مجلس الأمن يعتمد قرارا أميركيا بشأن غزة المستند إلى خطة ترامب

 

صوّت مجلس الأمن الدولي، بعد انتصاف ليل الإثنين الثلاثاء، لصالح قرار أميركي يدعم خطة الرئيس دونالد ترامب بشأن قطاع غزة التي تتضمن وقف إطلاق النار ونشر قوة دولية ومسارا قد يفضي إلى دولة فلسطينية.
وصوّت 13 عضوا في المجلس لصالح النص الذي وصفه السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، بأنه "تاريخي وبناء". وامتنعت روسيا والصين عن التصويت لكن لم تستخدم أي منهما حق النقض.
وأشاد الرئيس الأميركيبتبنّي مجلس الأمن الدولي لقرار يدعم إنشاء "مجلس السلام" في قطاع غزة، معتبرا أن التصويت يمثّل "لحظة تاريخية" و"أحد أكبر القرارات في تاريخ الأمم المتحدة"، على حدّ تعبيره.
وقال ترامب في بيان نشره عبر منصته "تروث سوشيال": إن القرار "يتعمد رسميًا" بمجلس السلام الذي سيتولى رئاسته، ويضم قادة دوليين "من الأقوى والأكثر احترامًا في العالم"، مضيفًا أن هذه الخطوة "ستقود إلى مزيد من السلام في العالم".
وشكر ترامب الدول الأعضاء التي صوّتت لمصلحة القرار، بما في ذلك الصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا، ودولًا عربية وإسلامية دعمت الخطوة، مثل قطر ومصر والسعودية والإمارات وتركيا والأردن. وأوضح أن أسماء أعضاء المجلس "وإعلانات مهمة أخرى" ستُنشر خلال الأسابيع المقبلة.
وفي السياق نفسه، اعتبر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، أن اعتماد مجلس الأمن خطة ترامب المؤلفة من 20 بندًا يمثّل "محطة تاريخية" نحو بناء "غزة آمنة ومزدهرة يقودها الشعب الفلسطيني وليس حماس".
وأضاف روبيو أن التصويت يقرّب المنطقة من تحقيق "غزة منزوعة السلاح، منزوعة التطرف، ومستقرة"، مشددا على أن ترامب "يدفع نحو تغيير حقيقي وملموس في الشرق الأوسط".
وجاء التصويت بعد مداخلة السفير الأميركي، الذي قال إن غزة "عاشت لعامين جحيمًا على الأرض"، وإن الجوع ينتشر والأمل هشّ، محذّرًا من أن "تأجيل اتخاذ قرار بشأن غزة يهدد الأرواح".
وأضاف أن مشروع القرار "ليس وعدًا على ورق، بل يضمن وقفًا لإطلاق النار" ويستند مباشرة إلى خطة ترامب بشأن غزة. كما أكد التزام واشنطن بـ"استعادة رفات آخر ثلاثة أسرى لدى حماس".
واعتبر أن مشروع القرار يستند إلى خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة، ويتضمن "منجزات قابلة للتحقيق"، بما فيها ضمان "غزة حرة وبلا إرهاب"، على حد قوله.
من جانبه، قال المندوب الجزائري لدى الأمم المتحدة، عقب اعتماد القرار، إن القرار الأممي "يهدف إلى تنفيذ خطة ترامب التي حظيت بدعم جميع الأطراف في صيغتها النهائية"، مشيراً إلى أن بلاده شاركت في إدخال تعديلات على النص "لضمان النزاهة والتوازن".
وأكد المندوب الجزائري أن السلام في الشرق الأوسط "لن يتحقق من دون تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني"، موضحًا أن الدول العربية والإسلامية "دعمت النص النهائي" احترامًا لـ"خيارات الشعب الفلسطيني وممثليه"، ولضمان استمرار وقف إطلاق النار وحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.
وأضاف أن القرار "يرفض بوضوح الضم والاحتلال والتهجير القسري"، ويعكس، وفق تعبيره، "العقيدة الأساسية للأمم المتحدة في تسوية الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي".
وأشار إلى أن غزة ستدار "وفق ترتيبات انتقالية بواسطة لجنة تكنوقراط فلسطينية"، فيما ستضطلع قوة الاستقرار الدولية بمهام تتعلق بـ"حماية المدنيين الفلسطينيين".
وشدد المندوب الجزائري على أن الوقت قد حان لبدء إعادة إعمار غزة "بدعم مباشر من المجتمع الدولي ومؤسساته المالية"، لافتًا إلى أن السكان في غزة والضفة الغربية "يعانون بشكل كبير"، وأن إجراءات الحماية الدولية "يجب أن تمتد لتشمل الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية أيضًا".

حماس تنتقد قرار مجلس الأمن وتعتبره "وصاية دولية" على غزة
بدورها، قالت حركة حماس إن قرار مجلس الأمن الدولي باعتماد مشروع القرار الأميركي بشأن غزة "لا يرتقي إلى مستوى مطالب وحقوق الشعب الفلسطيني"، معتبرة أن القطاع "واجه لعامين حرب إبادة وجرائم غير مسبوقة ارتكبها الاحتلال".
وجاء في البيان، الذي نُشر عقب التصويت، أن القرار "يفرض آلية وصاية دولية على غزة" ويهدف إلى "تحقيق الأهداف التي فشل الاحتلال في تحقيقها عسكريًا". وأضافت حماس أن النص الجديد "يسعى إلى فصل غزة عن باقي الجغرافيا الفلسطينية وفرض وقائع لا تتماشى مع ثوابت الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية".
وقالت الحركة إن "مقاومة الاحتلال بكل الوسائل حق مشروع كفلته القوانين الدولية"، مشددة على أن ملف سلاح الفصائل "يجب أن يبقى شأنًا وطنيًا داخليًا مرتبطًا بمسار ينهي الاحتلال ويضمن إقامة الدولة الفلسطينية".
وانتقد البيان التفويض الممنوح لـ"قوة الاستقرار الدولية" داخل القطاع، موضحًا أن منحها صلاحيات تشمل نزع سلاح المقاومة "يجعلها طرفًا في الصراع"، معتبرًا أن أي قوة دولية يجب أن تقتصر مهامها على "مراقبة وقف إطلاق النار من الحدود فقط، وتحت إشراف الأمم المتحدة وبالتنسيق حصريًا مع المؤسسات الفلسطينية".
كما شددت حماس على أن المساعدات الإنسانية وفتح المعابر "حق أساسي لشعبنا"، رافضة "تسييس الإغاثة أو إخضاعها لآليات معقدة" في ظل الظروف الإنسانية التي خلفتها الحرب. ودعت الحركة إلى "تسريع تدفّق المساعدات وإعادة الإعمار" عبر الأمم المتحدة ووكالة الأونروا.
وفي ختام بيانها، طالبت الحركة المجتمع الدولي ومجلس الأمن بـ"اتخاذ قرارات تعيد الاعتبار للقانون الدولي" من خلال "وقف حرب الإبادة على غزة، وإنهاء الاحتلال، وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس".

موسكو وبكين: تحفّظات على القرار الأميركي
وعبّرت روسيا والصين عن معارضة واضحة لاعتماد مجلس الأمن مشروع القرار الأميركي بشأن غزة، معتبرتَين أن الصياغة النهائية تحمل إشكاليات سياسية وأمنية قد تُفاقم الوضع بدل أن تُسهِم في حله، على الرغم من أنهما لم تستخدما حقّ النقض وامتنعتا عن التصويت.
وأعلن المندوب الروسي أن بلاده لم تدعم القرار لأنه "لا يتوافق مع صيغة حل الدولتين الواردة في إعلان نيويورك"، محذّرًا من أن البنود الحالية قد تُرسّخ فصل غزة عن الضفة الغربية، وتفتقر إلى إطار زمني لتمكين السلطة الفلسطينية من بسط سيطرتها على القطاع.
كما انتقد غياب أي توضيح لدور القوة الدولية في مسألة نزع سلاح الفصائل، معتبرًا أن ذلك "قد يجرّها إلى أن تصبح طرفًا في النزاع". وأضاف المندوب الروسي أن "لا سبب للاحتفال اليوم"، مشيرًا إلى أن "نزاهة مجلس الأمن انتهكت" خلال عملية تمرير القرار، وأنه لا يوجد "أي يقين" بشأن فاعلية مجلس السلام أو قوة الاستقرار الدولية.
ومن جهتها، أكدت الصين أن مشروع القرار الأميركي "غير واضح" ويحمل "مصدر قلق بالغ"، موضحة أن الغموض المحيط بالترتيبات الأمنية والسياسية المقترحة يثير تساؤلات حول قدرة الخطة على ضمان حل عادل ومستدام للوضع في غزة.

تفاصيل القرار
ويؤيّد النص الذي تمّت مراجعته مرّات عدة في إطار مفاوضات ضمن المجلس، الخطة التي سمحت بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وينص القرار على إمكانية بلورة مسار نحو "تقرير المصير وقيام دولة فلسطينية"، وذلك "بعد تنفيذ خطة إصلاح شاملة في السلطة الفلسطينية، وبمجرد إحراز تقدّم كافٍ في إعادة إعمار غزة"، وذلك في إطار المساعي الأميركية لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بموجب خطة ترامب.
وتستند المسودة إلى ما تسميه واشنطن "الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة"، التي جرى الإعلان عنها في 29 أيلول/ سبتمبر 2025، وتشمل ترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية لما بعد الحرب، بمشاركة دول عربية وإسلامية، وفق إعلان خطة ترامب في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بشرم الشيخ.

وجرى تضمين خطة ترامب المكونة من 20 بندا لتكون ملحقا للقرار.
إدارة انتقالية جديدة في غزة: مجلس السلام (BoP)
وتتضمن المسودة إنشاء "مجلس السلام" (Board of Peace – BoP) باعتباره إدارة انتقالية تتمتع بـ"صفة قانونية دولية" تتولى:

تنسيق تمويل إعادة إعمار غزة،
الإشراف على آليات التنفيذ،
إدارة المرحلة الانتقالية،
وتحديد متطلبات الحكم المدني في القطاع.
وتنص الوثيقة على تشكيل "لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير مسيّسة" من أبناء القطاع، تتولى إدارة الخدمات المدنية اليومية، على أن تشرف الجامعة العربية على عملها، وأن تكون مسؤولة عن الجهاز الإداري المدني في غزة خلال المرحلة الانتقالية.
ويُخوّل "مجلس السلام" اتخاذ "إجراءات إضافية" وفق الحاجة، بما يشمل إدارة شؤون السكان داخل غزة وخارجها، وتنفيذ مهام ترتبط بإعادة الإعمار، وإعادة تشغيل المرافق الحيوية.

إعادة إعمار غزة: صندوق دولي وتمويل متعدد الأطراف
ويطلب مشروع القرار من البنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى إنشاء صندوق دولي مخصّص لإعادة إعمار غزة، يتم تمويله عبر مساهمات طوعية من الدول المانحة، مع آليات رقابية تضمن:

إعادة بناء المنازل والبنية التحتية،
استعادة الخدمات الأساسية،
تنفيذ برامج اقتصادية،
إزالة آثار الدمار العسكري،
إعادة تشغيل المؤسسات المدنية.
وتؤكد المسودة أن التمويل سيخضع لآليات شفافة، وأن على الجهات الدولية "ضمان عدم انحراف المساعدات عن الاستخدام المدني".

استئناف المساعدات الإنسانية بالكامل
ويشدد مشروع القرار على "الأهمية القصوى للاستئناف الكامل وغير المقيّد للمساعدات الإنسانية إلى غزة"، مع ضمان وصولها إلى جميع السكان، ودون أن تُستخدم "لأغراض عسكرية"، وفق تعبير النص.
وتشدد الوثيقة على ضرورة تسهيل الحركة أمام العاملين في المجال الإنساني، وضمان حرية وصولهم إلى المناطق المتضررة داخل غزة.

"قوة الاستقرار الدولية" (ISF) داخل القطاع
وتتضمن المسودة تفويضًا بإنشاء قوة دولية مؤقتة تحت اسم “قوة الاستقرار الدولية” (International Stabilization Force – ISF)، تعمل:
"بتنسيق كامل مع مصر وإسرائيل"،
ووفق القانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي.
وتكلف القوة بالمهام التالية:

دعم قوة شرطة فلسطينية "مدرّبة وموحّدة"،
تأمين الحدود،
الإشراف على "تفكيك البنى العسكرية" داخل القطاع،
مراقبة تهريب السلاح،
حماية المنشآت الحيوية،
تأمين نقاط توزيع المساعدات،
مرافقة عمليات إعادة الإعمار.
وتشير المسودة إلى أن وجود القوة الدولية سيستمر حتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 2027 على الأقل، مع إمكان التمديد بقرار جديد.
كما تنص على أن الجيش الإسرائيلي سيعمل، "عند الضرورة"، في القطاع، ضمن ترتيبات أمنية مؤقتة تهدف إلى "ضمان عدم عودة التهديدات".

ترتيبات أمنية صارمة: نزع السلاح ومراقبة الأنفاق

وتدعو المسودة إلى:
تفكيك البنى "العدائية والعسكرية"،
إزالة الأنفاق ومرافق التصنيع العسكري،
منع تهريب السلاح عبر الحدود،
التخلص من المخزونات الحربية،
تعزيز الرقابة على المعابر.
وتعتبر هذه الشروط جزءًا من "البيئة الأمنية الضرورية" قبل الانتقال إلى مرحلة الحكم الفلسطيني الكامل في غزة.

مهام قانونية للدول المشاركة في الإدارة الانتقالية
وتمنح المسودة الدول المشاركة في مجلس السلام والقوة الدولية صلاحيات واسعة تشمل:
توقيع ترتيبات انتقالية بالنيابة عن الهيئات المشاركة،
إدارة الاتفاقات التشغيلية،
التمتع بامتيازات وحصانات قانونية خاصة،
الوصول إلى الوثائق والمعلومات اللازمة لمباشرة مهامها.
مسار سياسي مشروط للدولة الفلسطينية
البند السياسي الأبرز ينص على أنه: "بعد تنفيذ خطة إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص وتقدم إعادة إعمار غزة، قد تتوفر أخيرًا الظروف لمسار موثوق نحو تقرير المصير وقيام دولة فلسطينية".
ويضيف النص: "ستُطلق الولايات المتحدة حوارًا بين إسرائيل والفلسطينيين للتوصل إلى أفق سياسي يسمح بالتعايش السلمي والازدهار المتبادل".
ويضع هذا البند الاعتراف بالمسار السياسي الفلسطيني ضمن شروط أمنية وإدارية واقتصادية تُشرف عليها جهات دولية وإقليمية.
وتُلزم المسودة مجلس السلام والقوة الدولية بتقديم تقرير كل ستة أشهر إلى مجلس الأمن حول تنفيذ الخطة، فيما يقرّر المجلس “البقاء منشغلاً بالموضوع” إلى حين انتهاء المرحلة الانتقالية.
حرب داخل الحرب: مشروع القرار الأميركي لا يرضي أحداً
بعد طول أخذ وردّ، صوّت «مجلس الأمن الدولي»، فجر اليوم، على مشروع قرار قدّمته الولايات المتحدة، مدعومة بتأييد بعض الدول الإسلامية والعربية، لاعتماد خريطة الطريق التي طرحها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بشأن قطاع غزة، والتي يتصدّرها بند إنشاء «قوة استقرار دولية». وكان سيطر التهديد باستخدام روسيا حق النقض «الفيتو» على أجواء التصويت، بعدما وزّعت بعثتها، قبل أيام، مشروع قرار مضاد يدعو «الأمم المتحدة» إلى تقديم اقتراحات بشأن تشكيل «القوة لغزة»، ويشطب أي إشارة إلى «مجلس السلام» الذي تقوده واشنطن. وفي ظلّ المخاوف من «الفيتو» الروسي، كثّفت البعثة الأميركية، في أثناء الأيام الأخيرة، تحرّكاتها الدبلوماسية لضمان دعم مشروع الولايات المتحدة، وأصدرت بياناً حذّرت فيه من أنّ «محاولات زرع الفتنة الآن لها عواقب وخيمة وملموسة على الفلسطينيين في غزة».
مع ذلك، رجّحت مصادر دبلوماسية في نيويورك، أن يُعتمد المشروع الأميركي، من دون لجوء روسيا والصين إلى استخدام «الفيتو» ضدّه، وإن امتنعتا عن التصويت عليه، فيما عبّر الدبلوماسيون الأميركيون عن «تفاؤلهم بأن يحظى القرار بتأييد جميع أعضاء المجلس». وكانت أعلنت ثماني دول عربية وإسلامية، هي مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا، دعمها المشترك للمشروع الأميركي، وذلك عبر بيان مشترك مع الولايات المتحدة، جاء فيه أنّ هذه الدول تؤيّد النص «الذي صاغته واشنطن، بالتشاور مع أعضاء المجلس وشركائها في المنطقة»، باعتباره «يدعم خطة شاملة وتاريخية لإنهاء الصراع في غزة».
وجاءت المسوّدة الأميركية التي جرى التصويت عليها، في نحو 6 صفحات، متضمّنة ملحقاً يورد النقاط العشرين الخاصة بخطة ترامب، من دون أن تنصّ على أي آليات للمحاسبة أو تقارير دورية بشأن عمل «مجلس السلام» أو «قوة الاستقرار». كما يربط النص الأميركي، أي دور مستقبلي للسلطة الفلسطينية في قطاع غزة، بتنفيذ «برنامج إصلاحي على نحوٍ مُرضٍ»، ويشير إلى أنّه «بعد تنفيذ برنامج إصلاح السلطة الفلسطينية بإخلاص، قد تتهيّأ الظروف أخيراً لمسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية». كما تعهّدت الولايات المتحدة بإطلاق حوار سياسي بين إسرائيل والفلسطينيين «للتوصّل إلى أفق سياسي للتعايش السلمي والمزدهر».
كذلك، ينصّ مشروع القرار على أنّ «مجلس الأمن، يرحّب بإنشاء مجلس السلام بوصفه إدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية، من شأنها أن تضع الإطار وتنسّق التمويل لإعادة تطوير غزة، وفقاً للخطة الشاملة، وبما يتماشى مع المبادئ القانونية الدولية ذات الصلة، إلى أن تتمكّن السلطة الفلسطينية، من إتمام برنامجها الإصلاحي بنجاح». ويدعو المشروع أيضاً البنك الدولي والمؤسسات المالية إلى دعم إعادة إعمار غزة؛ كما يخوّل الدول الأعضاء في «مجلس السلام»، إدارة عملية الحوكمة الانتقالية، بما يشمل الإشراف على «لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية من الكفاءات المحلّية».
وفي السياق ذاته، يجيز القرار إنشاء «قوة استقرار دولية مؤقّتة» تنتشر في غزة بقيادة موحّدة يقبل بها «مجلس السلام»، على أن تسهم الدول الأعضاء فيها، بالتنسيق مع مصر وإسرائيل، وأن تتّخذ «جميع التدابير اللازمة» لتنفيذ ولايتها، بما في ذلك «استخدام القوة». ومن بين المهام الموكلة إلى تلك القوة: التنسيق مع إسرائيل ومصر، والتعاون مع قوات الشرطة الفلسطينية التي ستُعتمد لاحقاً، وضمان عملية نزع السلاح من غزة وتدمير البنى التحتية العسكرية، ومنع إعادة بنائها، إلى جانب حماية المدنيين وتسهيل العمليات الإنسانية. كما ينصّ القرار على أنّ انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من غزة، سيكون مشروطاً بـ«استقرار الأوضاع الأمنية»، وبالاتفاق على «معايير زمنية» لعملية نزع السلاح، تُحدَّد بالتشاور بين «قوات الأمن الإسرائيلية وقوة الاستقرار والولايات المتحدة والجهات الضامنة».
ورغم تهافته، أثار بند إقامة الدولة الفلسطينية غضب الحكومة الإسرائيلية، التي أعلن رئيسها بنيامين نتنياهو، أنه «لم يُغيّر رأيه في رفض حلّ الدولتين»، فيما حرص مقرّبون منه على التأكيد أنّه «سيعمل حتى اللحظة الأخيرة على تعديل النص وشطب الإشارة إلى الدولة الفلسطينية»، وهو ما لم يحدث حتى ساعة متأخّرة من مساء أمس. وشدّد وزير الأمن، يسرائيل كاتس، بدوره، على أنّ «القوة الدولية يجب أن تكون فاعلة وتتمتّع بصلاحيات تنفيذية لنزع سلاح حماس»، قائلاً إنّ مهمّتها ستكون «نزع وتفكيك سلاح حماس في غزة القديمة»، أي خارج نطاق سيطرة الاحتلال. كما صعّد عدد من وزراء حكومة العدو لهجتهم ضدّ القرار، ومن بينهم وزير المالية المتطرّف، بتسلئيل سموتريتش، الذي اعتبر، في أثناء اجتماع كتلة حزبه، أنّ «خطة المسار نحو دولة فلسطينية لن تكون، فهذه دولة اليهود وستبقى». أمّا وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، فقد طالب بـ«تنفيذ اغتيالات ضدّ قادة السلطة الفلسطينية واعتقال أبو مازن»، متعهّداً بأنّه «سيتكفّل به في السجن» في حال استمرّت الاعترافات الدولية بـ«دولة فلسطين المخترعة».
وفيما رحّبت السلطة الفلسطينية بالمشروع الأميركي، وأعلنت وزارة الخارجية تأييدها له، رفضت الفصائل الفلسطينية مجمل المسار، وأصدرت مكاتبها في الجزائر التي تشغل حالياً مقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن، بياناً دعت فيه الحكومة الجزائرية إلى اتخاذ موقف حازم تجاه «المساعي الجارية في أروقة الأمم المتحدة لتمرير مشروع القرار الأميركي، بشأن نشر قوات دولية في غزة».
القرار الأميركي لغزة يثير الانقسام الفلسطيني: ترحيب السلطة ورفض الفصائل
أثار القرار الأميركي بشأن غزة، الذي اعتمده مجلس الأمن، انقسامات بين الفلسطينيين. رحبت السلطة الفلسطينية بالقرار وأبدت استعدادها الكامل للتعاون في تنفيذه، معتبرة أنه يعزز حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره ويتيح المضي قدماً نحو السلام والاستقرار.
في المقابل، رفضت فصائل المقاومة القرار واعتبرته وصاية على الشعب الفلسطيني. وانتقدت حركة حماس القرار بشكل مباشر، فيما أكدت حركة الجهاد الإسلامي على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال، مشددة على أن هذا الحق مكفول بموجب المواثيق الدولية والقوانين الدولية.

السلطة الفلسطينية ترحب بمشروع القرار الأميركي
رحبت السلطة الفلسطينية، باعتماد مجلس الأمن الدولي، مشروع القرار الأميركي بشأن قطاع غزة. منوهة إلى أنه يؤكد تثبيت وقف إطلاق النار الدائم والشامل في القطاع، وإدخال وتقديم المساعدات الإنسانية دون عوائق.
أوضحت السلطة الفلسطينية أن مشروع القرار الأممي يعزز حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، مؤكدة ضرورة تطبيقه فورًا لضمان عودة الحياة الطبيعية في غزة، وحماية السكان، ومنع التهجير، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال، وإعادة الإعمار، والحفاظ على حل الدولتين.
وأعربت عن استعدادها الكامل للتعاون مع جميع الأطراف لتنفيذ القرار، والمضي قدما في المسار السياسي الذي يؤدي إلى السلام والأمن والاستقرار بين الفلسطينيين والإسرائيليين وفق القانون الدولي، مؤكدة مسؤوليتها الكاملة في قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من دولة فلسطين.
وشكرت جميع الدول التي أعربت عن دعمها لجهود إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والاستقلال والسلام العادل.

حماس تنتقد قرار مجلس الأمن بشأن غزة وتؤكد تمسّكها بالثوابت الوطنية
أعربت حركة حماس عن رفضها لقرار مجلس الأمن الدولي المتعلق بغزة، معتبرة أنه لا يلبي حقوق الشعب الفلسطيني ولا يعالج تداعيات ما وصفته بجرائم الاحتلال.
وقالت الحركة إن القرار يفرض وصاية دولية على القطاع ويفصله عن باقي الجغرافيا الفلسطينية، في حين يتيح للاحتلال تحقيق أهداف لم يستطع فرضها عبر الحرب.
وأكدت حماس أن سلاح المقاومة شأن وطني مرتبط بإنهاء الاحتلال، رافضة أي مهام دولية داخل غزة تشمل نزع هذا السلاح.
وشددت على أن أي قوة دولية يجب أن تتمركز على الحدود فقط وتعمل حصرا تحت إشراف الأمم المتحدة وبالتنسيق مع المؤسسات الفلسطينية الرسمية.
كما طالبت الحركة بتسهيل دخول المساعدات فوراً وفتح المعابر دون تسييس أو قيود، داعية المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات عملية تنهي الحرب، وتضمن إعادة الإعمار، وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني وتمكينه من تقرير مصيره.

الجهاد الإسلامي ترفض القرار الأميركي لمجلس الأمن وتؤكد حق المقاومة
أكدت حركة الجهاد الإسلامي رفضها للقرار الأميركي الذي تبناه مجلس الأمن الدولي، معتبرة أنه يفرض وصاية دولية على قطاع غزة ويفصل القطاع عن باقي الأراضي الفلسطينية، بما يخالف ثوابت الشعب الفلسطيني ويصادر حقه في تقرير مصيره.
وشددت الحركة على أن مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة حق مكفول بالقانون الدولي، وأن أي تدخل دولي لنزع سلاح المقاومة يحوّل الجهات المعنية إلى شريك في أجندة الاحتلال.
كما دانت الجهاد الإسلامي تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة ضغط، واعتبرت فرض سلطة دولية على الشعب الفلسطيني دون رضاه انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، مؤكدة أن القرار أغفل محاسبة الاحتلال ورفع الحصار عن غزة وإعادة وصل القطاع ببقية الأراضي الفلسطينية.
والليلة الماضية، اعتمد مجلس الأمن الدولي، مشروع القرار الأميركي بشأن غزة؛ بأغلبية 13 عضوا في المجلس صوتوا لصالح المشروع، فيما امتنع المندوبان الروسي والصيني عن التصويت.
ويتضمن مشروع القرار نشر قوات دولية -متعددة الجنسيات- بالقطاع، ورسم مسار لإقامة دولة فلسطينية، كما يلزم القوات الدولية بدعم عملية نزع السلاح في غزة.
ويرحب مشروع القرار بإنشاء "مجلس السلام"، وهو هيئة "حكم انتقالية" لغزة سيرأسها ترامب نظريا، على أن تستمر ولايته حتى نهاية عام 2027.
وستعمل القوات الدولية بالتنسيق مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المُدرّبة حديثا، بهدف المساعدة في تأمين الحدود ونزع السلاح في قطاع غزة.
كما يشجع على تقديم الدعم المالي الدولي لإعادة الإعمار، ويطالب البنك الدولي ومؤسسات أخرى لم يسمها بإنشاء "صندوق ائتمان" تديره الجهات المانحة مخصص لإعادة تنمية غزة، دون الإشارة لوجود دور لمنظمة الأونروا.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire