من العصابات إلى خرائط البيع: استمرارية المشروع في الجنوب

 

علي محمود الموسوي
 باحث أكاديمي

لا يدع الواقع التاريخي مجالاً للشك في طبيعة المشروع الصهيوني، الذي نشأ على فكرة اقتلاع السكان الأصليين من أرضهم وإحلال مستوطنين محلّهم، مستنداً إلى مزيج من الدعم الاستعماري والعقيدة الدينية والسياسية التي تُعلي من شأن السيطرة على الأرض بوصفها جوهر «الوطن القومي». ومنذ بدايات القرن العشرين، تبلورت هذه الرؤية في ممارسات ميدانية اتّخذت طابعاً عسكرياً عنيفاً، عبر العصابات الصهيونية المعروفة مثل «الهاغاناه» و«الإرغون» و«الشتيرن»، التي مهّدت لكيانٍ قام أساساً على الاحتلال والاستيطان والتهجير القسري.
تشير الوثائق التاريخية إلى أنّ الأطماع الصهيونية في الأراضي اللبنانية تعود إلى ما قبل قيام الكيان الإسرائيلي، إذ تقدّمت الوكالة اليهودية عام 1937 بمذكّرة إلى لجنة بيل البريطانية تطالب بضمّ أجزاء من الجنوب اللبناني إلى «الوطن اليهودي» المُقترح، بحجة الحاجة إلى مياه نهر الليطاني. وقد كرّر دافيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل، في مذكّراته، القول بأنّ «حدود إسرائيل الطبيعية يجب أن تمتد إلى الليطاني»، وهو تصريح يعبّر بوضوح عن البعد التوسعي في الفكر الصهيوني منذ نشأته.
تجلّت الأطماع الإسرائيلية تجاه لبنان في سلسلة من الاعتداءات العسكرية التي بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي واستمرّت بوتيرة متصاعدة، شملت القصف المتكرّر للقرى الحدودية ومحاولات التوغّل داخل الأراضي اللبنانية.
وقد بلغت هذه الاعتداءات ذروتها في الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978، ثم في الاحتلال الواسع عام 1982، وما تلاه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، تمثّلت في مجازر صبرا وشاتيلا، والتدمير المُمنهج للبنية التحتية، وتهجير السكان من قراهم.
كل ذلك، أكّد أنّ الهدف الاستراتيجي لإسرائيل لم يكن أمنياً فحسب، بل جغرافياً وسياسياً يرمي إلى إخضاع الجنوب اللبناني والسيطرة على موارده الحيوية.
في هذا السياق، يُعدّ ما نُشر أخيراً حول تداول «مزاعم» تفيد بأن إسرائيل تُظهِر في خرائط رقمية أراضيَ في الجنوب اللبناني معروضة للبيع، مؤشّراً خطيراً، حتى وإن ثبت - على سبيل الافتراض- عدم صحتها الكاملة.
إنّ مجرد ظهور مثل هذه الخرائط أو التصورات الرقمية يُعبّر عن نزعة استيطانية متجدّدة تستخدم أدوات جديدة – اقتصادية وتكنولوجية هذه المرة – لبلوغ الغاية نفسها التي سعت إليها العصابات الصهيونية بالسلاح: السيطرة على الأرض وإلغاء الحدود.
ما بين عمليات القتل والتهجير في منتصف القرن الماضي ومحاولات التسلل العقاري أو الخرائطي في الحاضر، لم يتغيّر جوهر المشروع الصهيوني، بل تبدّلت وسائله بما يتناسب مع تحوّلات العصر. فالاحتلال العسكري الذي كان وسيلة الأمس، أصبح اليوم يتّخذ أشكالاً ناعمة عبر الاقتصاد والمعلومات والخرائط، في إطار سعيٍ مستمرّ إلى فرض أمر واقع جديد يتجاوز حدود الدول وسيادتها.
إنّ المؤشّرات الأخيرة، وإن بدت محدودة في شكلها الرقمي، تؤكّد أنّ التهديد الإسرائيلي للبنان لا يزال قائماً بأشكال متحوّلة، وأنّ المشروع الصهيوني لم يتخلّ يوماً عن تطلعاته التوسعية.
ومن ثمّ، فإنّ المواجهة مع هذا المشروع ليست ظرفية ولا عسكرية فقط، بل هي دفاع وجودي عن الأرض والهوية والسيادة، يتطلّب وعياً وطنياً ومؤسّساتياً لمراقبة كل محاولة جديدة – مهما بدت رمزية – لإعادة إنتاج فكرة الاستيطان تحت أي غطاء كان.

كامل الدجاني... ندوة حول إرثه
في سياق الحفاظ على الذاكرة الثقافية الفلسطينية وتوثيق إرث رموزها، تنظّم «مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت» ندوة تكريمية لعضو مجلس أمناء المؤسسة الراحل مازن كامل الدجاني، بالتزامن مع إطلاق كتاب «كامل توفيق الدجاني: كاتباً وشاعراً ومناضلاً». تتناول الندوة، التي تُقام في مقرّ المؤسسة في 26 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، إرث كامل الدجاني الأدبي والسياسي، عبر مقاربات نقدية يقدّمها المؤرخ والباحث ماهر الشريف، والباحث صقر أبو فخر، إلى جانب مداخلات المحرِّرَين الطيب الدجاني وأيهم السهلي. يأتي اللقاء ليُعيد تسليط الضوء على المسار الثقافي والنضالي للدجاني، الذي رحل في أيلول (سبتمبر) الماضي، وهو كان شخصية وطنية ملتزمة، عُرف بنزاهته وهدوئه وصدقه في العمل العام، وبإيمانه العميق بأهمية بناء مؤسسات بحثية وثقافية تخدم المعرفة والقضية الفلسطينية.

* «ندوة تكريمية لمازن الدجاني»: الأربعاء 26 تشرين الثاني (نوفمبر) - الساعة 4:00 عصراً - «مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت» (فردان). للاستعلام: 01/804959
إسكندر.. من «زمن زياد»
طلال شتوي

شتاء 1977. بيروت تصدّق خروجها الموقت من «حرب السنتين». آخر ما كان يتوقعه إسكندر، ابن الرابعة عشرة، أن يجد نفسه، وجهاً لوجه، في «شي آندريه» أمام زياد الرحباني. مثل الكثير من رفاقه، كان مسحوراً بزياد، ويحفظ مقاطع من «نزل السرور»، ويستمع إلى «سهرية». عند عرض هذين العملين، عامي 1973 و1974، كان أصغر من أن يتمكن من الذهاب لمشاهدتهما على خشبة «الأورلي».

كان لدى إسكندر شيء آخر، غير الانبهار بزياد. كان قد بدأ يقرأ ويكتب. علاقته بالقراءة بدأت مع اندلاع حرب لبنان عام 1975. كنت صغيراً، يروي لي، وبدأت أخاف مثل كل الصغار. يومذاك أقفلت المدارس وبقينا في منازلنا. لتمضية الوقت، رحت أبحث في مكتبة خالي عن شيء أتفرج عليه. لفتني كتاب صغير. غلافه زهري اللون، ويحمل عنوان «طفولة نهد». سألت خالي ما معنى «نهد»، وأجابني: صدر المرأة. لم أفهم كثيراً هذه العلاقة بين الطفولة والنهد. قرأت الكتاب. استهواني دون أن أفهمه كثيراً. بعد أيام تشاجرت والدتي مع خالي. قالت له: هذه الكتب ليست لمن هم في عمره، «ما تنزع الصبي». رنّت في مسامعي كلمة «تنزع»، وصمّمت أن أقرأ بقية دواوين هذا الشاعر. كان اسمه نزار قباني، وكان خالي من المعجبين به. أمام إلحاحي على القراءة، بدأت الكتب تتوافد إليّ، كانت كتباً «لمن هم في عمري». لكنني أعتقد أنها «نزعتني» أكثر من ذلك الديوان، لأنها جعلتني مسمّراً طوال الوقت والكتب بين يديّ، ما إن أنتهي من واحد حتى أبدأ بالآخر.

***

ذات يوم، يروي إسكندر، سمعت أمي تقول لأبي: لماذا لا نقدّم أوراق الهجرة. فالسفارة السويدية فتحت أبوابها أمام اللبنانيين الراغبين في الرحيل. لم يُجِب أبي. ولم يأخذ الموضوع حيزاً جدياً في النقاش. تمّ إقفاله بسرعة. كانا يعرفان، أبي وأمي، بأنه لم يعد أحد، في عائلته أو في عائلتها، يرغب بهجرة جديدة. بعد الاجتياح الإسرائيلي، حضرت مجدداً هذه الأسئلة. كنت في سنتي الجامعية الأولى، وخيّرني أبي بين أن أبقى في لبنان أو أن يرسلني إلى ألمانيا، بعد أن استطاع تأمين منحة دراسية لي. قلت له إنها منحة للدّراسة في أحد الفروع العلمية، وأنا أريد أن أدرس الأدب. أجبته: لا يعرفون «المتنبي»! قال لي: ولكن لديهم «غوته» و«شيلر» و«ريلكيه» وسواهم. كان جوابي: أستطيع قراءتهم وأنا هنا. بعد أشهر، ألقى أبي نظرة على الكتب التي أحملها: أشعار بودلير بالفرنسية، رواية لبلزاك، ودفتر محاضراتي الذي لا يتضمن أي كلمة بالعربية. لم يفهم ما رأى! أبلغته أنني أدرس الأدب الفرنسي. سألني فوراً: والمتنبي؟ أجبت: سأقرأه بمتعة بعيداً عن دروس الإعراب. هزّ رأسه ومضى. أستطيع الآن أن أشرح هزة رأسه هذه. كان همه الوحيد ألا أنخرط في أي حزب من الأحزاب. ألا أتحول إلى مقاتل في هذه الحرب، ولأفعل بعدها ما أشاء. لم تتحقق رغباته كلها. صحيح أنني لم أخمل السلاح، ولم أنخرط في «ميليشيا»، إلا أنني بدأت في نشاطات سياسية في إطار الحركات الطلابية في الجامعة اللبنانية. اقتربت بادئ الأمر من السوريين القوميين الاجتماعيين، وسرعان ما وجدوا أنني أحمل أفكاراً ماركسية لا تتناسب مع عقيدتهم. اقتربت بعد ذلك من الشيوعيين، فوجدوا أنني فوضوي ولا أنفع لأكون عضواً صالحاً. هل كان همّي أن أجد حزباً لأنخرط فيه، لأكون لبنانياً حقيقياً؟ سرعان ما نجوت من هذه الادعاءات. لست بحاجة إلى أي نوع من الالتزام الحزبي. الحرية والعدالة والحق أقوى من كل تنظيم. يستطيع المرء أن ينادي بذلك عبر أدبه. من الصعب الادعاء أنني اخترت الكتابة وطناً لي في تلك الفترة. ولكن، على المرء أن يختار وطناً في نهاية الأمر، لا ليحبّه ويكتب فيه أشعاراً، بل أن نختار وطناً لنشتمه. إننا بحاجة إلى هذا الوطن، في كثير من الأحيان، لنوجّه له هذه الشتيمة. لا يستطيع من لا وطن له أن يقوم بذلك.

تطلّب الأمر مضي ثلاث سنوات، ليكتشف إسكندر، وهو في الثامنة عشرة من عمره، وفي «شي أندريه»، بأن زياد يعرفه «أيضاً»، بل ويبادر بأول حديث بينهما، بلا أي مقدمات، مبدياً إعجابه ببعض ما يُنشر في «ميكروب»، محدداً مقالات بعينها، ذاكراً أسماء عدد ممن يكتبون فيها. أتوقع أن إسكندر أدرك، في تلك اللحظة، أن اكتساب قارئ اسمه زياد الرحباني هو النجاح الاستثنائي لتلك المجلة المجنونة التي أطلق عليها اسم «ميكروب».

***

بذلك المزيج الجميل من الحماسة والعبث، والإيمان بالقدرة على تغيير الكون، قام إسكندر مع صديقه ورفيق أيام الدراسة شبيب الأمين، بإصدار «ميكروب» عام 1981. كانا في سنتهما الجامعية الأولى في «كلية الآداب» في الجامعة اللبنانية. إسكندر يدرس «الأدب الفرنسي»، وشبيب يدرس «الفلسفة». والاثنان يكتبان الشعر، ويتشاطران تلك النقمة، التي لا تخلو من القسوة، على مجمل المناخ الثقافي ومنابره في بيروت.

أتت «ميكروب» لكي تحقق هدفاً وحيداً، يبدو التصريح به اليوم فكاهياً، لكنه لم يكن كذلك زمن الأحلام الخائبة. إنها نشرة «ثقافية» متخصّصة بتوجيه انتقادات لاذعة للمثقفين، ولا بأس إذا أمكنها أن تساهم في تدمير البنى الثقافية السائدة. قلنا، يروي إسكندر، سنفتك بكل هذه الأجساد الأدبية المريضة. كنّا نجد أن المسيطر على الأدب اللبناني، في تلك المرحلة، وبخاصة الشعر منه، الخطابية والمنبرية النضالية التي لم نكن نستسيغها. كنّا نعتقد أن هذه القصائد تسيء إلى النضال أكثر مما تخدمه. رأينا أن المرء يستطيع أن يعبّر عن نضاله، وعن موقفه من هذه الحرب، بدون كل هذا الصراخ. هكذا كانت آراؤنا يومذاك. كان همّنا أن نبحث عن قصيدة أخرى، عن تجارب بعيدة، متناسين ما قرأناه.

إسكندر يطبع المقالات على الآلة الكاتبة، «الدكتيلو»، وشبيب يقوم بسحب نسخ مصورة، «فوتوكوبي». ويشارك الرفاق في توزيع الأعداد على الصحف والمقاهي، ومن بينها «شي أندريه». ويتصدّر كل عدد من «ميكروب» الشعار الذي تكفّل باجتذاب المهتمين والفضوليين: نشرة غير دورية توزّع مجاناً حسنة! يذكر إسكندر، أنه وشبيب ومن انضم لاحقاً إليهما، لم «يقصّروا» مع أحد، لا مع بول شاوول، ولا مع سليم سحاب، ولا مع نزيه خاطر الذي منح جيلنا لقبه، «جيل الحرب»، وصولاً إلى ملحق لجريدة «السفير» عن الحرب الأهلية صدر في تلك الفترة. لقد أطلقوا «رصاص» أقلامهم على الجميع.

***

إسكندر، هو إسكندر حبش. كان حلمه أن يصبح «بارمن»، لكنه أصبح شاعراً، «لا يكتب خراب نفسه وحدها، أخاله يكتب خراب كل الكون. لا يكتب موته وحده، بل يكتب موت العالم كله»، كما قال عنه وديع سعادة.

لا يزال إسكندر يكتب. ولا يزال يتساءل عن جدوى الكتابة، وعن جدوى أية شهادة علمية غير شهادة «محو الأمية»! أحياناً، يقول لي، أقنع نفسي بأنني بحاجة إلى لغة أخرى. ربما لأنني أصبحت أشعر بأن الكتابة لم تعد تشكّل هذا التوازن الذي يتملكني كلما حملت قلماً وورقة في طفولتي وشبابي. ربما أصبحت الكتابة هي حربي، هي لا توازني. وربما أيضاً لأن الحروب التي عشتها كسرت لغتي، كسرت وطني الذي اخترته واخترعته. لم أعد أريد أوطاناً حقيقية. لم أعد أريد أصولاً. اخترت المنفى منذ زمن بعيد. أي اخترت الكتابة. كل ما أستطيعه اليوم هو ألا أجعل يدي تتوقف عن شرح هذا الفراغ الذي أقع فيه كلما أردت قول شيء ما.

يسألني عن زياد، وأصارحه بأنني لا أعرف عنه شيئاً عنه، سوى أنه غائب عن الأنظار منذ صيف 2015. يرجح، متمنياً، أن يكون زياد في «عزلة كتابة». وأشاركه التمني. يقول لي: زياد لم «يؤلف» جمهوراً، بل «أنجب شعباً» حقيقياً يسير وراءه، يدخل معه في اللعبة، يعرف مسبقاً ماذا ينتظره، يعرف بشكل يقيني بأن ما سيسمعه ويشاهده يمسّه فعلاً، ويعبّر عنه، ويتكلم بصوته. إنه «الاتحاد» الاستثنائي بين الفنان والناس.

ما الذي يجمع بين إسكندر وزياد، بعد كل تلك السنين التي تبدو طويلة إلى الحد الذي يشي بانتهاء الأشياء والحماسات، والمدينة التي لم تعرف كيف تخرج من ماضيها، وإلى أين ستخرج، في حال حصل هذا الخروج.

ما الذي يجمعنا؟ كل شيء، ولا شيء. ما الذي يجمع بينه وبين «أبطال» ذلك الجيل الذي يرتب الباقون منهم، انسحاباتهم من الحياة، بلا عناقات حزينة، تاركين كل تلك السنين القديمة في الأمكنة التي تختفي وتتلاشى بوتائر بطيئة ومملة. لم يبقَ غير تلك الأمنية التي تشبه استغاثة من لم يطلب النجدة أبداً: أشعر أنني أصبحت مثل ألم الأشياء التي أتناساها. لم أعد شاعراً، بل كائناً بملايين الجروح. «أرغب في أن أكون إنساناً، لا كثير الاستقامة، ولا كثير المرارة. يموت بهدوء، يموت طويلاً. ويعيش أحياناً، لأن لا شيء آخر ممكناً». قالها فرنسي يدعى إيف مارتان، كان شاعراً. مات عام 1999، قبل أن يطأ الستين، وقبل أن يتفرج على الألفية الثالثة.

• مقاطع متفرقة من فصل بعنوان «إسكندر» في كتاب «زمن زياد» (قديش كان في ناس) لطلال شتوي الصادر عن «دار الفارابي للنشر والتوزيع» في بيروت عام 2016.
تطمينات أميركية لإسرائيل بشأن صفقة بيع مقاتلات «F-35» للسعودية
حصلت إسرائيل، تماشياً مع قانون أميركي يضمن تفوّقها العسكري في المنطقة، على تطمينات بأن صفقة بيع طائرات «F-35» للسعودية لن تمسّ بتفوّقها النوعي.
وأعلن الرئيس دونالد ترامب عن الصفقة هذا الأسبوع، لكن مسؤولين أميركيين وخبراء دفاع أوضحوا أن «الطائرات السعودية ستفتقر إلى الميزات المتقدّمة الموجودة في أسطول إسرائيل»، بما في ذلك أنظمة التسليح المتطورة ومعدات الحرب الإلكترونية.
وقال المدير التنفيذي لمعهد «ميتشل» للدراسات الجوية، دوغلاس بيركي، إنه «حتى في حال حصول السعودية على الطائرات، فمن غير المرجّح أن تتسلم صاروخ AIM-260 JATM»، وهو صاروخ جو-جو متقدم مخصّص لطائرات الجيل الخامس، ويتجاوز مداه 120 ميلاً، وهو «أكثر تقنيات الصواريخ حساسية المرتبطة بمنصة F-35»، ومن المرجّح أن يُعرض لإسرائيل فقط.

هل يعطل الكونغرس الصفقة؟
قال مسؤولون أميركيون إن «مراجعة التفوّق العسكري النوعي» ستكون مطلوبة قبل إتمام الصفقة، كما يجب عادةً الحصول على موافقة الكونغرس على أي بيع للسعودية.
وأشار أحد المسؤولين إلى أن «الدعم الإسرائيلي القوي في الكونغرس قد يعرقل الموافقة».
كما لفت المسؤولون إلى أن إسرائيل تسعى إلى «إدخال السعودية في اتفاقات أبراهام لتعزيز التطبيع الإقليمي» وتجنّب توتير العلاقات مع ترامب.
وسيحتاج أي اعتراض من الكونغرس إلى أغلبية الثلثين في المجلسين وهو سقف يصعب بلوغه.
وستضع الصفقة السعودية على قدم المساواة مع قطر والإمارات، اللتين عُرضت عليهما أيضاً طائرات «F-35»، لكن تلك الصفقات ما تزال عالقة بسبب خلافات حول جداول التسليم وقدرات الطائرة ومخاوف من «الوصول الصيني المحتمل للتكنولوجيا».
وتحظى إسرائيل بصلاحيات فريدة لتعديل طائرات «F-35» الخاصة بها، بما يشمل «دمج أنظمة تسليح محلية وإضافة قدرات للتشويش على الرادار» وترقيات أخرى لا تتطلب موافقة الولايات المتحدة، كما تحافظ إسرائيل على تفوّق عددي، إذ تشغّل حالياً سربين من «F-35» ولديها ثالث قيد الطلب، بينما ستكون السعودية محدودة بسربين فقط لن يُسلَّما قبل سنوات.
ومع ذلك، عارض سلاح الجو الإسرائيلي الصفقة المخطط لها، محذّراً في مذكرة لقادته السياسيين من أنها قد تقوّض تفوّق إسرائيل الجوي، وفق ما ذكرته «تايمز أوف إسرائيل» الثلاثاء.
زاهر أنور الخطيب... أكتبك كما عرفتك...
أنور ربيع الخطيب

لا أكتب عن زاهر الخطيب كمراقبٍ بعيدٍ يلتمس المعلومة من أرشيفٍ بارد؛ أكتب عنه كابن أخٍ عايشه سنواتٍ تكفي لتجعل الذاكرة كتاباً، والكتاب شهادة. بين اسمه العام في وجدان الناس، واسمه الخاص في وجداني خيطٌ واحدٌ من المعاني؛ رجلٌ يثبت حين تهتزّ الأرض، والعدل خياره ولو ثقل ثمنه، ويجعل من المبادئ امتداداً طبيعياً لضميره قبل أن تكون امتداداً لموقعه.
عرفت زاهر الخطيب قائداً اختاره الناس، ونائباً جعل المنبر أمانةً للموقف، ولغته ليست سباقاً في الفصاحة، بل ميزاناً للحق. لم يكن في قامته شيءٌ مصنوع؛ هي تلك السكينة الواثقة التي تُشبه النبع، هادئةٌ في ظاهرها، لا تنضب في جوهرها.
كنت أضع بين يديه مذكّراتي ولوائحي القانونية فيقرأها على مهل، يتتبّع عبارتها مفردةً مفردة، يزن الإعراب بميزان المعنى، ويقيس الحجة بصرامة القانون. كان يقول لي، إنّ الكلمة في المحكمة موقف، فإذا اضطرب اللفظ اضطربت العدالة. لم يكن يصحّح لي نصاً فحسب، بل كان يصحّح لي الصنعة، ويعلّمني أنّ البلاغة ليست زينةً للخطاب، بل أداةٌ لرفع المظلمة عن كتفٍ أثقلها الباطل.
وخارج المكاتب كان لنا العيش البسيط. مارسنا الرياضة، ولعبنا كرة السلة، وتجادلنا طويلاً في الدين والفلسفة والحياة، ولم يكن يخلو مجلسٌ من طرفةٍ يرويها عن شبابه. كان حوارُه يفتح نافذةً ثم نافذة، حتى تجدك وقد غادرت ضيق السؤال إلى سعة النظر.
من شحيم خرج صوته باكراً إلى الشأن العام، ودخل الندوة البرلمانية شاباً، يوم حمّله الناس أمانةَ والده أنور الخطيب. وثبّتته انتخابات الدورات المتتالية، وبقي حاضراً كنائب خلال سنوات الحرب حتى عاد الانتظام إلى المؤسسات. ولمّا أُسندت إليه مسؤولية الإصلاح الإداري في حكومة أوائل التسعينيات، أخذ يقارب الإدارة كمن يقارب بيتَ الناس: يُعالج أعطابها بصبرٍ وآليات، ويقاوم ما تراكم فيها من بطءٍ وترهّلٍ ومحسوبيات. وهو الذي رأى في المنصب وسيلة لا موضع استعانة. صوته يميل حيث تميل مصلحةُ الناس؛ إدارةٌ وعدلٌ وحقوق إنسان، رقابةٌ تُقيم الحجة قبل أن ترفع الصوت، وقولٌ يضع الإصبع على المطبّ ثم يقترح سبيلاً لتجاوزه.
يوم اجتاحت إسرائيل بيروت وحوصرت مدنٌ وأحياء، لم يبدّل الرجل جلده، بل بقي حيث الناس؛ يرى في المقاومة حقاً لا بندقيّةً فقط، وفي فلسطين قضيّةَ وجدان لا مجرّد عنوانٍ لخطب. حمل قضايا العمال والفئات المُهمّشة كما يحمل المحامي ملفّ موكّله في ساعة الحقيقة، وكان انحيازه إلى الفقراء انحيازاً معرفياً وأخلاقياً معاً، يعرف كيف يصوغ التشريع لهم، وكيف يقيه من ثغراتٍ تلتهم روح القانون.
ولأنّ المحطات التي تُرسّخ في الوجدان تُعدّ بالمواقف. كان زاهر في طليعة الرافضين لاتفاق السابع عشر من أيّار، يوم فُرض على لبنان أن يوقّع على ما لا يليق بكرامته، قال لا واضحةً، «باسم شعبنا، وباسم المقاومين الرافضين للاحتلال، وباسم الصامدين والمتصدّين، وباسم المعتقلين في أنصار وفي سجون وأقبية العدو، وباسم عذابات جماهير شعبنا والأمهات الثكالى والأطفال اليتامى، باسمهم جميعاً» رفض زاهر الخطيب هذا الاتفاق، وطلب «أن يرفض هذا الاتفاق من أجل لبنان، من أجل شعب لبنان، ومن أجل كرامة الوطن والمصلحة الوطنية العليا» في زمنٍ يُغري بالمواربة، ورأى أنّ هذا الصلح ذلّ وليس سلاماً بل هو تسمية أُخرى للهزيمة.
كان من أوائل المحذّرين من نظامٍ طائفيٍّ يُفتّت الدولة وينهش عصبها. دعا إلى إلغاء الطائفيّة السياسيّة لا كشعارٍ مناسبٍ للمناسبات، بل كمطلبٍ دستوريٍّ عاجلٍ يحفظ وحدة شعب، ويعيد تعريف الولاء للوطن لا للطائفة. لذلك احترمه الخصومٌ قبل الرفاق.
وللمرافعة القانونية في سيرته فصلٌ له رائحة الحبر. دافع عن المعتقلين والمفقودين، وذكّر الحكومات بأنّ للدستور لساناً إذا سكتنا تكلّم. كافح الفساد لا على منابر الإعلام فقط، بل في بنودٍ مكتوبةٍ تُقدَّم وتُناقَش وتُحاسَب. وكان يؤمن أنّ ما يُصلِح الإدارة ليس غضب الخطب، بل نظمٌ تُبنى، وإجراءاتٌ تُحترم، ومثالٌ شخصيٌّ يقطع الطريق على التذرّع والتلاعب.
أكتب هذه الكلمات وأنا أستعيد نعوتاً تتكرّر الآن على الألسن بعد رحيله، نظافة الكفّ، صلابة الموقف، تواضعُ القامة العالية، ووقارُ النسر إذا حلّق. ولستُ أُخفي أنّ قلبي في خبر رحيله عاد إلى تفاصيل يراها سواي عاديّةً لا تُذكر، كيف كان يفتح النصّ فيشير بإصبعه إلى فاصلةٍ في غير مكانها ثم يقول لي أنت محامٍ، والفاصلة عندك قد تُنقِذ حقاً أو تُضيّعه. كيف كان يضع يده على كتفي بعد مباراة كرة سلةٍ خسرتها أمامه ثم يبتسم: «في المرّة المقبلة يمكن بتربح». وكيف كان صمته وهو يصغي أشدَّ تعليماً من كلام كثير.
ولستُ أتجمّل إذا قلت إنّي اليوم، وأنا أقرأ ما كتبه عنه رفاقٌ وخصوم، أشعر بأنّ الإنصاف أدرك صاحبه. ليس لأنّ المدائح سَهْلٌ نظمُها بعد الموت، بل لأنّ مَن عرفوه في الداخل والخارج التزموا حقيقةً واحدة، هذا رجلٌ لا يُشترى ولا يُستدرج ولا يُهدَّد. كانت الثورة عنده هدوءاً لا صخباً، وثباتاً لا نوبةَ غضب. كان يعرف أنّ التراجع خطوةٌ صغيرةٌ في الورق، وخسارةٌ كبيرةٌ في المعنى. ولذلك ظلّ صوته مُقلِقاً لمن لا يحبّون وضوح الأشياء.
زاهر الخطيب، أدين لك بما هو أبعد من المعرفة المهنية. أدين لك بأنّي تعلّمتُ أن أحمل الناس في قلبي حين أكتب عنهم في أوراقي، وأن أحضر فلسطين في مرافعاتي ولو لم تكن عنوان الدعوى، وأن أرى في الفقير مواطناً كاملَ الحقّ لا موضوعَ شفقة. أدين لك بأنّي حين أواجه ظلماً لا أبحث عن عذرٍ للسكوت، وحين أختلف مع خصمٍ لا أبحث عن مبرّرٍ لظلمٍ جديد. تلك هي المدرسة التي تخرّجتُ فيها على يديك، أن تكون السياسة أخلاقاً، وأن يكون القانون روحاً، وأن يكون الوطن أوسع من خريطةٍ وأقرب من بيت.
أبو وسام، يا من كنت لي أستاذاً ورفيق دربٍ وصديقاً كريماً رغم فَرق السنّ والمقام، شكراً لأنّك جعلت المبدأ عادةً يوميّة لا موسماً، وشكراً لأنّك تركت لنا من تاريخك ما نتّكِئ عليه في الأوقات النازلة؛ أنّ الحرية لا تُمنح، وأنّ الكرامة لا تُستعار، وأنّ الحقّ إن لم يجد من يدافع عنه ضاع بين الأقوياء.
الإبادة تطال البيوت التراثية: اسرائيل تريد محو ذاكرة الجنوب
غادة حداد

مرّ أكثر من عامين من العدوان الإسرائيلي المتواصل على جنوب لبنان. خلف أخبار القصف والتهجير، تتكشف كارثة عمرانية حقيقية، ومعها خطر محو الهوية الجنوبية، في مسار تعمل عليه إسرائيل بشكل ممنهج.
هذه الخطة تظهر بوضوح في نتائج المسح الميداني الذي أجرته جمعية «بلادي» للمنازل التراثية في منطقة النبطية.
تأسست «بلادي» عام 2005، ونالت العلم والخبر عام 2011، بهدف العمل على التربية والمحافظة على التراث. وبعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب (أغسطس) 2020، تحوّل تخصّصها إلى ما يُعرَف عالمياً بحماية التراث في فترات الطوارئ، سواء في الحروب أو في الأزمات الطبيعية.

انطلاق المسح
تروي رئيسة الجمعية جوان فرشخ بجالي في حديث معنا مسار العمل على هذا المسح، منذ بداية الحرب الإسرائيلية على لبنان. بدأت الجمعية برصد الوضع عبر الإعلام، ثم أصدرت أول تقرير لتقييم الأضرار على الأبنية التراثية، عند إعلان وقف إطلاق النار. وتقول بجالي إن هدف الجمعية كان العمل على منازل الناس «انطلاقاً من مبدأ أنه لا يمكن عزل الناس عن تراثهم، فالمنزل لا يُعدّ ملكية خاصة فقط، بل يعدّ جزءاً من العام، ومن نسيج الجماعة، ومكوِّناً أساسياً من هوية المكان».
بعد التقييم الأولي، انتقل الفريق إلى تقييم الأضرار على الأرض، وكان لا بد من اختيار عيّنة. حُدّدت النبطية وخمس قرى مجاورة هي: النبطية التحتا، النبطية الفوقا، زوطر الشرقية، زوطر الغربية، وكفرتبنيت. وقبل الوصول إلى هذه القرى، فُعِّلت مذكرة التفاهم بين الجمعية والجامعة اللبنانية، والاستعانة بطلّاب كلية العمارة.
بدأ العمل الميداني في 4 كانون الثاني (يناير) الماضي، بعد نحو شهر من إعلان وقف إطلاق النار، في فترة مهلة الستين يوماً، حين لم يكن جميع الناس قد عادوا بعد إلى الجنوب، واستمر حتى حزيران (يونيو) الفائت.
جرى العمل بالتنسيق مع البلديات والجيش اللبناني قبل التوجه إلى القرى، وقد رحّبت البلديات بهذه الخطوة لعجزها عن القيام بمسح مماثل بنفسها. أسهم عدد من الطلاب في أعمال المسح بالتوازي مع دراستهم، وتولت الجامعية رنا الدبيسي، المسؤولة عن الناحية العلمية للدراسة، مهمّة التنسيق الأكاديمي بين الجمعية والجامعة.
تقول بجالي إنهم جمعوا هذه البيانات «لإعادتها إلى أهلها». وفي اليوم الذي نزل فيه الطلاب إلى الميدان، كانت المنازل لا تزال مدمّرة، والسكّان يبحثون عن أغراضهم بين الركام، وآخرون يتلقّون للتوّ خبر وفاة أبنائهم. كان الوضع قاسياً جداً على الطلاب وذويهم، خصوصاً أن معظمهم من أبناء الجنوب. لكن حفاوة استقبال الأهالي، واهتمامهم الشديد بالحفاظ على منازلهم، منحاهم دفعاً كبيراً للاستمرار في العمل.

رسم الخرائط من الصفر
بدأت التحدّيات الفعلية مع النزول إلى الأرض. طلب الفريق خرائط تحدّد أماكن انتشار المنازل التاريخية، لكن لم تكن هناك أي خرائط متوافرة، ما جعل العمل شبه تعجيزي. اضطرت الدبيسي وفريقها إلى إنجاز خرائط مدينة النبطية بأنفسهم. تشرح لنا أنّ هذه العملية تمت على ثلاث مراحل بدءاً من التحقيق الميداني، مروراً بتعبئة استمارة وُضِعت خصيصاً لهذا البحث، وصولاً إلى مرحلة تأكيد المعلومات وتدقيقها.
وللمرة الأولى، باتت لهذه المناطق خرائط تفصيلية بأبنيتها، بما فيها الأبنية التراثية. حتى وزارة الثقافة حصلت للمرة الأولى على هذه البيانات.
تصف بجالي هذه المرحلة بأنها محاولة حقيقية لـ«اكتشاف تراث الجنوب»، في ظل غياب الدراسات المعمّقة حول ماهية التراث المعماري هناك، وأنماط البناء المعتمدة في منازل الجنوب.
ولتصنيف منزل على أنه تراثي، اعتُمد معيار واحد هو أن يكون قد بُني قبل عام 1950. انطلاقاً من ذلك، جرى تصنيف الفترات الزمنية التي يعود إليها كل منزل، بحسب النمط الهندسي الذي بُني على أساسه. فالمنزل التاريخي ليس معزولاً، كما تقول الدبيسي: «هو جزء من شبكة كانت موجودة وحية، فالحجر المستخدم كان متوافراً آنذاك، وطريقة صناعته كانت الطريقة المتعارف عليها، وهو جزء من منظومة كاملة. ما حاولنا القيام به هو تحديد هذا النموذج التراثي، لنؤكد أنه لا يزال حياً، لأن الناس لا يزالون يستخدمونه ويسكنونه».
وخلال العمل، تبيّن أيضاً أنّ لا خرائط للمباني التراثية في الجنوب، وهذه حال عامة في لبنان باستثناء بيروت. فلا خرائط ولا تصنيف واضحاً للأنماط الهندسية، رغم أن الأدوات المستخدمة في البناء جميلة ومتقنة جداً.

تاريخ الجنوب مهدَّد
عندما نزل فريق العمل إلى النبطية وسأل عن التقدير المتداول لعدد المنازل التاريخية، قيل له إنّها لا تتجاوز 30 منزلاً. لكن المسح كشف عن وجود 147 منزلاً، وهذا ليس العدد النهائي، لأن حيّ الميدان احتُسب موقعاً واحداً، كما أُحصيت سبع كتل في السوق ككتلة واحدة، ما يعني أنّ العدد الفعلي أكبر بكثير. وتبيّن أنّ 85 في المئة من الأبنية التراثية هي منازل سكنية، ما يدل على أن أهل الجنوب يعيشون مع تراثهم، يحبّونه، ويحافظون عليه، باعتباره جزءاً من حياتهم اليومية.
عمل الفريق على تصنيف زمني للمنازل لمعرفة مراحل بنائها. وتبيّن أنّ 42 في المئة من منازل النبطية بُنيت بين عامَي 1902 و1930، وهي فترة شهد فيها جبل عامل ازدهاراً اقتصادياً انعكس مباشرة على العمران.
كانت مرحلة بناء مكثّف رسّخت النبطية كمدينة ومركز للسلطة، وتزامنت مع نهاية العهد العثماني وبداية الانتداب الفرنسي، ومع تبدّل السلطات ودخول الأموال. وامتدّت حركة البناء هذه حتى عام 1950، إذ بُني 75 في المئة من المنازل التاريخية في تلك الفترة. كما تبيّن أنّ 67 في المئة من هذه المنازل شُيّد بعناية هندسية واضحة، مع اهتمام كبير بالحجر والتزيين والمندلون.
قبل الحرب الأخيرة، كانت نحو 25 في المئة من منازل الجنوب متضرّرة، وهي نسبة طبيعية تعود إلى عوامل مثل الهجران، أو وفاة أصحاب المنازل، أو عدم اهتمام الورثة بها. لكن بعد خمس سنوات من الأزمة والصراع، ثم الحرب، تغيّر المشهد بالكامل: ثمانية منازل دُمّرت كلياً، و21 منزلاً تضرّرت بشكل قاسٍ جداً نتيجة القصف المباشر أو تطاير الباطون، فضلاً عن 43 منزلاً آخر أصيب بأضرار متفاوتة.
ومع احتساب نسبة الـ25 في المئة السابقة، يصبح 66 في المئة من المنازل التراثية في الجنوب متضرّرة. هذا الرقم يوضح إلى أي حدّ بات تاريخ الجنوب مهدَّداً. وطالما أنّ القصف لا يزال مستمراً، يعني أنّ نسبة الأضرار مرشحة للارتفاع أكثر.

العمارة المحلية كهوية حيّة
يضيء تقرير جمعية «بلادي» على أهمية العمارة المحلية، لارتباطها بالمكان وبالسياق الاجتماعي والبيئي المحيط به. وتوضح الدبيسي أنّ هذه هي المرة الأولى التي تُمنَح فيها هذه العمارة مكانتها اللائقة، «فالموقف التقليدي الكلاسيكي من التراث في لبنان حتى اليوم كان يحصر العمارة في إنتاج الطبقة البرجوازية، لا في عمارة الناس والمزارعين. هذه العمارة المحلية، معروفة عالمياً باسم vernacular architecture، إذ إن التراث ليس موضوعاً نخبوياً، بل هو ملك لكل الناس، وهو موطئ قدمهم في هذه الأرض، ولذلك يجب المحافظة عليه، بوصفه موقفاً وجودياً في هذا المكان».
وتوضح أنّ شكل المنزل كان يستجيب لحاجة يومية، لأنه في الأساس نمط حياة. وجود الرواق أمام البيت كان ضرورة للعمل خارجه. أما غياب القرميد عن معظم المنازل القروية، فيعود لاستخدام الأسطح لتجفيف الأكل وصناعة المونة. لذلك لا علاقة لأي تفصيل في هذه البيوت بالزينة أو الجماليات، بل هو تفصيل بنيوي مرتبط بطريقة العيش والبقاء. من هنا، لا يأتي الحفاظ على هذه المنازل من دافع عاطفي فقط، بل من قيمتها العلمية والتاريخية والوجودية، لأنها تعبّر عن أناس عاشوا هنا قبل 200 عام وبنوا هذه المساكن على ما عرفوه وورثوه.
تقول بجالي إنّ هذه المنازل تعني الكثير للناس لأنها بيوت أجدادهم. هم لا يعرفون أنها «تراثية» بالمعنى العلمي، ولا يدركون نمطها الهندسي، لكنّهم يعرفون جيداً أن هذه المنازل مهمّة جداً للعائلة. وقد بُنيت هذه البيوت بالمعرفة المتوارثة والمشتركة في المنطقة. معرفة جرى توثيقها لاحقاً ضمن علم الهندسة لتصبح جزءاً من المعرفة الأكاديمية. وتوضح أنّ طرح التراث الهندسي بهذا الشكل جديد نسبياً، وبدأ خلال مرحلة إعادة الإعمار في التسعينيات، حين انطلق النقاش حول وسط بيروت، قبل أن يتوسّع اليوم ليشمل مناطق أخرى.

بين الترميم والاستحالة
ترميم منازل الجنوب ممكن، لكن ليس كلها، فالتي دُمّرت بالكامل لا يمكن إعادة بنائها، لغياب القدرة على صناعة الحجر القديم بالطريقة نفسها. وقد برز تساؤل أساسي حول نوع السلاح الذي حوّل الحجر التاريخي إلى رماد، مع أنه حجر طبيعي خالٍ من الحديد والباطون والترابة.
أما المنازل المتضرّرة جزئياً فيمكن ترميمها، وهنا يكمن الرهان الأساسي. وهذا يتطلّب إدراج هذه الأبنية ضمن خطة إعادة الإعمار، وتخصيص حوافز للمحافظة عليها. فلا بلديات الجنوب قادرة على تحمّل هذه المسؤولية وحدها، ولا الدولة تستطيع رميها على المموّل الخارجي، وفق بجالي. وتضيف أن هذه مسؤولية مشتركة بين الجميع، وقرار يجب أن يُتخذ على مستوى سياسي من قِبل كل الأطراف، من وزارات وبلديات، بوصفهم السلطة الفعلية على الأرض.
وتشير بجالي إلى أن الخطوة العملية اليوم تكمن في تصنيف هذه المنازل في خطة إعادة الإعمار، وفرض مسؤولية الحفاظ عليها، وعلى أصحابها إيجاد آليات دعم واضحة تساعدهم في ذلك. وتلفت إلى أنّ الجمعية أجرت سابقاً مسحاً في مدينة بعلبك، وتبيّن أن المنازل التراثية هناك لم تتضرر كثيراً بالقصف.
أما جنوب الليطاني، فالوضع مختلف تماماً. ما أظهرته الصور يشير إلى نوع آخر من الدمار، حيث تقع المنازل التاريخية بين الأبنية الجديدة، ما يجعلها عرضة للطمس خلال عمليات الجرف والردم. لذلك يُعتمَد في المسح هناك على الصور الجوية الملتقطة قبل الحرب، في محاولة للحد من الخسائر والحفاظ على ما يمكن ترميمه.

مسح ممنهج لسكان الجنوب
تشدّد بجالي على أنّ تدمير المنازل التاريخية هو أخطر ما يحصل اليوم، لأنه يحقق هدف العدو في محو حقبة كاملة من الزمن، وقطع انتقال الهوية من جيل إلى جيل. فالعلاقة بالمنزل القديم ليست علاقة حجارة فقط، بل علاقة بالجدّ والأهل والذاكرة والهوية المتجسّدة في المكان. تدمير هذا المكان يعني تحويل الناس إلى مجرّد ذكريات بلا أرض.
وهذا ما تعتبره بجالي محاولة لاقتلاع أهل الجنوب من جذورهم. فإذا لم تُدرج الأبنية التاريخية ضمن خطة إعادة الإعمار بوصفها أولويةً مفروضة، يُنفَّذ ما يريده العدو بالكامل: محو الهوية والذاكرة والانتماء.
وتوضح الدبيسي أنّ كل خرائط ودراسات إعادة الإعمار تُعدّ اليوم في وزارة واحدة، فيما يتبع ملف التراث وزارة أخرى، ما يخلق فجوةً كبيرة. فوزارة الثقافة لا تمتلك فريقاً لإعداد الخرائط أو تقديم الاقتراحات للتنظيم المدني. وعند صدور أي قرار، يبرز السؤال دائماً: أين نُصنّف هذه المنازل؟
وتضيف أنّ ملف التراث في العالم أجمع ينتقل عادة بين الوزارات، لتأمين التمويل والحماية في إطار رؤية مشتركة، بعيداً من المنطق العقاري الربحي الذي يحصر قيمة المباني بسعر المتر المربع. أما في لبنان، فلا دراسة حتى الآن لدى وزارة الثقافة تسمح بإدراج هذا النسيج العمراني والتاريخي في أي خطة اقتصادية أو إنمائية.
وبحسب القانون، يحق للبلديات إصدار قوانين حماية، وهذا ما تعمل به بعض البلديات فعلاً. لكن غياب قانون وطني مُلزِم يجعل الاستجابة متروكة لإرادة كل بلدية على حدة، وهي تمثّل القوى الفاعلة على الأرض ولها مصالحها الخاصة. وفي ظل غياب الحوافز، تصبح حماية التراث قراراً صعباً ومعقّداً.

ثغرات القوانين ومحاولات الحماية
يقول مستشار وزير الثقافة، المهندس جاد تابت، لـنا إن الوزارة منحت دراسة «بلادي» اهتماماً كبيراً، إلى جانب دراسات أخرى تعمل عليها الجامعة اللبنانية في الخيام وبليدا، حيث برزت مشكلة بيع الأحجار التراثية، ما استدعى تدخّل وزير الثقافة لدى وزير الداخلية لوقفها.
كما تعمل الجامعة الأميركية في بيروت و«أشغال عامة» على دراسات إضافية. وتستعد الوزارة لعقد ورشة عمل شاملة في نهاية كانون الثاني (يناير) أو بداية شباط (فبراير)، لعرض مجمل هذه الأعمال، والتأكيد على أن التراث هو الهوية، وأن الحفاظ عليه جزء جوهري من إعادة الإعمار.
ويشير تابت إلى أن قوانين التنظيم المدني الحالية تجعل إعادة البناء في البلدات القديمة كما كانت شبه مستحيلة، لأنها تفرض تراجعاً عن الطرق والحدود، ما يخلق «مكعبات» إسمنتية غريبة عن النسيج التراثي القائم. لذلك تعمل الوزارة على طرح قوانين جديدة خاصة بالبلدات القديمة.
يؤكد تابت أنّ إعادة إعمار المباني المتضررة هي الأولوية، وأنّ ما دُمّر بالكامل لا يمكن تعويضه. المهم ألا يكون البناء الجديد غريباً عن النسيج العمراني المحيط. ويذكر أنّ هناك مشروعاً لإعادة سوق النبطية، يمكن أن يعود إلى حدّ كبير إلى ما كان عليه سابقاً. وتُعدّ ورشة العمل المقبلة خطوةً أولى لإدراج حماية التراث ضمن خطط الإعمار.
وفي أول محاولة رسمية لحماية الآثار في المحافل الدولية، سجّل لبنان 34 موقعاً على لائحة اتفاقية لاهاي لعام 1954 لحماية التراث، وهو رقم غير مسبوق عالمياً. وتكمن أهمية الاتفاقية في أنها تتيح رفع دعاوى على الدول والأفراد عند استهداف المواقع المسجّلة.
صنعاء تحذّر ابن سلمان: ترامب سيورّطك ويتخلّى عنك
صنعاء | حذّرت صنعاء، أمس، ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، من مغبة التورّط في حرب جديدة ضد اليمن، بإيعاز من أميركا وإسرائيل، مؤكّدة امتلاكها ترسانة أسلحة قادرة على ردع أي عدوان محتمل بقيادة الرياض. وكتب عضو المكتب السياسي لحركة "أنصار الله"، عبد الله النعيمي، في تدوينة على منصة "إكس": "يبدو أن ابن سلمان لم يستفد من عدوان استمر ثماني سنوات متواصلة، بدأه بتحالف عربي - أميركي - إسرائيلي، في ظل ظروف لم يكن يمتلك اليمن فيها صاروخاً واحداً".
وأشار النعيمي إلى أن "أميركا سترمي به (ابن سلمان) إلى وسط المعركة، ثم تتخلّى عنه، كما تخلّت عن حليفها المدلّل بنيامين نتنياهو".
وفي السياق ذاته، أكّد عضو المكتب السياسي للحركة، علي القحوم، أن "طريق السلام معروفة والأبواب مفتوحة إن كانت السعودية جادّة في إحلال السلام"، مشيراً في تدوينة على "إكس"، إلى أن "السلام يتمثّل في وقف العدوان وفك الحصار وإنهاء الاحتلال وجبر الضرر وإعادة الإعمار وإطلاق الأسرى، ومن ثم تمكين اليمنيين من حل مشكلاتهم في أجواء هادئة ومستقرة من دون وصاية وهيمنة خارجية مع احترام سيادة واستقلال اليمن".
وجاءت هذه التصريحات في أعقاب سقوط ملف السلام في اليمن من أجندة زيارة ابن سلمان لواشنطن، وهو ما عدّه عدد من المراقبين مؤشراً إلى توجه سعودي - أميركي للتصعيد في هذا البلد، خاصة أن النقاشات التي جرت بين الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وابن سلمان، اقتصرت على الأمن البحري في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.
وخلافاً للتوقّعات بنجاح المشاورات التي يجريها المبعوث الأممي لدى اليمن، هانس غروندبرغ، مع عدد من الأطراف اليمنية والإقليمية منذ أكثر من شهر، نشرت السفارة الأميركية في اليمن، تصريحاً مُقتضباً لمستشار البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، جون كيلي، لمّح فيه إلى رفض بلاده أي تقدّم في الملف اليمني سياسياً، مطالِباً بتشديد الحصار على صنعاء وتوسيعه ليشمل موادَّ جديدة، إضافة إلى ربط ملف السلام باتفاق يتعلّق بالسفن في البحر الأحمر وخليج عدن. وتأتي تصريحات كيلي غداة انتهاء جولة جديدة لغروندبرغ، في سلطنة عمان، تركّزت على سبل استئناف المفاوضات بين الأطراف اليمنية.
لجنة الأسرى والمحررين للجبهة الشعبية تطلق نداءً عاجلًا للإفراج عن الأطفال المعتقلين في سجون الاحتلال
استنكرت لجنة الأسرى والمحررين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان استمرار اعتقال الأطفال الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال الصهيوني، موجّهة نداءً عاجلًا للإفراج عنهم.
وتتابع لجنة الأسرى والمحررين للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان بقلق بالغ استمرار انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين، حيث يواصل اعتقالهم وتعذيبهم في سجون العدو الصهيوني دون أي مراعاة للقوانين الدولية أو حقوق الإنسان.
ووفقًا للإحصائيات الأخيرة، يبلغ عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال حوالي 350 طفلاً، من بينهم من هم دون سن الثامنة عشرة. يتم اعتقال الأطفال الفلسطينيين بشكل تعسفي، غالبًا بتهم واهية تتعلق بالمشاركة في التظاهرات أو رمي الحجارة.
ويتعرض الأطفال المعتقلون لأساليب تعذيب جسدي ونفسي أثناء التحقيق، مما يترك آثارًا على صحتهم النفسية والجسدية. كما يُحرم الأطفال المعتقلون من حقوقهم الأساسية في التعليم والرعاية الصحية، ويُبقون في ظروف اعتقال صعبة.
ويُقدّم الأطفال إلى محاكم عسكرية، حيث يفتقرون إلى حماية قانونية كافية، وتُفرض عليهم أحكام قاسية تصل إلى السجن لسنوات طويلة.
وحمّلت اللجنة العدو الصهيوني المسؤولية الكاملة عن سلامة الأطفال، معتبرة أن هذه الانتهاكات تمثل خرقًا صارخًا للقوانين الدولية، وخاصة اتفاقية حقوق الطفل التي تحظر اعتقال الأطفال واستخدامهم في العمليات العسكرية.
وناشدت المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، ومنظمة الأمم المتحدة، ومنظمة اليونيسيف، والهيئات المعنية بحقوق الطفل، بالتدخل العاجل لوقف هذه الانتهاكات وإطلاق سراح الأطفال الفلسطينيين المعتقلين. كما نطالب بفتح تحقيق فوري في هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وطالبت لجنة الأسرى في لبنان بالإفراج الفوري عن جميع الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، ووقف ممارسات الاعتقال التعسفي والتعذيب بحق الأطفال الفلسطينيين، وتوفير الحماية القانونية والرعاية النفسية والصحية للأطفال المعتقلين، ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
وختمت اللجنة بالتأكيد على أهمية التحرك العاجل لإنقاذ الأطفال وحمايتهم، مطالبة بتحرك فوري من جميع الجهات المعنية.
350 طفلاً يقبعون داخل سجون الاحتلال
قالت مؤسسات الأسرى إن نحو 350 طفلاً معتقلاً بينهم طفلتان يقبعون اليوم داخل سجون الاحتلال ، في ظروف تتعارض تمامًا مع كل المعايير الدولية الخاصة بحماية القاصرين، ويواجهون جرائم التعذيب، والتجويع، والجرائم الطبية، وعمليات السلب والحرمان الممنهجة، إضافة إلى العزل الجماعي. 
وأشارت المؤسسات في بيان أصدرته اليوم الخميس، بمناسبة يوم الطفل العالمي، إن الأطفال الأسرى كانوا جزءًا مباشرًا من السياسات الانتقامية التي صعّدها الاحتلال داخل السجون، إذ تؤكد شهادات حديثة لأطفال محرَّرين أنّ سلطات الاحتلال تعمّدت منذ الساعات الأولى لعزلهم الكامل عن باقي الأقسام، وقد وثّقت عشرات الشهادات تعرّضهم للضرب المبرح، والإيذاء المباشر خلال فترات احتجازهم، في ظل ظروف قاسية ومهينة.
وتشير البيانات الموثّقة إلى أنّ الغالبية الساحقة من الأطفال المعتقلين واجهوا شكلاً واحدًا على الأقل من التعذيب الجسدي أو النفسي، ضمن منظومة مدروسة من الانتهاكات التي تتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي، والأعراف الإنسانية، وكافة الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفل وحقوقه.
ولفت البيان إلى أن طبيعة الانتهاكات والجرائم  التي يتعرض لها الأطفال منذ لحظة الاعتقال الأولى تُظهر أن الاحتلال يتعامل معهم بوصفهم "خطرًا أمنيًا" لا أطفالًا يحتاجون إلى حماية ورعاية. فمن العنف أثناء الاقتحام، إلى التقييد المفرط، إلى النقل القاسي داخل "البوسطات"، ثم التحقيق معهم دون حضور محامٍ أو أحد أفراد العائلة، وصولًا إلى الزنازين المكتظة، وغياب الرعاية الصحية، ومنع الزيارات، وحرمانهم من التعليم. علماً أن هذه الإجراءات لم تكن جديدة، لكنها بعد حرب الإبادة، أصبحت أشد قسوة، وأكثر اتساعًا، وأعمق أثرًا على حياة الأطفال المعتقلين.
الجمعية العامة للأمم المتحدة تجدد ولاية "الأونروا"
 بتأييد 149 دولة ومعارضة 10 وامتناع 13 عن التصويت، اعتمدت اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا حول مساعدة لاجئي فلسطين وتجديد ولاية وكالة الأونروا.
واللجنة الرابعة للجمعية العامة هي اللجنة المعنية بالمسائل السياسية الخاصة وإنهاء الاستعمار.
في القرار، أبدت الجمعية العامة الأسف لعدم إعادة اللاجئين إلى ديارهم أو تعويضهم، وقالت إن أوضاعهم لا تزال تثير القلق البالغ وشددت على أهمية تقديم المساعدة لهم لتلبية الاحتياجات الأساسية الصحية والتعليمية والمعيشية.
وأكد القرار، ضرورة استمرار أعمال وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونـروا) وأهمية القيام بعملياتها بدون عوائق ريثما يتم التوصل إلى حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وقرر تجديد ولايتها حتى 30 حزيران/يونيو 2029.
وقبل التصويت، شدد المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني على أهمية تجديد ولاية الأونروا من أجل مساعدة وحماية لاجئي فلسطين إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل ودائم لمحنتهم.
وأكد في كلمته أمام اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا في العاصمة الأردنية عمّان، ضرورة أن يصحب ذلك توفير التمويل الكافي للخدمات العامة التي تقدمها الأونروا كي لا تتعرض حقوق وحياة ومستقبل ملايين اللاجئين للخطر.
وأعرب لازاريني عن الأمل في أن يمثل قرار مجلس الأمن الأخير رقم 2803 بشأن غزة، خطوة نحو تحقيق السلام الدائم واحترام حقوق الإنسان.
الطائرة رقم 1000 تهبط في مطار بن غوريون محملّة بالأسلحة!
أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، أن الطائرة رقم 1000، ضمن «الجسر الجوي» الذي أُطلق منذ بداية العدوان على غزة، هبطت في مطار بن غوريون، قرب تل أبيب، في إطار ما وصفتها بأنها «أكبر عملية نقل جوي للأسلحة والعتاد في تاريخ إسرائيل».
وقالت الوزارة، في بيان، إن الطائرة، التابعة لشركة «تشالنغ يسرائيل»، وصلت مُحمَّلة بـ«كميات كبيرة من المعدات العسكرية».
واكتفى البيان بتقديم معطيات عامة حول حجم الشحنات، دون توضيح طبيعة الأسلحة أو الجهات المورّدة لها بالتفصيل، رغم الإشارة إلى دور بعثات المشتريات التابعة لوزارة الدفاع في الولايات المتحدة وألمانيا.
وأشار إلى أن وزارة الأمن تقود، منذ اندلاع الحرب على غزة، عملية لوجيستية «عابرة للقارات» تهدف إلى توفير «دعم كامل» لاحتياجات الجيش الحالية والمستقبلية، وهي عملية تقول إنها تُنفَّذ «بحجم غير مسبوق منذ قيام إسرائيل».
وأشار البيان إلى أنه جرى، حتى الآن، نقل «أكثر من 120 ألف طن من المعدات العسكرية، والذخائر، ووسائل القتال، ووسائل الحماية والدفاع»، عبر «1000 طائرة، ونحو 150 شحنة بحرية».
وقالت الوزارة إن المعدات تشمل «ذخائر متقدمة، وأسلحة، ومركبات مصفحة، ومعدات طبية، ومنظومات اتصال، وتجهيزات حماية شخصية»، مشدَّدة على أن الجسرين الجوي والبحري يشكلان «عنصراً حاسماً» في ضمان استمرارية عمل الأجهزة الأمنية، وتجديد المخزون لحالات الطوارئ، وتوفير «استجابة سريعة» لاحتياجات الوحدات المقاتلة في مختلف الجبهات.
ويأتي الجزء الأكبر من الواردات العسكرية، التي تصل إلى إسرائيل خلال الحرب، من الولايات المتحدة ودول أوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، وفق البيانات المنشورة، على مدار عامين، خلال حرب الإبادة على غزة.
الاتحاد الأوروبي يتعهّد بتقديم 88 مليون يورو للسلطة الفلسطينية
تعهّد الاتحاد الأوروبي، اليوم، بتوفير نحو 88 مليون يورو لمساعدة السلطة الفلسطينية التي تتعرّض لضغوط أوروبية لإجراء إصلاحات، وسط قلق بشأن دورها المقبل في خطة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الخاصة بقطاع غزة.
وقالت مفوّضة الاتحاد الأوروبي لشؤون البحر الأبيض المتوسط، دوبرافكا سويكا، بعد مؤتمرٍ للمانحين في بروكسل: «وقّعنا أكثر من 82 مليون يورو، تُضاف إلى ستة ملايين يورو سبق الإعلان عنها».
وأشارت سويكا إلى أنّ «كلّ دعمنا للسلطة الفلسطينية مرتبط بالجهود الرامية إلى تنفيذ برنامج الإصلاح».

مصطفى: سنقود إعادة إعمار غزة
من جهته، قال رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى: «عرضنا اليوم التقدّم الذي أحرزناه في إطار برنامجنا الإصلاحي الوطني الذي يتمّ تنفيذه، وهو ليس مجرد وعود، بل يُنفَّذ قبل الموعد المحدّد، وهو ما أقرّ به شركاؤنا».
وأضاف أنّ ذلك يأتي «رغم البيئة غير المواتية»، متّهماً إسرائيل بالسعي إلى «إضعاف السلطة الفلسطينية وقدرتها على العمل».
وأكدت سويكا، في هذا السياق، الدعوات التي وجّهها الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل للإفراج عن عائدات الضرائب المستحقّة للسلطة الفلسطينية، والتي تُعدّ أساسية لعملها، مشدّدة على أنّ «هذا ما قاله جميع المشاركين».
وفي ما يتعلّق بغزة، أشار مصطفى إلى أنّ لدى السلطة الفلسطينية خطة مدعومة من الدول العربية لإعادة إعمار القطاع، قائلاً: «سنحكم، وسنُصلح، وسنقود إعادة إعمار غزة».
واجتمع في بروكسل نحو ستين وفداً، من بينها الدول الأعضاء السبع والعشرون في الاتحاد الأوروبي، ودول عربية، والعديد من المنظمات الدولية، في غياب إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أنّ الاتحاد الأوروبي هو الداعم المالي الرئيسي للسلطة الفلسطينية. ومع ذلك، فهو يشترط، لأيّ مساعدة مستقبلية، إجراء إصلاحات يراها ضرورية لتمكين السلطة من أداء دورها على أكمل وجه، في إطار حلّ الدولتين الذي يتبنّاه منذ سنوات.
مؤسسات الأسرى: الاحتلال يمارس تدميرًا جسديًا ونفسيًا ممنهجًا بحقّ الأطفال المعتقلين
أكدت مؤسسات الأسرى الفلسطينية، في تقرير مشترك بمناسبة يوم الطفل العالمي، أن منظومة الاحتلال الإسرائيلي تمارس "عمليات تدمير جسدية ونفسية" بحقّ الأسرى الأطفال، مؤكدة استشهاد طفل أسير جوعًا منذ بدء حرب الإبادة، واعتقال أكثر من 1,630 طفلًا وطفلة من الضفة الغربية، إضافة إلى عشرات الأطفال من غزة.
وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، ونادي الأسير الفلسطيني، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان، إن الطفل الفلسطيني كان ولا يزال من أكثر الفئات تعرضًا للانتهاكات الإسرائيلية، سواء عبر القتل والإصابة، أو الحرمان من التعليم، أو الاقتحامات الليلية، أو الاعتقال الذي طال عشرات الآلاف من القاصرين منذ بداية الاحتلال.
وأوضح التقرير أن الطفل الفلسطيني "لم يكن يومًا بمنأى عن سياسات القمع، بل كان دائمًا في قلب المواجهة"، وأنه يدفع ثمن وجوده في واقع خاضع لسيطرة استعمارية لا تفرّق بين كبير وصغير.
وأضاف أن ما جرى منذ بدء حرب الإبادة شكّل نقطة تحوّل خطيرة وغير مسبوقة، حيث انتقل الاحتلال من مستوى متواصل من الانتهاكات إلى "مستوى تصاعدي ومنهجي يستهدف الطفولة بكثافة أكبر"، في سياق حرب أدت إلى مقتل عشرات الآلاف من الأطفال الفلسطينيين، وامتدت إلى داخل السجون عبر ملفات الأسرى الأطفال.
وأشار إلى أن المؤسسات الحقوقية سجّلت، منذ اندلاع الحرب، أكثر من 1,630 حالة اعتقال لأطفال في الضفة بما فيها القدس خلال فترة زمنية قصيرة، بالإضافة إلى عشرات الأطفال من غزة الذين تم اعتقالهم أثناء الحرب، ومورس بحقهم "جرائم منظمة" و"إخفاء قسري" ومنع من الزيارات، بما حال دون معرفة أعدادهم الدقيقة. وترى المؤسسات أن هذه المعطيات "توضح حجم التصعيد واتساع دائرة الاستهداف للأطفال".
وأكدت أن الأطفال لم يُعتقلوا في سياقات معزولة أو وفق إجراءات قانونية، بل جرى اقتيادهم بعد عمليات اقتحام للمنازل، أو خلال المواجهات، أو من الحواجز والشوارع، أو حتى من المدارس ومحيطها.
وبحسب المعطيات الواردة في التقرير، يقبع اليوم داخل سجون الاحتلال نحو 350 طفلًا معتقلًا، بينهم طفلتان، في ظروف تتعارض مع المعايير الدولية الخاصة بحماية القاصرين، حيث يواجهون "جرائم التعذيب، والتجويع، والجرائم الطبية، وعمليات السلب والحرمان الممنهجة، إضافة إلى العزل الجماعي".
وأشارت المؤسسات إلى أن الأطفال الأسرى كانوا جزءًا مباشرًا من السياسات الانتقامية التي صعّدها الاحتلال داخل السجون بعد حرب الإبادة، إذ تؤكد شهادات لأطفال محرَّرين أن سلطات الاحتلال تعمّدت منذ الساعات الأولى عزلهم بالكامل عن باقي الأقسام، وأن عشرات الشهادات وثّقت تعرّضهم للضرب المبرح والإيذاء المباشر خلال فترات احتجازهم، في ظل ظروف قاسية ومهينة.
وأوضحت أن "الغالبية الساحقة من الأطفال المعتقلين واجهوا شكلاً واحدًا على الأقل من التعذيب الجسدي أو النفسي"، ضمن منظومة مدروسة من الانتهاكات، قالت إنها تتعارض بشكل صارخ مع القانون الدولي والأعراف الإنسانية وكافة الاتفاقيات الخاصة بحماية الطفل وحقوقه.
وترى المؤسسات أن طبيعة الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال منذ لحظة الاعتقال الأولى تُظهر أن الاحتلال يتعامل معهم بوصفهم "خطرًا أمنيًا" لا أطفالًا يحتاجون إلى حماية ورعاية؛ فمن العنف أثناء الاقتحام، إلى التقييد المفرط، إلى النقل القاسي داخل "البوسطات"، ثم التحقيق دون حضور محامٍ أو أحد أفراد العائلة، وصولًا إلى الزنازين المكتظة، وغياب الرعاية الصحية، ومنع الزيارات، وحرمانهم من التعليم.
وأشارت إلى أن هذه الإجراءات لم تكن جديدة بالكامل، لكنها "بعد حرب الإبادة أصبحت أشد قسوة، وأكثر اتساعًا، وأعمق أثرًا على حياة الأطفال المعتقلين".

لحظات الاعتقال الأولى
وشرح التقرير تفاصيل "لحظات الاعتقال الأولى"، موضحًا أنها تبدأ في غالب الأحيان في ساعات الفجر الأولى، حين تقتحم قوات الاحتلال المنازل بلا إنذار، لتستيقظ العائلات على أصوات الانفجارات، وتحطيم الأبواب، وصرخات الجنود.
ووصف المشهد قائلاً إن الأطفال يجدون أنفسهم فجأة أمام واقع مرعب يفوق قدرتهم على الفهم، حيث يُفرض عليهم النهوض فورًا، غالبًا بملابس النوم، ويُجبرون على الوقوف في صمت أو الجلوس على الأرض لساعات، بينما تُصادر الوثائق الشخصية والهواتف، ويُبلغ الطفل وعائلته بقرار الاعتقال دون تفسير واضح أو تهمة محددة.
وأشار إلى أن الأطفال المصابين أو المرضى يُحرمون في كثير من الحالات من الحصول على أدويتهم أو تلقي الرعاية الطبية الضرورية إلا بعد وقت طويل.
وبعد ذلك، يُنقل الأطفال إلى خارج المنزل نحو الجيبات العسكرية، حيث يُقيّدون بالأصفاد ويُمنعون من الحركة أو الكلام، مع تعرّض بعضهم للضرب أو الركل أثناء نقلهم لمسافات طويلة بين نقاط التفتيش والمراكز العسكرية، لتبدأ مرحلة أولى من الإخفاء القسري، تُحرم فيها العائلة من معرفة مكان وجود الطفل أو حالته، كما حدث مع عشرات الأطفال في غزة.

التحقيق... مساحة لانتهاكات متواصلة
وخصّت المؤسسات مرحلة التحقيق بوصفها "واحدة من أكثر المراحل قسوة" في تجربة اعتقال الأطفال، حيث تُدار في بيئة تهدف إلى كسر إرادتهم وانتزاع اعترافات منهم.
وأوضحت أن الأطفال يُحتجزون في ظروف تفتقر لأدنى مقومات الحياة، ويُخضعون لساعات طويلة من الاستجواب المتواصل من دون حضور ذويهم أو محامٍ، وتشير الشهادات التي وثّقتها المؤسسات إلى استغلال هذه المرحلة لترهيب الطفل نفسيًا ودفعه للاعتراف تحت وطأة العزل والخوف.
وخلال فترة التحقيق، يُنقل الأطفال إلى غرف مغلقة وقاسية، ويحرمون من النوم والراحة، ويتعرضون لضغوط متواصلة، في واقع "يتجاهل بشكل كامل خصوصية الطفل القانونية وحقه في المعاملة الإنسانية"، لتتحول فترة التحقيق من إجراء قانوني إلى "مساحة انتهاك ممنهج تترك آثارًا عميقة على الأطفال ومستقبلهم".

حياة قاسية داخل السجون وجرائم طبية وتجويع
وتناولت المؤسسات الحياة اليومية للأطفال داخل السجون، واصفة إياها بأنها "منظومة قمعية سالبة للطفولة، ازدادت حدّة بعد حرب الإبادة"، حيث يعيش الأطفال في غرف مكتظة ورديئة التهوية، بملابس قليلة وأغطية مهترئة، مع تقييد شبه كامل لحركتهم داخل الأقسام.
وأشارت إلى مصادرة أدواتهم الشخصية، وحرمانهم شبه التام من التواصل مع عائلاتهم عبر الزيارات أو الاتصالات، ما يعمّق عزلتهم عن العالم الخارجي، ويتركهم في مواجهة ظروف قاسية دون أي دعم نفسي أو عائلي، بالإضافة إلى الاقتحامات وعمليات القمع المتكررة داخل الغرف عبر قوات خاصة.
وعلى صعيد الرعاية الصحية، أكدت المؤسسات تصاعد "الجرائم الطبية" بحق الأطفال منذ بدء حرب الإبادة، في ظل حرمان الأسرى من أدوات النظافة، ما أدى إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية، وعلى رأسها "السكابيوس" (الجرب) نتيجة الاكتظاظ وغياب النظافة.
وأضافت أن هذا الواقع يترافق مع "حرمان كلي من العلاج أو تأخيره، والاكتفاء بمسكنات لا تلائم الأوضاع الصحية، ورفض نقل الحالات المتدهورة إلى المستشفيات"، إلى جانب "جريمة التجويع" التي أثرت بشكل كبير على حالتهم الصحية وتسببت بأمراض خطيرة.

قضية الشهيد الطفل الأسير وليد خالد أحمد
وتوقفت المؤسسات عند حالة الطفل الأسير الشهيد وليد خالد أحمد من بلدة سلواد/رام الله، الذي استشهد في سجن "مجدو" في آذار/مارس 2025 "جرّاء الجوع"، إلى جانب سياسات الحرمان والتنكيل، مشيرًا إلى أنه واحد من عشرات الأسرى والمعتقلين الذين ارتقوا بعد حرب الإبادة نتيجة جرائم التعذيب والتجويع.
واستندت مؤسسات الأسرى إلى تقرير التشريح الذي صدر بعد استشهاده، والذي أظهر، وفق التقرير، "وجود انتفاخ هوائي وتكتلات هوائية كثيفة تمتد إلى غشاء القلب والرقبة وجدار الصدر والبطن والأمعاء، إلى جانب ضمور شديد وبطن غائر وغياب تام لكتلة العضلات والدهون تحت الجلد في الجزء العلوي من الجسم والأطراف".
كما أشار التقرير إلى "بقع عديدة من الطفح الجلدي الناتج عن الجرب، وتحديدًا على الأطراف السفلية ومناطق أخرى من جسده"، مؤكّدًا أن جريمة التجويع، بما فيها الجفاف الناتج عن قلة تناول الماء وفقدان السوائل بسبب الإسهال الناتج عن التهاب القولون، إضافة إلى الالتهاب في الأنسجة منتصف الصدر بسبب الانتفاخ الهوائي، كلها أسباب مجتمعة أدّت إلى استشهاده.

أطفال غزة الأسرى... بين الإخفاء القسري والتعذيب
وفي ما يخص أطفال غزة، ذكرت المؤسسات أن حملات الاعتقال التي رافقت حرب الإبادة طالت عشرات الأطفال، غير أن جريمة الإخفاء القسري والقيود على الزيارات حالت دون معرفة العدد الدقيق لهم داخل السجون والمعسكرات التابعة للجيش.
وأشارت إلى أن شهادات وإفادات الأطفال من معتقلي غزة "فاقت القدرة على التصور" نتيجة "جرائم التعذيب الممنهجة، واستخدامهم دروعًا بشرية خلال عمليات الاعتقال، والتعرض لجرائم طبية، والتجويع، والعزل الجماعي، والاعتداءات الممنهجة، وعمليات القمع والاقتحامات".
وأضافت أن جزءًا من هؤلاء الأطفال جرى تحويلهم إلى ما يسمى "مقاتلين غير شرعيين"، وهو القانون الذي استخدمته سلطات الاحتلال بحق معتقلي غزة المدنيين، واعتبرت أنه "ساهم في ترسيخ جرائم التعذيب الممنهجة التي أدت إلى استشهاد العشرات من معتقلي غزة".

الاعتقال الإداري… أداة مفتوحة ضد الأطفال
وتناول التقرير سياسة الاعتقال الإداري، واصفًا إياها بأنها "أحد أكثر الأدوات القمعية" التي يستخدمها الاحتلال بحق الفلسطينيين، وخصوصًا الأطفال، "دون توجيه تهم واضحة أو محاكمات عادلة، تحت ذريعة الملف السري".
وأوضح أن هذا الإجراء شكّل لسنوات تهديدًا دائمًا للأطفال، لكن حدّته وتصاعده برزا بشكل أوضح بعد الحرب، إذ اتجهت سلطات الاحتلال إلى توسعة العمل بالاعتقال الإداري بحق القاصرين، واستخدمته كأداة "عقابية وانتقامية".
وأشار إلى أن هذا التوسع يعكس "نهجًا منظمًا يستهدف الطفولة الفلسطينية، ويجرّد الأطفال من أي حماية قانونية، في انتهاك صارخ للمعايير الدولية التي تحظر استخدام الاعتقال الإداري إلا في أضيق الظروف الاستثنائية".
وبحسب المعطيات التي أوردها التقرير، تضاعفت أعداد الأطفال المعتقلين إداريًا، إذ تجاوز العدد أكثر من 90 طفلًا يقبعون خلف القضبان دون لوائح اتهام، في سابقة وصفها بأنها "الأخطر منذ بدء العمل بهذه السياسة".
ويعيش هؤلاء الأطفال في ظروف احتجاز قاسية، يُحرمون خلالها من حق الدفاع عن أنفسهم، ويتعرضون لقرارات تمديد متكررة تجعل من الاعتقال الإداري "حالة احتجاز مفتوحة بلا سقف زمني"، بما يحوّله من إجراء استثنائي إلى "سياسة ثابتة تستهدف الجيل الفلسطيني"، وفق التقرير.

شهادات قاسية… تجارب الأطفال داخل السجون
وتضمّن التقرير شهادات مفصّلة لأطفال مرّوا بتجربة الاعتقال. فقد نقل عن الطفل م.ك (17 عامًا)، الذي اعتُقل من خط البحر – نتساريم بينما كان نازحًا عند حاجز عسكري، قوله: "أوقفني الجنود وأجبروني على خلع ملابسي وبقيت بالملابس الداخلية فقط، ثم حققوا معي واقفًا لمدة ثلاث ساعات قبل أن يكلّبشوا يديّ بالمرابط البلاستيكية ويضعوا الغمّامة على عيني".
وأضاف أنه نُقل أولًا إلى معسكر "سديه تيمان" ثم إلى سجن "عوفر"، حيث بقي ستة أشهر "ننام ونستيقظ ونحن مقيدون داخل الغرفة، ولا نفك القيود إلا وقت الاستحمام، مع أننا كنّا نُحرم من الحمام أحيانًا لأسابيع"، مشيرًا إلى عدم توفر الملابس الكافية، وغياب الأغطية المناسبة، وسوء الطعام الذي اقتصر على كميات قليلة من التوست والجبن أو الأرز طوال اليوم.
وتابع أن "القمع في سجن مجدو كان شبه يومي؛ يقتحمون الغرف بالكلاب والعصي ويضربوننا بالقشاط ويطلقون قنابل الصوت والغاز، ويضعون كل شبل في الزاوية لربع ساعة من الضرب المتواصل"، مؤكّدًا أنه لم يُقدّم لهم أي علاج حقيقي، وأن كل شيء "يُداوى بالأكمول"، حتى في الحالات الخطيرة، وأنه في طريق الإفراج عنهم، جرى إبقاؤهم ساعات طويلة في الباصات مقيدين ومن دون طعام وسط البرد والمطر.
كما أورد التقرير شهادة الطفل ي.ح (17 عامًا)، الذي اعتُقل في تموز/يوليو 2024 من منزل عائلته، وقال إنه تعرّض للضرب المبرح عند الاعتقال، وإن آثار الكدمات ما زالت ظاهرة حتى تاريخ الزيارة.
وذكر أنه لا يُسمح لهم بتلقي العلاج، وروى حادثة رفض إدارة السجن نقل طفل مريض إلى العيادة رغم معاناته من مشاكل في الحلق والتنفس، ورغم مطالبة زملائه مرارًا بإخراجه، قبل أن يلجؤوا إلى الطرق على الجدران والأبواب والصراخ لمطالبة الإدارة بالتدخل.
وأشار الطفل إلى أنه كان يعالج أسنانه قبل الاعتقال، وأن عددًا من الطواحين كانت تحتوي على "غرز"، وطالب لفترة تزيد عن شهرين بفكها "ولكن دون جدوى"، ما اضطره إلى فكها بمساعدة أسرى آخرين بشكل بدائي داخل السجن، لافتًا إلى أن العديد من الأسرى الأطفال يعانون من مرض الجرب ولا يتلقون العلاج.
كما عرض التقرير شهادة الطفل ص.ر (15 عامًا)، الذي اعتُقل خلال إخلاء حي السلطان في رفح، وقال إنه استُخدم منذ اللحظة الأولى "درعًا بشريًا" في عمليات الاقتحام والتمشيط، وتعرّض لضرب يومي وتكبيل وتعصيب مستمر، واحتجاز داخل منازل مدمّرة، قبل أن يُجبر على تنفيذ مهام خطرة داخل مناطق قتال لمدة 48 يومًا.
وبحسب الشهادة، أُجبر الطفل على نقل أوامر الإخلاء للسكان، ثم وضع على دبابة عسكرية ونُقل إلى منطقة الشابورة، حيث احتُجز في منزلين متتاليين لمدة عشرة أيام وهو مكبّل اليدين والقدمين ومعصوب العينين، وتعرّض خلالها لضرب ممنهج كل صباح.
وبعد عشرة أيام، بدأ الاحتلال بإجباره على دخول البيوت قبل القوات لإجراء "تمشيط"، بينما يختبئ الجنود خلفه على مسافة نحو 30 مترًا، بعد أن ألبسوه "زيًا عسكريًا" بلون زيتي، ما جعله في مواجهة مباشرة مع المخاطر، التي شملت هدم منزل فوقه بالجرافة من دون أن يعلم السائق بوجوده داخله، وإطلاق رشقات من دبابة أصابت المنزل الذي كان فيه.
وأفاد الطفل بأن هذا الوضع استمر 48 يومًا، كان خلالها يتعرض للعقاب والضرب كلما رفض دخول المنازل، وأنه في الأيام الخمسة الأخيرة احتُجز في غرفة مغلقة دون السماح له بالتحدث مع أحد، قبل أن يُفرج عنه بطريقة تعسفية، عبر إجباره على السير وحيدًا مسافة كيلومترين في منطقة عسكرية، مسترشدًا بـ"خريطة" وإضاءة بعيدة، تحت تهديد القتل إن لم يمتثل للأوامر، إلى أن وصل منزل عمه حيث وجد والده وجدّه.

دعوة لمحاسبة الاحتلال ووقف حرب الإبادة ضد الأطفال
وختمت مؤسسات الأسرى تقريرها بالإشارة إلى التناقض بين احتفال العالم بيوم الطفل العالمي والإنجازات التي يحققها الأطفال في مختلف مجالات الحياة، وبين واقع أطفال فلسطين الذين يواجهون "آلة قمعية تستهدفهم وتنتهك حقوقهم وكرامتهم الإنسانية"، عبر اعتقالهم في سن مبكرة ومحاكمتهم أمام محاكم عسكرية "تنتهك فيها أبسط ضمانات المحاكمة العادلة وتفرض عليهم عقوبات قاسية".
ومع استمرار ما وصفته بـ"حرب الإبادة الجماعية" بحق الشعب الفلسطيني، رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار، وفي ظل ما عدّته انتهاكًا متواصلًا لحقوق الأطفال وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحقهم، طالبت مؤسسات الأسرى الدول الأطراف الثالثة بإلزام دولة الاحتلال بوقف حرب الإبادة التي "تتخذ وجوهًا عدة"، ووقف كافة الجرائم المرتكبة بحق الأطفال بشكل فوري.
ودعت إلى احترام وتطبيق الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية باعتبار الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني، وإلى "مقاطعة هذا الاحتلال بشكل كامل وفرض العقوبات عليه ومحاسبته عن كل جرائمه".
الضمير: أطفال غزة يعيشون أصعب الظروف الإنسانية والكارثية التي شهدها العالم
قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إن أطفال غزة يعيشون أصعب الظروف الإنسانية والكارثية التي شهدها العالم في العصر الحديث في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للطفل في ال 20 من تشرين ثاني من كل عام بيوم الطفل والذي يمثل اليوم الذي أقرت فيه الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في العام 1989م والتي تؤكد على كافة حقوق الطفل وأهمها الحق في الحياة والرعاية الصحية الجيدة والتغذية والتربية والحماية.
وأشارت المؤسسة في بيان صدر عنها أمس، إلى أن الاحتلال ما زال يمعن في انتهاك حقوق أطفال فلسطين في تحدي صريح لهذه الاتفاقية ولكل ما تشتمل عليه من حقوق خاصة وملزم للأطفال من كافة الدول والحكومات.
أضاف البيان: يمر اليوم العالمي للطفل في وقت يعيش فيه أطفال قطاع غزة بأصعب الظروف الإنسانية والكارثية التي شهدها العالم في العصر الحديث فقد تعرض الأطفال خلال عامين من حرب الإبادة الجماعية للحرمان من أبسط الحقوق الأساسية المكفولة لهم بموجب القانون الدولي الإنساني، واتفاقية حقوق الطفل، وكافة المواثيق الدولية ذات الصلة.
ووفقاً للإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة فقد بلغ عدد الشهداء الأطفال 16,503 طفل، في إحصائية صادمة تجسد حجم الاستهداف المباشر والممنهج لأضعف فئات المجتمع وأكثرها براءة، من بينهم اطفال رضع "أقل من عام" 916 شهيدا، كما توفوا بسبب سوء التغذية 80 طفلًا" ، كما تشير تقارير من وكالة الأونروا بأن حوالي 55,000 طفل دون الخامسة في غزة يعانون من سوء تغذية، بينهم حوالي 12,800 حالة مصنفين ضمن المرحلة الخطيرة .
وبالإشارة فقد اعتقلت سلطات الاحتلال خلال حرب الإبادة الجماعية نحو 20 ألف معتقل ، بينهم أكثر من 1630 طفل ، وما زال 350 طفل رهن الاعتقال في السجون الاسرائيلية، تعرضوا خلال مراحل الاعتقال لأبشع صور التعذيب الجسدي والنفسي ومعاملة القاسية في ظروف لا إنسانية.
وعبرت المؤسسة في هذا اليوم عن تضامنها الكامل مع الأطفال، مؤكدةً على استمرار جهودها في حماية الأطفال والدفاع عن حقوقهم، وعليه فإن مؤسسة الضمير تطالب مجلس الأمن الدولي والأطراف السامية الموقعة على اتفاقيات جنيف والمقرر الخاص لحقوق الإنسان، والمقر الخاص المعني بالحق بالتعليم والمقرر الخاص المعني بالحق في الصحة، ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة الصليب الأحمر الدولي، والمؤسسات الحكومية والغير حكومية، بضرورة القيام بواجباتهم الإنسانية والأخلاقية وإجبار حكومة الاحتلال على وقف الجرائم والاعتداءات على الأطفال الفلسطينيين.
يصادف اليوم الجمعة ذكرى استشهاد الشيخ المجاهد عز الدين القسام، أثناء تأديته واجبه  في مقاومة السلطة الانتدابية البريطانية.
ولد الشيخ محمد عز الدين القسام المشهور (بعز الدين القسام) في بلدة جبلة السورية بالقرب من اللاذقية سنة 1871 وكان منذ صغره يميل إلى العزلة والتفكير، وفي شبابه رحل إلى مصر ودرس في الأزهر وكان من عداد تلاميذ الشيخ محمد عبده. ولما عاد إلى سوريا عمل مدرسا في جامع السلطان إبراهيم وفي سنة 1920 عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شارك القسام في الثورة، فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء، فرفض ذلك وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السوري العرفي بالإعدام، حيث اضطر للجوء إلى مدينة حيفا في 5 شباط 1922 ولجأ معه من رفاق الجهاد والمقاومة الشيخ محمد الحنفي والشيخ علي الحاج عبيد وحتى سنة 1935 لم يكن سكان حيفا يعرفون عن عز الدين القسام سوى أنه واعظ ديني ومرشد ورئيس جمعية الشبان المسلمين في مدينة حيفا وكان بنظرهم شيخا محمود السيرة في تقواه وصدقه ووطنيته كما كانت منطقة الشمال تعرفه إماما وخطيبا بارعا ومأذونا شرعيا وما جاء يوم العشرين من تشرين الثاني "نوفمبر" سنة 1935 حتى أضحى القسام علما من أعلام الجهاد والمقاومة يتردد اسمه في بلاد فلسطين كلها.
استشهد القسام مع بعض رفاقه وهو يؤدي واجبه في مقاومة السلطة الانتدابية البريطانية باصطدام مسلح، وهكذا أخلص القسام للثورة التي بدأها وما كان ليرضيه أنه البادئ بالثورة وإنما هي الثورة التي خطط لها وكانت العناوين البارزة في الصحف (معركة هائلة بين عصبة الثائرين والبوليس) و (حادث مريع هز فلسطين من أقصاها إلى أقصاها).
وعلم الشعب لأول مرة أن الشيخ القسام كان قد اعتصم مع إخوانه في أحراش قرية يعبد وكانوا مسلحين ولا يهابون خطر المجابهة مع قوات الاستعمار البريطاني ولا عواقبها، إلا أن هذه القوات كانت قد أعدت قوة هائلة تفوق عدد الثوار بمئات المرات وكان كقطيع كبير من الجيش مصمما على القضاء على هذه المجموعة من الثوار، فلذلك أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضع البوليس العربي في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم يليه القوات الإنكليزية، لتبدأ المعركة وتستمر لستة ساعات، كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للقوات المهاجمة موقع الثوار وقوتهم، حيث أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه الذين معه وهم يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وأُلقى القبض على الباقين من الجرحى والمصابين.
وبعد معركة يعبد التي جرت بتاريخ 20/11/1935، بعشرين يوما انتهز الوطنيون مناسبة ذكرى احتلال  القدس  وأقاموا اجتماعا كبيرا في يافا في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1935 اتخذوا فيه قرارات بالثناء على القسام ورفاقه المجاهدين وحث الشعب على المضي على طريقهم الذي للثورة ضد الاستعمار والصهيونية وأهدافهم في الاستيلاء على فلسطين.
«الشاباك» وجيش الاحتلال يؤيدان قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين
ادعى رئيس «الشاباك»، دافيد زيني، خلال اجتماع الكابينيت السياسي – الأمني، أن سن قانون إعدام أسرى فلسطينيين سيؤدي إلى «ردع»، وذلك على خلفية إجراء سن مشروع كهذا بالقراءتين الثانية والثالثة، وبادر إليه وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير.
وخلال اجتماع الكابينيت، قال زيني إن «هذه أداة رادعة للغاية. ولن أدخل إلى اعتبارات سياسية أو قانونية لكن بالنسبة لنا هذه أداة رادعة للغاية»، حسبما نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية.
وأبلغ زيني الحكومة، مؤخراً، بأن «الشاباك يؤيد قانون إعدام أسرى فلسطينيين»، فيما كان رؤساء «الشاباك» السابقين يعارضون قانوناً كهذا طوال السنين الماضية.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية زعمها أن سبب تغيير موقف الشاباك لا يتعلق بتغيير رئيسه، وإنما «بتغير الواقع الأمني»، وادعوا أن «معارضة عقوبة الإعدام كانت تنبع من تخوف من قتل أسرى إسرائيليين انتقاماً لإعدامات في إسرائيل».
واستطرد المصدر الأمني: «والآن، فيما لا يوجد بأيدي حماس رهائن أحياء، لا مانع من دفع قانون يردع المخربين من العمل».
ولفتت الصحيفة إلى أن «الشاباك» والجيش الإسرائيلي عارضا مشاريع قوانين مشابهة طوال عشرات السنين، قبل أحداث 7 أكتوبر العام 2023.
ووفق المصدر فإن مندوب الجيش قال في اجتماع الكابينيت إنه «لا مانع من دفع قانون عقوبة الإعدام، لكن الجيش يؤيد إدخال ترجيح الرأي بأن لا تكون العقوبة إلزامية».
بدوره، قال بن غفير أن «هذه العقوبة يجب أنّ تكون إلزامية، لأن جميعنا يعلم أن المستشارة القضائية للحكومة والنيابة العامة لن يطلبا عقوبة إعدام، وحتى إذا طلبنا منهم فسيقولون لنا إنه ممنوع التدخل في سياسة العقوبة».
الجبهة الشعبية: الضفة على أبواب انتفاضة ثالثة.. والغضب الفلسطيني المتراكم سينفجر حمماً في وجه الاحتلال
أكدت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن الانفجار وشيك في الضفة المحتلة، وأن اندلاع انتفاضة ثالثة شاملة بات أقرب من أي وقت مضى.
وشددت الجبهة في تصريح صحفي على أن جريمة إعدام الفتى عمرو المربوع والطفل سامي مشايخ في كفر عقب فجر اليوم الجمعة، وما يرافقها من استباحة للدماء الفلسطينية وإطلاق العنان لعصابات المستوطنين للقتل والتخريب في عموم الضفة، هي الشعلة التي ستحرق ما تبقّى من أوهام الهدوء، وأن الغضب الفلسطيني المتراكم سينفجر حمماً في وجه الاحتلال.
وأوضحت الجبهة أن شعبنا يواجه كياناً مسخاً، تقوده منظومة إجرامية شاذة تمزج بين جنون العظمة وسادية التلذذ بالدماء؛ إذ تكشف ممارسات الحرق والتدمير واستهداف المدنيين عن عقيدة عنصرية وفاشية متأصلة، وتركيبة نفسية مريضة لمجموعة من القتلة والمختلين الذين يمتهنون الإجرام كطبيعة بشرية مشوهة.
كما شددت الجبهة على أن شعبنا لن يقف مكتوف الأيدي أمام هذه السادية الإجرامية، ولن يركع أمام إرهاب الدولة المنظم؛ وواهمٌ الاحتلال إن ظن أن تصعيد الجرائم سيجلب الهدوء، بل سيكون الوقود الذي سيفجّر طاقةً ثوريةً هائلة تفرض المواجهة الشاملة، وتُحوّل الضفة إلى ساحة استنزافٍ للعدو وقطعان مستوطنيه.
وفي ختام تصريحها، وجهت الجبهة رسالة تحذيرٍ للعالم بأن استمرار هذا الكيان الفاشي بات يُشكّل بؤرةً مركزية للإبادة وخطراً داهماً على البشرية جمعاء، داعيةً القوى الحرة إلى محاصرة هذه المنظومة الإجرامية بالمقاطعة الشاملة ونزع الشرعية عنها، وعدم التعامل مع قادتها كدولة طبيعية بل كعصابة مارقة من القتلة وأعداءٍ للقيم الإنسانية، مؤكدةً أن استقرار المنطقة لا يمر إلا عبر اقتلاع هذا الاحتلال من جذوره.
الدفاع المدني في غزة: سنبدأ السبت تنفيذ المرحلة الأولى من انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض في مخيم المغازي

الدفاع المدني في غزة:
- سنبدأ السبت تنفيذ المرحلة الأولى من انتشال جثامين الشهداء من تحت الأنقاض في مخيم المغازي.
- وصلتنا آلاف المناشدات لعائلات تطالب باستخراج جثامين ذويها، وإنهاء معاناتها المستمرة.
- لا نملك أي معدات ثقيلة لانتشال جثامين الشهداء بعد أن دمر الاحتلال الجزء الأكبر من إمكاناتنا.
- الاحتلال يواصل منع إدخال الآليات الثقيلة الضرورية لعمليات البحث وانتشال الجثامين.
- توفير مختبرات لفحص الحمض النووي أصبح مطلبا إنسانيا عاجلا، للتعرف على هوية الشهداء.
وفد فلسطيني يزور فرنسا لبحث حظر أنشطة شركات أجنبية في المستوطنات
يعتزم وفد فلسطيني زيارة فرنسا، بمبادرة من منظمة «أوكسفام» غير الحكومية، ضمن مساع لسنّ تشريع يحظر الأنشطة التجارية للشركات الأجنبية في المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن المقرر أن يلتقي الوفد، الذي يضم رجل أعمال وخبيراً اقتصادياً والرئيس التنفيذي لشركة تصدير سلع زراعية، نواباً من حزب «فرنسا الأبية» والحزب الاشتراكي، فضلاً عن مستشار لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الفرنسية، وفق ما أفادت به وكالة «فرانس برس».
تأتي الزيارة بعد نشر 80 منظمة، منها «أوكسفام»، تقريراً، في أيلول الفائت، استنكر استمرار وجود أنشطة تجارية أجنبية في المستوطنات، وهي أنشطة تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية بموجب القانون الدولي. وقد خصت المنظمات غير الحكومية شركات بعينها، مثل شركة «كارفور» الفرنسية للبيع بالتجزئة، وشركة «سيمنز» الصناعية العملاقة.
بعد فرنسا، من المقرر أن يزور الوفد عواصم أوروبية أخرى، من بينها كوبنهاغن وبروكسل وبرلين.
وفي منتصف أيلول الفائت، اقترحت المفوضية الأوروبية زيادة تكلفة بعض الواردات من إسرائيل، وبلغت قيمة الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لها، 15,9 مليار يورو في العام الماضي.
ولن تتأثر سوى 37% من هذه الواردات بالعقوبات المقترحة على الدول الأعضاء، وهي تتركز خصوصاً في قطاع الأغذية الزراعية.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire