم، لكنَّ هذه الصورة لا تنعكس بوضوح في وعي وشعور قطاعات واسعة من اليهود أنفسهم. فرغم عقود من الهجرة والدعاية، فإن علاقة الكثير من اليهود بدولة الاحتلال علاقة إشكالية، تتسم بالتساؤل والنقد، وقد بلغت ذروتها في رفض حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. هذا الرفض، الذي قاده بشكل لافت الشباب من الجيل Z، يكشف عن هوة عميقة بين ادعاءات الكيان وبين الهوية اليهودية المتعددة في منظور أبنائها.
يهودية الدولة كأيديولوجيا وسياسة
منذ المؤتمر الصهيوني الأول في بازل عام 1897، كانت فكرة «يهودية الدولة» إحدى الركائز الأساسية للمشروع الصهيوني، بغض النظر عن درجة هذه اليهودية وبعض مضامينها التي كانت مثار جدل بين تيارات معينة في الحركة الصهيونية، وفي معزل عن تقديم الحركة الصهيونية نفسها كـ «حركة علمانية».
لقد ولدت فكرة يهودية الدولة ليس فقط كهدف ديموغرافي مفترض، بل كأداة سياسية و«قانونية» لتحقيق أهداف دولة الاحتلال التوسعية. ففي تموز 2003، اتخذ الكنيست الإسرائيلي قراراً يدعو إلى «تعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على دول العالم»، معتبراً أن الضفة الغربية وقطاع غزة «ليسا أراضي محتلة، لا من الناحية التاريخية، ولا من ناحية القانون الدولي». وهذا الموقف يعكس محاولة الاحتلال المنهجية لطمس الحقوق الفلسطينية وتكريس السيطرة على الأرض.
ويمكن إدراك الأهداف الخفية وراء شعار «يهودية الدولة» عبر:
- إنهاء حق العودة، إذ يغلق الاعتراف بـ«يهودية إسرائيل» الباب أمام حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، ويساعد في شطب القرار الأممي 194 من أجندة الأمم المتحدة.
- تهميش الفلسطينيين داخل الأرض المحتلة، عبر سن قوانين الإقصاء الدائم والتهميش المستمر، خصوصاً لمن هم في الأراضي الفلسطينية التي احتلت في عام 1948، والتنكيل بفلسطينيي الضفة وغزة، والتركيز على «الهاجس الديموغرافي» جراء التزايد الطبيعي المرتفع بين أبناء الشعب الفلسطيني.
- جذب اليهود كـ«مادة بشرية»، إذ تعتبر الحركة الصهيونية و«إسرائيل» يهود العالم «المادة البشرية لتحقيق أهداف إسرائيل التوسعية من جهة، وركيزة لاستمرار المشروع الصهيوني برمته».
يهود العالم و«إسرائيل»: علاقة معقدة
رغم الدعاية المستمرة، فإن العلاقة بين يهود العالم ودولة الاحتلال أكثر تعقيداً مما تظهره الرواية الإسرائيلية الرسمية. فالأرقام تشير إلى أن أقل من نصف يهود العالم يعيشون في دولة الاحتلال، حيث بلغت نسبتهم 46% فقط (7.2 ملايين من أصل 15.7 مليون يهودي) بحسب معطيات الوكالة اليهودية في أيلول 2023. كما كشف تقرير للكنيست أن أكثر من 82 ألف إسرائيلي غادروا الكيان بشكل دائم في عام 2024 فقط، لينضموا إلى عشرات الآلاف الذين فروا في 2023 عقب اندلاع الحرب على غزة.
هذه الفجوة بين الدعاية والواقع تعكس طبيعة الهوية اليهودية المركبة، التي لا يمكن اختزالها في الانتماء إلى «دولة إسرائيل». فالهوية اليهودية، كما يحددها الباحثون، يمكن أن تكون:
-هوية دينية: تتبع التعاليم الدينية اليهودية.
-هوية ثقافية: تكون في اتصال مع التراث الحضاري اليهودي عبر اللغة والأدب والفن والموسيقى.
-هوية قومية: تعتمد على الأصول والأسلاف لدى المعتقدين بوجود «مملكة إسرائيل التاريخية».
وهذا التعدد يجعل من المستحيل اختزال الهوية اليهودية في الانتماء السياسي لـ«إسرائيل». بل إن يهوداً كثيرين، خاصة في الشتات، يرفضون هذا الربط جملة وتفصيلاً، فضلاً عن وجود تيارات يهودية تعتبر وجود «إسرائيل» وبالاً على اليهود أنفسهم، مثل ناطوري كارتا (Neturei Karta، وتعني بالآرامية «حراس المدينة»، وهي حركة يهودية أرثوذكسية متشددة مناهضة للصهيونية تعارض بشدة وجود «إسرائيل».
وقد تأسست في القدس عام 1938، وتعتبر الصهيونية خيانة لليهودية، ويرتكز موقف الحركة على معتقد ديني أساسي، فيه أن الشعب اليهودي يعيش في حالة «منفى» فرضها الله عليهم بسبب خطاياهم. ووفقاً لعقيدتهم، لا يمكن استعادة السيادة اليهودية في «أرض إسرائيل» إلا عبر تدخل إلهي عند مجيء «المسيح المخلص».
لذلك تعتبر الحركة أن أي محاولة بشرية لإنهاء هذا المنفى وإقامة دولة يهودية عن طريق القوة أو النشاط السياسي (كما فعلت الحركة الصهيونية) معصية وتحدياً للإرادة الإلهية. وشعارها الرئيسي هو أن «اليهودية لا تساوي الصهيونية» وتؤكد أن دعم الصهيونية يتعارض مع التعاليم الدينية اليهودية الحقيقية.
يهود العالم وغزة: رفض جريمة الإبادة
مع بدء العدوان الإسرائيلي على غزة في تشرين الأول 2023، بلغت عملية القطيعة بين قطاعات واسعة من يهود العالم و«إسرائيل» ذروتها. فقد أكدت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة أن «إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة»، ووجدت أنّ «الرئيس الإسرائيلي ورئيس الوزراء ووزير الدفاع السابق قد حرضوا على ارتكاب الإبادة الجماعية». هذه الجريمة لم يصمت عليها يهود العالم، بل خرجوا في تظاهرات عارمة رافضين أن تُلصق هوية الإجرام بهم.
قاد «جيلZ» وهم الشباب الذين تُراوح أعمارهم بين 18 و 25 سنة، تحولاً تاريخياً في الرأي العام العالمي، وخاصة بين اليهود أنفسهم. هذا الجيل لم يعد يتردد في نقد «إسرائيل» ووصف سياساتها بالمستندة إلى الفصل العنصري والإبادة الجماعية.
كما تشير استطلاعات الرأي إلى عمق هذه التحولات، إذ بلغت نسبة من يعتبرون «إسرائيل» دولة فصل عنصري 38% (تحت سن الأربعين)، تقابلها نسبة 13% بين مَن هم فوق سن الرابعة والستين بحسب بيانات من منظمة يهود ديموقراطيين تقدميين عام 2021. كما أظهر استطلاع لمؤسسة «هاريس» أن 60% من شباب «جيل Z» يفضلون حماس على «إسرائيل»، بينما بلغت نسبة التأييد لـ«إسرائيل» بين من هم فوق 65 سنة 89%. هذه الفجوة العميقة تعكس تحولاً جيلياً تاريخياً في نظرة يهود العالم لدولة الاحتلال.
انحسار الوهم وبروز الهوية الحقيقية
وهكذا لم تعد «إسرائيل» في نظر قطاعات متزايدة من يهود العالم، تمثل الدولة اليهودية التي تدعيها، بل تحولت إلى دولة تفرض هيمنتها باسم يهودية مزعومة. لقد كشفت جرائم غزة عن الوجه الحقيقي للمشروع الصهيوني، الذي لم يعد قادراً على إخفاء طابعه الاستعماري الاستيطاني تحت شعارات يهودية مجردة.
اليوم، يرفض يهود العالم، وفي مقدمتهم شباب جيل Z أن تكون هويتهم ذريعة للإجرام، وأن تكون يهوديتهم غطاء لاحتلال واضطهاد شعب آخر. إنهم يفضلون هوية يهودية منفتحة وإنسانية، قائمة على القيم الأخلاقية الكونية، لا على الانتماء العرقي أو القومي الضيق. وهو ما عبر عنه الصحافي جدعون ليفي بقوله «إننا أمة موبوءة جرباء، العالم يكرهنا بسبب ما قمنا به».
لقد نجح جيل Z في كسر الصورة النمطية لليهودي كمناصر تلقائياً لـ «إسرائيل» مهما فعلت، وأسقط أسطورة «المظلومية الإسرائيلية» و«معاداة السامية» التي دائماً ما استخدمتها دولة الاحتلال لتكميم أفواه الناقدين. ها هو صوت اليهود يعلو اليوم رافضاً الادعاءات الإسرائيلية، مؤكداً أن الهوية اليهودية الحقيقية أكبر وأسمى من أن يحصرها مشروع استعماري يستند إلى الإجرام والعنف.
فلسطين قضية إنسانية أممية أولاً
هذا الرفض اليهودي المتنامي لـ«إسرائيل» يبرز الآن كفرصة تاريخية لإعادة تعريف أساليب المواجهة، عبر الفصل الجذري بين معارضة الكيان الاستعماري الاستيطاني وبين العداء لليهود كجماعة بشرية أو كديانة.
ففيما يشكل رفض الاحتلال ومؤسساته موقفاً أخلاقياً وسياسياً مشروعاً، تظل معاداة اليهود كيهود، انسياقاً وراء منطق عنصري يخدم المشروع الصهيوني نفسه، الذي يسعى دائماً إلى طمس الفارق الجوهري بين إدانة دولة الاحتلال كرأس حربة استعمارية، وبين الكراهية العرقية والدينية.
لقد استخدمت «إسرائيل» معاداة السامية تاريخياً كذريعة لتبرير سياساتها، وكورقة توتير تستر جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. لذلك، فإن تمييز الخطاب النقدي الموجه للكيان الصهيوني عن أي شكل من أشكال العداء لليهودية، يمثل سلاحاً استراتيجياً في إسقاط هذه الذريعة وكشف حقيقة الصراع: أنه ليس صراعاً دينياً، بل مواجهة مع مشروع استعماري استيطاني يستخدم الدين غطاءً لأطماعه التوسعية.
وهنا تكمن المفارقة العميقة: فكلما ارتفع صوت اليهود أنفسهم رافضين لدولة الاحتلال، تأكدت شرعية النضال ضد الاحتلال، وانهارت المقولات الصهيونية التي تسعى إلى اختزال اليهودية في الدفاع عن دولة الاحتلال.
إن تضامن شرائح واسعة من يهود العالم مع الحق الفلسطيني، يثبت أن العدالة قضية إنسانية أممية، تتجاوز الانتماءات الدينية والعرقية الضيقة. ويقتضي تعزيز هذا التوجه بناء تحالفات إنسانية عابرة للهويات، تركز على القيم المشتركة من كرامة وحرية ومساواة، وتفكك الإطار الصهيوني الذي يسعى إلى حشر الجميع في صناديق هوياتية مغلقة. فكما قال نيلسون مانديلا: «نحن نكافح ضد الظلم، وليس ضد أناس بعينهم».
هذه الرؤية التحررية هي التي يمكن أن تحول الصراع من مواجهة دينية أو عرقية، إلى كفاح سياسي وإنساني ضد نظام فصل عنصري واحتلال استيطاني، ما يوسع قاعدة التضامن العالمي ويحرم الاحتلال من أي غطاء أخلاقي أو سياسي.
من هنا، فإن هذا التحوّل التاريخي في نظرة نسبة كبيرة من يهود العالم، ولا سيما في أوساط جيل الشباب، معطوفاً على التضامن الشعبي العارم مع فلسطين الذي شهدته معظم عواصم العالم ومدنه، يستدعي تقديم أولوية النضال الإنساني الأممي على ما عداها، باعتبار تحرير فلسطين ومقاومة الاحتلال قضية تعني كل إنسان حرّ في معزل عن دينه وعرقه وجنسه وجنسيته.
إسرائيل تواصل تجويع الأسرى الفلسطينيين بشكل خطير ويضر بصحتهم
تواصل السلطات الإسرائيلية تجويع الأسرى الفلسطينيين في سجونها بشكل كبير، وفق ما أكد التماس قدمته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل وجمعية "غيشا – مسلك" إلى المحكمة العليا، هذا الأسبوع. وشدد الالتماس على أنه بالرغم من مرور ثلاثة أشهر على قرار المحكمة العليا بإلزام مصلحة السجون بتزويد الأسرى الفلسطينيين بكميات طعام ملائمة من أجل الحفاظ على صحتهم، إلا أنها لم تنفذ قرار المحكمة والأسرى ما زالوا يعانون من تجويع شديد.
وجاء في تصاريح تم إرفاقها بالالتماس أن الأسرى أفادوا بأنه لا يوجد أي تغيير في توزيع الطعام، وأن كمية الطعام تراجعت. وطالبت الجمعيتان بأن تفرض المحكمة على مفوض مصلحة السجون، يعقوب يعقوبي، غرامة مالية أو عقوبة السجن، بينما رفضت مصلحة السجون الاتهامات ضدها.
وأفادت التصاريح التي استندت إلى زيارات محامين إلى سجون "عوفر" و"غانوت" ومجدو والجلبوع و"كتسيعوت" وشطة، بأن الأسرى لم يعلموا أبدا بقرار المحكمة العليا قبل ثلاثة أشهر وأنه لم تجر فحوصات طبية لهم منذ صدور القرار.
وجاء في تصريح كتبه محام، الذي زار مؤخرا 53 أسيرا ومعتقلا فلسطينيا في السجون، أن جميعهم أبلغوه بأن كمية الطعام المقدم لهم ضئيلة وبجودة متدنية، وقسم من الأسرى شكوا من شعور دائم بالجوع، وأن "أحد المعتقلين أبلغني بأنهم يموتون جوعا ويحلمون بالطعام".
وأضاف المحامي أن قسما من الأسرى أفادوا بأنه منذ 7 أكتوبر 2023، "تلقوا طعاما منتهية صلاحيته، وخضار وسخة والقليل من الطحينة، التي أضاف الأسرى إليها مزيدا من الماء كي تكفيهم".
ووفقا للمحامي، فإن جميع زبائنه "فقدوا وزنهم منذ أن سُجنوا بسبب كمية الطعام غير الكافية. وبعضهم فقدوا نصف وزنهم منذ سجنهم، وحتى أكثر من ذلك".
وأفاد المحامي بأنه التقى مؤخرا في سجن كتسيعوت، في النقب، مع معتقل إداري الذي كان وزنه لدى اعتقاله 130 كيلوغراما، ويزن الآن حوالي 60 كيلوغراما، "والتقيت أسرى انخفض وزنهم إلى أقل من 49 كيلوغراما".
وجاء في قرار المحكمة العليا، في أيلول/سبتمبر الماضي، أنه توجد مؤشرات على أن مصلحة السجون تخرق واجبها بتزويد الأسرى بشروط معيشية أساسية وبضمن ذلك الطعام بكمية وتنوع ملائمين من أجل الحفاظ على صحتهم.
وأصدرت المحكمة العليا هذا القرار في أعقاب التماس قدمته الجمعيتان ضد مصلحة السجون ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، في نيسان/أبريل الماضي.
وقدمت الجمعيتان الالتماس في أعقاب قرار بن غفير بإساءة ظروف الأسرى الفلسطينيين بعد شن إسرائيل حرب الإبادة على غزة، في تشرين الأول/أكتوبر العام 2023، وشملت جميع الأسرى الفلسطينيين، وأصبحت تسري على الأسرى من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والأسرى من المواطنين العرب في إسرائيل.
قبل نشوب الحرب على غزة، كان يُسمح للأسرى الفلسطينيين بشراء مواد غذائية بشكل مستقل من حانوت السجن (الكانتينا)، وإعداد طعامهم الأساسي بأنفسهم. وبعد نشوب الحرب منعت مصلحة السجون ذلك، بموجب قرارات بن غفير، وصودرت أدوات الطهي من الأسرى، وأصبحت مصلحة السجون تزود الأسرى الفلسطينيين بالطعام.
وزعمت مصلحة السجون في ردها على الالتماس، الأسبوع الحالي، أنه في أعقاب قرار المحكمة قبل ثلاثة أشهر، "عيّن مفوض مصلحة السجون فريقا من ضباط وجهات مهنية حالية وسابقة، الذين تم تكليفهم بتطبيق قرار المحكمة بالكامل، من خلال الحرص على الحفاظ على حياة وأمن السجانين من المخاطر الخطيرة الصادرة من جانب الأسرى".
تواصل السلطات الإسرائيلية تجويع الأسرى الفلسطينيين في سجونها بشكل كبير، وفق ما أكد التماس قدمته جمعية حقوق المواطن في إسرائيل وجمعية "غيشا – مسلك" إلى المحكمة العليا، هذا الأسبوع. وشدد الالتماس على أنه بالرغم من مرور ثلاثة أشهر على قرار المحكمة العليا بإلزام مصلحة السجون بتزويد الأسرى الفلسطينيين بكميات طعام ملائمة من أجل الحفاظ على صحتهم، إلا أنها لم تنفذ قرار المحكمة والأسرى ما زالوا يعانون من تجويع شديد.
وجاء في تصاريح تم إرفاقها بالالتماس أن الأسرى أفادوا بأنه لا يوجد أي تغيير في توزيع الطعام، وأن كمية الطعام تراجعت. وطالبت الجمعيتان بأن تفرض المحكمة على مفوض مصلحة السجون، يعقوب يعقوبي، غرامة مالية أو عقوبة السجن، بينما رفضت مصلحة السجون الاتهامات ضدها.
وأفادت التصاريح التي استندت إلى زيارات محامين إلى سجون "عوفر" و"غانوت" ومجدو والجلبوع و"كتسيعوت" وشطة، بأن الأسرى لم يعلموا أبدا بقرار المحكمة العليا قبل ثلاثة أشهر وأنه لم تجر فحوصات طبية لهم منذ صدور القرار.
وجاء في تصريح كتبه محام، الذي زار مؤخرا 53 أسيرا ومعتقلا فلسطينيا في السجون، أن جميعهم أبلغوه بأن كمية الطعام المقدم لهم ضئيلة وبجودة متدنية، وقسم من الأسرى شكوا من شعور دائم بالجوع، وأن "أحد المعتقلين أبلغني بأنهم يموتون جوعا ويحلمون بالطعام".
وأضاف المحامي أن قسما من الأسرى أفادوا بأنه منذ 7 أكتوبر 2023، "تلقوا طعاما منتهية صلاحيته، وخضار وسخة والقليل من الطحينة، التي أضاف الأسرى إليها مزيدا من الماء كي تكفيهم".
ووفقا للمحامي، فإن جميع زبائنه "فقدوا وزنهم منذ أن سُجنوا بسبب كمية الطعام غير الكافية. وبعضهم فقدوا نصف وزنهم منذ سجنهم، وحتى أكثر من ذلك".
وأفاد المحامي بأنه التقى مؤخرا في سجن كتسيعوت، في النقب، مع معتقل إداري الذي كان وزنه لدى اعتقاله 130 كيلوغراما، ويزن الآن حوالي 60 كيلوغراما، "والتقيت أسرى انخفض وزنهم إلى أقل من 49 كيلوغراما".
وجاء في قرار المحكمة العليا، في أيلول/سبتمبر الماضي، أنه توجد مؤشرات على أن مصلحة السجون تخرق واجبها بتزويد الأسرى بشروط معيشية أساسية وبضمن ذلك الطعام بكمية وتنوع ملائمين من أجل الحفاظ على صحتهم.
وأصدرت المحكمة العليا هذا القرار في أعقاب التماس قدمته الجمعيتان ضد مصلحة السجون ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، في نيسان/أبريل الماضي.
وقدمت الجمعيتان الالتماس في أعقاب قرار بن غفير بإساءة ظروف الأسرى الفلسطينيين بعد شن إسرائيل حرب الإبادة على غزة، في تشرين الأول/أكتوبر العام 2023، وشملت جميع الأسرى الفلسطينيين، وأصبحت تسري على الأسرى من قطاع غزة والضفة الغربية والقدس والأسرى من المواطنين العرب في إسرائيل.
قبل نشوب الحرب على غزة، كان يُسمح للأسرى الفلسطينيين بشراء مواد غذائية بشكل مستقل من حانوت السجن (الكانتينا)، وإعداد طعامهم الأساسي بأنفسهم. وبعد نشوب الحرب منعت مصلحة السجون ذلك، بموجب قرارات بن غفير، وصودرت أدوات الطهي من الأسرى، وأصبحت مصلحة السجون تزود الأسرى الفلسطينيين بالطعام.
وزعمت مصلحة السجون في ردها على الالتماس، الأسبوع الحالي، أنه في أعقاب قرار المحكمة قبل ثلاثة أشهر، "عيّن مفوض مصلحة السجون فريقا من ضباط وجهات مهنية حالية وسابقة، الذين تم تكليفهم بتطبيق قرار المحكمة بالكامل، من خلال الحرص على الحفاظ على حياة وأمن السجانين من المخاطر الخطيرة الصادرة من جانب الأسرى".
منظمات حقوقية للأمم المتحدة: إسرائيل صعّدت عمليات التعذيب ضد الأسرى الفلسطينيين
أكد تقرير أرسلته منظمات حقوقية في إسرائيل إلى اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة على أن إسرائيل صعّدت انتهاكاتها للمعاهدة ضد التعذيب. وتم إرسال التقرير في إطار الرقابة الدورية للجنة ضد التعذيب على الدول الموقعة على المعاهدة.
وجاء في التقرير أن "إسرائيل فككت أنظمة الدفاع التي كانت سارية على الأسرى (الفلسطينيين) في الماضي، وتنفذ اليوم عمليات تعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال، ولدى جميع قوات الأمن التي تعنى بالسجن، وذلك بمصادقة مستويات رفيعة، وبدون إشراف أو تدخل أجهزة قضائية أو إدارية، وبمشاركة طواقم طبية".
ووقعت على التقرير الذي تم إرساله إلى الأمم المتحدة المنظمات الحقوقية "عدالة" و"اللجنة ضد التعذيب" و"أهالي ضد اعتقال قاصرين" و"المركز للدفاع عن الفرد" و"أطباء لحقوق الإنسان".
وأضاف التقرير أن إسرائيل تبرر سجن فلسطينيين بأساليب قانونية لا تتلاءم مع القانون الدولي. والأسلوب الأساسي هو وصف أسرى فلسطينيين بأنهم "مقاتلون غير قانونيين"، وهذا الوصف غير مقبول في القانون الدولي، لكنه يسمح لإسرائيل باعتقال فلسطينيين لفترات طويلة من محاكمتهم ومن دون الحفاظ على حقوقهم كأسرى حرب.
واعتقلت إسرائيل خلال الحرب على غزة أكثر من 4000 من سكان غزة بموجب هذا الوصف، واستخدمت الاعتقالات الإدارية بشكل واسع. وقبل الحرب، كانت تحتجز إسرائيل 1100 معتقل إداري، وارتفع عددهم في أيلول/سبتمبر الماضي إلى 3500 معتقل إداري. ومتوسط مدة الاعتقال الإداري بات ضعف مدته قبل الحرب.
وسجن الأسرى من قطاع غزة في منشآت اعتقال في ظروف قاسية للغاية. وجاء في التقرير أنهم "كانوا مسجونين في منشآت محاطة بالقضبان في الخارج، ومعرضين لأضرار الطقس، ومقيدين ومعصوبي الأعين. وتم إرغامهم على الركوع معظم ساعات النهار وناموا على الأرض في ظروف صحية متردية، وفي ظل نقص شديد في العناية الطبية وقمع متواصل. ولا يزال عدة مئات من الأسرى مسجونين في هذه الظروف القاسية".
وأشار التقرير إلى أن الأسرى تلقوا لاحقا عناية طبية فيما أيديهم مقيدة وعيونهم معصوبة واضطروا إلى استخدام الحفاظات لقضاء حاجتهم. وأضاف أن إسرائيل مارست ضدهم سياسة تجويع "بتقديم غذاء يومي يشمل ألف سعرة حرارية وحوالي 40 غراما من البروتين".
وأكد التقرير على أن "مجمل الإفادات تدل على تنكيل خطير طوال فترة الاعتقال، ويشمل الضرب بالعصي وسكب مياه مغلية والتسبب بحروق خطيرة، وهجمات كلاب واستخدام ’غرفة ديسكو’ مع موسيقى قوية بشكل مؤلم، واغتصاب باستخدام أدوات".
وأفاد التقرير بأنه في السجون التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية مورست سياسة تجويع وتنكيل ممنهجة، وشملت "ضرب ونطح بواسطة عصي، تقييد مؤلم، تهجمات كلاب، تهديدات، تبول على معتقلين، عنف جنسي واغتصاب باستخدام أدوات"، وأنه نتيجة لذلك تم توثيق ما لا يقل عن 94 حالة موت في منشآت اعتقال إسرائيلية منذ بداية الحرب، وشوهدت عشرات الحالات من الأضرار الصحية التي لا يمكن الشفاء منها.
وارتفع عدد الشكاوى ضد عمليات التعذيب أثناء التحقيقات من 66 شكوى طوال العشرين عاما التي سبقت الحرب، إلى 238 شكوى خلال سنتي الحرب. وذكر التقرير استشهاد ثلاثة معتقلين أثناء التحقيق معهم في الشاباك. ولا يعترف الشاباك بممارسة التعذيب، وإنما باستخدام "وسائل تحقيق خاصة" تشمل منع النوم، تقييد الأيدي والأرجل بوضعية مؤلمة، هز الجسد بقوة، اعتقال بدرجة حرارة منخفضة، استخدام موسيقى شديدة القوة، التحقيق بتعرية المعتقل وتهديدات لأفراد عائلات المعتقلين.
ولفت التقرير إلى أن عدد التحقيقات في الشكاوى على التعذيب ضئيل للغاية. ومن بين 238 شكوى قُدمت في أعقاب التحقيق في الشاباك، أوصى المسؤول عن استيضاح شكاوى الضحايا بفتح تحقيق في شكويين، وفي نهايته لم تقدم لائحة اتهام.
وفتح الجيش الإسرائيلي 58 تحقيقا ضد جنود نكلوا وعذبوا معتقلين، بينها 44 تحقيقا كانت متعلقة بحالات موت معتقلين. وتم تقديم لائحة اتهام في حالتين فقط، إحداهما ضد خمسة جنود اتهموا بتعذيب معتقل فلسطيني في منشأة الاعتقال في معسكر "سديه تيمان". وفي الحالة الثانية، أدين جندي بالتنكيل وحكم عليه بالسجن لسبعة شهور. وفتحت مصلحة السجون 36 تحقيقا حول تنكيل بمعتقلين، انتهت ستة تحقيقات فقط بتقديم لوائح اتهام.
وشدد التقرير على أن هذا "الوضع الرهيب في السجون حظي بمصادقة المحكمة العليا"، التي رفضت 18 من بين 20 التماسا تم تقديمها ضد ظروف الاعتقال، وبعد أن وافق القضاة على موقف النيابة. وفي الحالة الأولى التي نظرت فيها المحكمة العليا، أصدرت قرارا بإغلاق "سديه تيمان"، وفي الحالة الثانية، التي تعلقت بسياسة تجويع أسرى، وافقت المحكمة على الالتماس جزئيا بعد 17 شهرا من تقديمه.
وأكد التقرير على أنه في مصلحة السجون يستخدمون منع العناية الطبية كأسلوب تعذيب، وبضمن ذلك انتشار الجرب بين آلاف الأسرى. وشدد التقرير على أن مصير مئات المعتقلين الغزيين ما زال غير معروف، وأن أسرى فلسطينيين يحتجزون في زنازين العزل الانفرادي، ويُمنعون من لقاء مع محامي ومع مندوبين عن الصليب الأحمر ومع صحافيين ومع أفراد عائلاتهم.
وخلال اجتماع اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة، قبل أسبوعين، رفض المندوبون الإسرائيليون عن وزارتي الخارجية والقضاء ومصلحة السجون ما جاء في تقرير المنظمات الحقوقية بشأن انتهاك إسرائيل للمعاهدة والقانون الدولي من خلال ممارساتها ضد الأسرى الفلسطينيين، وادعوا أن النيابة العامة وجهاز القضاء في إسرائيل يشرفون على ما يجري في السجون ومنشآت الاعتقال، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء.
أكد تقرير أرسلته منظمات حقوقية في إسرائيل إلى اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة على أن إسرائيل صعّدت انتهاكاتها للمعاهدة ضد التعذيب. وتم إرسال التقرير في إطار الرقابة الدورية للجنة ضد التعذيب على الدول الموقعة على المعاهدة.
وجاء في التقرير أن "إسرائيل فككت أنظمة الدفاع التي كانت سارية على الأسرى (الفلسطينيين) في الماضي، وتنفذ اليوم عمليات تعذيب وتنكيل في جميع مراحل الاعتقال، ولدى جميع قوات الأمن التي تعنى بالسجن، وذلك بمصادقة مستويات رفيعة، وبدون إشراف أو تدخل أجهزة قضائية أو إدارية، وبمشاركة طواقم طبية".
ووقعت على التقرير الذي تم إرساله إلى الأمم المتحدة المنظمات الحقوقية "عدالة" و"اللجنة ضد التعذيب" و"أهالي ضد اعتقال قاصرين" و"المركز للدفاع عن الفرد" و"أطباء لحقوق الإنسان".
وأضاف التقرير أن إسرائيل تبرر سجن فلسطينيين بأساليب قانونية لا تتلاءم مع القانون الدولي. والأسلوب الأساسي هو وصف أسرى فلسطينيين بأنهم "مقاتلون غير قانونيين"، وهذا الوصف غير مقبول في القانون الدولي، لكنه يسمح لإسرائيل باعتقال فلسطينيين لفترات طويلة من محاكمتهم ومن دون الحفاظ على حقوقهم كأسرى حرب.
واعتقلت إسرائيل خلال الحرب على غزة أكثر من 4000 من سكان غزة بموجب هذا الوصف، واستخدمت الاعتقالات الإدارية بشكل واسع. وقبل الحرب، كانت تحتجز إسرائيل 1100 معتقل إداري، وارتفع عددهم في أيلول/سبتمبر الماضي إلى 3500 معتقل إداري. ومتوسط مدة الاعتقال الإداري بات ضعف مدته قبل الحرب.
وسجن الأسرى من قطاع غزة في منشآت اعتقال في ظروف قاسية للغاية. وجاء في التقرير أنهم "كانوا مسجونين في منشآت محاطة بالقضبان في الخارج، ومعرضين لأضرار الطقس، ومقيدين ومعصوبي الأعين. وتم إرغامهم على الركوع معظم ساعات النهار وناموا على الأرض في ظروف صحية متردية، وفي ظل نقص شديد في العناية الطبية وقمع متواصل. ولا يزال عدة مئات من الأسرى مسجونين في هذه الظروف القاسية".
وأشار التقرير إلى أن الأسرى تلقوا لاحقا عناية طبية فيما أيديهم مقيدة وعيونهم معصوبة واضطروا إلى استخدام الحفاظات لقضاء حاجتهم. وأضاف أن إسرائيل مارست ضدهم سياسة تجويع "بتقديم غذاء يومي يشمل ألف سعرة حرارية وحوالي 40 غراما من البروتين".
وأكد التقرير على أن "مجمل الإفادات تدل على تنكيل خطير طوال فترة الاعتقال، ويشمل الضرب بالعصي وسكب مياه مغلية والتسبب بحروق خطيرة، وهجمات كلاب واستخدام ’غرفة ديسكو’ مع موسيقى قوية بشكل مؤلم، واغتصاب باستخدام أدوات".
وأفاد التقرير بأنه في السجون التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية مورست سياسة تجويع وتنكيل ممنهجة، وشملت "ضرب ونطح بواسطة عصي، تقييد مؤلم، تهجمات كلاب، تهديدات، تبول على معتقلين، عنف جنسي واغتصاب باستخدام أدوات"، وأنه نتيجة لذلك تم توثيق ما لا يقل عن 94 حالة موت في منشآت اعتقال إسرائيلية منذ بداية الحرب، وشوهدت عشرات الحالات من الأضرار الصحية التي لا يمكن الشفاء منها.
وارتفع عدد الشكاوى ضد عمليات التعذيب أثناء التحقيقات من 66 شكوى طوال العشرين عاما التي سبقت الحرب، إلى 238 شكوى خلال سنتي الحرب. وذكر التقرير استشهاد ثلاثة معتقلين أثناء التحقيق معهم في الشاباك. ولا يعترف الشاباك بممارسة التعذيب، وإنما باستخدام "وسائل تحقيق خاصة" تشمل منع النوم، تقييد الأيدي والأرجل بوضعية مؤلمة، هز الجسد بقوة، اعتقال بدرجة حرارة منخفضة، استخدام موسيقى شديدة القوة، التحقيق بتعرية المعتقل وتهديدات لأفراد عائلات المعتقلين.
ولفت التقرير إلى أن عدد التحقيقات في الشكاوى على التعذيب ضئيل للغاية. ومن بين 238 شكوى قُدمت في أعقاب التحقيق في الشاباك، أوصى المسؤول عن استيضاح شكاوى الضحايا بفتح تحقيق في شكويين، وفي نهايته لم تقدم لائحة اتهام.
وفتح الجيش الإسرائيلي 58 تحقيقا ضد جنود نكلوا وعذبوا معتقلين، بينها 44 تحقيقا كانت متعلقة بحالات موت معتقلين. وتم تقديم لائحة اتهام في حالتين فقط، إحداهما ضد خمسة جنود اتهموا بتعذيب معتقل فلسطيني في منشأة الاعتقال في معسكر "سديه تيمان". وفي الحالة الثانية، أدين جندي بالتنكيل وحكم عليه بالسجن لسبعة شهور. وفتحت مصلحة السجون 36 تحقيقا حول تنكيل بمعتقلين، انتهت ستة تحقيقات فقط بتقديم لوائح اتهام.
وشدد التقرير على أن هذا "الوضع الرهيب في السجون حظي بمصادقة المحكمة العليا"، التي رفضت 18 من بين 20 التماسا تم تقديمها ضد ظروف الاعتقال، وبعد أن وافق القضاة على موقف النيابة. وفي الحالة الأولى التي نظرت فيها المحكمة العليا، أصدرت قرارا بإغلاق "سديه تيمان"، وفي الحالة الثانية، التي تعلقت بسياسة تجويع أسرى، وافقت المحكمة على الالتماس جزئيا بعد 17 شهرا من تقديمه.
وأكد التقرير على أنه في مصلحة السجون يستخدمون منع العناية الطبية كأسلوب تعذيب، وبضمن ذلك انتشار الجرب بين آلاف الأسرى. وشدد التقرير على أن مصير مئات المعتقلين الغزيين ما زال غير معروف، وأن أسرى فلسطينيين يحتجزون في زنازين العزل الانفرادي، ويُمنعون من لقاء مع محامي ومع مندوبين عن الصليب الأحمر ومع صحافيين ومع أفراد عائلاتهم.
وخلال اجتماع اللجنة ضد التعذيب في الأمم المتحدة، قبل أسبوعين، رفض المندوبون الإسرائيليون عن وزارتي الخارجية والقضاء ومصلحة السجون ما جاء في تقرير المنظمات الحقوقية بشأن انتهاك إسرائيل للمعاهدة والقانون الدولي من خلال ممارساتها ضد الأسرى الفلسطينيين، وادعوا أن النيابة العامة وجهاز القضاء في إسرائيل يشرفون على ما يجري في السجون ومنشآت الاعتقال، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" اليوم، الأربعاء.
الجبهة الشعبية تدعو لاستعادة زخم الحراك العالمي وتنظيم يوم تضامني عالمي موحّد من أجل غزة
وجّهت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نداءً عاجلاً إلى الأحرار في العالم، وشبكات التضامن، والهيئات الحقوقية والإنسانية، والحركات الطلابية والشبابية والنسوية والنقابية، لاستعادة زخم الحراك الشعبي وإحياء التحركات الجماهيرية الواسعة في المدن العالمية، تضامناً مع فلسطين وغزة.
وشددت الجبهة على أن إعادة هذا الزخم ضرورة ملحّة للضغط نحو وقف الاعتداءات والانتهاكات، وتنفيذ الاحتلال الاتفاق بصورة كاملة، وفتح المعابر دون شروط، وتأمين تدفّق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل الكارثة المتفاقمة. وفي هذا الإطار، داعية إلى يوم تضامني عالمي موحّد يشكّل دفعة جديدة للعمل الشعبي المنظّم ويعيد القضية إلى واجهة الاهتمام الدولي.
وأشارت الجبهة إلى أهمية استعادة هذا الحراك العالمي بريقه في ظل عدم تغير الواقع وتفاقم المأساة الإنسانية في غزة، مؤكدةً أن القضية تمرّ بمرحلة شديدة الخطورة مع استمرار الخروقات، وتصاعد الانتهاكات في الضفة و القدس ، ومعاناة الأسرى، وانهيار الظروف الحياتية في القطاع.
كما شدّدت الجبهة على أهمية توسيع الجهود الشعبية دولياً للدعوة إلى وقف تزويد الاحتلال بالسلاح، وتفعيل الضغط على الشركات المتورطة في ذلك. كما حثّت على تكثيف التحركات أمام المقرات الدبلوماسية والهيئات الدولية ومحاصرة سفارات الكيان الصهيوني والأمريكية، والمطالبة بمواقف أكثر فاعلية تجاه الانتهاكات، إلى جانب إعادة تنشيط المسارات القانونية الدولية لمساءلة مرتكبي الجرائم.
وحذّرت الجبهة من التدهور الإنساني الحاد في غزة حيث يعيش السكان ظروفاً كارثية في مجالات الغذاء والمياه والإيواء والرعاية الصحية والبنية التحتية، وخصوصاً بعد دخول فصل الشتاء، واستمرار القيود على المساعدات، وانتشار سوء التغذية ونقص السلع الأساسية، مؤكدة أن الاحتلال يسعى لفرض وقائع جديدة وإطالة أمد المرحلة الراهنة بما يخدم أهدافه السياسية والعسكرية.
واختتما الجبهة بالتأكيد أن حماية الشعب الفلسطيني وصون حقوقه وإنهاء الكارثة الإنسانية يتطلبان حراكاً جماهيرياً واسعاً وضغطاً دولياً منظماً ومستمراً.
وجّهت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين نداءً عاجلاً إلى الأحرار في العالم، وشبكات التضامن، والهيئات الحقوقية والإنسانية، والحركات الطلابية والشبابية والنسوية والنقابية، لاستعادة زخم الحراك الشعبي وإحياء التحركات الجماهيرية الواسعة في المدن العالمية، تضامناً مع فلسطين وغزة.
وشددت الجبهة على أن إعادة هذا الزخم ضرورة ملحّة للضغط نحو وقف الاعتداءات والانتهاكات، وتنفيذ الاحتلال الاتفاق بصورة كاملة، وفتح المعابر دون شروط، وتأمين تدفّق المساعدات الإنسانية إلى القطاع في ظل الكارثة المتفاقمة. وفي هذا الإطار، داعية إلى يوم تضامني عالمي موحّد يشكّل دفعة جديدة للعمل الشعبي المنظّم ويعيد القضية إلى واجهة الاهتمام الدولي.
وأشارت الجبهة إلى أهمية استعادة هذا الحراك العالمي بريقه في ظل عدم تغير الواقع وتفاقم المأساة الإنسانية في غزة، مؤكدةً أن القضية تمرّ بمرحلة شديدة الخطورة مع استمرار الخروقات، وتصاعد الانتهاكات في الضفة و القدس ، ومعاناة الأسرى، وانهيار الظروف الحياتية في القطاع.
كما شدّدت الجبهة على أهمية توسيع الجهود الشعبية دولياً للدعوة إلى وقف تزويد الاحتلال بالسلاح، وتفعيل الضغط على الشركات المتورطة في ذلك. كما حثّت على تكثيف التحركات أمام المقرات الدبلوماسية والهيئات الدولية ومحاصرة سفارات الكيان الصهيوني والأمريكية، والمطالبة بمواقف أكثر فاعلية تجاه الانتهاكات، إلى جانب إعادة تنشيط المسارات القانونية الدولية لمساءلة مرتكبي الجرائم.
وحذّرت الجبهة من التدهور الإنساني الحاد في غزة حيث يعيش السكان ظروفاً كارثية في مجالات الغذاء والمياه والإيواء والرعاية الصحية والبنية التحتية، وخصوصاً بعد دخول فصل الشتاء، واستمرار القيود على المساعدات، وانتشار سوء التغذية ونقص السلع الأساسية، مؤكدة أن الاحتلال يسعى لفرض وقائع جديدة وإطالة أمد المرحلة الراهنة بما يخدم أهدافه السياسية والعسكرية.
واختتما الجبهة بالتأكيد أن حماية الشعب الفلسطيني وصون حقوقه وإنهاء الكارثة الإنسانية يتطلبان حراكاً جماهيرياً واسعاً وضغطاً دولياً منظماً ومستمراً.
طوباس بعد جنين وطولكرم: العدو يجدّد حرب الإبادة على الضفة
أحمد العبد
رام الله | ليست العملية العدوانية التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس، في محافظة طوباس شمالي الضفة الغربية، هي الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأوسع والأقسى، وفق ما يُظهره، في الحدّ الأدنى، الاستنفار العسكري الضخم في المدينة والبلدات المجاورة. وقال محافظ طوباس، أحمد أسعد، في بيان مقتضب عقب الإعلان عن العملية، إنّ الأخيرة «تهدف إلى فرض وقائع جديدة والسيطرة على أراضٍ فلسطينية، وتقطيع أوصال المحافظة وتدمير بنيتها التحتية».
وكانت قوات الاحتلال بدأت، قبل أكثر من 10 أشهر، عملية عسكرية لا تزال مستمرّة في مدينتَي طولكرم وجنين، أسفرت عن تدمير مخيّمات جنين وطولكرم ونور شمس، وطرْد أكثر من 40 ألف لاجئ منها، ونسف مئات المنازل فيها، وتجريف بنيتها التحتية. ومنذ ذلك الحين، تخضع المخيّمات لحصار مشدّد، يمنع جيش العدو بموجبه السكان من العودة إليها. وفي هذا الجانب، أعرب أسعد عن خشيته من نيّة الاحتلال تكرار السيناريو نفسه في طوباس، وتحديداً تهجير سكان مخيم الفارعة، تنفيذاً للخطّة الإسرائيلية الرامية إلى طمس قضيّتَي العودة واللاجئين.
وما يجري في مدينة طوباس، ينطبق على بلداتها أيضاً، من مثل عقابا وطمون وتياسير وغيرها، حيث فَرضت قوات الاحتلال حظراً للتجوال في طمون وقطعت عنها الكهرباء، فيما اقتحمت أحياءها بعشرات المدرّعات والآليات تحت غطاء من المسيّرات، فضلاً عن تشريد عدّة عائلات لتحويل منازلها إلى ثكنات عسكرية.
وفي أثناء الساعات الأولى من بدء العملية العسكرية، احتجز جنود العدو عدداً من الفلسطينيين، بينما سُجّلت إصابات في صفوف الأخيرين جرّاء الضرب المبرح على أيدي الجنود؛ إذ، وفقاً للهلال الأحمر، فإنّ طواقمه تعاملت، حتى ظهر أمس، مع 10 إصابات بفعل تلك الاعتداءات، تمّ نقل 4 منها إلى المستشفى. وأشار الهلال إلى أنه جرى كذلك نقل 30 مريضاً، من بينهم 20 حال غسيل كلى، ومريض متوفّى داخل منزل، إلى المستشفى، مضيفاً أنّ طواقمه تواجه عرقلة في نقل المرضى. ومع ساعات المساء، أفاد الهلال بإصابة مسنّ فلسطيني نتيجة الاعتداء عليه بالضرب في طوباس، مضيفاً أنّ جنود العدو يمنعون طواقمنا من الوصول إلى طفل مصاب بحروق في بلدة تياسير، وأنهم اعتقلوا مصاباً من داخل سيارة إسعاف في بلدة طمون.
وسبقت ذلك مداهمة قوات الاحتلال منازل المواطنين والعبث بمحتوياتها وتدميرها إياها، في وقت عملت فيه الجرّافات على إغلاق عدد من الطرق الرئيسة والفرعية في طوباس وعقابا وطمون، بالسواتر الترابية، مشدّدةً من إجراءاتها العسكرية على حاجزَي تياسير والحمرا العسكريَّين المحيطَين بالمحافظة، توازياً مع تحليق مكثّف للطائرات المروحية. وزعم جيش العدو، في بيان، أنّ العملية العسكرية في شمال الضفة جاءت بعدما رُصد في أثناء الأسابيع الماضية، ارتفاع في محاولات تنفيذ عمليات، ومحاولات إعادة تشكيل كتائب مسلحة.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأنّ ثلاثة ألوية من الجيش، هي: «منشة» و«الشومرون» و«الكوماندوز»، تشارك في عملية طوباس، التي تستهدف «تعزيز السيطرة على المنطقة». ووفقاً لمحافظ طوباس، فإنّ الجهات الإسرائيلية أَبلغت الجهات الفلسطينية بأنّ العملية العسكرية في المحافظة ستستمرّ لأيام عدّة، وبأنّ هدفها المعلن هو ملاحقة مواطنين فلسطينيين. لكنّ أسعد أكّد أنّ «طوباس خالية من أيّ مطلوبين»، معتبراً أنّ استهدافها هو بسبب موقعها الجغرافي وقربها من الأغوار الشمالية، لافتاً إلى أنّ التعزيزات العسكرية الإسرائيلية أدّت إلى شلّ حركة السكان في المحافظة.
يُذكر أنّ عدوان «الأسوار الحديدية» انطلق في نهاية عام 2024 في جنين، وامتدّ لاحقاً إلى مخيمات الفارعة وطولكرم ونور شمس، وتبعته سلسلة عمليات متقطّعة في شمال الضفة، هدفت إلى ترسيخ مشروع الاحتلال الأمني، والمتمثّل في وجوده الدائم في المنطقة. ومن هنا، فإنّ العملية الجارية في طوباس لن تكون الأخيرة، إذ يُتوقّع أن تصعّد إسرائيل من مثل هذه العمليات في أثناء المدّة المقبلة، وذلك في إطار استراتيجية متكاملة تشمل توسيع الاستيطان، ومضاعفة مصادرة الأراضي، وتكريس إسرائيل كحاكم مباشر على الأرض، بما يحقّق الضمّ الفعلي من دون الحاجة إلى إعلانه.
وبات واضحاً أنّ إسرائيل تتعلّل بالذرائع الأمنية لتمرير عدوانها على مدن الضفة ومخيّماتها، والذي يستهدف تعميق معاناة الفلسطينيين، وجعل حياتهم شبه مستحيلة، واستنزاف بنيتهم المجتمعية بما يضعف قدرتهم على الصمود والمقاومة. وتطاول العملية العسكرية الأحدث خمس مناطق رئيسة، هي: طوباس، طمون، وتياسير، وعقابا، ومخيم الفارعة، والتي تسمّيها إسرائيل «مخمس القرى» وتتعامل معها كمنطقة عسكرية واحدة.
وإبّان الانتفاضة الثانية، برزت طوباس باعتبارها ساحة المقاومة الرئيسة في الضفة، وقد استعادت هذا الزخم منذ عام 2023، مع ظهور مجموعات مقاوِمة فيها، من مثل كتيبتَي «طوباس» و«طمون»، على غرار كتيبتَي «جنين» و«طولكرم»، في حين شهدت المنطقة عمليات فدائية بارزة، رغم الانتشار الأمني الإسرائيلي الواسع فيها، الذي يراعي دائماً موقعها الجغرافي المحاذي للحدود الشرقية لفلسطين. كما شهدت محافظة طوباس، في أثناء العامَين الماضيين، عدّة هجمات عسكرية، كان أبرزها «الجدار الحديدي» في كانون الثاني الماضي، وتعرّضت لعمليات قصف واغتيال أيضاً، أبرزها مع بدء هذا العام في بلدة طمون، والتي استشهد فيها 10 مقاومين، من بينهم قائد كتيبة «طمون».
ودانت حركة «حماس» العملية العسكرية الإسرائيلية الأحدث في طوباس، والتي «تكشف عن حجم الإجرام المنهجي الذي تمارسه حكومة الاحتلال المتطرّفة، ضمن سياسة معلنة هدفها سحق أيّ وجود فلسطيني، وصولاً إلى السيطرة الكاملة على الضفة». وأضافت أنّ تلك الإجراءات، بما في ذلك حظر التجوال وإغلاق المدن والبلدات، ما هي إلّا امتداد «لمخطّطات الضمّ والتهجير» التي يسعى الاحتلال إلى تنفيذها عبر تحويل مدن الضفة إلى «مناطق محاصرة ومقطّعة الأوصال»، وعرقلة أيّ مظاهر للحياة الطبيعية. وتابعت الحركة أنّ «العدوان المتواصل لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ولا عزيمة المقاومين»، مؤكّدة أنّ الفلسطينيين سيواصلون صمودهم ورفضهم «لمشروع السيطرة الاستعمارية».
من جانبها، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» إنّ عملية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة هي «عدوان ممنهج جديد على أبناء شعبنا، في إطار مخطّط الكيان الذي يهدف إلى إفراغ الضفة من أهلها وتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم». وأضافت أنّ «عدوان الاحتلال يتزامن مع مساعي إقرار قوانين الضمّ بما يتيح للمستوطنين استملاك أراضٍ في الضفة».
أحمد العبد
رام الله | ليست العملية العدوانية التي بدأها جيش الاحتلال الإسرائيلي، فجر أمس، في محافظة طوباس شمالي الضفة الغربية، هي الأولى من نوعها، لكنها قد تكون الأوسع والأقسى، وفق ما يُظهره، في الحدّ الأدنى، الاستنفار العسكري الضخم في المدينة والبلدات المجاورة. وقال محافظ طوباس، أحمد أسعد، في بيان مقتضب عقب الإعلان عن العملية، إنّ الأخيرة «تهدف إلى فرض وقائع جديدة والسيطرة على أراضٍ فلسطينية، وتقطيع أوصال المحافظة وتدمير بنيتها التحتية».
وكانت قوات الاحتلال بدأت، قبل أكثر من 10 أشهر، عملية عسكرية لا تزال مستمرّة في مدينتَي طولكرم وجنين، أسفرت عن تدمير مخيّمات جنين وطولكرم ونور شمس، وطرْد أكثر من 40 ألف لاجئ منها، ونسف مئات المنازل فيها، وتجريف بنيتها التحتية. ومنذ ذلك الحين، تخضع المخيّمات لحصار مشدّد، يمنع جيش العدو بموجبه السكان من العودة إليها. وفي هذا الجانب، أعرب أسعد عن خشيته من نيّة الاحتلال تكرار السيناريو نفسه في طوباس، وتحديداً تهجير سكان مخيم الفارعة، تنفيذاً للخطّة الإسرائيلية الرامية إلى طمس قضيّتَي العودة واللاجئين.
وما يجري في مدينة طوباس، ينطبق على بلداتها أيضاً، من مثل عقابا وطمون وتياسير وغيرها، حيث فَرضت قوات الاحتلال حظراً للتجوال في طمون وقطعت عنها الكهرباء، فيما اقتحمت أحياءها بعشرات المدرّعات والآليات تحت غطاء من المسيّرات، فضلاً عن تشريد عدّة عائلات لتحويل منازلها إلى ثكنات عسكرية.
وفي أثناء الساعات الأولى من بدء العملية العسكرية، احتجز جنود العدو عدداً من الفلسطينيين، بينما سُجّلت إصابات في صفوف الأخيرين جرّاء الضرب المبرح على أيدي الجنود؛ إذ، وفقاً للهلال الأحمر، فإنّ طواقمه تعاملت، حتى ظهر أمس، مع 10 إصابات بفعل تلك الاعتداءات، تمّ نقل 4 منها إلى المستشفى. وأشار الهلال إلى أنه جرى كذلك نقل 30 مريضاً، من بينهم 20 حال غسيل كلى، ومريض متوفّى داخل منزل، إلى المستشفى، مضيفاً أنّ طواقمه تواجه عرقلة في نقل المرضى. ومع ساعات المساء، أفاد الهلال بإصابة مسنّ فلسطيني نتيجة الاعتداء عليه بالضرب في طوباس، مضيفاً أنّ جنود العدو يمنعون طواقمنا من الوصول إلى طفل مصاب بحروق في بلدة تياسير، وأنهم اعتقلوا مصاباً من داخل سيارة إسعاف في بلدة طمون.
وسبقت ذلك مداهمة قوات الاحتلال منازل المواطنين والعبث بمحتوياتها وتدميرها إياها، في وقت عملت فيه الجرّافات على إغلاق عدد من الطرق الرئيسة والفرعية في طوباس وعقابا وطمون، بالسواتر الترابية، مشدّدةً من إجراءاتها العسكرية على حاجزَي تياسير والحمرا العسكريَّين المحيطَين بالمحافظة، توازياً مع تحليق مكثّف للطائرات المروحية. وزعم جيش العدو، في بيان، أنّ العملية العسكرية في شمال الضفة جاءت بعدما رُصد في أثناء الأسابيع الماضية، ارتفاع في محاولات تنفيذ عمليات، ومحاولات إعادة تشكيل كتائب مسلحة.
وأفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية بأنّ ثلاثة ألوية من الجيش، هي: «منشة» و«الشومرون» و«الكوماندوز»، تشارك في عملية طوباس، التي تستهدف «تعزيز السيطرة على المنطقة». ووفقاً لمحافظ طوباس، فإنّ الجهات الإسرائيلية أَبلغت الجهات الفلسطينية بأنّ العملية العسكرية في المحافظة ستستمرّ لأيام عدّة، وبأنّ هدفها المعلن هو ملاحقة مواطنين فلسطينيين. لكنّ أسعد أكّد أنّ «طوباس خالية من أيّ مطلوبين»، معتبراً أنّ استهدافها هو بسبب موقعها الجغرافي وقربها من الأغوار الشمالية، لافتاً إلى أنّ التعزيزات العسكرية الإسرائيلية أدّت إلى شلّ حركة السكان في المحافظة.
يُذكر أنّ عدوان «الأسوار الحديدية» انطلق في نهاية عام 2024 في جنين، وامتدّ لاحقاً إلى مخيمات الفارعة وطولكرم ونور شمس، وتبعته سلسلة عمليات متقطّعة في شمال الضفة، هدفت إلى ترسيخ مشروع الاحتلال الأمني، والمتمثّل في وجوده الدائم في المنطقة. ومن هنا، فإنّ العملية الجارية في طوباس لن تكون الأخيرة، إذ يُتوقّع أن تصعّد إسرائيل من مثل هذه العمليات في أثناء المدّة المقبلة، وذلك في إطار استراتيجية متكاملة تشمل توسيع الاستيطان، ومضاعفة مصادرة الأراضي، وتكريس إسرائيل كحاكم مباشر على الأرض، بما يحقّق الضمّ الفعلي من دون الحاجة إلى إعلانه.
وبات واضحاً أنّ إسرائيل تتعلّل بالذرائع الأمنية لتمرير عدوانها على مدن الضفة ومخيّماتها، والذي يستهدف تعميق معاناة الفلسطينيين، وجعل حياتهم شبه مستحيلة، واستنزاف بنيتهم المجتمعية بما يضعف قدرتهم على الصمود والمقاومة. وتطاول العملية العسكرية الأحدث خمس مناطق رئيسة، هي: طوباس، طمون، وتياسير، وعقابا، ومخيم الفارعة، والتي تسمّيها إسرائيل «مخمس القرى» وتتعامل معها كمنطقة عسكرية واحدة.
وإبّان الانتفاضة الثانية، برزت طوباس باعتبارها ساحة المقاومة الرئيسة في الضفة، وقد استعادت هذا الزخم منذ عام 2023، مع ظهور مجموعات مقاوِمة فيها، من مثل كتيبتَي «طوباس» و«طمون»، على غرار كتيبتَي «جنين» و«طولكرم»، في حين شهدت المنطقة عمليات فدائية بارزة، رغم الانتشار الأمني الإسرائيلي الواسع فيها، الذي يراعي دائماً موقعها الجغرافي المحاذي للحدود الشرقية لفلسطين. كما شهدت محافظة طوباس، في أثناء العامَين الماضيين، عدّة هجمات عسكرية، كان أبرزها «الجدار الحديدي» في كانون الثاني الماضي، وتعرّضت لعمليات قصف واغتيال أيضاً، أبرزها مع بدء هذا العام في بلدة طمون، والتي استشهد فيها 10 مقاومين، من بينهم قائد كتيبة «طمون».
ودانت حركة «حماس» العملية العسكرية الإسرائيلية الأحدث في طوباس، والتي «تكشف عن حجم الإجرام المنهجي الذي تمارسه حكومة الاحتلال المتطرّفة، ضمن سياسة معلنة هدفها سحق أيّ وجود فلسطيني، وصولاً إلى السيطرة الكاملة على الضفة». وأضافت أنّ تلك الإجراءات، بما في ذلك حظر التجوال وإغلاق المدن والبلدات، ما هي إلّا امتداد «لمخطّطات الضمّ والتهجير» التي يسعى الاحتلال إلى تنفيذها عبر تحويل مدن الضفة إلى «مناطق محاصرة ومقطّعة الأوصال»، وعرقلة أيّ مظاهر للحياة الطبيعية. وتابعت الحركة أنّ «العدوان المتواصل لن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني ولا عزيمة المقاومين»، مؤكّدة أنّ الفلسطينيين سيواصلون صمودهم ورفضهم «لمشروع السيطرة الاستعمارية».
من جانبها، قالت حركة «الجهاد الإسلامي» إنّ عملية الاحتلال الإسرائيلي في الضفة هي «عدوان ممنهج جديد على أبناء شعبنا، في إطار مخطّط الكيان الذي يهدف إلى إفراغ الضفة من أهلها وتهجيرهم والسيطرة على أراضيهم وممتلكاتهم». وأضافت أنّ «عدوان الاحتلال يتزامن مع مساعي إقرار قوانين الضمّ بما يتيح للمستوطنين استملاك أراضٍ في الضفة».
مواد البناء والخيام ممنوعة: مليون غزّي في العراء
يوسف فارس
غزة | كشف المنخفض الجوّي الذي ضرب قطاع غزة، في أثناء الأيام الماضية، حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين: أجساد هزيلة مرتجفة، وخيام بالية لا تقي من البرد ولا تعصم من زخّات المطر. يقول محمد المصري، وهو يعصر فراش أطفاله من الماء، في حديث إلى «الأخبار»: «غرقنا من أول خمس دقائق أمطاراً. الخيمة بالية وكل مناشداتنا لتأمين مأوى قبل المنخفض الجوّي لم يسمعها أحد»، مضيفاً أنّ «المخيّم مقام على أرض طينية عديمة الامتصاص. ومياه المطر الغزيرة حوّلت المكان إلى وحل. إننا نسبح في الوحل منذ الصباح».
وناشد أكثر من مليون إنسان في قطاع غزة، يسكنون الخيام طوال أيام، المؤسسات الدولية والمحلّية القيام باستجابة جادّة تتوافق مع حجم الكارثة، لكنّ مجمل ما تقدّمه تلك المؤسسات لا يرقى إلى الحدّ الأدنى من الحاجات. وتعزو جهات الإغاثة، البطء في الاستجابة إلى التلكّؤ الإسرائيلي في إدخال المتطلّبات العاجلة؛ إذ تسمح إسرائيل بدخول عشرات الشاحنات من المواد التموينية الثانوية فقط، فيما تمنع مواد البناء والشوادر والخيام الشتوية من الدخول بكمّيات وفيرة.
وحتى إذا توفّرت هذه الأخيرة، فهي تكون بأدنى مستوى من الجودة، لا يتلاءم مع ما يعيشه الغزّيون. ففي مخيم إيواء منطقة «المخابرات» شمال غرب مدينة غزة، حيث مئات الخيام المتراصّة التي من المفترض أن تتّسع لآلاف العائلات، خرج النازحون هرباً من تلك الخيام في اللحظات الأولى للمنخفض. وتقول أم محمود، إنّ «الخيام مصنوعة من القماش الذي يسمح بتسرّب الماء. الخيمة لا تفيد. عانينا من البرد، وخرجنا إلى العراء لأنّ البرد أخفّ ممّا هو داخل الخيمة».
أمّا بالنسبة إلى شوارع المدينة، فقد كشف المنخفض الجوّي حجم ما فعلته آلة التدمير الإسرائيلية، بالبنية التحتية؛ إذ تحوّلت الشوارع الرئيسية إلى برك ومسطّحات مائية كبرى، بعد أن فاضت شبكات المياه والصرف الصحي بكميات هائلة من المياه. ووفقاً لبلدية غزة، فقد دمّرت إسرائيل 800 ألف كيلومتر من شبكات المياه والصرف الصحي، ولا تزال تمنع إدخال المعدّات والأدوات اللازمة لصيانتها.
ويؤكّد مدير «المكتب الإعلامي الحكومي»، إسماعيل الثوابتة، أنّ المنخفض الجوّي الذي شهده قطاع غزة، تسبّب في تضرّر نحو 22 ألف خيمة للنازحين، وترك أكثر من 288 ألف أسرة بلا حماية في مواجهة البرد والأمطار. وقُدّرت الخسائر الناجمة عن المنخفض بنحو 3.5 مليون دولار، بعد أن أغرق مساحات واسعة من المخيمات وحوّلها إلى مناطق غير صالحة للإيواء، كما طاول ضرره شبكات الصرف الصحي البدائية. وشهدت المدارس المستخدمة كمراكز نزوح أيضاً، فيضان الممرّات وتعطّل شبكات المياه المؤقّتة، فيما تكبّد القطاع الغذائي خسائر فادحة مع تلف كميات كبيرة من المواد الغذائية وفقدان مساعدات كانت معدّة للتوزيع. وتعطّلت كذلك أكثر من 10 نقاط طبية متنقّلة، بالإضافة إلى فقدان أدوية ومستلزمات ضرورية بفعل صعوبة الحركة في المناطق الغارقة.
يوسف فارس
غزة | كشف المنخفض الجوّي الذي ضرب قطاع غزة، في أثناء الأيام الماضية، حجم المأساة الإنسانية التي يعيشها مئات الآلاف من النازحين: أجساد هزيلة مرتجفة، وخيام بالية لا تقي من البرد ولا تعصم من زخّات المطر. يقول محمد المصري، وهو يعصر فراش أطفاله من الماء، في حديث إلى «الأخبار»: «غرقنا من أول خمس دقائق أمطاراً. الخيمة بالية وكل مناشداتنا لتأمين مأوى قبل المنخفض الجوّي لم يسمعها أحد»، مضيفاً أنّ «المخيّم مقام على أرض طينية عديمة الامتصاص. ومياه المطر الغزيرة حوّلت المكان إلى وحل. إننا نسبح في الوحل منذ الصباح».
وناشد أكثر من مليون إنسان في قطاع غزة، يسكنون الخيام طوال أيام، المؤسسات الدولية والمحلّية القيام باستجابة جادّة تتوافق مع حجم الكارثة، لكنّ مجمل ما تقدّمه تلك المؤسسات لا يرقى إلى الحدّ الأدنى من الحاجات. وتعزو جهات الإغاثة، البطء في الاستجابة إلى التلكّؤ الإسرائيلي في إدخال المتطلّبات العاجلة؛ إذ تسمح إسرائيل بدخول عشرات الشاحنات من المواد التموينية الثانوية فقط، فيما تمنع مواد البناء والشوادر والخيام الشتوية من الدخول بكمّيات وفيرة.
وحتى إذا توفّرت هذه الأخيرة، فهي تكون بأدنى مستوى من الجودة، لا يتلاءم مع ما يعيشه الغزّيون. ففي مخيم إيواء منطقة «المخابرات» شمال غرب مدينة غزة، حيث مئات الخيام المتراصّة التي من المفترض أن تتّسع لآلاف العائلات، خرج النازحون هرباً من تلك الخيام في اللحظات الأولى للمنخفض. وتقول أم محمود، إنّ «الخيام مصنوعة من القماش الذي يسمح بتسرّب الماء. الخيمة لا تفيد. عانينا من البرد، وخرجنا إلى العراء لأنّ البرد أخفّ ممّا هو داخل الخيمة».
أمّا بالنسبة إلى شوارع المدينة، فقد كشف المنخفض الجوّي حجم ما فعلته آلة التدمير الإسرائيلية، بالبنية التحتية؛ إذ تحوّلت الشوارع الرئيسية إلى برك ومسطّحات مائية كبرى، بعد أن فاضت شبكات المياه والصرف الصحي بكميات هائلة من المياه. ووفقاً لبلدية غزة، فقد دمّرت إسرائيل 800 ألف كيلومتر من شبكات المياه والصرف الصحي، ولا تزال تمنع إدخال المعدّات والأدوات اللازمة لصيانتها.
ويؤكّد مدير «المكتب الإعلامي الحكومي»، إسماعيل الثوابتة، أنّ المنخفض الجوّي الذي شهده قطاع غزة، تسبّب في تضرّر نحو 22 ألف خيمة للنازحين، وترك أكثر من 288 ألف أسرة بلا حماية في مواجهة البرد والأمطار. وقُدّرت الخسائر الناجمة عن المنخفض بنحو 3.5 مليون دولار، بعد أن أغرق مساحات واسعة من المخيمات وحوّلها إلى مناطق غير صالحة للإيواء، كما طاول ضرره شبكات الصرف الصحي البدائية. وشهدت المدارس المستخدمة كمراكز نزوح أيضاً، فيضان الممرّات وتعطّل شبكات المياه المؤقّتة، فيما تكبّد القطاع الغذائي خسائر فادحة مع تلف كميات كبيرة من المواد الغذائية وفقدان مساعدات كانت معدّة للتوزيع. وتعطّلت كذلك أكثر من 10 نقاط طبية متنقّلة، بالإضافة إلى فقدان أدوية ومستلزمات ضرورية بفعل صعوبة الحركة في المناطق الغارقة.
عام على وقف إطلاق النار: «قرى الشعب» تتلمّس العودة... ولو إلى خيمة
آمال خليل
خلال أيام، يطلق مجلس الجنوب ورشة ترميم مدرسة مروحين الرسمية الواقعة في مزرعة أمّ التوت المجاورة، بعد انتهاء أعمال الترميم في مبنى المدرسة الرسمية في بلدة البستان. ولأنه لا يتوافر عدد كافٍ من الطلاب للالتحاق بالمدرستين الواقعتين على بُعد أمتار من موقع للاحتلال في بركة ريشا، سيتحوّل المبنيان إلى مركزَيْ إيواء لاستقبال عدد من العائلات النازحة من المنطقة.
بعد عام كامل على وقف إطلاق النار، لا تزال مروحين والبستان وسائر ما تُعرف بـ«قرى الشعب» (الضهيرة، يارين، الزلوطية وأمّ التوت) خالية من سكانها. البلدات الحدودية الصغيرة، من علما الشعب إلى جبل بلاط المحتل، لم يطرأ عليها أيّ تغيّر منذ الانسحاب الإسرائيلي منها نهاية العام الماضي: أكوام من الركام نجا منها عدد قليل جداً من الأبنية التي استخدمها جنود العدو مراكز عسكرية.
ومع ذلك، لا يبدو أن الأهالي سيقبلون بتمديد نزوحهم الذي شتّتهم بين المنصوري وبئر حسن وصولاً إلى البقاع وطرابلس. وتشهد كل من هذه البلدات محاولات فردية لإعادة الحياة إليها، استباقاً لتهديدات إسرائيل بتحويل الشريط الحدودي إلى منطقة عازلة.
أنهت أديبة فنش عامين في مدرسة صور الرسمية التي لجأت إليها بعد اشتداد العدوان على الضهيرة. المدرسة، إلى جانب ثانوية البنات والمعهد الفني والمدرسة الألمانية، تحوّلت إلى مراكز إيواء تُشرِف عليها لجنة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور. بعد وقف إطلاق النار، بقيت فيها 67 عائلة، معظمها من الضهيرة ويارين، وعائلة واحدة من البستان. وبرغم محاولات وزارة التربية والاتحاد إخراجها لاستكمال العام الدراسي، رفضت العائلات لعدم توافر أي بديل.
في جولة على الضهيرة وجاراتها، أشارت أديبة إلى الطريق المُغلق بالركام المؤدّي إلى منزلها، بعدما نسفت قوات الاحتلال منازل الحي عقب وقف إطلاق النار. تقول: «حاولنا إزالة الركام لفتح الطريق على نفقتنا الخاصة، لعلّنا نتمكّن من تشييد غرفتين فوق أنقاض منزلنا. سائق الجرافة الوحيد الذي قبل بالمخاطرة والعمل تحت تهديد المحلّقات والقنص، طلب مبلغاً كبيراً لا نملكه».
في حي ضيّقه ركام المنازل، وحيث رُفعت فوق ركام المنازل أعلام لبنانية ورايات بيضاء، شيّدت نظمية الياسين غرفتين بجوار منزلها المُدمّر، بعدما أعطت علماً لـ«اليونيفل» والجيش اللبناني حرصاً على سلامة العمال. بعد إنجاز البناء، تشعر بالوحشة في البلدة المهجورة، حيث حاول آخرون تشييد غرف أو تركيب أخرى جاهزة، لكنها تعرّضت للاستهداف.
في يارين المجاورة، ليس هناك منزل واحد قائم. على المثلث المؤدّي إلى الجبين والزلوطية، أعاد بلال القاسم ترميم دكانه ضمن الـ«سنتر» المتضرّر، واقتطع منه زاوية للمنامة. لكنه، قبل حلول المساء، يقفل دكانه ويعود للمبيت مع عائلته في صور، ليعود في اليوم التالي. يقول: «بحلول المساء، تزداد الوحشة في المنطقة ولا تبقى حركة إلا للحيوانات البرية».
أمّا في البستان، فتتبدّد مشاهد الركام تدريجياً، مع توالي ورش البناء منذ نيسان الماضي فوق أنقاض المنازل. حتى الآن، عادت خمس عائلات، من عائلة شما المصطفى لإعادة زراعة كروم الزيتون التي اقتلعتها قوات الاحتلال، كما عادت نهاد الكاظم مع مواشيها. وتتطلّع لافتتاح المدرسة كمركز إيواء لعودة خمسين عائلة كانت تقيم بشكل دائم في البلدة قبل العدوان.
في أمّ التوت المقابِلة، وحدها عائلة أبو هدلا شيّدت غرفاً بجانب الخيم الزراعية التي تملكها في محيط المدرسة. بين أمّ التوت ومروحين، أكثر من ثلاثين منزلاً بحاجة إلى الترميم، إلا أن الأهالي يخشون العودة بسبب احتلال العدو للأطراف الجنوبية والشرقية للمثلث الممتدّ من زرعيت إلى جبل بلاط.
وفي جولتها على العائدين، تمنّت أديبة فنش لو تبقى هناك ولو في خيمة، وألّا تعود إلى غرفة الصف في مدرسة صور، مردّدة: «من ترك داره قلّ مقداره».
لا ثقة بالدولة
أنجز مجلس الجنوب، بالتعاون مع بلدية البستان، ترميم المدرسة الرسمية في البلدة، إلّا أن تجهيزها كمركز إيواء لا يزال ينتظر موافقة وزارة التربية، التي ترفض تكرار تجربة مدارس صور ورفض النازحين مغادرتها، وهو ما يدفع فاعليات محلية إلى التلويح بتحويل المدرسة إلى مركز إيواء بالقوة في حال لم يجد النازحون بديلاً مناسباً.
رئيس بلدية مروحين محمد غنام قال لـ«الأخبار»، إن فريقاً من مجلس الجنوب سيحضر نهاية الأسبوع الجاري لاستكمال الكشف على مبنى المدرسة الذي خُصِّص له مبلغ للترميم، لاستخدامه إمّا كمدرسة أو كمركز إيواء في حال طال انتظار صرف التعويضات وإعادة الإعمار. وأضاف أن المجلس سيسلّم غرفة جاهزة لاستخدامها كمقر مؤقّت للبلدية.
من جهته، حوّل رئيس بلدية يارين عدنان أبو دلة مستوصف البلدة إلى مقر للبلدية كخطوة أولى لتثبيت العودة، مشيراً إلى أن المنطقة حالياً «خالية من البشر وليس فقط من السلاح، لكن لن نرضخ لهذا المصير». وفي ما يتعلق بأزمة النازحين من عائلات البلدة في مرافق الإيواء (21 عائلة)، أشار إلى عرض وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد بتقديم 300 دولار لكل عائلة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لتسعة أشهر، مقابل موافقتها على إخلاء مدارس صور، إلا أنّ العائلات رفضت العرض «لعدم ثقتها بالدولة التي قد تدفع شهراً وتتوقّف عن الدفع».
آمال خليل
خلال أيام، يطلق مجلس الجنوب ورشة ترميم مدرسة مروحين الرسمية الواقعة في مزرعة أمّ التوت المجاورة، بعد انتهاء أعمال الترميم في مبنى المدرسة الرسمية في بلدة البستان. ولأنه لا يتوافر عدد كافٍ من الطلاب للالتحاق بالمدرستين الواقعتين على بُعد أمتار من موقع للاحتلال في بركة ريشا، سيتحوّل المبنيان إلى مركزَيْ إيواء لاستقبال عدد من العائلات النازحة من المنطقة.
بعد عام كامل على وقف إطلاق النار، لا تزال مروحين والبستان وسائر ما تُعرف بـ«قرى الشعب» (الضهيرة، يارين، الزلوطية وأمّ التوت) خالية من سكانها. البلدات الحدودية الصغيرة، من علما الشعب إلى جبل بلاط المحتل، لم يطرأ عليها أيّ تغيّر منذ الانسحاب الإسرائيلي منها نهاية العام الماضي: أكوام من الركام نجا منها عدد قليل جداً من الأبنية التي استخدمها جنود العدو مراكز عسكرية.
ومع ذلك، لا يبدو أن الأهالي سيقبلون بتمديد نزوحهم الذي شتّتهم بين المنصوري وبئر حسن وصولاً إلى البقاع وطرابلس. وتشهد كل من هذه البلدات محاولات فردية لإعادة الحياة إليها، استباقاً لتهديدات إسرائيل بتحويل الشريط الحدودي إلى منطقة عازلة.
أنهت أديبة فنش عامين في مدرسة صور الرسمية التي لجأت إليها بعد اشتداد العدوان على الضهيرة. المدرسة، إلى جانب ثانوية البنات والمعهد الفني والمدرسة الألمانية، تحوّلت إلى مراكز إيواء تُشرِف عليها لجنة الكوارث في اتحاد بلديات قضاء صور. بعد وقف إطلاق النار، بقيت فيها 67 عائلة، معظمها من الضهيرة ويارين، وعائلة واحدة من البستان. وبرغم محاولات وزارة التربية والاتحاد إخراجها لاستكمال العام الدراسي، رفضت العائلات لعدم توافر أي بديل.
في جولة على الضهيرة وجاراتها، أشارت أديبة إلى الطريق المُغلق بالركام المؤدّي إلى منزلها، بعدما نسفت قوات الاحتلال منازل الحي عقب وقف إطلاق النار. تقول: «حاولنا إزالة الركام لفتح الطريق على نفقتنا الخاصة، لعلّنا نتمكّن من تشييد غرفتين فوق أنقاض منزلنا. سائق الجرافة الوحيد الذي قبل بالمخاطرة والعمل تحت تهديد المحلّقات والقنص، طلب مبلغاً كبيراً لا نملكه».
في حي ضيّقه ركام المنازل، وحيث رُفعت فوق ركام المنازل أعلام لبنانية ورايات بيضاء، شيّدت نظمية الياسين غرفتين بجوار منزلها المُدمّر، بعدما أعطت علماً لـ«اليونيفل» والجيش اللبناني حرصاً على سلامة العمال. بعد إنجاز البناء، تشعر بالوحشة في البلدة المهجورة، حيث حاول آخرون تشييد غرف أو تركيب أخرى جاهزة، لكنها تعرّضت للاستهداف.
في يارين المجاورة، ليس هناك منزل واحد قائم. على المثلث المؤدّي إلى الجبين والزلوطية، أعاد بلال القاسم ترميم دكانه ضمن الـ«سنتر» المتضرّر، واقتطع منه زاوية للمنامة. لكنه، قبل حلول المساء، يقفل دكانه ويعود للمبيت مع عائلته في صور، ليعود في اليوم التالي. يقول: «بحلول المساء، تزداد الوحشة في المنطقة ولا تبقى حركة إلا للحيوانات البرية».
أمّا في البستان، فتتبدّد مشاهد الركام تدريجياً، مع توالي ورش البناء منذ نيسان الماضي فوق أنقاض المنازل. حتى الآن، عادت خمس عائلات، من عائلة شما المصطفى لإعادة زراعة كروم الزيتون التي اقتلعتها قوات الاحتلال، كما عادت نهاد الكاظم مع مواشيها. وتتطلّع لافتتاح المدرسة كمركز إيواء لعودة خمسين عائلة كانت تقيم بشكل دائم في البلدة قبل العدوان.
في أمّ التوت المقابِلة، وحدها عائلة أبو هدلا شيّدت غرفاً بجانب الخيم الزراعية التي تملكها في محيط المدرسة. بين أمّ التوت ومروحين، أكثر من ثلاثين منزلاً بحاجة إلى الترميم، إلا أن الأهالي يخشون العودة بسبب احتلال العدو للأطراف الجنوبية والشرقية للمثلث الممتدّ من زرعيت إلى جبل بلاط.
وفي جولتها على العائدين، تمنّت أديبة فنش لو تبقى هناك ولو في خيمة، وألّا تعود إلى غرفة الصف في مدرسة صور، مردّدة: «من ترك داره قلّ مقداره».
لا ثقة بالدولة
أنجز مجلس الجنوب، بالتعاون مع بلدية البستان، ترميم المدرسة الرسمية في البلدة، إلّا أن تجهيزها كمركز إيواء لا يزال ينتظر موافقة وزارة التربية، التي ترفض تكرار تجربة مدارس صور ورفض النازحين مغادرتها، وهو ما يدفع فاعليات محلية إلى التلويح بتحويل المدرسة إلى مركز إيواء بالقوة في حال لم يجد النازحون بديلاً مناسباً.
رئيس بلدية مروحين محمد غنام قال لـ«الأخبار»، إن فريقاً من مجلس الجنوب سيحضر نهاية الأسبوع الجاري لاستكمال الكشف على مبنى المدرسة الذي خُصِّص له مبلغ للترميم، لاستخدامه إمّا كمدرسة أو كمركز إيواء في حال طال انتظار صرف التعويضات وإعادة الإعمار. وأضاف أن المجلس سيسلّم غرفة جاهزة لاستخدامها كمقر مؤقّت للبلدية.
من جهته، حوّل رئيس بلدية يارين عدنان أبو دلة مستوصف البلدة إلى مقر للبلدية كخطوة أولى لتثبيت العودة، مشيراً إلى أن المنطقة حالياً «خالية من البشر وليس فقط من السلاح، لكن لن نرضخ لهذا المصير». وفي ما يتعلق بأزمة النازحين من عائلات البلدة في مرافق الإيواء (21 عائلة)، أشار إلى عرض وزيرة الشؤون الاجتماعية حنين السيد بتقديم 300 دولار لكل عائلة لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد لتسعة أشهر، مقابل موافقتها على إخلاء مدارس صور، إلا أنّ العائلات رفضت العرض «لعدم ثقتها بالدولة التي قد تدفع شهراً وتتوقّف عن الدفع».
حكايات الأرض تُروى في الحمرا
تفتتح جمعية «تيرو للفنون» و«المسرح الوطني اللبناني»، «مهرجان لبنان المسرحي الدولي للحكواتي» بدورته السابعة، بعنوان «أيام الحمرا للحكواتي»، يوم الجمعة 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، في سينما «الكوليزيه» في الحمرا.
المهرجان الذي يحمل شعار «حكايات الأرض والتراث والهوية»، يستمر حتى الأول من الشهر المقبل، ويتخلله تكريم الممثل خالد السيّد، والممثلة والكاتبة منى طايع يوم السبت 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. يشارك في المهرجان حكواتيون من مصر والجزائر وتونس ولبنان، إضافة إلى مشاركات عبر الإنترنت من فلسطين والمغرب والبحرين والجزائر، بينهم أحمد يوسف وإيمان إبراهيم. كما ستُقام عروض «مقهى للحكاية» لتبادل خبرات الحكواتيين وتشجيعهم على تسجيل تراثهم الشفهي في اليونسكو، إلى جانب عروض موازية لطلاب المدارس وفي الساحات والمكتبات عبر باص «الفن والسلام». يركّز البرنامج على القراءة والسرد الشعبي، ويتضمن ورشاً للأطفال لتأليف حكاياتهم والتدرب على الصوت والأداء والتعامل مع الجمهور والزيّ المناسب، بإشراف حكواتيين محترفين.
* افتتاح «أيام الحمرا للحكواتي»: الجمعة 28 تشرين الثاني (نوفمبر) – الساعة السادسة مساءً - «الكوليزيه» (الحمرا). للاستعلام: 70/903846
تفتتح جمعية «تيرو للفنون» و«المسرح الوطني اللبناني»، «مهرجان لبنان المسرحي الدولي للحكواتي» بدورته السابعة، بعنوان «أيام الحمرا للحكواتي»، يوم الجمعة 28 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، في سينما «الكوليزيه» في الحمرا.
المهرجان الذي يحمل شعار «حكايات الأرض والتراث والهوية»، يستمر حتى الأول من الشهر المقبل، ويتخلله تكريم الممثل خالد السيّد، والممثلة والكاتبة منى طايع يوم السبت 29 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. يشارك في المهرجان حكواتيون من مصر والجزائر وتونس ولبنان، إضافة إلى مشاركات عبر الإنترنت من فلسطين والمغرب والبحرين والجزائر، بينهم أحمد يوسف وإيمان إبراهيم. كما ستُقام عروض «مقهى للحكاية» لتبادل خبرات الحكواتيين وتشجيعهم على تسجيل تراثهم الشفهي في اليونسكو، إلى جانب عروض موازية لطلاب المدارس وفي الساحات والمكتبات عبر باص «الفن والسلام». يركّز البرنامج على القراءة والسرد الشعبي، ويتضمن ورشاً للأطفال لتأليف حكاياتهم والتدرب على الصوت والأداء والتعامل مع الجمهور والزيّ المناسب، بإشراف حكواتيين محترفين.
* افتتاح «أيام الحمرا للحكواتي»: الجمعة 28 تشرين الثاني (نوفمبر) – الساعة السادسة مساءً - «الكوليزيه» (الحمرا). للاستعلام: 70/903846
الجبهة الشعبية: عملية شمال الضفة تصعيدٌ إباديٌّ يُجسّد فاشية الاحتلال ويستهدف حسم الوجود
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن العملية العسكرية الواسعة التي أعلن الاحتلال الصهيوني شنّها على شمال الضفة المحتلة، وتحديداً في مناطق طمون وطوباس وعقّابا، تُعدّ جزءاً لا يتجزأ من حرب الإبادة الشاملة التي تستهدف الشعب الفلسطيني ووجوده.
واعتبرت الجبهة في بيان لها اليوم الأربعاء، أن هذه العملية تصعيد خطير يأتي ضمن سياق سياسي وأيديولوجي إجرامي يجسد طبيعة هذا الكيان الصهيوني الفاشي، وتؤكد النية المبيتة للاحتلال في تصعيد مستوى الانتهاكات والجرائم وتجاوز الخطوط الحمراء، مما يتطلب موقفاً دولياً وعربياً وإنسانياً عاجلاً وأكثر حزماً لردع هذا العدوان الشامل.
كما شددت على أنع يمكن فصل هذه العملية عن العدوان المتواصل في غزة؛ فكلاهما يمثلان وجهين لعملة واحدة هي الاستهداف الوجودي للشعب الفلسطيني في محاولة يائسة لكسر إرادة الصمود لدى الشعب الفلسطيني.
وأشارت الجبهة إلىى أن الاحتلال يواصل تسريع وتيرة تصعيده في الضفة في محاولة منه لتنفيذ رؤيته في حسم الصراع عبر فرض واقع أمني وعسكري جديد، يمهّد لتنفيذ مخططات التهويد والاقتلاع، وذلك تجسيد عملي لحكومة الاحتلال الفاشية والعنصرية بزعامة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، كجزء من أجندة سياسية ودينية تهدف إلى شرعنة هذه الجرائم على امتداد الضفة، وإعطاء عصابات المستوطنين وجنود الاحتلال الغطاء السياسي لمواصلة هذه الجرائم.
كما قالت إن ذلك التصعيد يأتي في ظل تواطؤ المجتمع الدولي، ودعم الإدارة الأمريكية وشراكتها في الجرائم، ما يجعل التحرك ضرورة ملحّة، ودعوة الأحرار إلى التحرك لمواجهة هذا التصعيد الصهيوني الذي يستهدف الضفة وغزة و القدس على حد سواء.
وختمت: على الرغم من الحجم الواسع للقوات المستخدمة والعملية والاستهداف الواسع وتصعيد العدوان، فإن هذه المحاولات للقضاء على المقاومة أو كسر الإرادة الفلسطينية ستفشل حتماً، كما فشلت كل العمليات السابقة، وإن صمود شعبنا ومقاومته على البقاء والمقاومة وإفشال كل مخططات الاحتلال هو امتداد للصمود الأسطوري في كل بقعة من فلسطين.
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن العملية العسكرية الواسعة التي أعلن الاحتلال الصهيوني شنّها على شمال الضفة المحتلة، وتحديداً في مناطق طمون وطوباس وعقّابا، تُعدّ جزءاً لا يتجزأ من حرب الإبادة الشاملة التي تستهدف الشعب الفلسطيني ووجوده.
واعتبرت الجبهة في بيان لها اليوم الأربعاء، أن هذه العملية تصعيد خطير يأتي ضمن سياق سياسي وأيديولوجي إجرامي يجسد طبيعة هذا الكيان الصهيوني الفاشي، وتؤكد النية المبيتة للاحتلال في تصعيد مستوى الانتهاكات والجرائم وتجاوز الخطوط الحمراء، مما يتطلب موقفاً دولياً وعربياً وإنسانياً عاجلاً وأكثر حزماً لردع هذا العدوان الشامل.
كما شددت على أنع يمكن فصل هذه العملية عن العدوان المتواصل في غزة؛ فكلاهما يمثلان وجهين لعملة واحدة هي الاستهداف الوجودي للشعب الفلسطيني في محاولة يائسة لكسر إرادة الصمود لدى الشعب الفلسطيني.
وأشارت الجبهة إلىى أن الاحتلال يواصل تسريع وتيرة تصعيده في الضفة في محاولة منه لتنفيذ رؤيته في حسم الصراع عبر فرض واقع أمني وعسكري جديد، يمهّد لتنفيذ مخططات التهويد والاقتلاع، وذلك تجسيد عملي لحكومة الاحتلال الفاشية والعنصرية بزعامة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، كجزء من أجندة سياسية ودينية تهدف إلى شرعنة هذه الجرائم على امتداد الضفة، وإعطاء عصابات المستوطنين وجنود الاحتلال الغطاء السياسي لمواصلة هذه الجرائم.
كما قالت إن ذلك التصعيد يأتي في ظل تواطؤ المجتمع الدولي، ودعم الإدارة الأمريكية وشراكتها في الجرائم، ما يجعل التحرك ضرورة ملحّة، ودعوة الأحرار إلى التحرك لمواجهة هذا التصعيد الصهيوني الذي يستهدف الضفة وغزة و القدس على حد سواء.
وختمت: على الرغم من الحجم الواسع للقوات المستخدمة والعملية والاستهداف الواسع وتصعيد العدوان، فإن هذه المحاولات للقضاء على المقاومة أو كسر الإرادة الفلسطينية ستفشل حتماً، كما فشلت كل العمليات السابقة، وإن صمود شعبنا ومقاومته على البقاء والمقاومة وإفشال كل مخططات الاحتلال هو امتداد للصمود الأسطوري في كل بقعة من فلسطين.
غزة: ارتفاع حصيلة حرب الإبادة إلى 69 ألفا و785 شهيدا
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الأربعاء، ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الإسرائيلية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى "69 ألفا و785 شهيدا، و170 ألفا و965 مصابا".
وقالت الوزارة، إن "مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة 10 شهداء (2 جدد، و8 تم انتشالهم من تحت الأنقاض)"، مشيرةً إلى أن قوات الاحتلال قتلت منذ 11 أكتوبر الماضي، 347 فلسطينيا وأصابت 889 آخرين، ضمن خروقاتها للاتفاق.
وأوضحت أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة 10 شهداء، وإسرائيل تواصل خرق اتفاق وقف النار، في الوقت الذي لا يزال فيه ضحايا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم لانتشالهم.
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الأربعاء، ارتفاع حصيلة ضحايا الإبادة الإسرائيلية منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى "69 ألفا و785 شهيدا، و170 ألفا و965 مصابا".
وقالت الوزارة، إن "مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة 10 شهداء (2 جدد، و8 تم انتشالهم من تحت الأنقاض)"، مشيرةً إلى أن قوات الاحتلال قتلت منذ 11 أكتوبر الماضي، 347 فلسطينيا وأصابت 889 آخرين، ضمن خروقاتها للاتفاق.
وأوضحت أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال 24 ساعة 10 شهداء، وإسرائيل تواصل خرق اتفاق وقف النار، في الوقت الذي لا يزال فيه ضحايا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات، حيث تعجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم لانتشالهم.
غزة تحت النار: غارات وقصف مع 16 خرقا و6 شهداء
في اليوم الـ48 منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة، واصلت قوات الجيش الإسرائيلي خروقاتها للاتفاق، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى. وشملت الهجمات سلسلة غارات شنها الجيش فجر الخميس على حيي التفاح والشجاعية شرقي مدينة غزة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت لا يزال الغموض يحيط بالمرحلة الثانية من الاتفاق، رغم المداولات السياسية المكثفة واجتماع الوسطاء والدول الضامنة والولايات المتحدة في القاهرة قبل يومين لمناقشة تنفيذها.
سجلت غزة 16 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار منذ فجر الخميس، شملت غارات جوية وقصفا مدفعيا وإطلاق نار مكثف، إضافة إلى عمليات نسف لمباني سكنية.
واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مدينة غزة، فيما تعرضت مناطق شرق مخيم البريج للقصف المدفعي، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في المناطق الشرقية للقطاع.
كما شملت الغارات حيّي التفاح والشجاعية، مع استمرار الطيران الحربي في أجواء المنطقة.
وشهدت مدينة خانيونس قصفا مدفعيًا وإطلاق نار مكثف من الطيران المروحي خلف الخط الأصفر، إضافة إلى نسف مبان سكنية في شرق المدينة، بينما استهدفت الغارات رفح على مرحلتين منذ الفجر وتجدّدت صباحًا مع استمرار إطلاق النار من المروحيات.
وأسفرت هذه الانتهاكات عن استشهاد 6 فلسطينيين، الأربعاء، بينهم اثنان داخل مناطق الخط الأصفر في مواقع متعددة من القطاع، ما يعكس تصعيدا خطيرا يفاقم المعاناة الإنسانية في غزة.
350 شهيدا و535 خرقا إسرائيليا خلال 47 يوما من وقف إطلاق النار في غزة
أعلن مركز غزة لحقوق الإنسان عن استشهاد 350 فلسطينيا خلال 47 يوما من الانتهاكات الإسرائيلية بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، بينهم 130 طفلا و54 امرأة.
وسجل المركز أكثر من 535 خرقا للاتفاق، بمعدل يفوق 11 خرقا يوميا، مؤكدا استمرار الخروقات منذ اللحظة الأولى لتفعيل وقف إطلاق النار.
وأشار المركز إلى أن الاحتلال قيد دخول المساعدات الإنسانية، إذ سمح بمرور 211 شاحنة يوميا فقط، رغم ادعائه السماح بمرور 600 شاحنة.
كما لم يلتزم الاحتلال بخريطة الانسحاب المتفق عليها، واستمر بفرض سيطرة نارية وتوغلات داخل المناطق المدنية في القطاع.
في اليوم الـ48 منذ بدء وقف إطلاق النار في غزة، واصلت قوات الجيش الإسرائيلي خروقاتها للاتفاق، ما أدى إلى سقوط شهداء وجرحى. وشملت الهجمات سلسلة غارات شنها الجيش فجر الخميس على حيي التفاح والشجاعية شرقي مدينة غزة.
ويأتي هذا التصعيد في وقت لا يزال الغموض يحيط بالمرحلة الثانية من الاتفاق، رغم المداولات السياسية المكثفة واجتماع الوسطاء والدول الضامنة والولايات المتحدة في القاهرة قبل يومين لمناقشة تنفيذها.
سجلت غزة 16 خرقا لاتفاق وقف إطلاق النار منذ فجر الخميس، شملت غارات جوية وقصفا مدفعيا وإطلاق نار مكثف، إضافة إلى عمليات نسف لمباني سكنية.
واستهدفت الغارات الجوية الإسرائيلية مدينة غزة، فيما تعرضت مناطق شرق مخيم البريج للقصف المدفعي، بالتزامن مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع في المناطق الشرقية للقطاع.
كما شملت الغارات حيّي التفاح والشجاعية، مع استمرار الطيران الحربي في أجواء المنطقة.
وشهدت مدينة خانيونس قصفا مدفعيًا وإطلاق نار مكثف من الطيران المروحي خلف الخط الأصفر، إضافة إلى نسف مبان سكنية في شرق المدينة، بينما استهدفت الغارات رفح على مرحلتين منذ الفجر وتجدّدت صباحًا مع استمرار إطلاق النار من المروحيات.
وأسفرت هذه الانتهاكات عن استشهاد 6 فلسطينيين، الأربعاء، بينهم اثنان داخل مناطق الخط الأصفر في مواقع متعددة من القطاع، ما يعكس تصعيدا خطيرا يفاقم المعاناة الإنسانية في غزة.
350 شهيدا و535 خرقا إسرائيليا خلال 47 يوما من وقف إطلاق النار في غزة
أعلن مركز غزة لحقوق الإنسان عن استشهاد 350 فلسطينيا خلال 47 يوما من الانتهاكات الإسرائيلية بعد بدء اتفاق وقف إطلاق النار، بينهم 130 طفلا و54 امرأة.
وسجل المركز أكثر من 535 خرقا للاتفاق، بمعدل يفوق 11 خرقا يوميا، مؤكدا استمرار الخروقات منذ اللحظة الأولى لتفعيل وقف إطلاق النار.
وأشار المركز إلى أن الاحتلال قيد دخول المساعدات الإنسانية، إذ سمح بمرور 211 شاحنة يوميا فقط، رغم ادعائه السماح بمرور 600 شاحنة.
كما لم يلتزم الاحتلال بخريطة الانسحاب المتفق عليها، واستمر بفرض سيطرة نارية وتوغلات داخل المناطق المدنية في القطاع.


Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire