مشاريع الطرد والتهجير.. لم يجر التخلي عنها لا في غزة ولا في الضفة الغربية

 

راسم عبيدات

مشاريع الطرد والتهجير والتطهير العرقي لم يسقط، صحيح تحقق التدمير وتعثر التهجير،ولكن يجري العمل عبر الهجمات الوقائية والهجومية وحرب الإستنزاف المستمرة التي تشن على قطاع غزة والضفة الغربية،في ظل التغير البنيوي في العقيدة الأمنية "الإسرائيلية"،التي كانت قائم على الردع المتبادل والإحتواء،والهدف من ذلك تحويل قطاع غزة والضفة الغربية الى بيئة طاردة يستحيل العيش فيها.
ففي القطاع "اسرائيل" بعدما جرى تقسيمه الى منطقتين حمراء تحت سيطرة حماس والمقاومة،ستكون معزولة ولا يجري فيها اعمار او دخول مساعدات انسانية،وخضراء تحت السيطرة الإسرائيلية - الأمريكية، سيتم فيها اعادة اعمار،وبناء مساكن مؤقتة للسكان، وادخال المساعدات الإنسانية، التي ستتولاها مؤسسات مرتبطة بدولة الإحتلال وليس وكالة الغوث واللاجئين " الأونروا"،وهي من ستتحكم بإدخال المساعدات الإنسانية،بحيث تبقي سكان القطاع تحت ضغط الحاجة للحصول على تلك مساعدات،وكذلك في إطار تنفيذ مخطط الطرد والتهجير، اعلنت حكومة الإحتلال عن فتح معبر رفح بأتجاه واحد،خروج للجرحى والمواطنين الفلسطينيين بدون عودة،ودون تنسيق أو اعتبار مع ولمصر،والتي هي واحدة من الدول الراعية للإتفاق ، بالإضافة الى قطر وتركيا وامريكا. 
رغم ان خطة ترامب نصت على فتح المعبر في الإتجاهين،والسماح بخروج الغزين والعودة بدون قيود أو عوائق،ولكن " اسرائيل" تاريخياً لا تلتزم لا باتفاقيات ولا قرارات دولية ،وشعارها كشعار من يقولون" قولوا ما تشاؤون ونحن نفعل ما نشاء" ،وما ينطبق على قطاع غزة ينطبق على الضفة الغربية حيث الحرب المستعرة والمستمرة على شمال الضفة الغربية، تهدف الى اعادة تشكيل واقع الضفة الغربية الجيو سياسي من جديد،امنياً وسياسياً واقتصاديا واجتماعيا وجغرافيا وإدارياً،بما يفكك ويعزل القرى والبلدات الفلسطينية،ويفصل شمال الضفة عن جنوبها ويمنع نشوء اي كيانية فلسطينية تؤدي الى اقامة دولة فلسطينية.
الضفة الغربية الساحة الرئيسية للصراع والحسم مع دولة الإحتلال، تشهد حرب ضم وتهويد غير مسبوقة وبدون إعلان رسمي،مترافقة مع "توحش" و"تغول" اجرامي من قبل المستوطنين بحق شعبنا، ويشارك في هذا الحرب الجيش و" الشاباك" من خلال العمليات الوقائية والهجومية والإستنزاف المستمر والمتواصل،في حين يقوم المستوطنون بدورهم في هذه الحرب ، بشن هجماتهم على القرى والبلدات والمدن والمخيمات الفلسطينية على طول وعرض مساحة الضفة الغربية،اعتداءات جسدية مباشرة،حرق حقول،سرقة محاصيل، حرق ممتلكات ومركبات،قطع طرقات وأشجار،اعتداءات على قاطفي الزيتون،ومنعهم من الوصول الى حقولهم،قطع وتخريب اشجار واشتال الزيتون،تدنيس المساجد وحرق العديد منها،وخط الشعارات العنصرية على جدرانها، وإقامة بؤر استيطانية.
في حين يقوم وزير مالية الإحتلال المتطرف سموتريتش كركن ثالث في هذا العدوان المستمر، عبر مصادرة الأراضي الفلسطينية واقامة المزيد من البؤر الإستيطانية والمستوطنات،ويجري استخدام الإستيطان الرعوي والديني من أجل الإستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي الفلسطينية، وكذلك اقامة جدران عزل وفصل،كما يجري في منطقة الأغوار بالعمل لإقامة جدار للفصل العنصري بطول 22كم وعرض 50متر،بحيث يجري مصادرة كل الأراضي التي تقع في مسار الشارع ومحيطه،وفصل القرى الفلسطينية عن المستوطنات وعزلها في جيوب وخنقها،ومشروع عزل وتفكيك القرى والبلدات الفلسطينية، يأتي في إطار وسياق مشروع استيطاني كامل هدفه أن يضعف من وحدة وتماسك هذه القرى والبلدات الوطني والمجتمعي،ويجعلها قابلة للإنكسار في ظل ضغط وعدوان مستمرين، من أجل دفعها للهجرة الداخلية أولاً ومن ثم الى الخارج لاحقاً ،فيما يبدو الهدف النهائي تثبيت واقع يستبعد إقامة أي كيان فلسطيني سياسي مستقل، مع اختزال الحل في حقوق خدمية وإدارية فقط.
"الهندستين" الجغرافية والديمغرافية في الضفة الغربية مستمرتين،وتحديداً في شمال الضفة الغربية،مدنها ومخيماتها وبلداتها وقراها،حيث عمليات الإقتحام لم تتوقف وتجري على مدار الساعة،القيام بعمليات الإغتيال والإعتقالات والهدم والتدمير لشبكات الكهرباء والماء والصرف الصحي والبنى التحتية،والإستيلاء على المنازل وتحويلها الى مراكز تحقيق ميدانية مؤقتة،وتوسيع الشوارع داخل مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس،وما يترتب عليها من هدم للمنازل،وطرد وتهجير لسكانها،حيث جرى تهجير أكثر من 40 ألف مواطن فلسطيني من تلك المخيمات الثلاثة .
التقارير الصادرة عن هيئة مقاومة الجدار والإستيطان، أشارت الى ارتكاب جيش الإحتلال ومستوطنية خلال الشهر الماضي الى أكثر من 2144 اعتداء،ومحاولة اقامة 19 بؤرة استيطانية جديدة،وهدم 76 منزل ومنشأة في الضفة الغربية،دون القدس التي هدم فيها 29 منزل ومنشأة،وكذلك تم اخطار 51 عائلة بنية الإحتلال هدم منازلها.
هذه القوى الصهيونية التي تتحكم بالقرار السياسي "الإسرائيلي"، تغلق أي أفق سياسي أمام أي مشروع سياسي، ليس فقط مشروع ما يُعرف بـ “حل الدولتين”، بل هي لا تعترف بوجود الشعب الفلسطيني وتُسعى إلى طرده وتهجيره بوسائل الطرد الناعم والعنيف، وبقوانين تُغرق في العنصرية والتطرّف، عبر “قوننة” و“شرعنة” و“دسترة” تلك القوانين.
من خصائص العقيدة الأمنية الجديدة نظرا لانعدام أي أفق سياسي اسرائيلي تجاه أية جبهة وحصريا تجاه الحالة الفلسطينية فإن كل الجهود تتجه الى الحلول التكتيكية العسكرية والأمنيّة الأكثر "توحشاً" و"تغولاُ" وعدوانيةً، ووفقا لعقيدة "اسبارطة العظمى" التي تحدث عنها نتنياهو. ويبدو ان حديث ترامب سابقا عن ضيق حدود اسرائيل هو جزء من عقيدة تتبلور أمنيا.
ومن هذا المنطلق فإن ما نقوله حول عدم التخلي عن مشاريع الطرد والتهجير والتطهير العرقي ،رغم تعثرها عبر صمود فلسطيني اسطوري نجد الإجابة عليها فيما قالته القناة ١٥ الإسرائيلية،حيث كشفت عن خمسة شروط لإعادة سكان مخيمات شمالي الضفة المهجرين منذ بداية العام:
1- شطب مصطلح "لاجئ" من تعريف سكان المخيمات، ومنع المؤسسات الدولية من الدخول إليها، وأن تقدم السلطة الفلسطينية الخدمات اللازمة
2- عودة السكان فقط بعد انتهاء جيش الاحتلال من إعادة هندسة المنطقة
3- أي شق للشوارع يجب أن يكون بتنسيق كامل مع الاحتلال
4- وضع حواجز فلسطينية عند مداخل المخيمات ونشر الشرطة الفلسطينية داخلها
5- إنشاء شبكات مياه وكهرباء.
نتنياهو: سنحتفظ بالسيادة الكاملة من النهر إلى البحر
أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اليوم، أنّ إسرائيل «ستحتفظ بالسيادة الأمنية الكاملة على المنطقة الممتدة من نهر الأردن حتى البحر الأبيض المتوسط».
وشدّد نتنياهو، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، اليوم، على أن «هذا المبدأ سيبقى دائماً»، وعلى أن حكومته «ترى طريقاً لتحقيق سلام أوسع مع الدول العربية»، مشيراً، في الوقت نفسه، إلى «وجود إمكانية للتوصل إلى سلام عملي مع الفلسطينيين».
وفي ما يتعلق بالضفة الغربية، أوضح أن «الضم السياسي لا يزال قيد النقاش، وأن الوضع الراهن سيبقى على حاله في المستقبل المنظور».
وتابع نتنياهو: «ناقشنا كيفية وضع حد لحكم حماس في غزة... لقد أنهينا القسم الأول... ونتوقع بعد ذلك الانتقال قريباً جداً إلى المرحلة الثانية، وهي أكثر صعوبة» وهي تتضمن «تحقيق نزع سلاح حماس وتجريد غزة من السلاح».
وأشار إلى أنه سيلتقي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في وقت لاحق هذا الشهر، لمناقشة «فرص السلام» في المنطقة، لافتاً إلى أن «هناك المرحلة الثالثة، وهي اجتثاث التطرف من غزة، وهو أمر اعتقد الناس أنه مستحيل. لكنه تم في ألمانيا، وتم في اليابان، ويتم في دول الخليج، ويمكن تحقيقه في غزة أيضاً».
بدوره، أكد ميرتس أن العلاقات الدبلوماسية بين ألمانيا وإسرائيل «لا تزال قوية»، محذراً من استخدام الانتقادات لإسرائيل كذريعة لإثارة معاداة السامية.
وقال: «يمكن انتقاد الحكومة الإسرائيلية، وأحياناً ربما يكون ذلك ضرورياً»، مضيفاً أن «العلاقة بين ألمانيا وإسرائيل يمكن أن تتحمل ذلك. لكن يجب ألا يُساء استخدام انتقاد سياسات الحكومة الإسرائيلية كذريعة لمعاداة السامية».
وكان المستشار الألماني قد جدّد تأكيد دعم بلاده لإسرائيل، حيث قال خلال زيارته متحف «ياد فاشيم» في القدس: «هنا، في ياد فاشيم، تتجسّد المسؤولية التاريخية الدائمة لألمانيا بوضوح: إذ يتعيّن على ألمانيا الوقوف إلى جانب وجود إسرائيل وأمنها. وسيظل هذا الأمر حاضراً في العلاقة التي تجمعنا».
وانتقد ميرتس، الذي تقلّد منصبه في أيّار، مراراً الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة التي استمرّت سنتين.
وفي آب، فرض ميرتس حظراً جزئياً على صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل رداً على تكثيفها قصف غزة، لكنه عاود رفع هذا الحظر في نهاية تشرين الثاني بعد إعلان وقف إطلاق النار.
وأمس، دعت قطر ومصر إلى انسحاب القوات الإسرائيلية ونشر قوة استقرار دولية في القطاع، كخطوتين ضروريتين لتنفيذ الاتفاق بشكل كامل.

الأمم المتحدة: لتسريع إيصال المساعدات
إلى ذلك، زار سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، مستودعات الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية في الأردن «لإزالة العقبات البيروقراطية ودفع العمل إلى الأمام»، وفق بيان للسفارة الأميركية في عمّان.
ودشن والتز وولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله «مركز العمليات اللوجستية الجديد للهيئة، الذي يعزّز قدرات الاستجابة الإنسانية ورفع الجاهزية».
وقال عبر منصة «أكس» إن «وقف إطلاق النار أصبح سارياً أخيراً وتم الإفراج عن الرهائن ونحن مستعدون الآن للمضي قدماً نحو إعادة إعمار غزة، وتوفير الأمن، وتقديم الدعم الإنساني اللازم».
وأوضح والتز أن ذلك لا يعني «فقط المساعدات الإنسانية المُنقذة للحياة، بل (ما يلزم) للوصول في نهاية المطاف إلى مرحلة إعادة البناء التي نحتاج إليها بشدة».
أمّ تبحث عن بقايا حياة بعد أن خطفت المجزرة عائلتها
كريمة شهاب

لم تكن نهى شحتو تتوقع أن يتحوّل مساء الخميس إلى نقطة فاصلة في حياتها، دقائق قليلة كانت كافية لتبديل دفء منزلها إلى جحيم، بعدما مزّق صاروخٌ صمت البيت وأحال عائلتها إلى ذكرى معلّقة في الهواء، وبين النار والغبار، وجدت نهى نفسها تحاول الزحف، تجرّ جسدها المصاب، وتبحث بيأس عن أصوات كانت تملأ المكان قبل لحظات.
في ذلك المساء، لم تكن نهى تدرك أن الوجبة التي حضرتها لعائلتها ستكون الأخيرة، عند الخامسة مساءً، سقط الصاروخ في قلب غرفة المعيشة، فقتل الجميع باستثناء طفل واحد علي، الذي قذفه الانفجار إلى سطح الجيران حيث وجد نفسه وحيدًا يواجه الخوف والصدمة.
تقول نهى بصوت لم يهدأ رجفه: "لفّيت البيت كله… مكان ما ظلّ مكانه، كل شيء كان طاير، كانت تلك الكلمات تختصر لحظة انهار فيها كل ما تحتفظ به من حياة.

لحظات قبل أن ينهار كل شيء
تحاول نهى استعادة تلك الثواني الثقيلة: "طلعت أدور على جوزي وبناتي وإخوتي… ما كان في صوت، بس دخان وسواد وصمت يخوّف، ناديت الناس يساعدوني يمكن ألاقي حد عايش."
لكن البحث لم يقدها إلا إلى الحقيقة القاسية بناتها استشهدن، وأقاربها تناثروا بين الركام، وأجساد أحبّتها اختفت تحت الأنقاض، تضيف نهى: "أنا وعلي بس ضلّينا… الباقي راحوا."
وبينما كانت تصعد درجات السلم في محاولة لفهم ما يجري، سمعت صوتًا ضعيفًا يناديها. رفعت رأسها، فرأت علي يلوّح بيده من على سطح منزل الجيران: "يمّا… أنا هون!"، صرخت نهى حينها للناس من حولها: "علي فوق… لسه عايش! خلّصوه بسرعة!"

صوت طفل… يهزّ قلوب الغزيين
انتشر مقطع لعلي وهو يشير بيده طالبًا النجدة، مشهدٌ جسّد حجم الرعب الذي يعيشه أطفال غزة كل يوم، الطفل ذو الأعوام الستة فقد والده وشقيقاته وأبناء عمومته في لحظة واحدة، ونجا ليحمل ذاكرة تفوق طاقة عمره.
وتقول نهى بأسى: "بناتي اتقطعوا… ما عرفنا شو اللي ضرب البيت. الاحتلال دايمًا بلاقي طريقة يقتلنا"، وتتابع: "الأولاد كانوا يشاهدوا كرتون، بثواني السقف وقع فوقهم، الصاروخ نزل في الصالون… المكان اللي كانوا فيه كلهم."
في ذلك الهجوم، قُتل عشرة أطفال، بينهم بنات نهى، وأطفال شقيقيها محمد وأختها، تسأل نهى بحرقة: "شو كان ذنبهم؟ ليش أطفال بهالعمر ينقصفوا؟"

صمود ينتفض من بين الأنقاض
قصة نهى ليست حالة فردية في غزة، لكنها نموذج لامرأة أصابها الموت بكل قوته، ولم يمنعها ذلك من التمسّك بما تبقّى لها، حملت علي بين ذراعيها بعد استخراجِه، وغادرت المنزل الذي تحوّل إلى قبر جماعي، لتبدأ رحلة نزوح جديدة، تضيف نهى: "علي هو اللي ضل إلي… هو الحياة اللي لازم أبدأها من أول وجديد."

نور ضئيل… يفتح باب الغد
اليوم، تجلس نهى قرب خيمتها، تراقب علي وهو يحاول اللعب كأنه يبحث عن مساحة ينسا فيها ما رآه، ورغم الجروح التي لم تلتئم، تبدأ نهى بصنع ملامح حياة جديدة، ولو كانت من خيط رفيع، وتختم نهى : "مهما صار فينا… لازم نرجع نوقف، ما في غير إنو نكمّل."
نهى شحتو ليست مجرد ناجية من القصف؛ إنها أم تمسك بيد طفلها الناجي وباليد الأخرى تمسك بإرادة قوية وعزيمة لا تلين لإعادة بناء حياتها وحياة ابنها من جديد، رغم الحزن الذي يثقل قلبها، ترفض الاستسلام لليأس، وتصر على مواجهة المصاعب والتحديات التي فرضتها عليها الحرب، من أجل أن تمنح طفلها فرصة للحياة الكريمة والأمل بمستقبل أفضل، حتى في ظل واقع صعب مليء بالمخاطر والألم.
موجة استسلام في صفوف العملاء: «جيش لحد» الغزّي لا يُعمِّر
يوسف فارس

غزة | بعد مقتل العميل ياسر أبو شباب، يقف مشروع المجموعات العميلة على أقدام من خشب، ليس فقط لأن نهاية فاتح عهد «الجيش اللحدي» في غزة كانت أسرع ممّا كان مُتوقّعاً ومُخطّطاً له، بل لأن مقتله كشف الرصيد الشعبي الصفري الذي حقّقته تلك المجموعات على مدار أشهر من الاستثمار والتمويل والدعاية. أمّا الشارع الغزاوي الذي تركته الحرب منقسماً حول جدوى عملية «طوفان الأقصى» وما أعقبها من حرب إبادة طاولت الأخضر واليابس، فاجتمع من أقصى شماله إلى أقصى يمينه على أن المصير الذي لقيَه أبو شباب، كان النهاية الحتمية المستَحَقَّة لكلّ مَن يخون وطنه. هكذا، بدا أبو شباب وعملاؤه الذين يحملون اسم «الجيش الشعبي» عُراةً أمام الحقيقة.
يقول محمد حمدونة، وهو نازح من مخيم جباليا إلى غربي مدينة غزة، إن «أبو شباب» لقيَ النهاية الحتمية التي يستحقّها؛ فقد سطع نجمه لصاً يسرق شاحنات المساعدات، وتسبّب بأكبر مجاعة عاشها النازحون في جنوب القطاع ووسطه خلال الحرب، وفي خلال أشهر الفوضى والضياع، ظهر مرتدياً بزّة عسكرية عليها علم فلسطين، ناشطاً إلى جانب جيش الاحتلال، مدّعياً بأنه القوّة التي ستوفّر الحماية لشاحنات المساعدات، كما حاول تعزيز رواية العدو ومزاعمه حول سرقة حركة «حماس» للمساعدات. ويتابع حمدونة في حديثه إلى «الأخبار»: «تَمثّل الفصل الأكثر بشاعة في مسيرة أبو شباب الخيانية القصيرة، في صناعته جيشاً من العملاء للعمل كمرتزقة لدى العدو، خصوصاً في تمشيط الكمائن والكشف عن تحصينات المقاومين وأسلحتهم. وجاء وقف الحرب ليمارس أبو شباب دوراً معادياً لمليوني فلسطيني، عندما نشط عملاؤه والمرتزقة التابعون له في الانتشار في مناطق الخط الأصفر، وعملوا على اختطاف العائدين لتفقُّد منازلهم واعتقالهم وتسليمهم للاحتلال. مَن مِنَّا يمكن أن يمتلك موقفاً من مقتله غير الشماتة؟ هذا مصير مُستحقّ لكلّ مَن يخون أرضه ووطنه».
غير أن المفاجئ في حكاية «أبو شباب»، هو المسافة الفاصلة بين انطلاقته ومقتله، والتي لم تتجاوز العام الواحد؛ فقد قُتل رجل الخيانة الأول «على أهون الأسباب»، كما لم يتسبّب مقتله بموجة تصعيد، أو يتهدّد وقف إطلاق النار. وفي خبر يشبه الكذب، أُعلن عن نهاية «تاجر المخدّرات ونزيل السجون» الذي ملأ الدنيا ضجيجاً بأنه وأشباهه يمثّلون الكيان البديل الموازي لحركة «حماس»، وأنهم وجه الحكم المقبل الذي ستنفخ دول عربية وأوروبية في روحه ليتحوّل إلى قائد شعبي وطني كبير، يؤسّس كيان غزة الشرقية التي سيلجأ إليها الهاربون من غزة الغربية الفقيرة والمُعدمة التي تسيطر عليها «حماس»؛ لا بل إن الخطاب البدائي والطفولي المنتفخ الذي كان يُقدّم على مواقع التواصل الاجتماعي، «بَشّرنا» بأن أبو شباب هو الكادر الأمني البديل الذي سيتولّى الجانب الأمني في «مجلس السلام الأميركي» الذي سيرأسه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ومعه توني بلير. بمنتهى البساطة، انتهت حكاية تافهٍ ظَنَّ أن ثمّة فراغاً في غزة سيمنحه مجداً.
في التفاصيل والروايات المتضاربة حول طريقة مقتله، والتي لم يلتفت إليها أحد، تحدّث الإعلام العبري في البداية عن أن قوّة خاصة من «كتائب القسام» استطاعت القضاء عليه. والواقع أن سردية كهذه، جديرة بأن تعطي العميل المنتفخ قيمةً كان يتمنّاها. لكن ما اتّضح لاحقاً، هو أنه كان يمارس البلطجة والتشبيح على عائلة أبو سنيمة، وهي قبيلة بدوية لا تزال تسكن مدينة رفح ويرفض شبابها الانضواء في مجموعات العملاء، وقد تسبّب أبو شباب في مقتل أحد شبانها، فانبرى ثلاثة من أبناء القبيلة لمهاجمته ونائبه غسان الدهيني بسلاح ناري، قبل أن ينهالوا عليه بالضرب المُبرح. ويعني ذلك أن القصّة بدأت وانتهت قبل أن تتدخّل فيها المقاومة، ثمّ يستدعي تدخّلها ردّاً إسرائيليّاً وجهوداً من الوسطاء لاحتواء الموقف.
أمّا اليوم التالي لتلك المجموعات، فيبدو أكثر تعقيداً من سابقه، ليس لأن «أبو شباب» كان واسطة العقد أو رجل الحلّ والعقد، إنّما لأن البناء الهيكلي المشوّه لتلك الجماعة، قام في الأساس على جماعة من المرتزقة وأسافل القوم: العشرات من النزلاء الأمنيين الذين اضطرّت وزارة الداخلية إلى إخلاء سبيلهم في بداية الحرب، وعدد آخر من اللصوص والمُدانين بقضايا القتل وتجارة المخدّرات. بتعبير آخر، ما قام به هؤلاء ليس خيانة يمكن أن تتحوّل إلى وجهة نظر، لأنه ليس من بينهم مَن يستطيع أصلاً أن يروّج لأيّ رأي يمكن سماعه. هم كانوا أصغر بكثير من إرث المجتمع الغزي، شعبيّاً واجتماعيّاً وثقافيّاً ووطنيّاً. ولذا، فإن الدخول الذي سجّله غسان الدهيني على المشهد، بدا مهزوزاً خائراً، إذ سرعان ما بدأ العناصر الموالون لـ»أبو شباب» يشكّكون في دوره في مقتل «قائدهم النافق»، كما بثّ عدد منهم منشورات أعلنوا فيها أنهم لم ينصاعوا لقيادة الدهيني، باعتبار أن الأخير خان «أبو شباب». وعلى إثر ذلك، ما كان من «القائد الجديد» إلّا أن شنّ حملة تفتيش وتحرٍّ ضد عناصره. ووفقاً لمصادر أمنية، فإن الدهيني اعتقل عدداً من هؤلاء وأخضعهم للتحقيق، واتّهم بعضهم بأنهم عملاء لـ»كتائب القسام».
وفي محاولة للتغطية على هذا الارتباك، ظهر الرجل في عدد من المقاطع المُصوّرة وهو يمشي أمام العشرات من مواليه، ويسألهم عن معنوياتهم، ثم نشر صورة تُظهِره وهو يقف أمام جثامين عدد من الشهداء. مشهد يعلّق عليه أحد شباب قبيلة الترابين في مدينة رفح بالقول: «حميد الصوفي، وهو الذراع المدنية لأبو شباب، في حالة رعب من الأقرع غسان الدهيني، والأقرع من الخوف والرعب كل ساعة يجمع الصعاليك ويسألهم كيف المعنويات، حتى يتأكد أنه هو القائد، لم يصدّق بعد أنه القائد، انتبه يا حميد الصوفي من الأقرع ناوي يقضي عليكم، إلحق نفسك، باب التوبة عشرة أيام مفتوح».
والدهيني الذي يحاول تَصدُّر المشهد اليوم، بدأ حياته ناشطاً سلفيّاً متطرّفاً. انخرط ابتداءً في صفوف «جيش الإسلام» ثم خرج من غزة بعد انضمامه إلى «داعش»، ملتحقاً بالمجموعات المتطرّفة في سيناء، قبل أن يعود إلى القطاع لاحقاً ويساهم في تشكيل «تنظيم الدولة في غزة» الذي تورّط في تنفيذ تفجيرات، ثم ينتهي به الحال عميلاً. لكنّ قائد العملاء الجديد لا يمتلك ما يميّزه عن سلفه سوى أنه أكثر قلقاً على مصيره، خصوصاً بعدما أعلنت القبائل البدوية، وعلى رأسها قبيلة الترابين التي يتحدّر منها كل من أبو شباب والصوفي والدهيني، البراءة من مجموعات المشروع اللحدي. ومن جهتها، أعلنت وزارة الداخلية في غزة مهلة عشرة أيام «فتحت فيها باب التوبة للعملاء»، في حين أفاد مصدر أمني تحدّث إلى «الأخبار»، بأن الأجهزة الأمنية بدأت تستقبل اتصالات من ممثّلي القبائل والعشائر والعائلات الفلسطينية بهدف تسوية أوضاع أبناء لهم التحقوا بالعصابات التي شكّلها الاحتلال خلال الفترة الماضية، وقد تمّ فعلاً البدء بتسوية ملفات عديدة بعد تلقّي طلبات من عدد من المحافظات.
في النتيجة، دقّ مقتل أبو شباب مسماراً جديداً في نعش مجموعات العملاء التي كانت قبل بضعة أيام تعيش ذروة مجدها، فيما أقرّ كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين بأن إعادة إنتاج تجربة جيش لحد في غزة، كانت مقامرة تكتيكية غير محسوبة ولا مدروسة، وأن مصير العملاء في نهاية الأمر، إمّا أن يُقتلوا أو أن يستحيلوا عبئاً على مشغّليهم.
«هيئة أبناء العرقوب» تحذر من طمس هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا
حذّرت «هيئة أبناء العرقوب» من «محاولات العدو الصهيوني الساعية إلى طمس هوية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا اللبنانية المحتلة»، داعية المسؤولين إلى «التنبه من خطورة هذه المحاولات والقيام بما يلزم لحماية حقوق أهلنا في هذه الأرض».
واستنكرت، في بيان أمس، ما تسوقه «بعض وسائل الإعلام وبعض التقارير الإعلامية المنقولة عن وسائل إعلام العدو لبعض المعلومات الخطيرة التي تتحدث عن تسويات وأفكار مستقبلية تتعلق بالجنوب السوري والأراضي اللبنانية المحتلة ومن ضمنها ما يؤشر إلى طمس هوية منطقة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا ومحاولة ربطها بالجولان السوري المحتل. كذلك الإعلان عن بدء مناورات عسكرية اليوم (أمس) في منطقة المزارع وقمم جبل الشيخ في الجانب اللبناني في خراج بلدة شبعا».
ونبهت الهيئة «المسؤولين اللبنانيين وخصوصاً وزارة الخارجية ورئاسة الحكومة، إلى ضرورة التحرك الفوري والسريع للتحقق من مدى صحة هذه المعلومات والقيام بما يلزم تجاه المجتمع الدولي والجهات المعنية، من أجل حماية حقوق لبنان وخصوصاً في تلك المنطقة، التي لا ينفك الاحتلال يكشف عن أطماعه فيها وبخيراتها التي يستغلها ولا يزال وخصوصاً المياه»، داعية إلى «تشكيل الهيئة الوطنية للأراضي المحتلة التي يجب أن تتولى بمساعدة الجهات الرسمية المعنية كل ما يتعلق بالأراضي المحتلة ومن ضمنها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقمم جبل الشيخ، التي يبدو أنها غائبة أو مغيبة عن جدول المسؤولين حتى في تصريحاتهم ومواقفهم الإعلامية».
واعتبرت أن «السكوت المتكرر من المسؤولين في السلطة، على التسريبات والتقارير التي تتناول مصير ومستقبل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، يثير لدينا الشكوك والتساؤلات والاستغراب في كل مرة يتم فيها ذكر هذه المنطقة، ما يجعلنا نحذر من هذا التجاهل»، مؤكدة أنه «لا يمكن أن نتخلى عن أرضنا مهما كانت التضحيات ولن نقبل باستمرار تجاهل هذه القضية الوطنية بامتياز».
لبنان لن يكون إسرائيلياً!
«لا للاستسلام، لا للتطبيع، لا للزمن الإسرائيليّ في لبنان. لبنانُ الذي دحَرَ الاحتلالَ ذاتَ أيّار، لن يستسلمَ عند أوّل انكسار». هكذا بدأت «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» رسالتها التي أدانت فيها مشاركة السفير اللبناني السابق سيمون كرم في اجتماع اللجنة التقنية العسكرية للبنان المعروفة باسم «ميكانيزم»، بحضور المدير الأعلى للسياسة الخارجية في «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي».
واعتبرت الحملة أنّ المشاركة تشكّل «سابقة خطيرة» لم تحصل منذ عقود، واصفةً إياها بأنّها رضوخ مباشر للمطلب الأميركي، محذّرة من أن تكون خطوةً تمهيدية لتكبيل لبنان باتفاقيات تطبيع مقنّعة. وجدد البيان التأكيد على رفض ما وصفه بـ«الزمن الإسرائيلي في لبنان»، مستعيداً ذكرى تحرير أيار بوصفها دليلاً على أن لبنان لا يستسلم «عند أول انكسار».
وحمّل البيان الجانب اللبناني المفاوض مسؤولية الجلوس إلى طاولة النقاش في ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية والخروقات اليومية، فيما يواصل مكتب رئيس الوزراء الصهيوني التمسك بشروط من أبرزها نزع السلاح. ورأت الحملة أن هذه المقاربة تعكس اختلالاً فادحاً في ميزان التفاوض، إذ «يقدّم لبنان التنازل تلو الآخر، فيما لا يقدّم العدوّ شيئاً».
وطرحت الحملة سلسلة تساؤلات حول دوافع هذا المسار، من بينها ما إذا كانت الغاية توجيه رسائل «تطمين» للجانب الإسرائيلي في ملف سلاح «حزب الله»، أو الانخراط في مشاريع اقتصادية حدودية، أو كسب الوقت بين تنازل وآخر. كما انتقد البيان غياب أي تفويض شعبي واضح يواكب هذه المفاوضات، متسائلاً عن سقف التفاوض وأهدافه الحقيقية وأوراق القوة التي يملكها الجانب اللبناني.
كما استعاد البيان تجارب سابقة مع إسرائيل، مذكّراً بعدم التزامها باتفاقات وقف إطلاق النار، وإلغائها اتفاقية الهدنة من طرف واحد، واستمرار اعتداءاتها في أكثر من ساحة، بما فيها سوريا، رغم الانخراط في مسارات تفاوضية متقطعة.
وختمت الحملة بيانها بدعوة مفتوحة إلى «الأحرار في لبنان» من قوى وطنية وقومية وإسلامية ويسارية إلى التمسك بالمقاومة بوصفها «حقاً وممارسة»، ورفض كل أشكال التطبيع، والعمل على مواجهة ما وصفته بـ«الهجمة الصهيونية والإمبريالية على المنطقة». كما وضعت الرؤساء الثلاثة والقوى السياسية أمام «امتحان تاريخي»، معتبرة أنّ اللحظة الراهنة تتطلب مواقف واضحة لا تحتمل الالتباس.
كم فرصة للحلم بين 1980 و2025؟
تُقام عروض جديدة لمسرحية «طربوش جدّي معلّق» على خشبة «مسرح المدينة» يومي 26 و27 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.
المسرحية من بطولة جنيد زين الدين ومروى خليل، ونصّ مروى خليل ورياض شيرازي، تمتد زمنياً بين عامَي 1980 و2025، وتستعيد قصة حبّ لبنانية ممزّقة بين البقاء والرحيل.
تروي المسرحية حكاية هالة التي تختار الهجرة، وإبراهيم الذي يقرّر البقاء، عاشقَين فرّقتهما الحرب والمنفى، لكنّ الأمل ظلّ رابطاً خفياً بينهما. تتنقّل هالة بين باريس ومونتريال ودبي، حاملةً لبنان معها أينما ذهبت، فيما يبقى إبراهيم متجذّراً في بلد يخذل أبناءه مراراً، من دون أن يفقد إيمانه به. وبين العودة والخيبة، يطرح العمل سؤالاً جوهرياً: كم مرّة يمكن للإنسان أن يمنح الحلم نفسه فرصة جديدة؟
«طربوش جدّي معلّق»: 26 و27 كانون الأول (ديسمبر) - الساعة 8:30 مساءً - «مسرح المدينة» (الحمرا). للاستعلام: 01/753010 | 03/779977
إسرائيل تخصص 2.7 مليار شيكل لإقامة 17 مستوطنة جديدة بالضفة الغربية
أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، عن خطة لتخصيص 2.7 مليار شيكل لإقامة 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة.
ومن إجمالي الميزانية المخصصة للخطة الاستيطانية، سيتم تخصيص 1.1 مليار شيكل لتعزيز المستوطنات وإقامتها. وسيُخصص 660 مليون شيكل للمستوطنات السبع عشرة الجديدة التي أقرتها الحكومة مؤخرا، بما في ذلك "معالوت حلحول"، "شانور"، و"هار عيبال".
بالإضافة إلى ذلك، ستخصص 338 مليون شيكل لـ36 مستوطنة وبؤرة استيطانية قيد التنظيم، تشمل إنشاء البنية التحتية الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والكهرباء، وكذلك المباني العامة مثل الميكفيه، الكنائس، والنوادي، بما يدعم تثبيت السيطرة وتوسيع الوجود الإسرائيلي في الضفة.
بالإضافة إلى خطط البنية التحتية، سيتم بناء "مستودعات استيعاب" في المستوطنات الجديدة، تشمل حوالي 20 كرفانا مخصصا للعائلات للسكن فيها وإفساح المجال للتوسع المستقبلي.
كما ستخصص الحكومة حوالي 300 مليون شيكل لجميع المستوطنات الجديدة، منها 160 مليون شيكل كـ"منحة التأسيس"، و140 مليون شيكل لأغراض التنظيم والنشاط.
أما بالنسبة للمستوطنات القديمة، فسيتم توزيع 434 مليون شيكل حسب عدد السكان لإعادة تأهيل بنيتها التحتية. كما سيتم تخصيص 300 مليون شيكل إضافية للمجالس والسلطات المحلية في يهودا والسامرة لدعم الخدمات والمشاريع المحلية.
كما سيتم تخصيص 140 مليون شيكل إضافية لحواجز الطرق، مع التركيز على تلبية الاحتياجات العسكرية في الضفة.
وستخصص ميزانية 150 مليون شيكل لحماية الحافلات على مدى السنوات الثلاث المقبلة، بمعدل 50 مليون شيكل سنويًا، بعد أن كانت الميزانية السابقة المخصصة لهذا الغرض حوالي 36 مليون شيكل فقط، أي أنها تضاعفت الآن.
وبالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يخصص الوزير يسرائيل كاتس ملايين الشواكل من ميزانية وزارة الأمن لتعزيز بنود الأمن في المستوطنات الجديدة، بما يشمل الأسوار الذكية، محطات المعدات، الكاميرات، وعدد من التدابير الأمنية الأخرى، بهدف تعزيز الحماية وتحسين البنية التحتية الأمنية للمستوطنات المنشأة حديثا.
وتتطرق الخطة إلى جوانب متعددة تعزز السيادة الإسرائيلية خارج الخط الأخضر، بما يمكن وصفه بـ الضم الفعلي للضفة، من خلال تطوير المستوطنات، شق الطرق، نقل القواعد العسكرية، وتثبيت السيطرة الإدارية والعسكرية على المناطق المستهدفة.
وبموجب الخطة الحكومية سيتم تخصيص 225 مليون شيكل لإنشاء وحدة "الطاابو"، في خطوة وصفت بالجريئة خارج الخط الأخضر، والتي ستؤثر بشكل مباشر على نصف مليون مستوطن في الضفة.
وكانت جميع الممتلكات في الضفة الغربية تسجل سابقا لدى الإدارة المدنية (الطابو الأردني)، وليس في الطابو الإسرائيلي. أما الآن، وبعد أعمال رسم الخرائط الجديدة، فستُنقل جميع قوائم الأراضي إلى وحدة "الطابو" المخصصة للضفة.
وسيخصص للوحدة 41 معيارًا، ويهدف المشروع إلى تنظيم حوالي 60 ألف دونم في الضفة ووضع اليد عليها بحلول عام 2030، ما يعكس استراتيجية إسرائيلية لتعزيز السيطرة القانونية والإدارية على الأراضي في المنطقة.
جاء هذا القرار، بحسب ما أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الإثنين، ضمن خطة الحكومة لتعزيز البنية التحتية الاستيطانية وتوسيع المستوطنات في الضفة، وسط انتقادات فلسطينية ودولية تعتبر هذه الخطوة عقبة أمام جهود السلام وحل الدولتين.
وكشفت الصحيفة عبر تقرير لها عن تفاصيل خطة وزير المالية الإسرائيلي لتخصيص ميزانيات ضخمة لتطوير المستوطنات الجديدة، في خطوة وصفها المراقبون بأنها تغير واقع المستوطنات وتجعل أي تعديلات مستقبلية صعبة على الحكومات القادمة.
وتشمل الخطة ضخ أموال غير مسبوقة لتطوير المستوطنات، شق الطرق، تسجيل الأراضي، وتعزيز الدفاع والأمن للمستوطنات والمستوطنين.
كما يتضمن المشروع نقل ثلاث قواعد عسكرية للجيش الإسرائيلي إلى شمال الضفة، ما يعكس إستراتيجية طويلة الأمد لتعزيز البنية التحتية الاستيطانية وتثبيت السيطرة على المناطق الجديدة.
ومن أبرز خطوات الخطة الإسرائيلية نقل القواعد العسكرية إلى ما وراء الخط الأخضر، وتحديدًا إلى شمال الضفة. ويأتي هذا التحرك بعد أن كانت إسرائيل قد أخلت قواعدها العسكرية في المنطقة بموجب اتفاقيات أوسلو، بهدف تقليص سيطرتها على الأراضي الفلسطينية.
الآن، بحسب الصحيفة، تهدف إسرائيل إلى تعزيز قبضتها على شمال الضفة عبر نقل قواعد عسكرية إلى منطقة مستوطنة "شانور"، وهي المستوطنة التي تم إخلاؤها سابقا بموجب قانون فك الارتباط.
وتشير تقارير إلى أن المستوطنين يعتزمون العودة إلى مستوطنة "شانور" قبل انتخابات الكنيست، وتطبيق قرار الحكومة لضمان وجود يهودي دائم في المنطقة، ما يعكس استراتيجية إسرائيلية لتثبيت نفوذها في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية شمال الضفة، بما يعزز قدرة الجيش على التحكم في المنطقة وتدعيم المستوطنات المحيطة.
وبموجب الخطة سيتم نقل مقر لواء "منشيه" من معسكر "عين شيمر" إلى منطقة مستوطنة "شانور"، ويشمل هذا النقل أيضا قاعدتي كتيبتين إضافيتين إلى نفس الخلية الميدانية، في خطوة تعد دراماتيكية لتعزيز الوجود الإسرائيلي في منطقة تم إخلاؤها سابقا.
غزة تحت النار: قصف وغارات في رفح وخانيونس
رغم دخول وقف إطلاق النار في غزة يومه الـ59، واصل الجيش الإسرائيلي خرق الاتفاق في عدة مناطق من القطاع، بينما سلم عدد من المسلحين المنتمين لمليشيات معارضة لحركة حماس أنفسهم للأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية في غزة.
وشهدت مناطق مختلفة توترا ميدانيا متصاعدا، إذ أطلقت دبابات الجيش الإسرائيلي نيرانها قرب محور موارج شمالي رفح، بالتزامن مع إطلاق نار كثيف من الآليات العسكرية الإسرائيلية في المنطقة ذاتها شمال مدينة رفح جنوبي القطاع.
وفي شمال غرب رفح، نسف الجيش الإسرائيلي مباني سكنية ما تسبب بحالة من الهلع بين السكان وازدياد حركة النزوح الداخلي من المناطق القريبة، فيما أطلق الطيران المروحي نيرانا كثيفة شرقي المدينة وسط تحليق مكثف للطائرات الحربية، تزامنا مع عمليات قصف وتمشيط موسعة.
كما شن الطيران الإسرائيلي غارات جوية استهدفت المناطق الشرقية من مدينة خانيونس جنوبي القطاع، ما رفع منسوب التوتر والتصعيد الميداني.
وخلال جولة تقييم ميداني، صرح رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير أن ما يعرف بـ"الخط الأصفر"، الذي يقسم غزة إلى منطقة تحت سيطرة فلسطينية وأخرى تحت سيطرة إسرائيلية، بات يمثل "حدودا جديدة وخط دفاع متقدم عن المستوطنات، وخط هجوميا في الوقت ذاته".
تأتي هذه التصريحات وسط تصاعد الدعوات للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتي تشمل انسحاب قوات الاحتلال من القطاع وبدء انتشار قوة الاستقرار الدولية وفق المقترح الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
إنسانيا، أعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) تشخيص 508 أطفال في غزة بسوء تغذية حاد، في مؤشر خطير على تفاقم الوضع المعيشي.
وفي السياق نفسه، جددت مصر تأكيدها أنها لن تسمح بأن يتحول معبر رفح إلى بوابة لتهجير الفلسطينيين خارج القطاع.
38 عاما على شرارة الغضب: انتفاضة الحجارة الفلسطينية
في 8 كانون الأول/ ديسمبر 1987، اندلعت انتفاضة الحجارة، أول ثورة شعبية فلسطينية واسعة ضد الاحتلال الإسرائيلي، لتشكل شرارة مواجهة طويلة امتدت إلى الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، مؤطرة بأدوات مقاومة شعبية وعصيان مدني مستمر.
قبل الانتفاضة، كانت الأراضي الفلسطينية تعيش تحت سياسات احتلالية صارمة تشمل التوسع الاستيطاني، مصادرة الأراضي، قيود على الحركة، وتهميش اقتصادي واجتماعي، ما خلق حالة احتقان مستمرة بين السكان.
وفي شرارة البداية، أدت عملية دهس نفذها مستوطن بحق مجموعة من العمال في مخيم جباليا شمال غزة إلى استشهاد أربعة فلسطينيين وإصابة آخرين، فاشتعل الغضب الشعبي على نطاق واسع.
تميزت الانتفاضة بـ أشكال مقاومة شعبية متعددة، من رشق الجنود بالحجارة والإضرابات والعصيان المدني، إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وإغلاق المحال التجارية ورفض العمل في المستوطنات.
ولعبت اللجان الشعبية، التي تأسست في السبعينيات، دورا أساسيا في تنسيق التحركات الشعبية وتنظيم المظاهرات والمسيرات، رغم حظر الاحتلال لها في 1988.
وكان للحضور الجماهيري دور محوري في الانتفاضة، حيث تحولت المهرجانات، المسيرات، وتشييع الشهداء إلى استعراض يومي للمواجهة، مع اعتماد المساجد والكنائس كنقاط انطلاق للمظاهرات، خصوصا في القدس، حيث حاول الاحتلال محاصرتها لمنع تحويل الصلوات إلى احتجاجات جماهيرية.
كما شكلت الإضرابات والعصيان المدني وسيلة مقاومة شاملة، تنوعت بين الإضرابات الشاملة والجزئية والمناطقية والمهنية والتعليمية، لتصبح شبكة مقاومة مدنية أربكت منظومة الاحتلال وعززت الوحدة الوطنية.
اعتمد الفلسطينيون كذلك على أدوات بسيطة لكنها فعالة، على رأسها الحجارة والمقاليع والزجاجات الحارقة وإشعال الإطارات وحفر "مصائد" على الطرق لإيقاع دوريات الاحتلال، ما زاد من فاعلية المقاومة الشعبية.
ورغم ذلك، واجهت الانتفاضة قمعا عنيفا من الاحتلال، شمل استخدام الرصاص والغاز والقنابل الصوتية، وسياسة "تكسير العظام" التي استهدفت الأطفال والشبان، إضافة إلى فرض حظر التجول، وإغلاق المدارس والجامعات، وتنفيذ حملات اعتقال واسعة بحق الناشطين.
مع دخول التسعينيات، بدأت الجهود الدولية لإنهاء الانتفاضة، وصولا إلى توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي فتح الباب أمام مفاوضات حول حل الدولتين، لكنه لم ينه روح المقاومة التي استمرت في وجدان الفلسطينيين.
أسفرت الانتفاضة عن خسائر كبيرة، تضمنت استشهاد نحو 1550 فلسطينيا، واعتقال حوالي 100 ألف شخص، وإصابة أكثر من 70 ألف فلسطيني، 40% منهم بإعاقات دائمة.
وشملت العقوبات الإسرائيلية هدم 447 بناية، إغلاق 294 منزلا، تدمير 81 منزلا أثناء المداهمات، وهدم نحو 1800 منزل بحجة عدم الترخيص، إلى جانب التعذيب وإصدار حوالي 18 ألف أمر اعتقال إداري خلال سنوات الانتفاضة.
22 ألف مصاب في الجيش الإسرائيلي منذ "طوفان الأقصى"
كشفت وزارة الأمن الإسرائيلية، اليوم الإثنين، عن أعداد الجرحى بصفوف الضباط والجنود بالجيش الإسرائيلي الذين أصيبوا بالحرب متعددة الجبهات وباستهدافات الفصائل الفلسطينية منذ عملية "طوفان الأقصى" في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بلغ نحو 22 ألفا.
وأعلنت وزارة الأمن في بيان أن 82,400 جريح يتلقون العلاج حاليا في جناح إعادة التأهيل، بينهم 31,000 يعانون من اضطرابات نفسية واضطرابات ما بعد الصدمة، وأشار البيان إلى أنه أُضيف حوالي 22,000 جريح إلى العلاج منذ 7 أكتوبر 2023،
كما أوضحت الوزارة أن حوالي 1,500 طلب جديد يتم تقديمها شهريا من الجرحى للاعتراف بهم، في إطار برامج الدعم الطبي والنفسي المستمرة لتقديم الرعاية للمتأثرين جراء العمليات العسكرية والنزاعات.
وأظهرت المعيطات أن 58% من هؤلاء يعانون من إصابات نفسية، واضراب ما بعد الصدمة، ولفتت إلى أن 49% من هؤلاء المصابين هم تحت سن الـ 30 عاما، مضيفة أن 142 جريحا منهم يستخدمون الكرسي المتحرك، و 88 مبتورو الأطراف.
وفقا للتقديرات، من المتوقع أن يعالج جناح إعادة التأهيل بحلول عام 2028 ما يقارب 100 ألف جريح من جرحى الجيش الإسرائيلي، بينهم 50% يعانون من إعاقات ذهنية.
وفي ضوء حجم الجرحى المتزايد وضرورة توفير الرعاية الطبية والنفسية الملائمة، قامت وزارة الأمن بالتعاون مع وزارة المالية بتشكيل لجنة عامة برئاسة البروفيسور مور يوسف، بهدف دراسة توسيع نطاق الاستجابة لمعالجة الجرحى وضمان تقديم الرعاية الشاملة لهم.
ويعمل قسم إعادة التأهيل في الجيش الإسرائيلي على توسيع نطاق العلاج الطبي والنفسي للمصابين، حيث شهدت ميزانيته ارتفاعا بنسبة 53% لتصل إلى 8.3 مليار شيكل. نصف هذه الميزانية، أي 4.1 مليار شيكل، مخصص لعلاج مرضى الصحة النفسية، الذين يشكلون حوالي ثلث إجمالي المرضى.
وأظهرت الإحصاءات أن عدد علاجات الصحة النفسية المقدمة قد تضاعف خلال العام الماضي، مع زيادة استخدام العلاجات البديلة بنسبة 50%، وارتفاع نسبة المكالمات على خط المساعدة بنسبة 80%.
ويأتي هذا التوسع في ظل التركيز على تقديم رعاية متكاملة للجرحى، سواء من الناحية الجسدية أو النفسية، في إطار برامج إعادة التأهيل لجنود الجيش الإسرائيلي.
وكشفت معطيات رسمية إسرائيلية في نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي عن تسجيل 279 محاولة انتحار في صفوف الجيش خلال 18 شهرا، منهم 36 عسكريا فقدوا حياتهم فعلا.
والأسبوع الماضي، قالت صحيفة "معاريف"، إن الجيش الإسرائيلي يعاني نقصا في عدد أفراده يصل إلى نحو 12 ألف جندي، منهم 9 آلاف مقاتل و3 آلاف داعمين.
وذكرت الصحيفة أنه "بعد عامين وشهرين من حرب شديدة على سبع جبهات، أُنهك الجيش؛ الضباط مُرهَقون، والجنود يحلمون بالعودة إلى بيوتهم".


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire