رام الله | انسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي
من محافظة طوباس والأغوار الشمالية، مساء السبت، مُنهِيةً أربعة أيام من
الاقتحامات التي ترافقت مع حظر للتجوال، وتنكيل وتخريب للممتلكات. وكان جيش
العدو دفع بثلاثة ألوية مُعزّزة بعشرات الآليات والجرافات العسكرية، إلى
المحافظة، حيث بدأ عملية متجدّدة احتجز خلالها عشرات المواطنين، مُجرِياً
معهم تحقيقات ميدانية، ومُبقِياً على 10 منهم قيد الاعتقال. كما اعتدى
جنوده على أكثر من 200 مواطن آخرين، 69 منهم نُقلوا إلى المستشفيات، في وقت
نُفّذت فيه حملة مداهمات واسعة طاولت منازل في المناطق كافّة التي تمّ
اقتحامها، وذلك بزعم إحباط «بنى تحتية» للمقاومة الفلسطينية، التي تقول
وسائل الإعلام العبرية ومصادر المؤسّسة العسكرية، إنها عادت إلى محاولات
بناء نفسها.
على أن محافظ طوباس والأغوار، أحمد الأسعد، اعتبر، في حديث إلى «الأخبار»، أن العملية العسكرية التي شنّها الاحتلال «كانت ذات أهداف سياسية بحتة، وهي تخدم توجّهات حكومته في مسألة ضمّ الضفة الغربية وإعلان السيادة عليها». ولفت الأسعد إلى أن الاحتلال وضع، من خلال فرضه حظراً للتجوال على المحافظة، نحو 70 ألف فلسطيني في المحافظة قيد الاعتقال والاحتجاز، مُضيفاً أن «العملية لم تحقّق أيّ أهداف عسكرية ولم تكن لها علاقة بذلك، بل هي مرتبطة بنوايا إسرائيل الاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي محافظة طوباس والأغوار الشمالية». كما أشار إلى أن «الاحتلال يعمل في الضفة الغربية وفق استراتيجية قائمة على تنفيذ الضمّ والتضييق على المواطنين، وفرض أمر واقع على الأرض». وأفاد الأسعد بأنه وجّه تعليماته إلى لجنة الطوارئ المركزية واللجان الفرعية، للبدء الفوري في فتح الطرق وإزالة السواتر الترابية وتأهيل شبكات المياه والكهرباء، كما إلى لجان حصر الأضرار للشروع في عملها، وذلك تمهيداً لعودة طلبة المدارس إلى فصولهم، والموظفين والعمال إلى أعمالهم.
وكانت بلدة طمون في محافظة طوباس، التي شكّلت هدفاً مركزياً للعملية الأحدث، برزت، في السنوات الأخيرة، كموقع مُتقدِّم في مواجهة الاحتلال؛ إذ شهدت حملات عسكرية وعمليات اغتيال دامية، في حين جرى استهدافها بشكل كبير خلال الأيام الماضية. ووفقاً لما قاله رئيس بلدية طمون، سمير بشارات، في حديث إلى «الأخبار»، فإنه «بعد انسحاب قوات الاحتلال، تفاجأنا بحجم الدمار الكبير في البلدة، من حيث تدمير البنية التحتية وخطوط مياه الشرب وشبكات مياه الزراعة، إضافة إلى الدمار الذي لحق بأكثر من 166 منزلاً تمّ اقتحامها، وتحويل 25 منزلاً منها إلى ثكنات عسكرية طيلة أيام العدوان». ولفت إلى أن «166 منزلاً في البلدة لحق بها دمار كبير، ولم يبق فيها شيء صالح للاستخدام»، مُضيفاً أنه «تمّ احتجاز 125 مواطناً، أُفرج عنهم لاحقاً باستثناء 6»، بينما سُجّلت عمليات سرقة مصاغ ذهبي وأموال نقدية من منازل المواطنين.
وفنّد بشارات تذرّع الاحتلال بأن العملية العسكرية تهدف إلى القضاء على مجموعات المقاومة، قائلاً إن «ما جرى على الأرض يهدف فقط إلى الضغط على المواطنين في المحافظة، في إطار الحرب على سرقة الأرض»، مُذكِّراً بأن «الاحتلال أصدر، قبل أسبوعين فقط، تسعة قرارات استيلاء على مساحات شاسعة من البلدة». وأكّد أن «الصراع في المحافظة هو على الأرض والمياه. والاحتلال يضغط على المواطن للابتعاد عن أرضه وبيته، لإفساح المجال أمام المستوطنين»، مشيراً إلى أن المواطنين يخشون قيام العدو باجتياح آخر أكثر وحشية.
وكان جيش الاحتلال أعلن، في الـ25 من الجاري، البدء بعملية عسكرية شمال الضفة الغربية، تركّزت في محافظة طوباس، وذلك في محاولة لتكريس حالة التأهب الأمنية على أرض الواقع. وعلى رغم انسحاب القوات الإسرائيلية من المحافظة، إلا أنه لا يمكن عدّ العملية منتهية؛ إذ قد يعاود الجيش اقتحام طوباس أو غيرها من المناطق في أيّ وقت، وهو ما يفسّر تصريح الناطق باسم جيش العدو الذي أعلن أن الحملة العسكرية مستمرّة في شمال الضفة. وفي خلفية ذلك، فإن تعظيم الحالة الأمنية في الضفة، وإبرازها كونها أكثر خطورة من ساحات غزة أو لبنان وحتى سوريا وإيران، يمثّلان استراتيجية إسرائيلية دائمة، تتيح الاستمرار في العمليات العسكرية والقصف والتقتيل والاستيطان؛ علماً أن تل أبيب ذهبت أخيراً إلى القول إن المواجهة الأكثر حدّة ستكون في الضفة الغربية، التي تسير نحو الانفجار الأمني.
في ضوء ذلك، تُسوِّق إسرائيل عدة ذرائع لتبرير حربها اللانهائية في الضفة الغربية؛ فتتحدّث أحياناً عن نوايا الفصائل وتحديداً حركتَيْ «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في العمل على بناء قواعد وخلايا عسكرية لتنفيذ هجمات ضدّها، وأحياناً أخرى عن استمرار الجهود الإيرانية واتّساعها لجهة تهريب السلاح إلى الضفة، وذلك على غرار ما نشرته الإذاعة الإسرائيلية العامة، صباح الأحد، نقلاً عن مصدر أمني، من أن طهران تعمل على «إعادة بناء قدرات الحوثيين في اليمن»، وتنفّذ «عمليات تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية لتنفيذ هجمات داخل إسرائيل». وفي أحيان ثالثة، تقول إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تستعدّ وتتدرّب لمواجهة إسرائيل؛ وفي سيناريو رابع، تُجدِّد الحديث عن إمكانية شنّ هجوم مشابه للسابع من أكتوبر من الضفة الغربية على المستوطنات الإسرائيلية.
وفي ظلّ هذه الجهود الدعائية، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجراه «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، أن 77% من الإسرائيليين يرون أن الضفة هي أكثر منطقة مُثيرة للقلق الأمني، بينما قال 74%، إن هذه المنطقة هي إيران، و65% أشاروا إلى غزة، و64% إلى لبنان، و37% إلى سوريا، بينما رأى 28% أنها اليمن. وفيما أيّدت الغالبية شنّ حرب على لبنان، قال 46.5%، إن الوضع الأمني في الشمال يستوجب العودة إلى حرب محدودة، لكن 12% رأوا أن الوضع يقتضي حرباً شديدة تشمل اجتياحاً بريّاً، و28.5% اعتبروا أن الوضع الأمني يوفّر الأمن للسكان، و13% قالوا، إنهم لا يعرفون.
على أن محافظ طوباس والأغوار، أحمد الأسعد، اعتبر، في حديث إلى «الأخبار»، أن العملية العسكرية التي شنّها الاحتلال «كانت ذات أهداف سياسية بحتة، وهي تخدم توجّهات حكومته في مسألة ضمّ الضفة الغربية وإعلان السيادة عليها». ولفت الأسعد إلى أن الاحتلال وضع، من خلال فرضه حظراً للتجوال على المحافظة، نحو 70 ألف فلسطيني في المحافظة قيد الاعتقال والاحتجاز، مُضيفاً أن «العملية لم تحقّق أيّ أهداف عسكرية ولم تكن لها علاقة بذلك، بل هي مرتبطة بنوايا إسرائيل الاستيلاء على آلاف الدونمات من أراضي محافظة طوباس والأغوار الشمالية». كما أشار إلى أن «الاحتلال يعمل في الضفة الغربية وفق استراتيجية قائمة على تنفيذ الضمّ والتضييق على المواطنين، وفرض أمر واقع على الأرض». وأفاد الأسعد بأنه وجّه تعليماته إلى لجنة الطوارئ المركزية واللجان الفرعية، للبدء الفوري في فتح الطرق وإزالة السواتر الترابية وتأهيل شبكات المياه والكهرباء، كما إلى لجان حصر الأضرار للشروع في عملها، وذلك تمهيداً لعودة طلبة المدارس إلى فصولهم، والموظفين والعمال إلى أعمالهم.
وكانت بلدة طمون في محافظة طوباس، التي شكّلت هدفاً مركزياً للعملية الأحدث، برزت، في السنوات الأخيرة، كموقع مُتقدِّم في مواجهة الاحتلال؛ إذ شهدت حملات عسكرية وعمليات اغتيال دامية، في حين جرى استهدافها بشكل كبير خلال الأيام الماضية. ووفقاً لما قاله رئيس بلدية طمون، سمير بشارات، في حديث إلى «الأخبار»، فإنه «بعد انسحاب قوات الاحتلال، تفاجأنا بحجم الدمار الكبير في البلدة، من حيث تدمير البنية التحتية وخطوط مياه الشرب وشبكات مياه الزراعة، إضافة إلى الدمار الذي لحق بأكثر من 166 منزلاً تمّ اقتحامها، وتحويل 25 منزلاً منها إلى ثكنات عسكرية طيلة أيام العدوان». ولفت إلى أن «166 منزلاً في البلدة لحق بها دمار كبير، ولم يبق فيها شيء صالح للاستخدام»، مُضيفاً أنه «تمّ احتجاز 125 مواطناً، أُفرج عنهم لاحقاً باستثناء 6»، بينما سُجّلت عمليات سرقة مصاغ ذهبي وأموال نقدية من منازل المواطنين.
وفنّد بشارات تذرّع الاحتلال بأن العملية العسكرية تهدف إلى القضاء على مجموعات المقاومة، قائلاً إن «ما جرى على الأرض يهدف فقط إلى الضغط على المواطنين في المحافظة، في إطار الحرب على سرقة الأرض»، مُذكِّراً بأن «الاحتلال أصدر، قبل أسبوعين فقط، تسعة قرارات استيلاء على مساحات شاسعة من البلدة». وأكّد أن «الصراع في المحافظة هو على الأرض والمياه. والاحتلال يضغط على المواطن للابتعاد عن أرضه وبيته، لإفساح المجال أمام المستوطنين»، مشيراً إلى أن المواطنين يخشون قيام العدو باجتياح آخر أكثر وحشية.
وكان جيش الاحتلال أعلن، في الـ25 من الجاري، البدء بعملية عسكرية شمال الضفة الغربية، تركّزت في محافظة طوباس، وذلك في محاولة لتكريس حالة التأهب الأمنية على أرض الواقع. وعلى رغم انسحاب القوات الإسرائيلية من المحافظة، إلا أنه لا يمكن عدّ العملية منتهية؛ إذ قد يعاود الجيش اقتحام طوباس أو غيرها من المناطق في أيّ وقت، وهو ما يفسّر تصريح الناطق باسم جيش العدو الذي أعلن أن الحملة العسكرية مستمرّة في شمال الضفة. وفي خلفية ذلك، فإن تعظيم الحالة الأمنية في الضفة، وإبرازها كونها أكثر خطورة من ساحات غزة أو لبنان وحتى سوريا وإيران، يمثّلان استراتيجية إسرائيلية دائمة، تتيح الاستمرار في العمليات العسكرية والقصف والتقتيل والاستيطان؛ علماً أن تل أبيب ذهبت أخيراً إلى القول إن المواجهة الأكثر حدّة ستكون في الضفة الغربية، التي تسير نحو الانفجار الأمني.
في ضوء ذلك، تُسوِّق إسرائيل عدة ذرائع لتبرير حربها اللانهائية في الضفة الغربية؛ فتتحدّث أحياناً عن نوايا الفصائل وتحديداً حركتَيْ «حماس» و«الجهاد الإسلامي» في العمل على بناء قواعد وخلايا عسكرية لتنفيذ هجمات ضدّها، وأحياناً أخرى عن استمرار الجهود الإيرانية واتّساعها لجهة تهريب السلاح إلى الضفة، وذلك على غرار ما نشرته الإذاعة الإسرائيلية العامة، صباح الأحد، نقلاً عن مصدر أمني، من أن طهران تعمل على «إعادة بناء قدرات الحوثيين في اليمن»، وتنفّذ «عمليات تهريب أسلحة إلى الضفة الغربية لتنفيذ هجمات داخل إسرائيل». وفي أحيان ثالثة، تقول إن الأجهزة الأمنية الفلسطينية تستعدّ وتتدرّب لمواجهة إسرائيل؛ وفي سيناريو رابع، تُجدِّد الحديث عن إمكانية شنّ هجوم مشابه للسابع من أكتوبر من الضفة الغربية على المستوطنات الإسرائيلية.
وفي ظلّ هذه الجهود الدعائية، أظهر أحدث استطلاع للرأي أجراه «معهد أبحاث الأمن القومي» في جامعة تل أبيب، أن 77% من الإسرائيليين يرون أن الضفة هي أكثر منطقة مُثيرة للقلق الأمني، بينما قال 74%، إن هذه المنطقة هي إيران، و65% أشاروا إلى غزة، و64% إلى لبنان، و37% إلى سوريا، بينما رأى 28% أنها اليمن. وفيما أيّدت الغالبية شنّ حرب على لبنان، قال 46.5%، إن الوضع الأمني في الشمال يستوجب العودة إلى حرب محدودة، لكن 12% رأوا أن الوضع يقتضي حرباً شديدة تشمل اجتياحاً بريّاً، و28.5% اعتبروا أن الوضع الأمني يوفّر الأمن للسكان، و13% قالوا، إنهم لا يعرفون.
مصر ترفض التعامل مع غزّة كـ«منطقتين منفصلتين»
القاهرة | شهد اليومان الماضيان تكثيف الاتصالات بين الأطراف الضامنة لاتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، والتي شارك فيها مسؤولون من الإمارات والسعودية، وذلك في إطار بحث الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وركّزت هذه الاتصالات على ضرورة تحديد جدول زمني واضح للانتهاء من المرحلة الأولى، وفق ما أفاد به مسؤول مصري تحدّث إلى «الأخبار»، مشيراً إلى أن الرسائل الأميركية الأخيرة تضمّنت وعوداً بـ«انفراجة قريبة في خصوص المرحلة الثانية»، وتطمينات بأن «الانتهاكات الحالية لن تستمر طويلاً». ويأتي ذلك في ظل «إرجاء مؤتمر إعادة الإعمار» الذي كانت وعدت القاهرة بعقده قريباً، والذي قُرئ كمؤشر سلبي حول مسار الاتفاق.
وفي خصوص المقاتلين في المناطق التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية داخل القطاع، يتحدّث المسؤول عن «غياب اهتمام أميركي حقيقي» بالتوصّل إلى اتفاق بشأن هذا الملف، في وقت باتت تعلن فيه إسرائيل بشكل شبه يومي عن استهداف مقاتلين في رفح، وتواصل «رفض تحديد موعد للانسحاب الكامل، وتبحث مع الوسطاء تفاصيل دقيقة حول طبيعة القوات الدولية التي ستُنشر داخل غزّة ومهامها». ويشير المصدر نفسه إلى أن «هذا الواقع بات يثير انزعاجاً مصرياً من العراقيل التي تظهر حتى قبل تشكيل القوة أصلاً، وسط رفض القاهرة التعامل مع قطاع غزة بوصفه منطقتين منفصلتين».
مع ذلك، يتحدّث مسؤول في الخارجية المصرية عن «وجود توافق بين الوسطاء على عدم إدخال أسلحة جديدة إلى القطاع، وتشديد إجراءات منع التهريب» بحسب تعبيره، مضيفاً أن «ثمّة نقاشات مع الفصائل حول وضع صياغات قانونية قد تساهم في تقريب وجهات النظر بين الشروط الغربية وما تريده المقاومة».
وبالتوازي، يعبّر مسؤولون مصريون عن خشيتهم من أن يؤدّي استمرار الخلاف بين المقاومة والسلطة إلى تعقيدات قد تتذرّع بها إسرائيل لاستئناف الحرب. وفي هذا السياق، يقول المسؤول في الخارجية، إن الاتصالات التي جرت مع مسؤولي السلطة في الأيام الأخيرة «لم تُفضِ إلى أي تقدّم ملموس بشأن صيغة إدارة القطاع عبر تعاون بينها وبين المقاومة»، الأمر الذي «يثير قلقاً مصرياً في ظل استمرار تردّد رام الله في تقديم تنازلات، رغم إدراكها تعقيدات المرحلة». ويكشف مسؤول في المخابرات المصرية، بدوره، في حديثه إلى «الأخبار»، أن جزءاً من موقف السلطة يرتبط بـ«نقاشات مع مسؤولين خليجيين تحدّثوا عن فرص لإقصاء المقاومة نهائياً عن غزة»، وهو طرح تراه القاهرة «غير قابل للتحقّق، وتحذّر من الرهان عليه، رغم وجود خلافات في الرأي بين بعض المسؤولين المصريين والقيادات الفلسطينية التي زارت القاهرة أخيراً».
القاهرة | شهد اليومان الماضيان تكثيف الاتصالات بين الأطراف الضامنة لاتفاق إنهاء الحرب في قطاع غزة، والتي شارك فيها مسؤولون من الإمارات والسعودية، وذلك في إطار بحث الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق. وركّزت هذه الاتصالات على ضرورة تحديد جدول زمني واضح للانتهاء من المرحلة الأولى، وفق ما أفاد به مسؤول مصري تحدّث إلى «الأخبار»، مشيراً إلى أن الرسائل الأميركية الأخيرة تضمّنت وعوداً بـ«انفراجة قريبة في خصوص المرحلة الثانية»، وتطمينات بأن «الانتهاكات الحالية لن تستمر طويلاً». ويأتي ذلك في ظل «إرجاء مؤتمر إعادة الإعمار» الذي كانت وعدت القاهرة بعقده قريباً، والذي قُرئ كمؤشر سلبي حول مسار الاتفاق.
وفي خصوص المقاتلين في المناطق التي لا تزال تحت السيطرة الإسرائيلية داخل القطاع، يتحدّث المسؤول عن «غياب اهتمام أميركي حقيقي» بالتوصّل إلى اتفاق بشأن هذا الملف، في وقت باتت تعلن فيه إسرائيل بشكل شبه يومي عن استهداف مقاتلين في رفح، وتواصل «رفض تحديد موعد للانسحاب الكامل، وتبحث مع الوسطاء تفاصيل دقيقة حول طبيعة القوات الدولية التي ستُنشر داخل غزّة ومهامها». ويشير المصدر نفسه إلى أن «هذا الواقع بات يثير انزعاجاً مصرياً من العراقيل التي تظهر حتى قبل تشكيل القوة أصلاً، وسط رفض القاهرة التعامل مع قطاع غزة بوصفه منطقتين منفصلتين».
مع ذلك، يتحدّث مسؤول في الخارجية المصرية عن «وجود توافق بين الوسطاء على عدم إدخال أسلحة جديدة إلى القطاع، وتشديد إجراءات منع التهريب» بحسب تعبيره، مضيفاً أن «ثمّة نقاشات مع الفصائل حول وضع صياغات قانونية قد تساهم في تقريب وجهات النظر بين الشروط الغربية وما تريده المقاومة».
وبالتوازي، يعبّر مسؤولون مصريون عن خشيتهم من أن يؤدّي استمرار الخلاف بين المقاومة والسلطة إلى تعقيدات قد تتذرّع بها إسرائيل لاستئناف الحرب. وفي هذا السياق، يقول المسؤول في الخارجية، إن الاتصالات التي جرت مع مسؤولي السلطة في الأيام الأخيرة «لم تُفضِ إلى أي تقدّم ملموس بشأن صيغة إدارة القطاع عبر تعاون بينها وبين المقاومة»، الأمر الذي «يثير قلقاً مصرياً في ظل استمرار تردّد رام الله في تقديم تنازلات، رغم إدراكها تعقيدات المرحلة». ويكشف مسؤول في المخابرات المصرية، بدوره، في حديثه إلى «الأخبار»، أن جزءاً من موقف السلطة يرتبط بـ«نقاشات مع مسؤولين خليجيين تحدّثوا عن فرص لإقصاء المقاومة نهائياً عن غزة»، وهو طرح تراه القاهرة «غير قابل للتحقّق، وتحذّر من الرهان عليه، رغم وجود خلافات في الرأي بين بعض المسؤولين المصريين والقيادات الفلسطينية التي زارت القاهرة أخيراً».
إرهاب إسرائيلي منظم ضد مزارعي الضفة... واعتداءات على المؤسسات
شهدت الضفة الغربية، اليوم، تصعيداً واسعاً في اعتداءات قوات الاحتلال، شمل مدن البيرة والخليل وجنين، وأسفر عن إصابات واعتقالات واعتداءات طاولت عدداً من المؤسسات الأهلية.
واندلعت، ظهر اليوم، مواجهات متصاعدة، في مدينة البيرة، بين قوات الاحتلال وشبّان فلسطينيين، عقب اقتحام العدو عدداً من الأحياء. وجاء الاقتحام، في وقت مبكر، ترافقه تحركات عسكرية مكثّفة وانتشار لآليات جيش الاحتلال في محيط المدينة، حيث نصب قنّاصة على أسطح عدد من المباني في حيّ سطح مرحبا.
وتركّزت المواجهات، بشكلٍ خاص، في حيّ سطح مرحبا، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيّل للدموع بكثافة باتجاه الشبّان الذين حاولوا التصدّي لاقتحام المنطقة، ما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين بحالات اختناق جرّاء انتشار الغاز في الشوارع والأحياء السكنية.
محاولات لمحاصرة المزارعين
كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقرّ اتحاد لجان العمل الزراعي في مدينة البيرة، وأغلقت المقرّ بشكلٍ كامل بعد مداهمته وتفتيشه، قبل أن تعلّق على بوابته أوامر إغلاق عسكرية.
واستولت قوات الاحتلال على عدد من أجهزة الحاسوب والوثائق من المقر، وانتشرت في محيط أحياء سطح مرحبا وجبل الطويل وأم الشرايط، ما أدّى إلى اندلاع مواجهات إضافية.
وقالت جمعية الهلال الأحمر إنّ طواقمها تعاملت مع ثلاث إصابات بالغاز السام خلال الاقتحام، بينها فتاتان (19 عاماً) جرى نقلهما إلى المستشفى، فيما قُدّم العلاج الميداني لإصابة ثالثة في الموقع.
وأضافت الجمعية أنّ الطواقم تعاملت أيضاً مع إصابتين بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط لطفلين في سطح مرحبا خلال اقتحام قوات الاحتلال للمنطقة.
وفي الخليل، نفّذت قوات الاحتلال اقتحاماً متزامناً لمحيط مقرّ الاتحاد في المحافظة، ووضعت أوامر إغلاق مماثلة، في إطار حملة تستهدف المؤسسات الأهلية والتنموية الفلسطينية. ويأتي هذا التصعيد ضمن هجمة مستمرة على المؤسسات العاملة في القطاع الزراعي والخدمات المجتمعية، والتي تؤدي دوراً محورياً في تعزيز صمود المزارعين والمجتمعات الريفية في مختلف المحافظات.
الاعتداء على طفل في الخليل
وبالتزامن، اعتدى الجيش الإسرائيلي على طفل بالضرب المبرح عقب احتجازه في قرية البرج جنوبي الخليل.
وأفادت مصادر محلية لوكالة «صفا» بأنّ قوات الاحتلال احتجزت طفلاً في منطقة جبلية غير مأهولة بالسكان في قرية البرج، واعتدت عليه بالضرب المبرح.
وفي السياق نفسه، منعت قوات الاحتلال المواطنين من حراثة أراضيهم في قرية أمنيزِل في مسافر يطا جنوبي الخليل.
اقتلاع 850 شجرة زيتون
في المقابل، اقتلع مستوطنون، اليوم، 850 شجرة زيتون وعنب جنوب شرق يطا جنوبي الخليل.
وقال الناشط ضدّ الاستيطان، أسامة مخامرة، إنّ «مستوطنين مسلّحين من مستوطنة سوسيا المقامة على أراضي المواطنين جنوب الخليل، اقتحموا بحماية جنود الاحتلال أراضي خربة خلة الحمص جنوب شرق يطا التي تعود ملكيتها لعائلة إعبيد المصري، واقتلعوا نحو 850 شجرة عنب وزيتون، وحطموا محتويات غرفة زراعية، وخرّبوا أسلاكاً شائكة».
كما سرق مستوطنون جراراً زراعياً يعود للمواطن زياد صقر ضَمْرَة، بينما كان يعمل في حراثة أرضه في منطقة السطيحة غرب مدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت منظمة «البيدر» الحقوقية أنّ المستوطنين سرقوا الجرار تحت حماية قوات الاحتلال، ونقلوه إلى البؤرة الاستيطانية المقامة قرب جبل قرنطل غرب المدينة، في اعتداء جديد يستهدف المزارعين في المنطقة.
شهدت الضفة الغربية، اليوم، تصعيداً واسعاً في اعتداءات قوات الاحتلال، شمل مدن البيرة والخليل وجنين، وأسفر عن إصابات واعتقالات واعتداءات طاولت عدداً من المؤسسات الأهلية.
واندلعت، ظهر اليوم، مواجهات متصاعدة، في مدينة البيرة، بين قوات الاحتلال وشبّان فلسطينيين، عقب اقتحام العدو عدداً من الأحياء. وجاء الاقتحام، في وقت مبكر، ترافقه تحركات عسكرية مكثّفة وانتشار لآليات جيش الاحتلال في محيط المدينة، حيث نصب قنّاصة على أسطح عدد من المباني في حيّ سطح مرحبا.
وتركّزت المواجهات، بشكلٍ خاص، في حيّ سطح مرحبا، حيث أطلقت قوات الاحتلال قنابل الصوت والغاز المسيّل للدموع بكثافة باتجاه الشبّان الذين حاولوا التصدّي لاقتحام المنطقة، ما أسفر عن إصابة عدد من المواطنين بحالات اختناق جرّاء انتشار الغاز في الشوارع والأحياء السكنية.
محاولات لمحاصرة المزارعين
كما اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقرّ اتحاد لجان العمل الزراعي في مدينة البيرة، وأغلقت المقرّ بشكلٍ كامل بعد مداهمته وتفتيشه، قبل أن تعلّق على بوابته أوامر إغلاق عسكرية.
واستولت قوات الاحتلال على عدد من أجهزة الحاسوب والوثائق من المقر، وانتشرت في محيط أحياء سطح مرحبا وجبل الطويل وأم الشرايط، ما أدّى إلى اندلاع مواجهات إضافية.
وقالت جمعية الهلال الأحمر إنّ طواقمها تعاملت مع ثلاث إصابات بالغاز السام خلال الاقتحام، بينها فتاتان (19 عاماً) جرى نقلهما إلى المستشفى، فيما قُدّم العلاج الميداني لإصابة ثالثة في الموقع.
وأضافت الجمعية أنّ الطواقم تعاملت أيضاً مع إصابتين بالرصاص المعدني المغلّف بالمطاط لطفلين في سطح مرحبا خلال اقتحام قوات الاحتلال للمنطقة.
وفي الخليل، نفّذت قوات الاحتلال اقتحاماً متزامناً لمحيط مقرّ الاتحاد في المحافظة، ووضعت أوامر إغلاق مماثلة، في إطار حملة تستهدف المؤسسات الأهلية والتنموية الفلسطينية. ويأتي هذا التصعيد ضمن هجمة مستمرة على المؤسسات العاملة في القطاع الزراعي والخدمات المجتمعية، والتي تؤدي دوراً محورياً في تعزيز صمود المزارعين والمجتمعات الريفية في مختلف المحافظات.
الاعتداء على طفل في الخليل
وبالتزامن، اعتدى الجيش الإسرائيلي على طفل بالضرب المبرح عقب احتجازه في قرية البرج جنوبي الخليل.
وأفادت مصادر محلية لوكالة «صفا» بأنّ قوات الاحتلال احتجزت طفلاً في منطقة جبلية غير مأهولة بالسكان في قرية البرج، واعتدت عليه بالضرب المبرح.
وفي السياق نفسه، منعت قوات الاحتلال المواطنين من حراثة أراضيهم في قرية أمنيزِل في مسافر يطا جنوبي الخليل.
اقتلاع 850 شجرة زيتون
في المقابل، اقتلع مستوطنون، اليوم، 850 شجرة زيتون وعنب جنوب شرق يطا جنوبي الخليل.
وقال الناشط ضدّ الاستيطان، أسامة مخامرة، إنّ «مستوطنين مسلّحين من مستوطنة سوسيا المقامة على أراضي المواطنين جنوب الخليل، اقتحموا بحماية جنود الاحتلال أراضي خربة خلة الحمص جنوب شرق يطا التي تعود ملكيتها لعائلة إعبيد المصري، واقتلعوا نحو 850 شجرة عنب وزيتون، وحطموا محتويات غرفة زراعية، وخرّبوا أسلاكاً شائكة».
كما سرق مستوطنون جراراً زراعياً يعود للمواطن زياد صقر ضَمْرَة، بينما كان يعمل في حراثة أرضه في منطقة السطيحة غرب مدينة أريحا في الضفة الغربية المحتلة.
وأوضحت منظمة «البيدر» الحقوقية أنّ المستوطنين سرقوا الجرار تحت حماية قوات الاحتلال، ونقلوه إلى البؤرة الاستيطانية المقامة قرب جبل قرنطل غرب المدينة، في اعتداء جديد يستهدف المزارعين في المنطقة.
نتنياهو يتلبّس لبوس «المخلّص» | إسرائيل ما بعد طلب العفو: معادلة جديدة
يحيى دبوق
تتسارع أحداث الساحة الداخلية الإسرائيلية على وقع طلب عفو غير مسبوق تقدّم به رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ، من التهم الموجّهة إليه، لم يُرفق بأي إقرار بالذنب. ولا يُعدّ هذا الطلب مجرّد إجراء قانوني، خصوصاً أنه لا يستند إلى اعتراف بالتهم أو حتى إلى حكم قضائي، بل هو رسالة سياسية واضحة، مفادها بأن نتنياهو في ضائقة، ويريد مخرجاً من المحاكمة، وذلك بدعوى أنه «ضروري ولا غنى عنه للدولة». أمّا المبرّر الرسمي للعفو، بحسب مذكرة محاميه، فهو أن رئيس الحكومة «لا يستطيع أن يكرّس الوقت اللازم للمحاكمة بسبب التزاماته الوطنية»، وأن بقاءه في السلطة شرطٌ لضمان الأمن القومي، ولاستمرار المفاوضات الديبلوماسية، بل وحتى لـ«إنقاذ إسرائيل من الفوضى». وهنا تحديداً، تكمن المفارقة الكبرى: الشخص الذي يُحاكَم بتهم فساد ورشى، بما فيها استغلال منصبه لتبادل المنافع مع رجال أعمال، يدّعي الآن أن غيابه عن الحكم، قد يُفقد إسرائيل بوصلتها.
ورغم أن طلب نتنياهو العفو، يشير إلى ضائقة في مساره القضائي، وخشيةٍ من أن تنتهي محاكمته إلى إدانةٍ تنهي حياته السياسية، وربّما أيضاً تُدخله السجن، إلّا أن هذه الجزئية لا تشغل بال الإسرائيليين حالياً. فالجدال الرئيسي يتمحور حول كوْن الطلب سابقة خطيرة تقوّض مبدأً أساسياً - وإنْ كان نسبياً - في «دولة» تدّعي سيادة القانون: وهو العفو، وفقاً للعرف والقانون، الذي يُمنح فقط بعد إدانة نهائية، أي حين تأخذ المحاكمة مجراها ويكتمل مسارها. والجدير ذكره هنا أن الاستثناء الوحيد من ذلك كان في قضيّة «خط 300» عام 1986، حين مَنح الرئيس حاييم هرتسوغ، والد الرئيس الحالي، عفواً مبكراً لكبار مسؤولي «الشاباك» إثر اعترافهم بقتل محتجزين فلسطينيين بدم بارد بعد استسلامهم؛ وهو ما تمّ يومها ضمن صفقة سياسية هدفها تجنيب الدولة فضيحة تهدّد «صورتها الديموقراطية»، وفي ظلّ وجود اعتراف صريح بالذنب وتخلّي المعفوّ عنهم عن مناصبهم. أمّا اليوم، فلا شيء مما تقدّم، بل تبريرات ترفع المصلحة الشخصية إلى مرتبة مصلحة الدولة؛ علماً أن حادثة «الخط 300»، التي كانت تُعدّ يوماً استثناءً مدمّراً لصورة تل أبيب، باتت تُمارَس يوميّاً في إسرائيل الحالية من دون اكتراث، لا من جانب المؤسسات، ولا الرأي العام.
وانطلاقاً من هذا التناقض الصارخ، فإن خبراء قانونيين يصفون طلب نتنياهو بأنه «ابتزاز مغلّف بخطاب عفو»؛ إذ إن الرسالة الضمنية فيه واضحة: «إذا لم تنقذوني، فستدفع الدولة ثمناً باهظاً»، وذلك في صورة اضطراب أمني، وفراغ سياسي، وشرخ اجتماعي أوسع. ويزداد المشهد تعقيداً هنا مع دخول عامل خارجي حاسم، متمثل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. فما يتسرّب من محيط نتنياهو، وما كتبه محلّلون إسرائيليون، يشي بأن طلب العفو لم ينبع فقط من حسابات داخلية، بل جاء مدفوعاً برسالة مباشرة من ترامب إلى هرتسوغ، يدعوه فيها صراحةً إلى منح نتنياهو العفو. ويُفهم ما تقدّم، في سياق الرؤية الجيوسياسية لترامب، الذي يرى في نتنياهو شريكاً استراتيجيّاً لا بديل منه في منطقة يعتقد بأنها تشهد تحوّلاً جوهريّاً، خاصة في ملفّات إيران، والتطبيع مع السعودية، ومستقبل القضية الفلسطينية، والمصلحة الأميركية بشكل عام، ومصلحة ترامب بشكل خاص.
لكن حتى في حال وافق هرتسوغ على النظر في الطلب - وهو أمر غير مؤكد -، فإن السيناريو المتوقّع لا يخلو من مقايضات سياسية صارمة. فالمقرّبون من الرئيس يشيرون إلى أن أيّ عفو محتمل سيكون مشروطاً: إمّا بإقرار جزئي بالذنب في إحدى القضايا (مثل قضية تلقي الرشى في «الملف 1000»)، أو بتخلّي نتنياهو عن جزء من سياساته التشريعية المناهضة للقضاء، أو حتى بالموافقة على خريطة طريق سياسية تؤدّي إلى عزل اليمين المتطرّف. لكن رئيس الحكومة، الذي يعتاش على خطاب «الاضطهاد السياسي»، وعلى حاجة «إسرائيل الدولة» إلى بقائه في الحكم، لن يَسهل عليه أن يدفع أيّ ثمن من هذا النوع، من دون أن يتلقّى تداعيات سيئة سياسيّاً ووجوديّاً.
هكذا، يزداد الواقع الإسرائيلي تعقيداً، ليس بسبب الحروب التي يخوضها هذا الكيان في الخارج والداخل على السواء - حيث لم يُحسم أيّ منها -، بل على خلفية العجز المتزايد عن إدارة الخلافات الداخلية. فالانقسام لم يَعُد مجرّد خلاف سياسي عابر، بل أضحى شرخاً وجوديّاً يهدّد القدرة على التوافق حتى على القواعد الأساسية لمنظومة الحكم والقضاء. ومن هنا، فإن طلب نتنياهو العفو ليس حدثاً عابراً يناقَش في أروقة المحاكم أو يعلّق عليه إعلاميّاً، بل هو محطة فارقة، سيتحدّد مِن بَعدها ليس مصير نتنياهو وحده، بل ملامح النظام السياسي الإسرائيلي برمّته، لسنوات مقبلة.
أما خارجياً، وعلى نقيض الانطباع الأول، فإن أزمة كهذه لا تضعف نتنياهو وائتلافه أو تدفعهما إلى التريّث في ساحات المواجهة العسكرية والأمنية، سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها، بل قد تكون سبباً للتوثّب الدائم نحو مزيد من التصعيد الخارجي، الذي يُراد منه إثبات «ضرورة» البقاء في السلطة. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، خصوصاً أن تجربة العامين الماضيين أثبتت أن التصعيد يدار ليس من منطلق الأمن القومي فقط، بل أيضاً استناداً إلى حسابات البقاء السياسي لـ«الزعيم الضروري» الذي لا غنى عنه.
يحيى دبوق
تتسارع أحداث الساحة الداخلية الإسرائيلية على وقع طلب عفو غير مسبوق تقدّم به رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى الرئيس إسحاق هرتسوغ، من التهم الموجّهة إليه، لم يُرفق بأي إقرار بالذنب. ولا يُعدّ هذا الطلب مجرّد إجراء قانوني، خصوصاً أنه لا يستند إلى اعتراف بالتهم أو حتى إلى حكم قضائي، بل هو رسالة سياسية واضحة، مفادها بأن نتنياهو في ضائقة، ويريد مخرجاً من المحاكمة، وذلك بدعوى أنه «ضروري ولا غنى عنه للدولة». أمّا المبرّر الرسمي للعفو، بحسب مذكرة محاميه، فهو أن رئيس الحكومة «لا يستطيع أن يكرّس الوقت اللازم للمحاكمة بسبب التزاماته الوطنية»، وأن بقاءه في السلطة شرطٌ لضمان الأمن القومي، ولاستمرار المفاوضات الديبلوماسية، بل وحتى لـ«إنقاذ إسرائيل من الفوضى». وهنا تحديداً، تكمن المفارقة الكبرى: الشخص الذي يُحاكَم بتهم فساد ورشى، بما فيها استغلال منصبه لتبادل المنافع مع رجال أعمال، يدّعي الآن أن غيابه عن الحكم، قد يُفقد إسرائيل بوصلتها.
ورغم أن طلب نتنياهو العفو، يشير إلى ضائقة في مساره القضائي، وخشيةٍ من أن تنتهي محاكمته إلى إدانةٍ تنهي حياته السياسية، وربّما أيضاً تُدخله السجن، إلّا أن هذه الجزئية لا تشغل بال الإسرائيليين حالياً. فالجدال الرئيسي يتمحور حول كوْن الطلب سابقة خطيرة تقوّض مبدأً أساسياً - وإنْ كان نسبياً - في «دولة» تدّعي سيادة القانون: وهو العفو، وفقاً للعرف والقانون، الذي يُمنح فقط بعد إدانة نهائية، أي حين تأخذ المحاكمة مجراها ويكتمل مسارها. والجدير ذكره هنا أن الاستثناء الوحيد من ذلك كان في قضيّة «خط 300» عام 1986، حين مَنح الرئيس حاييم هرتسوغ، والد الرئيس الحالي، عفواً مبكراً لكبار مسؤولي «الشاباك» إثر اعترافهم بقتل محتجزين فلسطينيين بدم بارد بعد استسلامهم؛ وهو ما تمّ يومها ضمن صفقة سياسية هدفها تجنيب الدولة فضيحة تهدّد «صورتها الديموقراطية»، وفي ظلّ وجود اعتراف صريح بالذنب وتخلّي المعفوّ عنهم عن مناصبهم. أمّا اليوم، فلا شيء مما تقدّم، بل تبريرات ترفع المصلحة الشخصية إلى مرتبة مصلحة الدولة؛ علماً أن حادثة «الخط 300»، التي كانت تُعدّ يوماً استثناءً مدمّراً لصورة تل أبيب، باتت تُمارَس يوميّاً في إسرائيل الحالية من دون اكتراث، لا من جانب المؤسسات، ولا الرأي العام.
وانطلاقاً من هذا التناقض الصارخ، فإن خبراء قانونيين يصفون طلب نتنياهو بأنه «ابتزاز مغلّف بخطاب عفو»؛ إذ إن الرسالة الضمنية فيه واضحة: «إذا لم تنقذوني، فستدفع الدولة ثمناً باهظاً»، وذلك في صورة اضطراب أمني، وفراغ سياسي، وشرخ اجتماعي أوسع. ويزداد المشهد تعقيداً هنا مع دخول عامل خارجي حاسم، متمثل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب. فما يتسرّب من محيط نتنياهو، وما كتبه محلّلون إسرائيليون، يشي بأن طلب العفو لم ينبع فقط من حسابات داخلية، بل جاء مدفوعاً برسالة مباشرة من ترامب إلى هرتسوغ، يدعوه فيها صراحةً إلى منح نتنياهو العفو. ويُفهم ما تقدّم، في سياق الرؤية الجيوسياسية لترامب، الذي يرى في نتنياهو شريكاً استراتيجيّاً لا بديل منه في منطقة يعتقد بأنها تشهد تحوّلاً جوهريّاً، خاصة في ملفّات إيران، والتطبيع مع السعودية، ومستقبل القضية الفلسطينية، والمصلحة الأميركية بشكل عام، ومصلحة ترامب بشكل خاص.
لكن حتى في حال وافق هرتسوغ على النظر في الطلب - وهو أمر غير مؤكد -، فإن السيناريو المتوقّع لا يخلو من مقايضات سياسية صارمة. فالمقرّبون من الرئيس يشيرون إلى أن أيّ عفو محتمل سيكون مشروطاً: إمّا بإقرار جزئي بالذنب في إحدى القضايا (مثل قضية تلقي الرشى في «الملف 1000»)، أو بتخلّي نتنياهو عن جزء من سياساته التشريعية المناهضة للقضاء، أو حتى بالموافقة على خريطة طريق سياسية تؤدّي إلى عزل اليمين المتطرّف. لكن رئيس الحكومة، الذي يعتاش على خطاب «الاضطهاد السياسي»، وعلى حاجة «إسرائيل الدولة» إلى بقائه في الحكم، لن يَسهل عليه أن يدفع أيّ ثمن من هذا النوع، من دون أن يتلقّى تداعيات سيئة سياسيّاً ووجوديّاً.
هكذا، يزداد الواقع الإسرائيلي تعقيداً، ليس بسبب الحروب التي يخوضها هذا الكيان في الخارج والداخل على السواء - حيث لم يُحسم أيّ منها -، بل على خلفية العجز المتزايد عن إدارة الخلافات الداخلية. فالانقسام لم يَعُد مجرّد خلاف سياسي عابر، بل أضحى شرخاً وجوديّاً يهدّد القدرة على التوافق حتى على القواعد الأساسية لمنظومة الحكم والقضاء. ومن هنا، فإن طلب نتنياهو العفو ليس حدثاً عابراً يناقَش في أروقة المحاكم أو يعلّق عليه إعلاميّاً، بل هو محطة فارقة، سيتحدّد مِن بَعدها ليس مصير نتنياهو وحده، بل ملامح النظام السياسي الإسرائيلي برمّته، لسنوات مقبلة.
أما خارجياً، وعلى نقيض الانطباع الأول، فإن أزمة كهذه لا تضعف نتنياهو وائتلافه أو تدفعهما إلى التريّث في ساحات المواجهة العسكرية والأمنية، سواء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أو خارجها، بل قد تكون سبباً للتوثّب الدائم نحو مزيد من التصعيد الخارجي، الذي يُراد منه إثبات «ضرورة» البقاء في السلطة. وهنا تكمن الخطورة الحقيقية، خصوصاً أن تجربة العامين الماضيين أثبتت أن التصعيد يدار ليس من منطلق الأمن القومي فقط، بل أيضاً استناداً إلى حسابات البقاء السياسي لـ«الزعيم الضروري» الذي لا غنى عنه.
براك يستخدم إعلام السعودية بعد إعلام إسرائيل للتهديد: ضربة وشيكة لحزب الله وتحذير للعراق!
في آخر حملات التهديد الإسرائيلية على لبنان، بثّت قناة «كان» في تقاريرها المسائية أنّ جيش الاحتلال «بدأ بالتحضير لهجمات واسعة النطاق على لبنان في المستقبل القريب». وهو ما تزامن مع إبلاغ مسؤول عسكري إلى صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ إسرائيل «وحدها قادرة على نزع سلاح حماس في غزة وحزب الله في لبنان»، مضيفاً «أنّ رئيس الأركان إيال زامير، سيزور الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لبحث قضايا غزة ولبنان وسوريا، وتنسيق خطوات نزع سلاح حزب الله».
هذه الأخبار، تزامنت مع تطوّر جديد في التهديدات الأميركية – الإسرائيلية من الوضع على الجبهة مع لبنان، وكان لافتاً انضمام وسائل إعلام تابعة للسعودية إلى حملة التهويل، وهو ما فعلته قناة «العربية – الحدث» التي تحدّثت أمس عن أن المبعوث الأميركي توم برّاك، زار العراق بغرض نقل تحذير إلى الحكومة العراقية من مشاركة فصائل في توجيه ضربات إلى إسرائيل التي قالت «القناة»، إن برّاك كان جازماً بأنها ستوجّه قريباً ضربة كبيرة إلى حزب الله.
وبحسب ما بثّته القناة السعودية، فإن برّاك «نقل إلى المسؤولين في بغداد رسالة تحذّر من عملية عسكرية إسرائيلية قريبة ضد حزب الله، وأن العملية ستستمرّ حتى تحقيق هدفها بنزع سلاح حزب الله، وأنّ تل أبيب تعتبر ذلك شرطاً أساسياً لإعادة تشكيل معادلة الردع على الحدود». وقالت القناة في تقريرها، إن برّاك «حذّر الحكومة العراقية صراحة من تعرّضها لضربة إسرائيلية قاسية إذا تدخّلت أي فصائل عراقية لمساندة حزب الله في حال اندلاع المواجهة، معتبراً أنّ أي دخول من هذا النوع سيُنظَر إليه كتصعيد مباشر قد يستدعي رداً عسكرياً على الأراضي العراقية».
وبرغم أن المتصلين ببرّاك أكّدوا أنه قام بنقل هذه الرسائل، إلا أن مصادر عراقية قريبة من رئاسة الحكومة نفت هذه المعلومات، وقالت، إن برّاك جاء بناءً على موعد مُحدّد سابقاً، وله علاقة بملف العلاقات العراقية – السورية. وتابعت المصادر، أن هناك من يريد توجيه الأنظار في اتجاه المزيد من الضغط على لبنان وحزب الله.
وقالت مصادر عراقية أخرى، إن الكلام المنسوب إلى برّاك ليس مُستبعداً، لأن الضغوط قائمة على «القوى السياسية الشيعية بالتحديد»، لافتة إلى أن هناك هدفاً آخر، «ربما يتعلّق بمستقبل رئاسة الحكومة في العراق والخشية من توافق سياسي عراقي لا يفسح المجال للتدخّلات الأميركية، خصوصاً بعد نجاح الانتخابات العراقية وحصول القوى الداعمة للمقاومة على عدد من المقاعد يعطيها أرجحية في تشكيل الحكومة القادمة».
وبحسب أوساط الفصائل العراقية فإن «موقفها لن يتأثّر بمثل هذه التحذيرات، وإنها تتعامل مع التهديدات بجدّية، وفي حال قرّر العدو فتح صفحة جديدة من المواجهة، فسوف يتحمّل التبعات هو ومعه الولايات المتحدة الأميركية». وأضافت: «إن المقاومة العراقية تترقّب مسار الأحداث وهي في حالة استنفار».
وفي الكيان الصهيوني، تواصلت التسريبات عن «استنفار أمني» خشية أن يقوم حزب الله بردّ على اغتيال القائد العسكري هيثم الطبطبائي، وأن إسرائيل تجد نفسها مضطرة إلى رفع مستوى الضغط العسكري بسبب عدم قيام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب. ونُشرت أمس تقارير إضافية تتعلّق بعملية إعادة بناء حزب الله لقدراته العسكرية، مع تحذيرات إضافية من توسّع رقعة المواجهة.
والعنصر المشترك في كل ما ينشره إعلام العدو، يركّز على «أن الحرب حتمية، ولكنّ السؤال، كيف ومتى ستحصل»، مع بروز إشارات أولى إلى ترقّب إسرائيل لما سوف يقوم به حزب الله الذي أعلن أنه سيردّ على عملية الاغتيال.
ونقل موقع «واينت» العبري عن «دبلوماسي أوروبي» إشارته إلى التوترات المتصاعدة مع لبنان، وقوله: «لا أحد يريد أن يرى حرباً جديدة. إن التقدّم الذي أحرزه الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله ليس كافياً. إذا حاول حزب الله مرة أخرى تهديد إسرائيل والاستيلاء على مواقع في جنوب لبنان، فمن حق إسرائيل التصرّف».
كما نقلت عن الدبلوماسي نفسه تأكيده «على ضرورة مشاركة إسرائيل دبلوماسياً، وأن السياسة الذكية تعني إعطاء اللبنانيين شيئاً ما، ويجب أن يكون هناك أكثر من مجرد عمل عسكري. يجب على الجميع أن يسألوا كيف يمكننا مساعدة حكومة لبنان وجيشه على القيام بما هو مطلوب وضمان عدم استعادة حزب الله قوته؟ لأننا سمعنا أن إيران لم تتوقّف عن تزويده بالأسلحة».
في آخر حملات التهديد الإسرائيلية على لبنان، بثّت قناة «كان» في تقاريرها المسائية أنّ جيش الاحتلال «بدأ بالتحضير لهجمات واسعة النطاق على لبنان في المستقبل القريب». وهو ما تزامن مع إبلاغ مسؤول عسكري إلى صحيفة «يسرائيل هيوم»، أنّ إسرائيل «وحدها قادرة على نزع سلاح حماس في غزة وحزب الله في لبنان»، مضيفاً «أنّ رئيس الأركان إيال زامير، سيزور الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لبحث قضايا غزة ولبنان وسوريا، وتنسيق خطوات نزع سلاح حزب الله».
هذه الأخبار، تزامنت مع تطوّر جديد في التهديدات الأميركية – الإسرائيلية من الوضع على الجبهة مع لبنان، وكان لافتاً انضمام وسائل إعلام تابعة للسعودية إلى حملة التهويل، وهو ما فعلته قناة «العربية – الحدث» التي تحدّثت أمس عن أن المبعوث الأميركي توم برّاك، زار العراق بغرض نقل تحذير إلى الحكومة العراقية من مشاركة فصائل في توجيه ضربات إلى إسرائيل التي قالت «القناة»، إن برّاك كان جازماً بأنها ستوجّه قريباً ضربة كبيرة إلى حزب الله.
وبحسب ما بثّته القناة السعودية، فإن برّاك «نقل إلى المسؤولين في بغداد رسالة تحذّر من عملية عسكرية إسرائيلية قريبة ضد حزب الله، وأن العملية ستستمرّ حتى تحقيق هدفها بنزع سلاح حزب الله، وأنّ تل أبيب تعتبر ذلك شرطاً أساسياً لإعادة تشكيل معادلة الردع على الحدود». وقالت القناة في تقريرها، إن برّاك «حذّر الحكومة العراقية صراحة من تعرّضها لضربة إسرائيلية قاسية إذا تدخّلت أي فصائل عراقية لمساندة حزب الله في حال اندلاع المواجهة، معتبراً أنّ أي دخول من هذا النوع سيُنظَر إليه كتصعيد مباشر قد يستدعي رداً عسكرياً على الأراضي العراقية».
وبرغم أن المتصلين ببرّاك أكّدوا أنه قام بنقل هذه الرسائل، إلا أن مصادر عراقية قريبة من رئاسة الحكومة نفت هذه المعلومات، وقالت، إن برّاك جاء بناءً على موعد مُحدّد سابقاً، وله علاقة بملف العلاقات العراقية – السورية. وتابعت المصادر، أن هناك من يريد توجيه الأنظار في اتجاه المزيد من الضغط على لبنان وحزب الله.
وقالت مصادر عراقية أخرى، إن الكلام المنسوب إلى برّاك ليس مُستبعداً، لأن الضغوط قائمة على «القوى السياسية الشيعية بالتحديد»، لافتة إلى أن هناك هدفاً آخر، «ربما يتعلّق بمستقبل رئاسة الحكومة في العراق والخشية من توافق سياسي عراقي لا يفسح المجال للتدخّلات الأميركية، خصوصاً بعد نجاح الانتخابات العراقية وحصول القوى الداعمة للمقاومة على عدد من المقاعد يعطيها أرجحية في تشكيل الحكومة القادمة».
وبحسب أوساط الفصائل العراقية فإن «موقفها لن يتأثّر بمثل هذه التحذيرات، وإنها تتعامل مع التهديدات بجدّية، وفي حال قرّر العدو فتح صفحة جديدة من المواجهة، فسوف يتحمّل التبعات هو ومعه الولايات المتحدة الأميركية». وأضافت: «إن المقاومة العراقية تترقّب مسار الأحداث وهي في حالة استنفار».
وفي الكيان الصهيوني، تواصلت التسريبات عن «استنفار أمني» خشية أن يقوم حزب الله بردّ على اغتيال القائد العسكري هيثم الطبطبائي، وأن إسرائيل تجد نفسها مضطرة إلى رفع مستوى الضغط العسكري بسبب عدم قيام الحكومة اللبنانية بنزع سلاح الحزب. ونُشرت أمس تقارير إضافية تتعلّق بعملية إعادة بناء حزب الله لقدراته العسكرية، مع تحذيرات إضافية من توسّع رقعة المواجهة.
والعنصر المشترك في كل ما ينشره إعلام العدو، يركّز على «أن الحرب حتمية، ولكنّ السؤال، كيف ومتى ستحصل»، مع بروز إشارات أولى إلى ترقّب إسرائيل لما سوف يقوم به حزب الله الذي أعلن أنه سيردّ على عملية الاغتيال.
ونقل موقع «واينت» العبري عن «دبلوماسي أوروبي» إشارته إلى التوترات المتصاعدة مع لبنان، وقوله: «لا أحد يريد أن يرى حرباً جديدة. إن التقدّم الذي أحرزه الجيش اللبناني في نزع سلاح حزب الله ليس كافياً. إذا حاول حزب الله مرة أخرى تهديد إسرائيل والاستيلاء على مواقع في جنوب لبنان، فمن حق إسرائيل التصرّف».
كما نقلت عن الدبلوماسي نفسه تأكيده «على ضرورة مشاركة إسرائيل دبلوماسياً، وأن السياسة الذكية تعني إعطاء اللبنانيين شيئاً ما، ويجب أن يكون هناك أكثر من مجرد عمل عسكري. يجب على الجميع أن يسألوا كيف يمكننا مساعدة حكومة لبنان وجيشه على القيام بما هو مطلوب وضمان عدم استعادة حزب الله قوته؟ لأننا سمعنا أن إيران لم تتوقّف عن تزويده بالأسلحة».
من غوث اللاجئين إلى جمع معلومـات أمنية
يبدو أنّ مكتب وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان «الأونروا»، تحت إدارة دوروثي كلاوس، يشهد تحوّلاً لافتاً من منظمة إنسانية إلى أداة ذات أدوار سياسية وأمنية.
فرغم أنّ الاهتمام بالسياق السياسي لعمل الوكالة أمر مفهوم، إلا أنّ طبيعة التقارير التي تعدّها كلاوس ونشاطها في لبنان باتا يوحيان بتجاوز واضح لمهمّة الوكالة الإغاثية.
ويكشف تقرير داخلي أعدّته كلاوس وأرسلته إلى إدارتها قبل أقلّ من أسبوعين، أنّها تولي حيّزاً واسعاً للضغوط الأميركية الرامية إلى نزع سلاح حزب الله، مقابل تراجع الاهتمام بالاحتياجات الإنسانية للاجئين، ما جعل الوكالة تبدو أقرب إلى جهاز رصد لملفات أمنية حسّاسة تخدم أجندات خارجية.
كما يُظهِر التقرير أنّ الوكالة أقحمت نفسها في الصراعات بين الفصائل الفلسطينية، واتّخذت عملياً موقفاً منحازاً حين اعتبرت أنّ «اللقاء الوطني الفلسطيني التشاوري» في لبنان قد «تحوّل» إلى إطار سياسي جديد خارج منظمة التحرير الفلسطينية.
ويشير التقرير إلى وجود تعاون وثيق بين «الأونروا» والأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، إذ بدلاً من الدفاع عن حق اللاجئين في حرية الحركة، توثّق كلاوس الإجراءات الأمنية وتتعامل معها كأمر واقع، بل وتذهب أبعد من ذلك عبر التعاون مع هذه الأجهزة في بعض عملياتها. ويبرّر التقرير هذه الإجراءات من دون تسجيل أي اعتراض على ما تخلّفه من انتهاكات لحقوق اللاجئين، فيما تلجأ كلاوس إلى إطلاق اتهامات بلا أدلة، من بينها الزعم بأن حركة «حماس» تقود الاحتجاجات ضد الوكالة.
أمّا في ما يتعلّق بجوهر مهمة «الأونروا»، فتبدو كلاوس وكأنها تسعى إلى تبرير تقليص الخدمات الإنسانية بدلاً من العمل على تعزيزها، في انسجام مع أجندة تُفضي عملياً إلى تآكل دور الوكالة تدريجياً. وحتى في استعراضها لما يرد في الإعلام اللبناني، تمنح نفسها صلاحية التصنيف السياسي، إذ يرد في التقرير مثلاً توصيف صحيفة «الأخبار» بأنها «موالية لحزب الله».
ومنذ تولّي كلاوس إدارة مكتب «الأونروا» في لبنان، شهدت الوكالة تحوّلاً لافتاً من منظمة إنسانية إلى جهاز رصد أمني يجمع المعلومات عن أوضاع المخيمات، إذ باتت تمارس دوراً أقرب إلى جهاز استخباري، من خلال جمع معلومات أمنية مفصّلة، وتحويل متابعة الأوضاع إلى تقارير تحليلية عن التحالفات السياسية والعسكرية داخل المخيمات، وتتبّع تحركات الأطراف المسلحة، وتوثيق التوترات الداخلية، ورصد نشاط الجيش والأجهزة الأمنية والاشتباكات بين الفصائل والتحركات المرتبطة بتجار المخدّرات.
وإلى ذلك، يتضح حجم التنسيق المتزايد بين كلاوس والأجهزة الأمنية عبر برنامج تعاون غير مُعلن مع الجيش اللبناني، يشمل تبادل المعلومات حول أوضاع المخيمات، وتوفير تغطية في التقارير الدولية لعمليات الجيش، مقابل صمت عن انتهاكات تطاول اللاجئين.
كما تقدّم الوكالة معلومات دقيقة عن البنية التحتية للمخيمات ونقاط التوتر فيها، بما يعزّز سرديات تخدم الاحتلال الإسرائيلي وجهات لبنانية معارضة للوجود الفلسطيني، عبر تصوير المخيمات كمراكز تهديد أمني، وتسهيل خطط إعادة توطين الفلسطينيين خارجها من خلال تقليص الخدمات وخلق ظروف معيشية خانقة، ومنح غطاء «إنساني» لعمليات إعادة هندسة ديموغرافية.
أمّا داخل الوكالة نفسها، فقد أصبح واضحاً أنّ برنامج كلاوس يسير نحو تحويل الموظفين إلى عملاء لجمع المعلومات، واستغلال الحصانة الدبلوماسية لنقل البيانات، واستخدام المساعدات الإنسانية وسيلة ضغط، مع إنشاء شبكة مراقبة تعمل تحت غطاء المشاريع الخدمية.
تقرير رسمي يكشف تحوّل «الأونروا» إلى أداة سياسية
في ما يلي، مقتطفات من تقرير داخلي لوكالة «الأونروا»، أعدّته دوروثي كلاوس قبل أقل من أسبوعين، يتحدّث عن «السياق اللبناني والفلسطيني»:
«هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى - UNRWA - مكتب لبنان الإقليمي،
تقرير عن الوضع - اجتماع عملياتي نصف شهري
فترة التقرير: من 31 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025
1- يواجه لبنان ضغوطاً متصاعدة، مع تركيز على الضربات الإسرائيلية اليومية إلى جانب الضغط الدبلوماسي الأميركي لإكمال نزع سلاح حزب الله، وقطع مصادر تمويله. وكان الموعد النهائي المُتفق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي هو تنفيذ هذه الإجراءات بنهاية عام 2025. ولاحظت وسائل إعلامية عدة أن الكثير من الضغط يتركّز على الجيش اللبناني لممارسة احتكار الدولة للسلاح، بدءاً من المنطقة جنوب نهر الليطاني.
2- أثار خطاب متلفز للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، رفض فيه نزع السلاح الكامل، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني ردود فعل متباينة. فقد وصفته وسائل الإعلام المؤيّدة لحزب الله بأنه حازم ويهدف إلى مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية، بينما انتقدته وسائل الإعلام المنتقدة لحزب الله لكونه استفزازياً ويقوّض الدولة ويوفّر لإسرائيل ذرائع للتصعيد ضد لبنان.
3- أنهى وفد أميركي مالي - أمني من وزارة الخزانة والأمن الوطني زيارة للبنان، محدّداً مواعيد نهائية وتوقّعات جديدة من السلطات اللبنانية لنزع سلاح حزب الله وقطع تمويله، في ظل استمرار عدم اليقين السياسي المحلي. وللأسبوع الثالث على التوالي، واصلت إسرائيل حملة التهديدات والتحذيرات من عملية عسكرية واسعة النطاق في لبنان، على أن توقيتها لا يزال غير واضح. ونُظر إلى زيارة الوفد الأميركي على أنها تحذير جادّ للسلطات اللبنانية من عواقب تأخير الإجراءات ضد تمويل حزب الله. وأكّدت الزيارة على الضغط الأميركي القوي على لبنان للتحرك بحسم على الجبهتين الأمنية والمالية.
4- على الصعيد المحلي، حذّر معلّق كبير من أن الخلافات التي لم تُحلّ حول تصويت المغتربين في قانون الانتخابات تهدّد بشلّ عمل البرلمان، وقد تشكّل خطراً على الانتخابات النيابية العام المقبل. ومن ناحية أخرى، من المُقرّر أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعاً في 13 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة جدول أعمال اعتيادي ومالي».
وفي «السياق الفلسطيني»، جاء الآتي:
«1 - وفقاً لجريدة «نداء الوطن»، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، برز «اللقاء الوطني الفلسطيني التشاوري» في لبنان كإطار سياسي جديد خارج منظمة التحرير الفلسطينية، ما يعكس عمق الخلافات بين فتح وفصائل منظمة التحرير من جهة، وحماس وتحالف القوى الفلسطينية من جهة أخرى. وقد تشكّل هذا الإطار وسط خلافات حول السلاح الفلسطيني في لبنان، ويجمع بين حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأنصار الله والتيار الإصلاحي في فتح بقيادة محمود عبد الحميد اللينو. ويهدف إلى تنسيق المواقف بشأن القضايا المتعلّقة بالمخيمات، والاتفاق على عدم وجود أسلحة ثقيلة داخل المخيمات، وتوحيد اللجان الشعبية، وإنشاء قوة أمنية مشتركة. كما اتفق الأعضاء على تنظيم «مواجهة سلمية» مع «الأونروا» بما يخص خفض الخدمات.
2- تواصل حماس حملتها ضد «الأونروا» باستخدام وسائل إعلامها ومنصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اللبنانية المتحالفة معها، إلا أن المجتمع لا يزال لا يتفاعل مع هذه المنشورات. في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، نظّمت «لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» - التي تقودها حماس وتضم حراكاً وأطرافاً من «قوات التحالف» - اعتصاماً أمام المكتب الإقليمي في لبنان للمطالبة بتحسين الخدمات للاجئي فلسطين في لبنان والقادمين من سوريا. ونُظّم اعتصام مماثل الأربعاء الماضي، ومن المتوقّع أن تستمر الاحتجاجات أسبوعياً. وشملت المطالب الرئيسية: تحسين خدمات الأونروا، إكمال إعادة إعمار نهر البارد، زيادة الدعم المالي والإيجاري، تسهيل الوصول إلى التعليم، تسهيلات الإقامة، وتفعيل برنامج شبكة الأمان الاجتماعي.
3- وفقاً لجريدة «الأخبار» الموالية لحزب الله، يوم الإثنين 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، أثار ضغط الأونروا على المخيمات الفلسطينية - من خلال إغلاق المدارس وتقليص الفصول ودفع مستحقات المستشفيات بنظام الحصص وقطع المساعدات المالية - احتجاجات واسعة. وقد تدهور الوصول إلى الأدوية، وأغلقت المراكز الصحية، وتركت المدارس المتضررة من دون إصلاح، ما عمّق أزمة التعليم والصحة.
4- يواصل الجيش اللبناني إغلاق المداخل الثانوية لمخيم البداوي، وهو إجراء أثار غضب المجتمع حيث يقيّد حركة السكان والحياة اليومية. في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، نظّم سكان المخيم - بشكل أساسي الشباب - احتجاجاً عند المدخل الرئيسي ضد هذا الإجراء. ودعا أفراد المجتمع إلى الحفاظ على الممرات للمشاة، حيث يجب على السكان السفر لمسافات طويلة للوصول إلى الأماكن التي يحتاجون إليها. وأشارت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إجراء اتصالات بين الفصائل الفلسطينية ولجنة الحوار اللبنانية الفلسطينية والجيش اللبناني، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي نتائج حتى الآن.
5- في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، أفادت وسائل التواصل الاجتماعي بأن الجيش قام بمداهمة في أحد أحياء مخيم نهر البارد القديم، واعتقل خمسة تجار مخدّرات، بينما تمكّن واحد من الهروب. وفقاً لـ«بوابة اللاجئين»، شهد مخيم عين الحلوة يوم الجمعة 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، اشتباكاً في حي «البركسات» تبعته مداهمة نفّذتها قوات الأمن الوطني الفلسطيني على مخبأ لتهريب المخدّرات.
6 -وفقاً لـ «L’Orient-Le Jour» في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، اندلع إطلاق نار كثيف ليلة الجمعة في حي البركسات في مخيم عين الحلوة في صيدا، جنوب لبنان، تبعه نزاع عائلي. وتدخّلت قوات الأمن الوطني الفلسطيني لإعادة الهدوء بعد أن طالب السكان السلطات بحماية المدنيين، ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات.
7 - وفقاً لـ»Lebanon24» في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، هناك مخاوف متزايدة من خطط لتهجير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان ونقل اللاجئين إلى الشمال الشرقي (الشوف)، ما يثير القلق بين مجتمع اللاجئين. وتحذّر مصادر سياسية من أن المشاريع الاقتصادية والاستثمارية في الجنوب قد تكون مرتبطة بهذه الخطط. المقترحات تتطلّب مناطق «آمنة ومستقرة» خالية من النشاط المسلّح. ويشير المراقبون إلى أن مخيم عين الحلوة مُعرّض للخطر بشكل خاص، نظراً إلى وجود الفصائل المسلّحة، ويؤكدون على ضرورة اليقظة لمنع تجدّد الصراع أو النزوح».
يبدو أنّ مكتب وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في لبنان «الأونروا»، تحت إدارة دوروثي كلاوس، يشهد تحوّلاً لافتاً من منظمة إنسانية إلى أداة ذات أدوار سياسية وأمنية.
فرغم أنّ الاهتمام بالسياق السياسي لعمل الوكالة أمر مفهوم، إلا أنّ طبيعة التقارير التي تعدّها كلاوس ونشاطها في لبنان باتا يوحيان بتجاوز واضح لمهمّة الوكالة الإغاثية.
ويكشف تقرير داخلي أعدّته كلاوس وأرسلته إلى إدارتها قبل أقلّ من أسبوعين، أنّها تولي حيّزاً واسعاً للضغوط الأميركية الرامية إلى نزع سلاح حزب الله، مقابل تراجع الاهتمام بالاحتياجات الإنسانية للاجئين، ما جعل الوكالة تبدو أقرب إلى جهاز رصد لملفات أمنية حسّاسة تخدم أجندات خارجية.
كما يُظهِر التقرير أنّ الوكالة أقحمت نفسها في الصراعات بين الفصائل الفلسطينية، واتّخذت عملياً موقفاً منحازاً حين اعتبرت أنّ «اللقاء الوطني الفلسطيني التشاوري» في لبنان قد «تحوّل» إلى إطار سياسي جديد خارج منظمة التحرير الفلسطينية.
ويشير التقرير إلى وجود تعاون وثيق بين «الأونروا» والأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية، إذ بدلاً من الدفاع عن حق اللاجئين في حرية الحركة، توثّق كلاوس الإجراءات الأمنية وتتعامل معها كأمر واقع، بل وتذهب أبعد من ذلك عبر التعاون مع هذه الأجهزة في بعض عملياتها. ويبرّر التقرير هذه الإجراءات من دون تسجيل أي اعتراض على ما تخلّفه من انتهاكات لحقوق اللاجئين، فيما تلجأ كلاوس إلى إطلاق اتهامات بلا أدلة، من بينها الزعم بأن حركة «حماس» تقود الاحتجاجات ضد الوكالة.
أمّا في ما يتعلّق بجوهر مهمة «الأونروا»، فتبدو كلاوس وكأنها تسعى إلى تبرير تقليص الخدمات الإنسانية بدلاً من العمل على تعزيزها، في انسجام مع أجندة تُفضي عملياً إلى تآكل دور الوكالة تدريجياً. وحتى في استعراضها لما يرد في الإعلام اللبناني، تمنح نفسها صلاحية التصنيف السياسي، إذ يرد في التقرير مثلاً توصيف صحيفة «الأخبار» بأنها «موالية لحزب الله».
ومنذ تولّي كلاوس إدارة مكتب «الأونروا» في لبنان، شهدت الوكالة تحوّلاً لافتاً من منظمة إنسانية إلى جهاز رصد أمني يجمع المعلومات عن أوضاع المخيمات، إذ باتت تمارس دوراً أقرب إلى جهاز استخباري، من خلال جمع معلومات أمنية مفصّلة، وتحويل متابعة الأوضاع إلى تقارير تحليلية عن التحالفات السياسية والعسكرية داخل المخيمات، وتتبّع تحركات الأطراف المسلحة، وتوثيق التوترات الداخلية، ورصد نشاط الجيش والأجهزة الأمنية والاشتباكات بين الفصائل والتحركات المرتبطة بتجار المخدّرات.
وإلى ذلك، يتضح حجم التنسيق المتزايد بين كلاوس والأجهزة الأمنية عبر برنامج تعاون غير مُعلن مع الجيش اللبناني، يشمل تبادل المعلومات حول أوضاع المخيمات، وتوفير تغطية في التقارير الدولية لعمليات الجيش، مقابل صمت عن انتهاكات تطاول اللاجئين.
كما تقدّم الوكالة معلومات دقيقة عن البنية التحتية للمخيمات ونقاط التوتر فيها، بما يعزّز سرديات تخدم الاحتلال الإسرائيلي وجهات لبنانية معارضة للوجود الفلسطيني، عبر تصوير المخيمات كمراكز تهديد أمني، وتسهيل خطط إعادة توطين الفلسطينيين خارجها من خلال تقليص الخدمات وخلق ظروف معيشية خانقة، ومنح غطاء «إنساني» لعمليات إعادة هندسة ديموغرافية.
أمّا داخل الوكالة نفسها، فقد أصبح واضحاً أنّ برنامج كلاوس يسير نحو تحويل الموظفين إلى عملاء لجمع المعلومات، واستغلال الحصانة الدبلوماسية لنقل البيانات، واستخدام المساعدات الإنسانية وسيلة ضغط، مع إنشاء شبكة مراقبة تعمل تحت غطاء المشاريع الخدمية.
تقرير رسمي يكشف تحوّل «الأونروا» إلى أداة سياسية
في ما يلي، مقتطفات من تقرير داخلي لوكالة «الأونروا»، أعدّته دوروثي كلاوس قبل أقل من أسبوعين، يتحدّث عن «السياق اللبناني والفلسطيني»:
«هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى - UNRWA - مكتب لبنان الإقليمي،
تقرير عن الوضع - اجتماع عملياتي نصف شهري
فترة التقرير: من 31 أكتوبر/ تشرين الأول حتى 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2025
1- يواجه لبنان ضغوطاً متصاعدة، مع تركيز على الضربات الإسرائيلية اليومية إلى جانب الضغط الدبلوماسي الأميركي لإكمال نزع سلاح حزب الله، وقطع مصادر تمويله. وكان الموعد النهائي المُتفق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار العام الماضي هو تنفيذ هذه الإجراءات بنهاية عام 2025. ولاحظت وسائل إعلامية عدة أن الكثير من الضغط يتركّز على الجيش اللبناني لممارسة احتكار الدولة للسلاح، بدءاً من المنطقة جنوب نهر الليطاني.
2- أثار خطاب متلفز للأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، رفض فيه نزع السلاح الكامل، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني ردود فعل متباينة. فقد وصفته وسائل الإعلام المؤيّدة لحزب الله بأنه حازم ويهدف إلى مواجهة التهديدات الأميركية والإسرائيلية، بينما انتقدته وسائل الإعلام المنتقدة لحزب الله لكونه استفزازياً ويقوّض الدولة ويوفّر لإسرائيل ذرائع للتصعيد ضد لبنان.
3- أنهى وفد أميركي مالي - أمني من وزارة الخزانة والأمن الوطني زيارة للبنان، محدّداً مواعيد نهائية وتوقّعات جديدة من السلطات اللبنانية لنزع سلاح حزب الله وقطع تمويله، في ظل استمرار عدم اليقين السياسي المحلي. وللأسبوع الثالث على التوالي، واصلت إسرائيل حملة التهديدات والتحذيرات من عملية عسكرية واسعة النطاق في لبنان، على أن توقيتها لا يزال غير واضح. ونُظر إلى زيارة الوفد الأميركي على أنها تحذير جادّ للسلطات اللبنانية من عواقب تأخير الإجراءات ضد تمويل حزب الله. وأكّدت الزيارة على الضغط الأميركي القوي على لبنان للتحرك بحسم على الجبهتين الأمنية والمالية.
4- على الصعيد المحلي، حذّر معلّق كبير من أن الخلافات التي لم تُحلّ حول تصويت المغتربين في قانون الانتخابات تهدّد بشلّ عمل البرلمان، وقد تشكّل خطراً على الانتخابات النيابية العام المقبل. ومن ناحية أخرى، من المُقرّر أن يعقد مجلس الوزراء اجتماعاً في 13 نوفمبر/تشرين الثاني لمناقشة جدول أعمال اعتيادي ومالي».
وفي «السياق الفلسطيني»، جاء الآتي:
«1 - وفقاً لجريدة «نداء الوطن»، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، برز «اللقاء الوطني الفلسطيني التشاوري» في لبنان كإطار سياسي جديد خارج منظمة التحرير الفلسطينية، ما يعكس عمق الخلافات بين فتح وفصائل منظمة التحرير من جهة، وحماس وتحالف القوى الفلسطينية من جهة أخرى. وقد تشكّل هذا الإطار وسط خلافات حول السلاح الفلسطيني في لبنان، ويجمع بين حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وأنصار الله والتيار الإصلاحي في فتح بقيادة محمود عبد الحميد اللينو. ويهدف إلى تنسيق المواقف بشأن القضايا المتعلّقة بالمخيمات، والاتفاق على عدم وجود أسلحة ثقيلة داخل المخيمات، وتوحيد اللجان الشعبية، وإنشاء قوة أمنية مشتركة. كما اتفق الأعضاء على تنظيم «مواجهة سلمية» مع «الأونروا» بما يخص خفض الخدمات.
2- تواصل حماس حملتها ضد «الأونروا» باستخدام وسائل إعلامها ومنصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام اللبنانية المتحالفة معها، إلا أن المجتمع لا يزال لا يتفاعل مع هذه المنشورات. في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، نظّمت «لجنة الدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان» - التي تقودها حماس وتضم حراكاً وأطرافاً من «قوات التحالف» - اعتصاماً أمام المكتب الإقليمي في لبنان للمطالبة بتحسين الخدمات للاجئي فلسطين في لبنان والقادمين من سوريا. ونُظّم اعتصام مماثل الأربعاء الماضي، ومن المتوقّع أن تستمر الاحتجاجات أسبوعياً. وشملت المطالب الرئيسية: تحسين خدمات الأونروا، إكمال إعادة إعمار نهر البارد، زيادة الدعم المالي والإيجاري، تسهيل الوصول إلى التعليم، تسهيلات الإقامة، وتفعيل برنامج شبكة الأمان الاجتماعي.
3- وفقاً لجريدة «الأخبار» الموالية لحزب الله، يوم الإثنين 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، أثار ضغط الأونروا على المخيمات الفلسطينية - من خلال إغلاق المدارس وتقليص الفصول ودفع مستحقات المستشفيات بنظام الحصص وقطع المساعدات المالية - احتجاجات واسعة. وقد تدهور الوصول إلى الأدوية، وأغلقت المراكز الصحية، وتركت المدارس المتضررة من دون إصلاح، ما عمّق أزمة التعليم والصحة.
4- يواصل الجيش اللبناني إغلاق المداخل الثانوية لمخيم البداوي، وهو إجراء أثار غضب المجتمع حيث يقيّد حركة السكان والحياة اليومية. في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، نظّم سكان المخيم - بشكل أساسي الشباب - احتجاجاً عند المدخل الرئيسي ضد هذا الإجراء. ودعا أفراد المجتمع إلى الحفاظ على الممرات للمشاة، حيث يجب على السكان السفر لمسافات طويلة للوصول إلى الأماكن التي يحتاجون إليها. وأشارت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إجراء اتصالات بين الفصائل الفلسطينية ولجنة الحوار اللبنانية الفلسطينية والجيش اللبناني، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي نتائج حتى الآن.
5- في 10 نوفمبر/ تشرين الثاني، أفادت وسائل التواصل الاجتماعي بأن الجيش قام بمداهمة في أحد أحياء مخيم نهر البارد القديم، واعتقل خمسة تجار مخدّرات، بينما تمكّن واحد من الهروب. وفقاً لـ«بوابة اللاجئين»، شهد مخيم عين الحلوة يوم الجمعة 7 نوفمبر/ تشرين الثاني، اشتباكاً في حي «البركسات» تبعته مداهمة نفّذتها قوات الأمن الوطني الفلسطيني على مخبأ لتهريب المخدّرات.
6 -وفقاً لـ «L’Orient-Le Jour» في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني، اندلع إطلاق نار كثيف ليلة الجمعة في حي البركسات في مخيم عين الحلوة في صيدا، جنوب لبنان، تبعه نزاع عائلي. وتدخّلت قوات الأمن الوطني الفلسطيني لإعادة الهدوء بعد أن طالب السكان السلطات بحماية المدنيين، ولم يتم الإبلاغ عن أي إصابات.
7 - وفقاً لـ»Lebanon24» في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني، هناك مخاوف متزايدة من خطط لتهجير مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان ونقل اللاجئين إلى الشمال الشرقي (الشوف)، ما يثير القلق بين مجتمع اللاجئين. وتحذّر مصادر سياسية من أن المشاريع الاقتصادية والاستثمارية في الجنوب قد تكون مرتبطة بهذه الخطط. المقترحات تتطلّب مناطق «آمنة ومستقرة» خالية من النشاط المسلّح. ويشير المراقبون إلى أن مخيم عين الحلوة مُعرّض للخطر بشكل خاص، نظراً إلى وجود الفصائل المسلّحة، ويؤكدون على ضرورة اليقظة لمنع تجدّد الصراع أو النزوح».
الثقافة كـ«فعل مقاومة»: أقلامٌ لِهُوِيَّة فلسطين
زاهي وهبي
المعركة ليست على الأرض وحدها، بل هي معركة على الرواية، فمن يسيطر على الذاكرة يملك مفتاح المستقبل. بهذه العبارة يمكن أن نلخص جوهر الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل ضد الوجود الفلسطيني؛ فالحرب الدائرة في فلسطين أكثر تعقيداً من مجرد صراع على الأرض لأنها معركة وجودية تستهدف الذاكرة الجمعية والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني.
وإذا كان الاحتلال يدرك أنّ طمس الهوية أشد فتكاً من طمس المعالم الجغرافية، فإن مثقفين كثر، أدركوا مبكراً أن الثقافة هي خندق المقاومة الأصيل، وأن الرواية أقوى من الرصاص في حرب البقاء. ولعل المعركة الثقافية تكتسب أهمية مضاعفة الآن، في ظل اختلال ميزان القوى لمصلحة المحتل، وصحوة شعوب العالم، ولا سيما جيل Z منهم، حيث يشكل الأدب والفن لغة إنسانية قادرة على تخطي الحدود والحواجز، ومخاطبة الوجدان والضمائر في كل مكان.
سرقة التراث وقمع الإبداع
لا تقتصر هجمات الاحتلال على المصادرة المادية فقط، بل تمتد إلى محاولة طمس الهوية الثقافية عبر محاور عدة:
- الاستيلاء المنظم على التراث: إذ انطلقت إسرائيل نحو احتلال الذاكرة الشعبية. فأطباق المائدة التي تختزل حكايات المكان، مثل «الملوخية» و«الزعتر» و«الكنافة»، والأزياء التقليدية المطرزة بتفاصيلها الدالة على المناطق والقرى الفلسطينية، باتت تُقدم للعالم على أنها جزء من «التراث الإسرائيلي» المزعوم. هذه السرقة ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية ممنهجة لتفريغ الفلسطيني من مكونات هويته.
- قمع الفعاليات الثقافية: تشهد الأراضي المحتلة، خصوصاً في المرحلة الراهنة، حملات ممنهجة ضد أي نشاط ثقافي يذكر بالهوية الفلسطينية. فالحفلات الموسيقية تُمنع، والمسارح تُقتحم، والأدوات الفنية تُحطم، وصولاً إلى اعتقال كل من يرتدي الكوفية الفلسطينية، التي تحولت من قطعة قماش إلى لافتة هوية وعلامة مقاومة.
- تهديد المقدسات والرمزيات: تتعرض مدينة القدس ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى، لحملات تهويد ممنهجة. فاقتحامات المستوطنين، وتخصيص الموازنات لها، ومحاولات فرض «التقسيم الزماني والمكاني» داخله، كلها تهدف إلى اقتلاع المدينة من هويتها العربية والإسلامية.
أصوات صنعت الوعي وصاغت الهوية
ليس جديداً القول بأهمية الثقافة وجدواها في معركة الوجود. ثمة أصوات مبدعة كثيرة أدركت هذا الأمر، وكرست أقلامها وريشاتها ونوتاتها في سبيل ترسيخ الهوية الوطنية، ولئن توقفنا في هذه الأسطر عند بعض الأسماء، فلا يغيب عنا أن القائمة طويلة، فيها الروائيون والرسّامون والنحاتون والموسيقيون والسينمائيون والمسرحيون ومعظم العاملين في حقلَي الأدب والفن، لا تتسع لها هذه العاجلة، لكننا نورد بعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر، وقد تجنبنا ذكر الأحياء منهم الآن بنية العودة إليهم في نصّ آخر:
- فدوى طوقان (1917-2003)، والتي بدأت شاعرة ذاتية تغرد من داخل قفص العائلة والتقاليد، لكن تحولها نحو شعر المقاومة كان تحولاً وجودياً، خاصة بعد نكسة 1967، حيث صارت «سنديانة فلسطين» و«شاعرة المقاومة الفلسطينية»؛ وتمازجت في نصوصها المأساة الفردية والجماعية، ومثلت سيرتها الذاتية في كتابي «رحلة صعبة» و«الرحلة الأصعب» هذا التمازج بين المعاناة الشخصية والمعاناة الوطنية، خصوصاً وأنها عاصرت نكبة عام 1948، ونكسة عام 1967، والانتفاضتين.
- غسان كنفاني (1936-1972) الذي جمع في سيرته ونصوصه بين السياسي والأدبي، ومثل النموذج الأكثر وضوحاً للمثقف العضوي الذي حوّل الأدب إلى سلاح مقاومة.
كان يؤمن بأنّ «الأديب الملتزم في مواقفه ورؤيته هو أدعى الناس للالتزام بالشرط الجمالي للإبداع». وأسهم بشكل فعّال في التأسيس لفكر تحرري متميز حيث تميزت كتاباته السياسية بروح نقدية أصيلة، محاولاً تطويع الفكر الماركسي ليتناسب مع الواقع الفلسطيني، معتبراً أن البُعد القومي المرتبط بالهوية أمر أساسي في حالة التحرر الفلسطيني.
- معين بسيسو (1926-1984)، الذي جعل الشعر سلاحاً في وجه القمع، وعاش تجربة قاسية مع السجون والتعذيب، وهو من قال: «شعرت بأن السوط قد رسم خريطة فلسطين على ظهري».
من داخل الزنزانة، كان يكتب: «علمتني الزنزانة السفر لمسافات بعيدة، وعلمتني أيضاً الكتابة لمسافات بعيدة». انحاز بسيسو في شعره للطبقات الكادحة في المخيمات، معتبراً إياها «خزان الثورة ورأسمالها الثوري والبشري».
- مثّل توفيق زياد (1929-1994) صوت الشعب الذي لا يموت وجسد الإرادة الشعبية، وتحول إلى ظاهرة شعرية ملتصقة بالجماهير، وصارت قصائده أناشيد ترددها الجماهير في المسيرات والمظاهرات. لم يكن شاعراً ينأى بنفسه عن الناس، بل كان صوته صدى لأصواتهم، يعبر عن آمالهم وآلامهم بلغة بسيطة عميقة.
قاد «إضراب يوم الأرض» عام 1976 بخطابه الملتهب، وكان أحد أهم الأصوات التي حافظت على الهوية العربية في الداخل. معبراً عن الإرادة الجماعية للشعب الفلسطيني في الصمود، كما في قصيدته الخالدة «بأسناني» التي أصبحت رمزاً للتحدي: «بأسناني، بأسناني سأحمي كل شبر من ثرى وطني، ولن أرضى بديلاً منه لو علقت من شريان شرياني».
- شكل سميح القاسم (1939-2014) مع رفيقَي دربه محمود درويش وتوفيق زياد، مثلثاً ثقافياً صامداً في وجه محاولات القمع والتهويد. تعرض للسجن والملاحقة والإقامة الجبرية، لكنه ظل منحازاً إلى قلمه وشعره، مؤمناً بأن الثقافة هي أقوى أسلحة المقاومة. تميزت قصائده بنبرة التحدي والثقة بالنصر، كما في قصيدته «تقدموا» التي يسخر فيها من آلة القمع: «تقدموا، كل سماء فوقكم جهنم، وكل أرض تحتكم جهنم، يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم».
- لم يكن محمود درويش (1941-2008) مجرد شاعر، بل كان صاحب مشروع ثقافي متكامل، إذ أسس مجلة «الكرمل» التي شكلت منبراً ثقافياً مهماً. واشتغل بشكل خاص على إبراز القضية الفلسطينية كقضية إنسانية، إذ استطاع عبر شعره تقديم قصائد تمس كل البشر الذين يعانون الظلم والشتات. وقد أثارت قصيدته «عابرون في كلام عابر» غضب قادة الاحتلال وسخطهم.
- مثل مريد البرغوثي (1944-2021) صوت الفلسطيني في المنفى بامتياز، وحوّل تجربته الشخصية مع التشرد والاغتراب إلى إبداع أدبي خالد. في سيرته الذاتية «رأيت رام الله» التي حازت جائزة نجيب محفوظ، استطاع أن يلتقط لحظة العودة إلى الوطن بعد ثلاثين عاماً من المنفى، محولاً الرحلة الشخصية إلى ملحمة جماعية تعبر عن مأساة شعب بأكمله. عبّر في شعره عن إيمان راسخ بأن المقاومة ليست فقط بالسلاح، بل بالكلمة والصمود والذاكرة.
- مثل ناجي العلي (1936-1987) نموذجاً فريداً للمقاوم بالرسم، واستطاع عبر شخصية «حنظلة» أن يخلق رمزاً للفلسطيني المعذب الذي يواجه الاحتلال بالصمت والتحدي. دفع العلي حياته ثمناً لرسوماته الشجاعة والعابرة للزمن عبر وعيه السياسي ونظرته الثاقبة، إذ لا تزال رسوماته تحاكي واقع الحال الراهن رغم مرور عقود على رسمه لها. اغتيل في لندن عام 1987، ما يؤكد أن الفن كان سلاحاً خطيراً في وجه المحتل.
أدب الالتزام والجمال معاً
تميز هؤلاء المبدعون بقدرتهم على الجمع بين الالتزام القومي والجمال الفني، فلم يقدموا خطاباً شعاراتياً مباشراً، بل مزجوا السياسي بالجمالي، مستخدمين الرمز والأسطورة والصورة الشعرية، ما منح أعمالهم قدرة على البقاء والتأثير. وقد استمدوا من التراث الفلسطيني والعربي والإنساني، واستلهموا من سيرة بني هلال، ومن الأساطير القديمة، ومن الحياة اليومية للفلاحين والبسطاء، مؤكدين على أن الهوية الفلسطينية هوية ضاربة في التاريخ.
وقد نجحوا في نقل القضية الفلسطينية إلى العالم عبر ترجمة أعمالهم إلى لغات متعددة، والمشاركة في المهرجانات الدولية، والتواصل مع مبدعين عالميين، كما فعل معين بسيسو مع شعراء مثل رفائيل ألبرتي وفيدريكو غارسيا لوركا.
واجه المثقفون الفلسطينيون تحدي التشتت الجغرافي بين الداخل والشتات، ما أدى إلى «نص متعدد المرجعيات، والمعايير، والأطر، والجودة الفنية، واللغة». لم يكن الأدب الفلسطيني في أرض واحدة، وبالتالي لم يواجه نفس التحديات. وفي مرحلة الثورة، رافقت عملية تشكيل الفضاء الثقافي الفلسطيني مشكلات أهمها «طغيان الطابع العاطفي/ الشعاراتي/ العسكري على حساب طابعها العقلاني/ السياسي/ الشعبي». وفي هذا السياق، «باتت الثقافة، بالنسبة إلى الفصائل، مجرد ملحق بها، للتبرير والتجميل، وليس للفحص والنقد والتدبير».
لم يكن للفلسطينيين، كشعب، «صحيفة يومية جامعة، ولا إذاعة أو قناة تلفزيونية أو مكتبة أو معرض أو مسرح، كما ولا مدرسة أو جامعة». وقد صعدت كوكبة الفلسطينيين المبدعين «بسبب مواهبها، وإبداعاتها، ومثابرتها على تحدي الواقع الذي ألمّ بشعبها، وعنادها في مواجهة عمليات الإنكار والتهميش».
سردية الحق والجمال
في مواجهة آلة الطمس هذه، أدرك الفلسطينيون أن الثقافة هي خندق المقاومة الأصيل. وأصبحت بالنسبة إليهم بوصلةً متعددة الاتجاهات:
- سلاح تثبيت الهوية: إن الحفاظ على التراث من أكلات وأزياء وأغانٍ هو بمنزلة شهادة ميلاد جماعية تؤكد «كنا نحن وسنبقى».
- وسيلة لنقل الرواية: العالم يشاهد عبر الشاشات. والفنانون والمبدعون الفلسطينيون يستخدمون الأدب والموسيقى والدراما لنقل معاناة شعبهم وعدالة قضيته.
-أداة للصمود اليومي: إن ارتداء الكوفية، أو ترديد أغنية وطنية، أو تعليم الرقصات الشعبية للأطفال، هي أفعال مقاومة يومية.
ليست فلسطين هي الحالة الوحيدة التي يحارب فيها المحتل الثقافة، فالتاريخ يخبرنا أن كل محتل يدرك أن طمس هوية الشعوب المحتلة هو الطريق الأقصر لتدجينها. ففي جنوب أفريقيا أيام الأبارتايد، حاربت السلطات ثقافة السود وموسيقاهم ولغاتهم. وفي الحقبة الاستعمارية المباشرة، عمل المستعمرون في بلدان مختلفة على محو اللغات المحلية وفرض ثقافتهم كأداة للهيمنة.
الحاجة إلى الأصوات الجديدة
تبقى الدروس المستفادة من تجربة فدوى طوقان، غسان كنفاني، معين بسيسو، محمود درويش، توفيق زياد، ناجي العلي وسميح القاسم ونظرائهم كثيرة، أهمها أن الثقافة سلاح لا ينضب، وأن المثقف الحقيقي هو من يظل صوتاً حراً مستقلاً حتى وإن عمل ضمن إطار المقاومة.
ونحن اليوم، نشهد صمتاً أو تواطؤاً من بعض النخب، ونسجل غياب صوت المثقفين عن مواكبة التحولات الهائلة التي تشهدها بلادنا، بل يصمت بعضهم حتى عن جريمة الإبادة في غزة والعدوان اليومي على لبنان، ما يدفع إلى الحديث عن ضرورة استلهام إرث هؤلاء المبدعين الملتزمين.
فكما واجهوا محاولات الطمس والاغتيال، يواجه المثقف الفلسطيني اليوم حرباً شاملة على الذاكرة أشد ضراوة. لكن إرث هؤلاء العمالقة يثبت أن الثقافة أقوى من الاحتلال، وأن الكلمة الحق لا تموت بموت كاتبها... وسوف تظل الثقافة الفلسطينية شاهداً على هوية الأرض وأصحابها، وتذكيراً للعالم بأن شعباً يحافظ على تراثه وفنه وأدبه هو شعب يرفض الاندثار، وسيظل يناضل حتى تحرير أرضه.
زاهي وهبي
المعركة ليست على الأرض وحدها، بل هي معركة على الرواية، فمن يسيطر على الذاكرة يملك مفتاح المستقبل. بهذه العبارة يمكن أن نلخص جوهر الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل ضد الوجود الفلسطيني؛ فالحرب الدائرة في فلسطين أكثر تعقيداً من مجرد صراع على الأرض لأنها معركة وجودية تستهدف الذاكرة الجمعية والهوية الثقافية للشعب الفلسطيني.
وإذا كان الاحتلال يدرك أنّ طمس الهوية أشد فتكاً من طمس المعالم الجغرافية، فإن مثقفين كثر، أدركوا مبكراً أن الثقافة هي خندق المقاومة الأصيل، وأن الرواية أقوى من الرصاص في حرب البقاء. ولعل المعركة الثقافية تكتسب أهمية مضاعفة الآن، في ظل اختلال ميزان القوى لمصلحة المحتل، وصحوة شعوب العالم، ولا سيما جيل Z منهم، حيث يشكل الأدب والفن لغة إنسانية قادرة على تخطي الحدود والحواجز، ومخاطبة الوجدان والضمائر في كل مكان.
سرقة التراث وقمع الإبداع
لا تقتصر هجمات الاحتلال على المصادرة المادية فقط، بل تمتد إلى محاولة طمس الهوية الثقافية عبر محاور عدة:
- الاستيلاء المنظم على التراث: إذ انطلقت إسرائيل نحو احتلال الذاكرة الشعبية. فأطباق المائدة التي تختزل حكايات المكان، مثل «الملوخية» و«الزعتر» و«الكنافة»، والأزياء التقليدية المطرزة بتفاصيلها الدالة على المناطق والقرى الفلسطينية، باتت تُقدم للعالم على أنها جزء من «التراث الإسرائيلي» المزعوم. هذه السرقة ليست عشوائية، بل هي جزء من استراتيجية ممنهجة لتفريغ الفلسطيني من مكونات هويته.
- قمع الفعاليات الثقافية: تشهد الأراضي المحتلة، خصوصاً في المرحلة الراهنة، حملات ممنهجة ضد أي نشاط ثقافي يذكر بالهوية الفلسطينية. فالحفلات الموسيقية تُمنع، والمسارح تُقتحم، والأدوات الفنية تُحطم، وصولاً إلى اعتقال كل من يرتدي الكوفية الفلسطينية، التي تحولت من قطعة قماش إلى لافتة هوية وعلامة مقاومة.
- تهديد المقدسات والرمزيات: تتعرض مدينة القدس ومقدساتها، وعلى رأسها المسجد الأقصى، لحملات تهويد ممنهجة. فاقتحامات المستوطنين، وتخصيص الموازنات لها، ومحاولات فرض «التقسيم الزماني والمكاني» داخله، كلها تهدف إلى اقتلاع المدينة من هويتها العربية والإسلامية.
أصوات صنعت الوعي وصاغت الهوية
ليس جديداً القول بأهمية الثقافة وجدواها في معركة الوجود. ثمة أصوات مبدعة كثيرة أدركت هذا الأمر، وكرست أقلامها وريشاتها ونوتاتها في سبيل ترسيخ الهوية الوطنية، ولئن توقفنا في هذه الأسطر عند بعض الأسماء، فلا يغيب عنا أن القائمة طويلة، فيها الروائيون والرسّامون والنحاتون والموسيقيون والسينمائيون والمسرحيون ومعظم العاملين في حقلَي الأدب والفن، لا تتسع لها هذه العاجلة، لكننا نورد بعض الأسماء على سبيل المثال لا الحصر، وقد تجنبنا ذكر الأحياء منهم الآن بنية العودة إليهم في نصّ آخر:
- فدوى طوقان (1917-2003)، والتي بدأت شاعرة ذاتية تغرد من داخل قفص العائلة والتقاليد، لكن تحولها نحو شعر المقاومة كان تحولاً وجودياً، خاصة بعد نكسة 1967، حيث صارت «سنديانة فلسطين» و«شاعرة المقاومة الفلسطينية»؛ وتمازجت في نصوصها المأساة الفردية والجماعية، ومثلت سيرتها الذاتية في كتابي «رحلة صعبة» و«الرحلة الأصعب» هذا التمازج بين المعاناة الشخصية والمعاناة الوطنية، خصوصاً وأنها عاصرت نكبة عام 1948، ونكسة عام 1967، والانتفاضتين.
- غسان كنفاني (1936-1972) الذي جمع في سيرته ونصوصه بين السياسي والأدبي، ومثل النموذج الأكثر وضوحاً للمثقف العضوي الذي حوّل الأدب إلى سلاح مقاومة.
كان يؤمن بأنّ «الأديب الملتزم في مواقفه ورؤيته هو أدعى الناس للالتزام بالشرط الجمالي للإبداع». وأسهم بشكل فعّال في التأسيس لفكر تحرري متميز حيث تميزت كتاباته السياسية بروح نقدية أصيلة، محاولاً تطويع الفكر الماركسي ليتناسب مع الواقع الفلسطيني، معتبراً أن البُعد القومي المرتبط بالهوية أمر أساسي في حالة التحرر الفلسطيني.
- معين بسيسو (1926-1984)، الذي جعل الشعر سلاحاً في وجه القمع، وعاش تجربة قاسية مع السجون والتعذيب، وهو من قال: «شعرت بأن السوط قد رسم خريطة فلسطين على ظهري».
من داخل الزنزانة، كان يكتب: «علمتني الزنزانة السفر لمسافات بعيدة، وعلمتني أيضاً الكتابة لمسافات بعيدة». انحاز بسيسو في شعره للطبقات الكادحة في المخيمات، معتبراً إياها «خزان الثورة ورأسمالها الثوري والبشري».
- مثّل توفيق زياد (1929-1994) صوت الشعب الذي لا يموت وجسد الإرادة الشعبية، وتحول إلى ظاهرة شعرية ملتصقة بالجماهير، وصارت قصائده أناشيد ترددها الجماهير في المسيرات والمظاهرات. لم يكن شاعراً ينأى بنفسه عن الناس، بل كان صوته صدى لأصواتهم، يعبر عن آمالهم وآلامهم بلغة بسيطة عميقة.
قاد «إضراب يوم الأرض» عام 1976 بخطابه الملتهب، وكان أحد أهم الأصوات التي حافظت على الهوية العربية في الداخل. معبراً عن الإرادة الجماعية للشعب الفلسطيني في الصمود، كما في قصيدته الخالدة «بأسناني» التي أصبحت رمزاً للتحدي: «بأسناني، بأسناني سأحمي كل شبر من ثرى وطني، ولن أرضى بديلاً منه لو علقت من شريان شرياني».
- شكل سميح القاسم (1939-2014) مع رفيقَي دربه محمود درويش وتوفيق زياد، مثلثاً ثقافياً صامداً في وجه محاولات القمع والتهويد. تعرض للسجن والملاحقة والإقامة الجبرية، لكنه ظل منحازاً إلى قلمه وشعره، مؤمناً بأن الثقافة هي أقوى أسلحة المقاومة. تميزت قصائده بنبرة التحدي والثقة بالنصر، كما في قصيدته «تقدموا» التي يسخر فيها من آلة القمع: «تقدموا، كل سماء فوقكم جهنم، وكل أرض تحتكم جهنم، يموت منا الطفل والشيخ ولا يستسلم».
- لم يكن محمود درويش (1941-2008) مجرد شاعر، بل كان صاحب مشروع ثقافي متكامل، إذ أسس مجلة «الكرمل» التي شكلت منبراً ثقافياً مهماً. واشتغل بشكل خاص على إبراز القضية الفلسطينية كقضية إنسانية، إذ استطاع عبر شعره تقديم قصائد تمس كل البشر الذين يعانون الظلم والشتات. وقد أثارت قصيدته «عابرون في كلام عابر» غضب قادة الاحتلال وسخطهم.
- مثل مريد البرغوثي (1944-2021) صوت الفلسطيني في المنفى بامتياز، وحوّل تجربته الشخصية مع التشرد والاغتراب إلى إبداع أدبي خالد. في سيرته الذاتية «رأيت رام الله» التي حازت جائزة نجيب محفوظ، استطاع أن يلتقط لحظة العودة إلى الوطن بعد ثلاثين عاماً من المنفى، محولاً الرحلة الشخصية إلى ملحمة جماعية تعبر عن مأساة شعب بأكمله. عبّر في شعره عن إيمان راسخ بأن المقاومة ليست فقط بالسلاح، بل بالكلمة والصمود والذاكرة.
- مثل ناجي العلي (1936-1987) نموذجاً فريداً للمقاوم بالرسم، واستطاع عبر شخصية «حنظلة» أن يخلق رمزاً للفلسطيني المعذب الذي يواجه الاحتلال بالصمت والتحدي. دفع العلي حياته ثمناً لرسوماته الشجاعة والعابرة للزمن عبر وعيه السياسي ونظرته الثاقبة، إذ لا تزال رسوماته تحاكي واقع الحال الراهن رغم مرور عقود على رسمه لها. اغتيل في لندن عام 1987، ما يؤكد أن الفن كان سلاحاً خطيراً في وجه المحتل.
أدب الالتزام والجمال معاً
تميز هؤلاء المبدعون بقدرتهم على الجمع بين الالتزام القومي والجمال الفني، فلم يقدموا خطاباً شعاراتياً مباشراً، بل مزجوا السياسي بالجمالي، مستخدمين الرمز والأسطورة والصورة الشعرية، ما منح أعمالهم قدرة على البقاء والتأثير. وقد استمدوا من التراث الفلسطيني والعربي والإنساني، واستلهموا من سيرة بني هلال، ومن الأساطير القديمة، ومن الحياة اليومية للفلاحين والبسطاء، مؤكدين على أن الهوية الفلسطينية هوية ضاربة في التاريخ.
وقد نجحوا في نقل القضية الفلسطينية إلى العالم عبر ترجمة أعمالهم إلى لغات متعددة، والمشاركة في المهرجانات الدولية، والتواصل مع مبدعين عالميين، كما فعل معين بسيسو مع شعراء مثل رفائيل ألبرتي وفيدريكو غارسيا لوركا.
واجه المثقفون الفلسطينيون تحدي التشتت الجغرافي بين الداخل والشتات، ما أدى إلى «نص متعدد المرجعيات، والمعايير، والأطر، والجودة الفنية، واللغة». لم يكن الأدب الفلسطيني في أرض واحدة، وبالتالي لم يواجه نفس التحديات. وفي مرحلة الثورة، رافقت عملية تشكيل الفضاء الثقافي الفلسطيني مشكلات أهمها «طغيان الطابع العاطفي/ الشعاراتي/ العسكري على حساب طابعها العقلاني/ السياسي/ الشعبي». وفي هذا السياق، «باتت الثقافة، بالنسبة إلى الفصائل، مجرد ملحق بها، للتبرير والتجميل، وليس للفحص والنقد والتدبير».
لم يكن للفلسطينيين، كشعب، «صحيفة يومية جامعة، ولا إذاعة أو قناة تلفزيونية أو مكتبة أو معرض أو مسرح، كما ولا مدرسة أو جامعة». وقد صعدت كوكبة الفلسطينيين المبدعين «بسبب مواهبها، وإبداعاتها، ومثابرتها على تحدي الواقع الذي ألمّ بشعبها، وعنادها في مواجهة عمليات الإنكار والتهميش».
سردية الحق والجمال
في مواجهة آلة الطمس هذه، أدرك الفلسطينيون أن الثقافة هي خندق المقاومة الأصيل. وأصبحت بالنسبة إليهم بوصلةً متعددة الاتجاهات:
- سلاح تثبيت الهوية: إن الحفاظ على التراث من أكلات وأزياء وأغانٍ هو بمنزلة شهادة ميلاد جماعية تؤكد «كنا نحن وسنبقى».
- وسيلة لنقل الرواية: العالم يشاهد عبر الشاشات. والفنانون والمبدعون الفلسطينيون يستخدمون الأدب والموسيقى والدراما لنقل معاناة شعبهم وعدالة قضيته.
-أداة للصمود اليومي: إن ارتداء الكوفية، أو ترديد أغنية وطنية، أو تعليم الرقصات الشعبية للأطفال، هي أفعال مقاومة يومية.
ليست فلسطين هي الحالة الوحيدة التي يحارب فيها المحتل الثقافة، فالتاريخ يخبرنا أن كل محتل يدرك أن طمس هوية الشعوب المحتلة هو الطريق الأقصر لتدجينها. ففي جنوب أفريقيا أيام الأبارتايد، حاربت السلطات ثقافة السود وموسيقاهم ولغاتهم. وفي الحقبة الاستعمارية المباشرة، عمل المستعمرون في بلدان مختلفة على محو اللغات المحلية وفرض ثقافتهم كأداة للهيمنة.
الحاجة إلى الأصوات الجديدة
تبقى الدروس المستفادة من تجربة فدوى طوقان، غسان كنفاني، معين بسيسو، محمود درويش، توفيق زياد، ناجي العلي وسميح القاسم ونظرائهم كثيرة، أهمها أن الثقافة سلاح لا ينضب، وأن المثقف الحقيقي هو من يظل صوتاً حراً مستقلاً حتى وإن عمل ضمن إطار المقاومة.
ونحن اليوم، نشهد صمتاً أو تواطؤاً من بعض النخب، ونسجل غياب صوت المثقفين عن مواكبة التحولات الهائلة التي تشهدها بلادنا، بل يصمت بعضهم حتى عن جريمة الإبادة في غزة والعدوان اليومي على لبنان، ما يدفع إلى الحديث عن ضرورة استلهام إرث هؤلاء المبدعين الملتزمين.
فكما واجهوا محاولات الطمس والاغتيال، يواجه المثقف الفلسطيني اليوم حرباً شاملة على الذاكرة أشد ضراوة. لكن إرث هؤلاء العمالقة يثبت أن الثقافة أقوى من الاحتلال، وأن الكلمة الحق لا تموت بموت كاتبها... وسوف تظل الثقافة الفلسطينية شاهداً على هوية الأرض وأصحابها، وتذكيراً للعالم بأن شعباً يحافظ على تراثه وفنه وأدبه هو شعب يرفض الاندثار، وسيظل يناضل حتى تحرير أرضه.
حتى أنت يا روزا لوكسمبورغ؟
نور الدين بالطيب
تونس | أعلن عدد من الكتاب التونسيين عن مقاطعة «مهرجان القراءة» الذي تنوي «منظمة روزا لوكسمبورغ» تنظيمه في تونس تحت محور «الأدب والهجرة» بين 5و 7 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.
جاء هذا الموقف على إثر تدوينة كتبها الشاعر والمترجم أشرف القرقني أعلن فيها عن انسحابه من المهرجان على خلفية منع المنظمة العاملين معها في الأردن وفلسطين التعبير عن مواقفهم ممّا يحدث في غزة من إبادة جماعية.
وكتب القرقني: «كنتُ قد نشرتُ صباح أمس إعلاناً عن مشاركتي في «مهرجان روزا لوكسمبورغ للقراءة». وقد كنتُ غافلاً للأسف عن موقف هذه المؤسّسة «اليساريّة» من الإبادة في غزّة. موقف بلغ منها مبلغ إخراس موظّفيها في الأردن وفلسطين ودول أخرى ومنعهم من الإعلان عن مواقفهم المبدئيّة المساندة للحقّ الفلسطينيّ.
موقفٌ لا يكتفي بـ«الحياد» إذا كان ثمّة حيادٌ، لكنّها الأزمنة القاتمة أو «رفع العصا من الوسط». وهو بالتّالي موقفٌ لا يتيح لي، أنا بصفتي الشّخصيّة وضمن قناعاتي المبدئيّة، أن أتعامل معها وأكون حاضراً في تظاهرة تنظّمها وتعلنها «انتصاراً للإنسان»، فيما الإنسان يمتحنُ اليوم رأساً في غزّة».
وأضاف: «أشكر الصّديق ناظم بن إبراهيم الذي نبّهني إلى هذا الأمر. وأعتذر من الأصدقاء في تونس الذين وافقتُ على دعوتهم أوّل الأمر جاهلاً بطبيعة المؤسّسة التي تسندهم.
لكن، ثمّة ما يعلو على مثل هذا ويتقدّمه. هذا الموقفُ يلزمني وحدي. لا أستطيع أن ألقي مداخلة عنوانها «الحياة في لسان آخر» في تظاهرة تنظّمها مؤسّسة ألمانيّة تتنكّر لذاك الشعار التّاريخيّ الذي صار ورقيّاً زائفاً: Nie Wieder! وتقفُ ضدّ الحياة وإنسانها الذي لا يتجزّأ».
هذا الموقف ساندته الروائية والجامعية البارزة آمنة الرميلي التي كانت من المشاركين في هذا المهرجان لتعلن انسحابها بعد موقف القرقني، مؤكدة أنّها كانت «تثق» في الخلفية اليسارية لهذه المنظمة.
كما انحاز عدد آخر لموقف القرقني مثل الروائية هند الزيادي، والناقد عمر حفيظ، والروائي والناشر وليد بن أحمد، والشعراء يوسف خديم الله، ومحمد صديق الرحموني ومحمد بوحوش وغيرهم.
يذكر أنّ «منظمة روزا لوكسمبورغ» دأبت منذ سقوط نظام بن علي في عام 2011 على تمويل عدد كبير من التظاهرات بالتعاون مع أحزاب ومنظمات في تونس.
نور الدين بالطيب
تونس | أعلن عدد من الكتاب التونسيين عن مقاطعة «مهرجان القراءة» الذي تنوي «منظمة روزا لوكسمبورغ» تنظيمه في تونس تحت محور «الأدب والهجرة» بين 5و 7 كانون الأول (ديسمبر) الجاري.
جاء هذا الموقف على إثر تدوينة كتبها الشاعر والمترجم أشرف القرقني أعلن فيها عن انسحابه من المهرجان على خلفية منع المنظمة العاملين معها في الأردن وفلسطين التعبير عن مواقفهم ممّا يحدث في غزة من إبادة جماعية.
وكتب القرقني: «كنتُ قد نشرتُ صباح أمس إعلاناً عن مشاركتي في «مهرجان روزا لوكسمبورغ للقراءة». وقد كنتُ غافلاً للأسف عن موقف هذه المؤسّسة «اليساريّة» من الإبادة في غزّة. موقف بلغ منها مبلغ إخراس موظّفيها في الأردن وفلسطين ودول أخرى ومنعهم من الإعلان عن مواقفهم المبدئيّة المساندة للحقّ الفلسطينيّ.
موقفٌ لا يكتفي بـ«الحياد» إذا كان ثمّة حيادٌ، لكنّها الأزمنة القاتمة أو «رفع العصا من الوسط». وهو بالتّالي موقفٌ لا يتيح لي، أنا بصفتي الشّخصيّة وضمن قناعاتي المبدئيّة، أن أتعامل معها وأكون حاضراً في تظاهرة تنظّمها وتعلنها «انتصاراً للإنسان»، فيما الإنسان يمتحنُ اليوم رأساً في غزّة».
وأضاف: «أشكر الصّديق ناظم بن إبراهيم الذي نبّهني إلى هذا الأمر. وأعتذر من الأصدقاء في تونس الذين وافقتُ على دعوتهم أوّل الأمر جاهلاً بطبيعة المؤسّسة التي تسندهم.
لكن، ثمّة ما يعلو على مثل هذا ويتقدّمه. هذا الموقفُ يلزمني وحدي. لا أستطيع أن ألقي مداخلة عنوانها «الحياة في لسان آخر» في تظاهرة تنظّمها مؤسّسة ألمانيّة تتنكّر لذاك الشعار التّاريخيّ الذي صار ورقيّاً زائفاً: Nie Wieder! وتقفُ ضدّ الحياة وإنسانها الذي لا يتجزّأ».
هذا الموقف ساندته الروائية والجامعية البارزة آمنة الرميلي التي كانت من المشاركين في هذا المهرجان لتعلن انسحابها بعد موقف القرقني، مؤكدة أنّها كانت «تثق» في الخلفية اليسارية لهذه المنظمة.
كما انحاز عدد آخر لموقف القرقني مثل الروائية هند الزيادي، والناقد عمر حفيظ، والروائي والناشر وليد بن أحمد، والشعراء يوسف خديم الله، ومحمد صديق الرحموني ومحمد بوحوش وغيرهم.
يذكر أنّ «منظمة روزا لوكسمبورغ» دأبت منذ سقوط نظام بن علي في عام 2011 على تمويل عدد كبير من التظاهرات بالتعاون مع أحزاب ومنظمات في تونس.
لجنة الأسرى للجبهة الشعبية: ما يحدث بحق الأسرى داخل السجون اعتداء خطير على الكرامة الإنسانية
استنكرت لجنة الأسرى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان بشدّة ما يتعرّض له الأسرى في السجون الإسرائيلية من انتهاكات ممنهجة تشمل التعذيب، وسوء المعاملة، والاعتداءات النفسية والجنسية والصعق في الكهرباء واستخدام الكلاب للاعتداء على الاسرى ومنع زيارات الاهل والمحامين وغيرها من اساليب التعذيب والتنكيل الذي يدنى لها جبين الانسانية، في خرق واضح وصريح لكل المواثيق الدولية، وفي مقدّمها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقيات جنيف.
وأكدت اللجنة أنّ ما يحدث داخل السجون يمثّل اعتداءً خطيرًا على الكرامة الإنسانية، وأن استمرار هذه الممارسات على مرأى من المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية يشكّل تقصيرًا فادحًا لا يمكن الصمت عنه. إن تجاهل هذه الانتهاكات يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وتدعو إلى تحرّك فوري وجادّ لوقفها وضمان حماية الأسرى.
كما ششدّدت اللجنة على أنّ حقوق الأسرى ليست قضية سياسية فحسب، بل هي جزء أساسي من مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، مطالبة بفتح تحقيقات دولية مستقلة، وإلزام سلطات الاحتلال باحترام القوانين الإنسانية، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الانتهاكات.
وأشار البيان إلى أنّ الصمت حيال ما يتعرّض له الأسرى يعطي غطاءً لاستمرار الإعتداءات ويقوّض القيم الإنسانية إنّ استمرار معاناة الأسرى يفرض على المنظمات الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تتحمّل مسؤولياتها كاملة دون أي تأخير فهذه الهيئات ليست مراقبًا صامتًا، بل جهات مكلفة قانونيًا وأخلاقيًا بالتدخّل الفعلي، وكشف الانتهاكات، وضمان حماية الأسرى وكرامتهم.
وأكدت على أنّ أي تأخير أو تقاعس يُعدّ إخلالًا واضحًا بواجبها الإنساني، ويستوجب منها تحرّكًا عاجلًا وجادًا وإتخاذ إجراءات ملموسة على الأرض.
استنكرت لجنة الأسرى للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان بشدّة ما يتعرّض له الأسرى في السجون الإسرائيلية من انتهاكات ممنهجة تشمل التعذيب، وسوء المعاملة، والاعتداءات النفسية والجنسية والصعق في الكهرباء واستخدام الكلاب للاعتداء على الاسرى ومنع زيارات الاهل والمحامين وغيرها من اساليب التعذيب والتنكيل الذي يدنى لها جبين الانسانية، في خرق واضح وصريح لكل المواثيق الدولية، وفي مقدّمها اتفاقية مناهضة التعذيب واتفاقيات جنيف.
وأكدت اللجنة أنّ ما يحدث داخل السجون يمثّل اعتداءً خطيرًا على الكرامة الإنسانية، وأن استمرار هذه الممارسات على مرأى من المجتمع الدولي ومنظماته الحقوقية يشكّل تقصيرًا فادحًا لا يمكن الصمت عنه. إن تجاهل هذه الانتهاكات يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، وتدعو إلى تحرّك فوري وجادّ لوقفها وضمان حماية الأسرى.
كما ششدّدت اللجنة على أنّ حقوق الأسرى ليست قضية سياسية فحسب، بل هي جزء أساسي من مبادئ العدالة وحقوق الإنسان، مطالبة بفتح تحقيقات دولية مستقلة، وإلزام سلطات الاحتلال باحترام القوانين الإنسانية، ومحاسبة كل من يثبت تورطه في الانتهاكات.
وأشار البيان إلى أنّ الصمت حيال ما يتعرّض له الأسرى يعطي غطاءً لاستمرار الإعتداءات ويقوّض القيم الإنسانية إنّ استمرار معاناة الأسرى يفرض على المنظمات الدولية والإنسانية، وفي مقدمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن تتحمّل مسؤولياتها كاملة دون أي تأخير فهذه الهيئات ليست مراقبًا صامتًا، بل جهات مكلفة قانونيًا وأخلاقيًا بالتدخّل الفعلي، وكشف الانتهاكات، وضمان حماية الأسرى وكرامتهم.
وأكدت على أنّ أي تأخير أو تقاعس يُعدّ إخلالًا واضحًا بواجبها الإنساني، ويستوجب منها تحرّكًا عاجلًا وجادًا وإتخاذ إجراءات ملموسة على الأرض.
ممثل "الجبهة الشعبية" بالجزائر: سلاح المقاومة كرامة الأمة العربية ولن ينزعه "لا ترامب ولا أي قوة دولية"
أكد ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الجزائر، نادر القيسي، على متانة العلاقة التاريخية والوحدة في النضال بين الشعبين الجزائري والفلسطيني، مشيداً في الوقت ذاته ببسالة المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية التي تُشن عليه.
ووجّه القيسي، في كلمة له خلال فعالية نظمها حزب العمال الجزائري بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تحية خاصة إلى المقاومة الفلسطينية الباسلة، مشيراً إلى أن عملياتها البطولية قد "مرغت أنف المحتل في الوحل".
وشدد على أن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وعدم تخليه عنها، هو ما أبقى القضية الفلسطينية حيّة في ضمير الأحرار حول العالم، وهو السبب في انتزاع قرارات التضامن الأممية.
وأكد على موقف المقاومة الحازم، مطمئناً الأحرار في الجزائر بأن سلاح المقاومة لن يتم التخلي عنه، كونه يمثل "كرامة الشعب الفلسطيني وكرامة الأمة العربية"، ولن ينزع هذا السلاح "لا ترامب ولا أي قوة دولية"، مشيراً إلى أن الجبهة الشعبية وكل الفصائل متفقة على عدم نزعه.
وأشار ممثل الجبهة إلى أن اختيار هذا اليوم، 29 نوفمبر، من قِبل الرفاق في حزب العمال الجزائري لتنظيم هذا اللقاء، يدل على الترابط المتين بين الشعبين، وعلى أن النضال الفلسطيني "ليس ببعيد عن الشعب الجزائري المقاوم"، معرباً عن شعور الشعب الفلسطيني بأن الشعب الجزائري كان شريكًا أصيلاً معه في النضال منذ بداية "الإبادة لشعبنا في غزة"، مؤكداً: "نحن شركاء في النضال ولا يوجد فرق بيننا".
وقدّم شكره وتقديره للرفيقة لويزا حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، واصفاً إياها بأنها كانت "صوت المقاومة الفلسطينية في جميع المحافل".
ونوّه القيسي إلى أن القرارات الأممية لم تنصف القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يُعوّل بالأساس على صموده ومقاومته على الأرض، محذراً من أن المشروع الاستيطاني التوسعي الصهيوني لا يُشكل خطراً على فلسطين وحدها، بل "طال لبنان و سوريا والعراق واليمن، وطال حتى إيران، وليست الجزائر بمنأى عن هذا الأمر".
وأكد ممثل الجبهة الشعبية في كلمته على أهمية دعم صمود الشعب الفلسطيني على الأرض، خاصة في ظل خطورة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها في غزة والضفة، داعياً الأحرار في العالم، ولو بمساهمات بسيطة، إلى دعم هذا الصمود.
وفي الختام، توجه بالتحية إلى الشهداء الأبرار، شهداء فلسطين والجزائر، معرباً عن أمله في تحرير باقي الأسرى، وأن يكون لهم لقاء قريب في الجزائر.
أكد ممثل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في الجزائر، نادر القيسي، على متانة العلاقة التاريخية والوحدة في النضال بين الشعبين الجزائري والفلسطيني، مشيداً في الوقت ذاته ببسالة المقاومة الفلسطينية وصمود الشعب الفلسطيني على أرضه في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية التي تُشن عليه.
ووجّه القيسي، في كلمة له خلال فعالية نظمها حزب العمال الجزائري بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تحية خاصة إلى المقاومة الفلسطينية الباسلة، مشيراً إلى أن عملياتها البطولية قد "مرغت أنف المحتل في الوحل".
وشدد على أن صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، وعدم تخليه عنها، هو ما أبقى القضية الفلسطينية حيّة في ضمير الأحرار حول العالم، وهو السبب في انتزاع قرارات التضامن الأممية.
وأكد على موقف المقاومة الحازم، مطمئناً الأحرار في الجزائر بأن سلاح المقاومة لن يتم التخلي عنه، كونه يمثل "كرامة الشعب الفلسطيني وكرامة الأمة العربية"، ولن ينزع هذا السلاح "لا ترامب ولا أي قوة دولية"، مشيراً إلى أن الجبهة الشعبية وكل الفصائل متفقة على عدم نزعه.
وأشار ممثل الجبهة إلى أن اختيار هذا اليوم، 29 نوفمبر، من قِبل الرفاق في حزب العمال الجزائري لتنظيم هذا اللقاء، يدل على الترابط المتين بين الشعبين، وعلى أن النضال الفلسطيني "ليس ببعيد عن الشعب الجزائري المقاوم"، معرباً عن شعور الشعب الفلسطيني بأن الشعب الجزائري كان شريكًا أصيلاً معه في النضال منذ بداية "الإبادة لشعبنا في غزة"، مؤكداً: "نحن شركاء في النضال ولا يوجد فرق بيننا".
وقدّم شكره وتقديره للرفيقة لويزا حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، واصفاً إياها بأنها كانت "صوت المقاومة الفلسطينية في جميع المحافل".
ونوّه القيسي إلى أن القرارات الأممية لم تنصف القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يُعوّل بالأساس على صموده ومقاومته على الأرض، محذراً من أن المشروع الاستيطاني التوسعي الصهيوني لا يُشكل خطراً على فلسطين وحدها، بل "طال لبنان و سوريا والعراق واليمن، وطال حتى إيران، وليست الجزائر بمنأى عن هذا الأمر".
وأكد ممثل الجبهة الشعبية في كلمته على أهمية دعم صمود الشعب الفلسطيني على الأرض، خاصة في ظل خطورة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها في غزة والضفة، داعياً الأحرار في العالم، ولو بمساهمات بسيطة، إلى دعم هذا الصمود.
وفي الختام، توجه بالتحية إلى الشهداء الأبرار، شهداء فلسطين والجزائر، معرباً عن أمله في تحرير باقي الأسرى، وأن يكون لهم لقاء قريب في الجزائر.
جمعيات فلسطينية في أوروبا: بقاؤنا نقاوم هو نصف الانتصار والهزيمة في الاستسلام
أصدرت عدة جمعيات ومؤسسات فلسطينية في أوروبا بياناً أكدت فيه أن "بقاؤنا نقاوم هو نصف الانتصار، الهزيمة في الاستسلام"، مشيرة إلى أنه مع سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة تدخل حرب الإبادة الصهيونية ضد شعبنا مرحلة جديدة، سيعمل فيها العدو على استكمال تحقيق أهداف العدوان، التي لا تتوقف عند سحق المقاومة المسلحة في القطاع وتجفيف مواردها، بل تهدف إلى القضاء على إمكانية الحياة في القطاع واختزال ساكنيه في احتياجات الغذاء والدواء والمأوى الأولية، تمهيدًا لتحويل إخراجهم واستيعابهم إلى قضية إنسانية دولية، والتحول إلى ابتلاع ما تبقى من الضفة الغربية،.
وأضافت الجمعيات أنّه تسعى في مآلاتها إلى تفكيك الكيان الجمعي الفلسطيني كله بالقضاء أولاً على حامله المركزي، أي فصائل المقاومة، والدفع بمن لم يرحل طوعا من فلسطين إلى العيش في معازل خاضعة تماما للإرادة والاحتياجات الإسرائيلية في كل التفاصيل، في حين تتولى دول الشتات إخراج التجمعات الفلسطينية فيها من نطاق المواجهة وحصر ما تبقى من وجودها المنظم في حالة تضامن في أحسن الأحوال. إن وقف إطلاق النار بصورته الحالية يخلص إسرائيل من عبء الحرب السياسي وتبعاتها في المجتمع الدولي بقبول وقف الحرب شكلا، مع استمرارها في مشروعها مضمونا وممارسة بغطاء سياسي دولي وعربي.
نص البيان كما ورد:
بيان صادر عن جمعيات ومؤسسات فلسطينية في أوروبا:
بقاؤنا نقاوم هو نصف الانتصار، الهزيمة في الاستسلام
الجاليات الفلسطينية في أوروبا وأولويات المرحلة
مع سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة تدخل حرب الإبادة الصهيونية ضد شعبنا مرحلة جديدة، سيعمل فيها العدو على استكمال تحقيق أهداف العدوان، التي لا تتوقف عند سحق المقاومة المسلحة في القطاع وتجفيف مواردها، بل تهدف إلى القضاء على إمكانية الحياة في القطاع واختزال ساكنيه في احتياجات الغذاء والدواء والمأوى الأولية، تمهيدًا لتحويل إخراجهم واستيعابهم إلى قضية إنسانية دولية، والتحول إلى ابتلاع ما تبقى من الضفة الغربية، وتسعى في مآلاتها إلى تفكيك الكيان الجمعي الفلسطيني كله بالقضاء أولا على حامله المركزي، أي فصائل المقاومة، والدفع بمن لم يرحل طوعا من فلسطين إلى العيش في معازل خاضعة تماما للإرادة والاحتياجات الإسرائيلية في كل التفاصيل، في حين تتولى دول الشتات إخراج التجمعات الفلسطينية فيها من نطاق المواجهة وحصر ما تبقى من وجودها المنظم في حالة تضامن في أحسن الأحوال. إن وقف إطلاق النار بصورته الحالية يخلص إسرائيل من عبء الحرب السياسي وتبعاتها في المجتمع الدولي بقبول وقف الحرب شكلا، مع استمرارها في مشروعها مضمونا وممارسة بغطاء سياسي دولي وعربي.
على الجانب الفلسطيني يواجه الفلسطينيون في مختلف أماكن تواجدهم، وهم يدخلون هذه المرحلة، تحديات كبرى سيتطلب التعامل معها إعادة النظر في استراتيجيات وأساليب العمل، وفي الخطاب السياسي الرائج أيضا.
1. فقدان المركز: شكل قطاع غزة، رغم ما عاناه وسكانه، ما يمكن وصفه بعاصمة الحركة الوطنية الفلسطينية و ملاذها، باعتباره منطقة شبه محررة تسيطر عليها فصائل المقاومة المسلحة بحكم الأمر الواقع وبدون توقيع اتفاقيات سياسية أو أمنية مع العدو، بما سمح لكافة القوى الفلسطينية بالنشاط وشكلت مساحة عمل آمنة نسبيا ومركز إنتاج السياسات والخطاب الوطني الفلسطيني وأداة الفعل المقاوم، أي أن القطاع لعقدين من الزمن على الأقل تمكن من إعادة إنتاج غابة البنادق الفلسطينية التي فقدناها بخروج فصائل المقاومة من بيروت، فيما تشير المسارات الحالية انه سيكون لنهاية سلطة المقاومة فيه تبعات مشابهة لتبعات ذلك الخروج.
2. تزداد فداحة هذه الفجوة مع تجريف ما تبقى من مسار أوسلو حيث يقوم الشق الثاني من المشروع الوطني الفلسطيني ومركزه رام الله، وتآكل دور سلطته حتى في صفة شريك الاحتلال الأمني أو المدير المحلي لشؤون التجمعات الفلسطينية في الضفة المحتلة، وارتهانه للمانحين وانحسار خطابه إلى المطالبة الجوفاء بتطبيق الشرعية الدولية. يرافق ذلك سلوك سلطة رام الله الانتقامي تجاه قطاع غزة، غير العابئ لا بالمآلات السياسية ولا بمعاناة أهل القطاع الإنسانية، وجهدها الفاعل لمنع نشوء بدائل وطنية أو حتى إصلاح مؤسسات منظمة التحرير.
3. انكفاء قوى محور المقاومة في دول الطوق (سورية ولبنان) لم يحرم المقاومة الفلسطينية من إمكانيات التعويض عن الخسائر المادية فحسب، بل وأيضا من المظلة السياسية ومساحة الحركة للتعويض عن سقوط المركز. انتقال قيادات المقاومة الى أماكن أبعد عن الأرض المحتلة ودول الطوق (إيران، تركيا ) قد يؤدي بالتدريج الى إضعاف قواعدها وتهميشها سياسيا لصالح قوى أخرى أكثر استعدادا للتعاون مع منظومات الإخضاع الآتية.
4. تجريف القانون الدولي على يد إدارة ترمب وانخراط النظام الرسمي العربي السافر في مشروع التطبيع مع العدو وتصفية القضية الوطنية الفلسطينية أمّن لإسرائيل هامش حركة واسع للاستمرار في جرائمها بوتيرة غير مسبوقة.
5. في أوروبا والولايات المتحدة رسخت منظومة قانونية جرمت الفصائل الفلسطينية بوضع الفصائل الفلسطينية على قوائم الإرهاب، وتجاوز أثر هذا التجريم عمل الفصائل العلني والجوانب اللوجستية والمالية ليؤدي إلى إزاحات في الخطاب وأشكال التنظيم وأولويات العمل الفلسطيني لدى الجاليات المقيمة، وانقطاع أفرادها، وخاصة أبناء الجيل الثاني ، عن الحركة الوطنية وتاريخها ورموزها، وارتباطهم بخطاب التضامن الذي أصبح هو المعياري في بعض البلدان ، وهو من يتحكم بالخطاب الفلسطيني العام وليس العكس.
6. حركة الاحتجاج والتضامن العالمية أعادت بعض الحياة إلى البنى المنظمة في الشتات، ونشأت حالة ناشطية واسعة، إلا أن أطر التضامن هي ما ظلت سائدة في معظم الأحوال، في الحشد والتنظيم وكذلك في صناعة الخطاب وتحديد سقف المطالب وأساليب العمل، أما المؤسسات الفلسطينية فظلت تعمل في إطار رد الفعل ولم تتجاوز في معظم الأحوال مشاكلها المتراكمة من فترة ما قبل حرب غزة. الخطر الذي نواجهه الآن هو تراجع حالة التضامن الواسعة قبل أن نتمكن من إعادة بناء المؤسسات وتطوير عملها ورفدها بقواعد جديدة لتكون في مستوى تحديات المرحلة القادمة.
في هذا السياق لا يمكن أن نعتبر اعتراف دول غربية بدولة فلسطينية تعويضا من أي نوع على جرائم الإبادة، أو انتصارا للحق الفلسطيني بعد "انكشاف وجه إسرائيل الحقيقي" أو "صحوة الضمير"، أو ثمرة لصمود الفلسطينيين بل هو استمرار لعملية تجريف القضية الوطنية وتهميشها وتجريم فصائل المقاومة وعملية تجهيز للإطار السياسي الحامل لما سيأتي. إن هذا الاعتراف بدولة، مع انتفاء السيادة على الأرض، وبالشروط التي يضعها أو تضعها على نفسها القيادة الفلسطينية، ما هو إلا حبل نجاة لإنقاذ سلطة رام الله من الإفلاس السياسي التام وإسنادها بانتصار وهمي لأداء دورها المطلوب: أداة لخلق مرجعية فلسطينية لعملية التطبيع العربية مع إسرائيل وتفكيك ما تبقى من بنى الحركة الوطنية الفلسطينية.
بناء على ما سبق، فإن جدل النصر والهزيمة ليس مجدٍ سياسيا، بل هو في معظمه قائم بين أطراف لم تقم بالدور المتوقع منها في هذه المواجهة، ومضمونه الحقيقي إما إنكار الواقع وتجنب المسؤولية، أو تبرير الاستسلام أمام ما هو قادم.
وهنا نصل إلى القسم الثاني من هذا الطرح: ماذا يعني ذلك للتجمعات الفلسطينية في الشتات، ما هي المهمات المطروحة علينا اليوم؟
أولا: التزام ضد الهزيمة
إن المسار السياسي الذي اختارته أطراف المنظومة الاستعمارية المشاركة في حرب الابادة هو تصفية القضية الفلسطينية، أي أنها ستعمل أيضا على تقليص مساحات العمل الجدي الذي يعيق هذا المسار، سواء في القارة الأوروبية او في غيرها من دول العالم.
وحتى إمعان العدو في القتل والإبادة، واستعراضه اليومي لطقوس التنكيل بالغزيين نموذجاً لمصير الفلسطيني حين يتمرد، يهدف أيضا إلى سحق الشخصية التاريخية التي تشكلت حول إرادة القتال لدى الضحية التي نهضت وقاومت بل وحققت بعض الانتصارات على المنظومة الاستعمارية المسلحة، ثم إعادة تشكيل وعينا الجمعي بطريقة تختزل الفلسطيني وتؤبده في موقع الضحية المحض.
إن بقاء كياننا الجمعي مرتهن بالتزامنا تجاه الفعل ذاته، أي مقاومة منظومة الإبادة الاستعمارية والتمرد عليها، وهذا يعني بتصعيد وتوسيع أشكال هذا الالتزام تجاه كل فعل ضمن هذا المسار، وبسردية الحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها عقد الفلسطينيين الاجتماعي، وهذا ما يجب ان يعكسه عملنا هنا في الموقف والخطاب.
ثانيا: كيف نعوض غياب المركز؟
هناك حاجة لخلق بنى مؤسسية قادرة على حمل جزء من الأعباء التي كانت تحملها غزة بصفتها قاعدة العمل الفلسطيني في السنوات الاخيرة (وكذلك ما حملته بعض من مواقع العمل الفلسطيني في دول الطوق) في مجالات الإعلام والإنتاج الكتابي والدعائي وحتى مراكز البحث والتفكير، وكذلك قاعدة لمنظومات تمثيلية لأطر فلسطينية نسوية ونقابية خارج نسق اوسلو المهيمن.
يكمن التحدي اليوم في خلق هذه البنى البديلة داخل الشرط القانوني الأوروبي المعادي، إلى جانب بنى الجاليات الفلسطينية الحالية المحكومة بالسقف السياسي الذي اختاره آباؤها المؤسسون في ظرف تاريخي مختلف، وما تعودت عليه من أساليب العمل والعلاقات والتخاطب، وتمحور عملها المؤسساتي في معظمه على محاصصة في سياق التمثيل داخل المؤسسة الفلسطينية الأكبر.
ثالثا: التضامن لا يعوّض عن الفعل الفلسطيني
على الرغم من أهمية حالة التضامن، إلا انها في الحقيقة لم تتمكن من وقف تدفق الأسلحة والذخائر والأموال إلى منظومة الإبادة، التي واصلت أيضا هطولها بانتظام على رؤوس الغزيين، وفي حين لم يتعرض جيش الاحتلال ومجتمعه الاستيطاني في فلسطين إلى أي نقص مادي حقيقي، مات آلاف من الغزيين جوعا، والاف أخرى في انتظار الدواء أو الطعام، وهنا تكمن خطورة الادعاءات والأوهام حول الانتصار الأخلاقي والدعائي على آلة الإبادة وقنابل الطائرات والمدافع، فما زال هذا الطريق طويلا.
لا يعني ذلك التخلي عن محاولات حشد التضامن والعمل في الشارع الأوروبي، ولكن إدراك حدود تأثيره هو أيضاً إدراك أن هذا التضامن بني أصلاً على صمود غزة وأهلها، أي على وجود فعل فلسطيني مقاوم بالأساس، وكذلك في جزء منه على نهر من دماء الفلسطينيين الذين قتلتهم الأسلحة الأمريكية والأوروبية، وعليه فإن التسويغ للانزياح من النضال الفلسطيني إلى مواقع التضامن مع هذا النضال باعتباره أداة مثالية لانتزاع الحقوق الوطنية، هو تخلي عن الفعل النضالي المنتج أصلا لهذا التضامن، أو اعتباره مهمة موكلة حصراً بضحايا الإبادة والواقعين تحت نيرانها المباشرة.
تتطلب مهمة استعادة الخطاب من التضامن الأجنبي وحشد قواه حول الخطاب الوطني والأولويات الفلسطينية وإلزامه بها بناء جسم فلسطيني منظم وازن يعمل على صناعة خطاب مرجعي موحد، يمثل على الأقل مواقف المعسكر الرافض للاستسلام والمتمسك برفض التطبيع، والتمسك بمناهضة الصهيونية أساسا للتحالفات طويلة الأمد. ومن الممكن الوصول إلى ذلك ببناء ائتلاف أو شبكة من المؤسسات المستقلة عبر القارة الأوروبية تتفق في الخط السياسي العام وتعمل معا على صوغ ونشر موقف موحد في القضايا الاستراتيجية والمستجدات اليومية المشتركة.
رابعا: كيف نوفر غطاء سياسيا وقانونيا لممثلي الشعب الفلسطيني الحقيقيين؟
لقد قام أداؤنا السياسي والمجتمعي هنا على حقيقة أن من يمثل الشعب الفلسطيني فعلا هم قوى المقاومة في فلسطين، وأن دورنا هنا هو دور الأطراف في دعم المركز، وكذلك الدفاع عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني. أما اليوم فإن قوى المقاومة تقع تحت ضغط الإبادة لحواضنها المباشرة في الأرض المحتلة وفي الجوار، ولملاحقة وتجريم وتجفيف للموارد في عدة دول، منها بلدان القارة الأوروبية.
إن هذا التجريم بالذات هو من سهل على العدو المضي في حربه ضد مقدرات شعبنا، بشيطنة الفعل الفلسطيني وشرعنة العدوان وتكميم الأفواه، وتعزيز الحصار المضروب على المركز، وهو ما يصعب التواصل بينه وبين الأطراف ويعقد العمل الفلسطيني على كل الأصعدة.
مواجهة هذا التجريم والتمسك بحق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس يشكلان أرضية مهمة لخلق مساحات تصعيد ومواجهة مع المؤسسات الحاكمة ولحشد المجتمعات الفلسطينية وقوى التضامن حول خطاب الحركة الوطنية الفلسطينية ومن أجل تكوين أرضية مجتمعية وقانونية وسياسية للدفاع عن مكوناتها باعتبارها ممثل الفلسطينيين الحقيقي، وشطبها من قوائم الإرهاب الأوروبية.
في هذا السياق هناك حاجة ملحة لتقوية وتوسعة هيئات الدعم القانوني على مستوى القارة الأوروبية، كما ينبغي تعزيز التضامن مع سجناء العمل الوطني الفلسطيني في أوروبا والتعامل مع قضاياهم في سياقها السياسي، أي مبدأ حق الفلسطينيين في مقاومة الصهيونية.
خامسا: دور الجاليات المجتمعي
تترافق الحملة على تصفية الكيان الفلسطيني الجمعي وذلك الانحياز السافر إلى دولة التوسع الاستعماري في منطقتنا مع تحولات مهمة في المجتمعات الأوروبية نفسها بنمو اليمين الشعبوي وهيمنة خطابه على الطيف السياسي في معظم البلدان، ونزعات الانعزالية الشوفينية والعسكرة والتوجهات السلطوية التي تطغى على خطاب وسياسات الاتحاد الأوروبي. في هذا السياق تتقاسم الجاليات الفلسطينية في الدول الأوروبية المصير مع المجتمعات المهاجرة، وخاصة المسلم منها، في ما يتعلق بالقوانين والممارسات العنصرية، بل إن بعض الدول قد بدأت تربط الاعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين بمتطلبات الاندماج اللازمة للحصول على الإقامة أو الجنسية في فيها.
هذا يجعل مقاومة العنصرية والإسلاموفوبيا واحدة من أولويات عمل الجاليات الفلسطينية ومدخلا للتواصل والعمل المشترك مع الجاليات الوافدة الأخرى، في حين تؤكد الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية مجددا ضرورة الاهتمام بالبعد العربي على أرضية وحدة النضال ضد واقع التبعية والاستعمار في المنطقة، عبر البحث عن مساحات حوار وفضاءات عمل مشتركة مع الجاليات العربية.
خلاصة
لا ينبغي ان توهمنا بعض التغيرات السطحية في السياسة الأوروبية أو النمو الذي شهدته حركة التضامن بأننا اليوم في موضع الحفاظ على مواقع متقدمة أو بصدد تعزيزها، بل نحن في سباق مع الوقت لإعادة تنظيم العمل الفلسطيني في القارة ليناسب التحديات الجديدة التي يواجهها الكل الفلسطيني، ويتطلب ذلك إعادة تنظيم صفوفنا، أي ترتيب مواردنا البشرية والمادية المحدودة، والعلاقات مع المؤسسات الفلسطينية والتضامنية الناشطة على أرضية المهام الكبرى المطروحة، تبعا للموقف منها، من أجل بناء شبكة عمل تخدم هذا الغرض بعيدا عن موضوعات التمثيل والتحاصص التقليدية في إطار باتت مرجعيته الأم معرضة للتصفية والإبادة.
المنتدى الفلسطيني- مدريد
نادي فلسطين العربي – فيينا
جمعية حنظلة- بلجيكا
نادي فلسطين- بلجيكا
النادي الفلسطيني- تركيا
١/١٢/٢٠٢٥
أصدرت عدة جمعيات ومؤسسات فلسطينية في أوروبا بياناً أكدت فيه أن "بقاؤنا نقاوم هو نصف الانتصار، الهزيمة في الاستسلام"، مشيرة إلى أنه مع سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة تدخل حرب الإبادة الصهيونية ضد شعبنا مرحلة جديدة، سيعمل فيها العدو على استكمال تحقيق أهداف العدوان، التي لا تتوقف عند سحق المقاومة المسلحة في القطاع وتجفيف مواردها، بل تهدف إلى القضاء على إمكانية الحياة في القطاع واختزال ساكنيه في احتياجات الغذاء والدواء والمأوى الأولية، تمهيدًا لتحويل إخراجهم واستيعابهم إلى قضية إنسانية دولية، والتحول إلى ابتلاع ما تبقى من الضفة الغربية،.
وأضافت الجمعيات أنّه تسعى في مآلاتها إلى تفكيك الكيان الجمعي الفلسطيني كله بالقضاء أولاً على حامله المركزي، أي فصائل المقاومة، والدفع بمن لم يرحل طوعا من فلسطين إلى العيش في معازل خاضعة تماما للإرادة والاحتياجات الإسرائيلية في كل التفاصيل، في حين تتولى دول الشتات إخراج التجمعات الفلسطينية فيها من نطاق المواجهة وحصر ما تبقى من وجودها المنظم في حالة تضامن في أحسن الأحوال. إن وقف إطلاق النار بصورته الحالية يخلص إسرائيل من عبء الحرب السياسي وتبعاتها في المجتمع الدولي بقبول وقف الحرب شكلا، مع استمرارها في مشروعها مضمونا وممارسة بغطاء سياسي دولي وعربي.
نص البيان كما ورد:
بيان صادر عن جمعيات ومؤسسات فلسطينية في أوروبا:
بقاؤنا نقاوم هو نصف الانتصار، الهزيمة في الاستسلام
الجاليات الفلسطينية في أوروبا وأولويات المرحلة
مع سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة تدخل حرب الإبادة الصهيونية ضد شعبنا مرحلة جديدة، سيعمل فيها العدو على استكمال تحقيق أهداف العدوان، التي لا تتوقف عند سحق المقاومة المسلحة في القطاع وتجفيف مواردها، بل تهدف إلى القضاء على إمكانية الحياة في القطاع واختزال ساكنيه في احتياجات الغذاء والدواء والمأوى الأولية، تمهيدًا لتحويل إخراجهم واستيعابهم إلى قضية إنسانية دولية، والتحول إلى ابتلاع ما تبقى من الضفة الغربية، وتسعى في مآلاتها إلى تفكيك الكيان الجمعي الفلسطيني كله بالقضاء أولا على حامله المركزي، أي فصائل المقاومة، والدفع بمن لم يرحل طوعا من فلسطين إلى العيش في معازل خاضعة تماما للإرادة والاحتياجات الإسرائيلية في كل التفاصيل، في حين تتولى دول الشتات إخراج التجمعات الفلسطينية فيها من نطاق المواجهة وحصر ما تبقى من وجودها المنظم في حالة تضامن في أحسن الأحوال. إن وقف إطلاق النار بصورته الحالية يخلص إسرائيل من عبء الحرب السياسي وتبعاتها في المجتمع الدولي بقبول وقف الحرب شكلا، مع استمرارها في مشروعها مضمونا وممارسة بغطاء سياسي دولي وعربي.
على الجانب الفلسطيني يواجه الفلسطينيون في مختلف أماكن تواجدهم، وهم يدخلون هذه المرحلة، تحديات كبرى سيتطلب التعامل معها إعادة النظر في استراتيجيات وأساليب العمل، وفي الخطاب السياسي الرائج أيضا.
1. فقدان المركز: شكل قطاع غزة، رغم ما عاناه وسكانه، ما يمكن وصفه بعاصمة الحركة الوطنية الفلسطينية و ملاذها، باعتباره منطقة شبه محررة تسيطر عليها فصائل المقاومة المسلحة بحكم الأمر الواقع وبدون توقيع اتفاقيات سياسية أو أمنية مع العدو، بما سمح لكافة القوى الفلسطينية بالنشاط وشكلت مساحة عمل آمنة نسبيا ومركز إنتاج السياسات والخطاب الوطني الفلسطيني وأداة الفعل المقاوم، أي أن القطاع لعقدين من الزمن على الأقل تمكن من إعادة إنتاج غابة البنادق الفلسطينية التي فقدناها بخروج فصائل المقاومة من بيروت، فيما تشير المسارات الحالية انه سيكون لنهاية سلطة المقاومة فيه تبعات مشابهة لتبعات ذلك الخروج.
2. تزداد فداحة هذه الفجوة مع تجريف ما تبقى من مسار أوسلو حيث يقوم الشق الثاني من المشروع الوطني الفلسطيني ومركزه رام الله، وتآكل دور سلطته حتى في صفة شريك الاحتلال الأمني أو المدير المحلي لشؤون التجمعات الفلسطينية في الضفة المحتلة، وارتهانه للمانحين وانحسار خطابه إلى المطالبة الجوفاء بتطبيق الشرعية الدولية. يرافق ذلك سلوك سلطة رام الله الانتقامي تجاه قطاع غزة، غير العابئ لا بالمآلات السياسية ولا بمعاناة أهل القطاع الإنسانية، وجهدها الفاعل لمنع نشوء بدائل وطنية أو حتى إصلاح مؤسسات منظمة التحرير.
3. انكفاء قوى محور المقاومة في دول الطوق (سورية ولبنان) لم يحرم المقاومة الفلسطينية من إمكانيات التعويض عن الخسائر المادية فحسب، بل وأيضا من المظلة السياسية ومساحة الحركة للتعويض عن سقوط المركز. انتقال قيادات المقاومة الى أماكن أبعد عن الأرض المحتلة ودول الطوق (إيران، تركيا ) قد يؤدي بالتدريج الى إضعاف قواعدها وتهميشها سياسيا لصالح قوى أخرى أكثر استعدادا للتعاون مع منظومات الإخضاع الآتية.
4. تجريف القانون الدولي على يد إدارة ترمب وانخراط النظام الرسمي العربي السافر في مشروع التطبيع مع العدو وتصفية القضية الوطنية الفلسطينية أمّن لإسرائيل هامش حركة واسع للاستمرار في جرائمها بوتيرة غير مسبوقة.
5. في أوروبا والولايات المتحدة رسخت منظومة قانونية جرمت الفصائل الفلسطينية بوضع الفصائل الفلسطينية على قوائم الإرهاب، وتجاوز أثر هذا التجريم عمل الفصائل العلني والجوانب اللوجستية والمالية ليؤدي إلى إزاحات في الخطاب وأشكال التنظيم وأولويات العمل الفلسطيني لدى الجاليات المقيمة، وانقطاع أفرادها، وخاصة أبناء الجيل الثاني ، عن الحركة الوطنية وتاريخها ورموزها، وارتباطهم بخطاب التضامن الذي أصبح هو المعياري في بعض البلدان ، وهو من يتحكم بالخطاب الفلسطيني العام وليس العكس.
6. حركة الاحتجاج والتضامن العالمية أعادت بعض الحياة إلى البنى المنظمة في الشتات، ونشأت حالة ناشطية واسعة، إلا أن أطر التضامن هي ما ظلت سائدة في معظم الأحوال، في الحشد والتنظيم وكذلك في صناعة الخطاب وتحديد سقف المطالب وأساليب العمل، أما المؤسسات الفلسطينية فظلت تعمل في إطار رد الفعل ولم تتجاوز في معظم الأحوال مشاكلها المتراكمة من فترة ما قبل حرب غزة. الخطر الذي نواجهه الآن هو تراجع حالة التضامن الواسعة قبل أن نتمكن من إعادة بناء المؤسسات وتطوير عملها ورفدها بقواعد جديدة لتكون في مستوى تحديات المرحلة القادمة.
في هذا السياق لا يمكن أن نعتبر اعتراف دول غربية بدولة فلسطينية تعويضا من أي نوع على جرائم الإبادة، أو انتصارا للحق الفلسطيني بعد "انكشاف وجه إسرائيل الحقيقي" أو "صحوة الضمير"، أو ثمرة لصمود الفلسطينيين بل هو استمرار لعملية تجريف القضية الوطنية وتهميشها وتجريم فصائل المقاومة وعملية تجهيز للإطار السياسي الحامل لما سيأتي. إن هذا الاعتراف بدولة، مع انتفاء السيادة على الأرض، وبالشروط التي يضعها أو تضعها على نفسها القيادة الفلسطينية، ما هو إلا حبل نجاة لإنقاذ سلطة رام الله من الإفلاس السياسي التام وإسنادها بانتصار وهمي لأداء دورها المطلوب: أداة لخلق مرجعية فلسطينية لعملية التطبيع العربية مع إسرائيل وتفكيك ما تبقى من بنى الحركة الوطنية الفلسطينية.
بناء على ما سبق، فإن جدل النصر والهزيمة ليس مجدٍ سياسيا، بل هو في معظمه قائم بين أطراف لم تقم بالدور المتوقع منها في هذه المواجهة، ومضمونه الحقيقي إما إنكار الواقع وتجنب المسؤولية، أو تبرير الاستسلام أمام ما هو قادم.
وهنا نصل إلى القسم الثاني من هذا الطرح: ماذا يعني ذلك للتجمعات الفلسطينية في الشتات، ما هي المهمات المطروحة علينا اليوم؟
أولا: التزام ضد الهزيمة
إن المسار السياسي الذي اختارته أطراف المنظومة الاستعمارية المشاركة في حرب الابادة هو تصفية القضية الفلسطينية، أي أنها ستعمل أيضا على تقليص مساحات العمل الجدي الذي يعيق هذا المسار، سواء في القارة الأوروبية او في غيرها من دول العالم.
وحتى إمعان العدو في القتل والإبادة، واستعراضه اليومي لطقوس التنكيل بالغزيين نموذجاً لمصير الفلسطيني حين يتمرد، يهدف أيضا إلى سحق الشخصية التاريخية التي تشكلت حول إرادة القتال لدى الضحية التي نهضت وقاومت بل وحققت بعض الانتصارات على المنظومة الاستعمارية المسلحة، ثم إعادة تشكيل وعينا الجمعي بطريقة تختزل الفلسطيني وتؤبده في موقع الضحية المحض.
إن بقاء كياننا الجمعي مرتهن بالتزامنا تجاه الفعل ذاته، أي مقاومة منظومة الإبادة الاستعمارية والتمرد عليها، وهذا يعني بتصعيد وتوسيع أشكال هذا الالتزام تجاه كل فعل ضمن هذا المسار، وبسردية الحركة الوطنية الفلسطينية باعتبارها عقد الفلسطينيين الاجتماعي، وهذا ما يجب ان يعكسه عملنا هنا في الموقف والخطاب.
ثانيا: كيف نعوض غياب المركز؟
هناك حاجة لخلق بنى مؤسسية قادرة على حمل جزء من الأعباء التي كانت تحملها غزة بصفتها قاعدة العمل الفلسطيني في السنوات الاخيرة (وكذلك ما حملته بعض من مواقع العمل الفلسطيني في دول الطوق) في مجالات الإعلام والإنتاج الكتابي والدعائي وحتى مراكز البحث والتفكير، وكذلك قاعدة لمنظومات تمثيلية لأطر فلسطينية نسوية ونقابية خارج نسق اوسلو المهيمن.
يكمن التحدي اليوم في خلق هذه البنى البديلة داخل الشرط القانوني الأوروبي المعادي، إلى جانب بنى الجاليات الفلسطينية الحالية المحكومة بالسقف السياسي الذي اختاره آباؤها المؤسسون في ظرف تاريخي مختلف، وما تعودت عليه من أساليب العمل والعلاقات والتخاطب، وتمحور عملها المؤسساتي في معظمه على محاصصة في سياق التمثيل داخل المؤسسة الفلسطينية الأكبر.
ثالثا: التضامن لا يعوّض عن الفعل الفلسطيني
على الرغم من أهمية حالة التضامن، إلا انها في الحقيقة لم تتمكن من وقف تدفق الأسلحة والذخائر والأموال إلى منظومة الإبادة، التي واصلت أيضا هطولها بانتظام على رؤوس الغزيين، وفي حين لم يتعرض جيش الاحتلال ومجتمعه الاستيطاني في فلسطين إلى أي نقص مادي حقيقي، مات آلاف من الغزيين جوعا، والاف أخرى في انتظار الدواء أو الطعام، وهنا تكمن خطورة الادعاءات والأوهام حول الانتصار الأخلاقي والدعائي على آلة الإبادة وقنابل الطائرات والمدافع، فما زال هذا الطريق طويلا.
لا يعني ذلك التخلي عن محاولات حشد التضامن والعمل في الشارع الأوروبي، ولكن إدراك حدود تأثيره هو أيضاً إدراك أن هذا التضامن بني أصلاً على صمود غزة وأهلها، أي على وجود فعل فلسطيني مقاوم بالأساس، وكذلك في جزء منه على نهر من دماء الفلسطينيين الذين قتلتهم الأسلحة الأمريكية والأوروبية، وعليه فإن التسويغ للانزياح من النضال الفلسطيني إلى مواقع التضامن مع هذا النضال باعتباره أداة مثالية لانتزاع الحقوق الوطنية، هو تخلي عن الفعل النضالي المنتج أصلا لهذا التضامن، أو اعتباره مهمة موكلة حصراً بضحايا الإبادة والواقعين تحت نيرانها المباشرة.
تتطلب مهمة استعادة الخطاب من التضامن الأجنبي وحشد قواه حول الخطاب الوطني والأولويات الفلسطينية وإلزامه بها بناء جسم فلسطيني منظم وازن يعمل على صناعة خطاب مرجعي موحد، يمثل على الأقل مواقف المعسكر الرافض للاستسلام والمتمسك برفض التطبيع، والتمسك بمناهضة الصهيونية أساسا للتحالفات طويلة الأمد. ومن الممكن الوصول إلى ذلك ببناء ائتلاف أو شبكة من المؤسسات المستقلة عبر القارة الأوروبية تتفق في الخط السياسي العام وتعمل معا على صوغ ونشر موقف موحد في القضايا الاستراتيجية والمستجدات اليومية المشتركة.
رابعا: كيف نوفر غطاء سياسيا وقانونيا لممثلي الشعب الفلسطيني الحقيقيين؟
لقد قام أداؤنا السياسي والمجتمعي هنا على حقيقة أن من يمثل الشعب الفلسطيني فعلا هم قوى المقاومة في فلسطين، وأن دورنا هنا هو دور الأطراف في دعم المركز، وكذلك الدفاع عن حق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس وفضح جرائم الاحتلال الصهيوني. أما اليوم فإن قوى المقاومة تقع تحت ضغط الإبادة لحواضنها المباشرة في الأرض المحتلة وفي الجوار، ولملاحقة وتجريم وتجفيف للموارد في عدة دول، منها بلدان القارة الأوروبية.
إن هذا التجريم بالذات هو من سهل على العدو المضي في حربه ضد مقدرات شعبنا، بشيطنة الفعل الفلسطيني وشرعنة العدوان وتكميم الأفواه، وتعزيز الحصار المضروب على المركز، وهو ما يصعب التواصل بينه وبين الأطراف ويعقد العمل الفلسطيني على كل الأصعدة.
مواجهة هذا التجريم والتمسك بحق الفلسطينيين في الدفاع عن النفس يشكلان أرضية مهمة لخلق مساحات تصعيد ومواجهة مع المؤسسات الحاكمة ولحشد المجتمعات الفلسطينية وقوى التضامن حول خطاب الحركة الوطنية الفلسطينية ومن أجل تكوين أرضية مجتمعية وقانونية وسياسية للدفاع عن مكوناتها باعتبارها ممثل الفلسطينيين الحقيقي، وشطبها من قوائم الإرهاب الأوروبية.
في هذا السياق هناك حاجة ملحة لتقوية وتوسعة هيئات الدعم القانوني على مستوى القارة الأوروبية، كما ينبغي تعزيز التضامن مع سجناء العمل الوطني الفلسطيني في أوروبا والتعامل مع قضاياهم في سياقها السياسي، أي مبدأ حق الفلسطينيين في مقاومة الصهيونية.
خامسا: دور الجاليات المجتمعي
تترافق الحملة على تصفية الكيان الفلسطيني الجمعي وذلك الانحياز السافر إلى دولة التوسع الاستعماري في منطقتنا مع تحولات مهمة في المجتمعات الأوروبية نفسها بنمو اليمين الشعبوي وهيمنة خطابه على الطيف السياسي في معظم البلدان، ونزعات الانعزالية الشوفينية والعسكرة والتوجهات السلطوية التي تطغى على خطاب وسياسات الاتحاد الأوروبي. في هذا السياق تتقاسم الجاليات الفلسطينية في الدول الأوروبية المصير مع المجتمعات المهاجرة، وخاصة المسلم منها، في ما يتعلق بالقوانين والممارسات العنصرية، بل إن بعض الدول قد بدأت تربط الاعتراف بالكيان الصهيوني في فلسطين بمتطلبات الاندماج اللازمة للحصول على الإقامة أو الجنسية في فيها.
هذا يجعل مقاومة العنصرية والإسلاموفوبيا واحدة من أولويات عمل الجاليات الفلسطينية ومدخلا للتواصل والعمل المشترك مع الجاليات الوافدة الأخرى، في حين تؤكد الأحداث التي تعصف بالمنطقة العربية مجددا ضرورة الاهتمام بالبعد العربي على أرضية وحدة النضال ضد واقع التبعية والاستعمار في المنطقة، عبر البحث عن مساحات حوار وفضاءات عمل مشتركة مع الجاليات العربية.
خلاصة
لا ينبغي ان توهمنا بعض التغيرات السطحية في السياسة الأوروبية أو النمو الذي شهدته حركة التضامن بأننا اليوم في موضع الحفاظ على مواقع متقدمة أو بصدد تعزيزها، بل نحن في سباق مع الوقت لإعادة تنظيم العمل الفلسطيني في القارة ليناسب التحديات الجديدة التي يواجهها الكل الفلسطيني، ويتطلب ذلك إعادة تنظيم صفوفنا، أي ترتيب مواردنا البشرية والمادية المحدودة، والعلاقات مع المؤسسات الفلسطينية والتضامنية الناشطة على أرضية المهام الكبرى المطروحة، تبعا للموقف منها، من أجل بناء شبكة عمل تخدم هذا الغرض بعيدا عن موضوعات التمثيل والتحاصص التقليدية في إطار باتت مرجعيته الأم معرضة للتصفية والإبادة.
المنتدى الفلسطيني- مدريد
نادي فلسطين العربي – فيينا
جمعية حنظلة- بلجيكا
نادي فلسطين- بلجيكا
النادي الفلسطيني- تركيا
١/١٢/٢٠٢٥
ارتفاع عدد جثامين الشهداء المحتجزة لدى الاحتلال إلى 761
أعلنت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء عن ارتفاع عدد الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي إلى 761 شهيدا، بينهم 74 طفلا، و89 أسيرا، و10 شهيدات.
يأتي هذا الارتفاع عقب استشهاد الشابين محمد رسلان محمود أسمر (18 عاما) من بيت ريما، ومهند طارق محمد زغير (17 عاما) من الخليل، واحتجاز جثمانيهما من قبل قوات الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد محمد أسمر برصاص الاحتلال شمال رام الله، بينما استشهد مهند زغير في مدينة الخليل، في حين أشار الدفاع المدني إلى تصفية منفذ عملية الدهس التي وقعت، أمس الإثنين، في حلحول بالخليل وإصابة مجندة إسرائيلية.
وتشير الحملة الوطنية إلى أن الاحتلال يواصل احتجاز الجثامين في ثلاجات ومقابر الأرقام بدعوى استخدامها كورقة تفاوض في ملف الأسرى الإسرائيليين، رغم زوال البند القانوني الذي يسمح بذلك بعد إعادة جميع الإسرائيليين من غزة.
وشددت الحملة على أن استمرار هذا الاحتجاز يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وكرامة العائلات الفلسطينية، داعيةً إلى الإفراج الفوري عن جميع الجثامين وتمكين العائلات من وداع أبنائها ودفنهم وفقا لتقاليدهم الدينية والوطنية، مع تفعيل بنك الـDNA لضمان التعرف على هوية كل جثمان واستعادة الرفات بطريقة إنسانية وقانونية.
في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قدمت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء ومعرفة مصير المفقودين طلبا رسميا إلى المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، عبر محامي الحملة ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، للمطالبة بالإفراج الفوري عن جميع جثامين الشهداء المحتجزة.
وجاء هذا الطلب بعد زوال البند القانوني الذي استند إليه الاحتلال في قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الاحتجاز، والذي كان مرتبطاً بوجود أسرى إسرائيليين في قطاع غزة.
وأوضحت الحملة أن جميع الجثامين المدرجة في القوائم المرفقة بالطلب كانت محتجزة بقرارات من المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت" وبمصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية، بزعم استخدامها كورقة تفاوض في ملف الأسرى الإسرائيليين.
ومع التوصل إلى تسوية وإعادة جميع الإسرائيليين من غزة، لم يعد هناك أي مبرر قانوني أو ذريعة لاستمرار احتجاز الجثامين الفلسطينية.
وأكدت الحملة أن استمرار هذا الاحتجاز يشكل جريمة مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وتجاوزا حتى لقرارات المحكمة العليا الإسرائيلية التي سمحت بالاحتجاز فقط لغرض التبادل.
وأضافت أن إبقاء الجثامين في ثلاجات الاحتلال ومقابر الأرقام يعد انتهاكا صارخا لحقوق العائلات الفلسطينية وكرامة الشهداء.
وطالبت الحملة بالإفراج الفوري عن جميع الجثامين دون أي تأخير، وتمكين العائلات من وداع أبنائها ودفنهم وفقاً لتقاليدهم الدينية والوطنية.
كما دعت المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية للتحرك العاجل للضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء هذه السياسة غير الأخلاقية التي تمثل شكلا من أشكال العقاب الجماعي.
وشددت الحملة على ضرورة أن تتم عملية تسليم الجثامين بطريقة تحفظ كرامة الشهداء الفلسطينيين، وأن يجري التسليم لكل جثمان محدد الهوية وبشكل لائق، بعيدا عن الممارسات المهينة التي رصدت في بعض عمليات التسليم السابقة في قطاع غزة خلال بدايات الحرب.
أعلنت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء عن ارتفاع عدد الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائيلي إلى 761 شهيدا، بينهم 74 طفلا، و89 أسيرا، و10 شهيدات.
يأتي هذا الارتفاع عقب استشهاد الشابين محمد رسلان محمود أسمر (18 عاما) من بيت ريما، ومهند طارق محمد زغير (17 عاما) من الخليل، واحتجاز جثمانيهما من قبل قوات الاحتلال صباح اليوم الثلاثاء.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد محمد أسمر برصاص الاحتلال شمال رام الله، بينما استشهد مهند زغير في مدينة الخليل، في حين أشار الدفاع المدني إلى تصفية منفذ عملية الدهس التي وقعت، أمس الإثنين، في حلحول بالخليل وإصابة مجندة إسرائيلية.
وتشير الحملة الوطنية إلى أن الاحتلال يواصل احتجاز الجثامين في ثلاجات ومقابر الأرقام بدعوى استخدامها كورقة تفاوض في ملف الأسرى الإسرائيليين، رغم زوال البند القانوني الذي يسمح بذلك بعد إعادة جميع الإسرائيليين من غزة.
وشددت الحملة على أن استمرار هذا الاحتجاز يمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي وكرامة العائلات الفلسطينية، داعيةً إلى الإفراج الفوري عن جميع الجثامين وتمكين العائلات من وداع أبنائها ودفنهم وفقا لتقاليدهم الدينية والوطنية، مع تفعيل بنك الـDNA لضمان التعرف على هوية كل جثمان واستعادة الرفات بطريقة إنسانية وقانونية.
في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، قدمت الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء ومعرفة مصير المفقودين طلبا رسميا إلى المستشار القضائي لحكومة الاحتلال، عبر محامي الحملة ومركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، للمطالبة بالإفراج الفوري عن جميع جثامين الشهداء المحتجزة.
وجاء هذا الطلب بعد زوال البند القانوني الذي استند إليه الاحتلال في قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بشأن الاحتجاز، والذي كان مرتبطاً بوجود أسرى إسرائيليين في قطاع غزة.
وأوضحت الحملة أن جميع الجثامين المدرجة في القوائم المرفقة بالطلب كانت محتجزة بقرارات من المجلس الوزاري المصغر "الكابينيت" وبمصادقة المحكمة العليا الإسرائيلية، بزعم استخدامها كورقة تفاوض في ملف الأسرى الإسرائيليين.
ومع التوصل إلى تسوية وإعادة جميع الإسرائيليين من غزة، لم يعد هناك أي مبرر قانوني أو ذريعة لاستمرار احتجاز الجثامين الفلسطينية.
وأكدت الحملة أن استمرار هذا الاحتجاز يشكل جريمة مخالفة للقانون الدولي الإنساني، وتجاوزا حتى لقرارات المحكمة العليا الإسرائيلية التي سمحت بالاحتجاز فقط لغرض التبادل.
وأضافت أن إبقاء الجثامين في ثلاجات الاحتلال ومقابر الأرقام يعد انتهاكا صارخا لحقوق العائلات الفلسطينية وكرامة الشهداء.
وطالبت الحملة بالإفراج الفوري عن جميع الجثامين دون أي تأخير، وتمكين العائلات من وداع أبنائها ودفنهم وفقاً لتقاليدهم الدينية والوطنية.
كما دعت المؤسسات الحقوقية المحلية والدولية للتحرك العاجل للضغط على سلطات الاحتلال لإنهاء هذه السياسة غير الأخلاقية التي تمثل شكلا من أشكال العقاب الجماعي.
وشددت الحملة على ضرورة أن تتم عملية تسليم الجثامين بطريقة تحفظ كرامة الشهداء الفلسطينيين، وأن يجري التسليم لكل جثمان محدد الهوية وبشكل لائق، بعيدا عن الممارسات المهينة التي رصدت في بعض عمليات التسليم السابقة في قطاع غزة خلال بدايات الحرب.
نقابة العمال العرب تطالب إسرائيل بصرف 515 مليون شيكل مستحقة للعمال الفلسطينيين
طالبت نقابة العمال العرب في مدينة الناصرة وزارة المالية ووزارة الداخلية الإسرائيلية بصرف مستحقات الإجازة المرضية لآلاف العمال الفلسطينيين الذين عملوا في الداخل قبل بداية الحرب على غزة، والبالغة نحو 515 مليون شيكل.
وأوضحت النقابة في رسالتها أن وزارة الداخلية، عبر قسم تشغيل العمال الأجانب، كانت تقتطع من أجور العمال الفلسطينيين نسبة 2.5% حتى نهاية عام 2019 كمخصصات للإجازة المرضية.
وبحسب البيانات، فقد تم صرف 11 مليون شيكل فقط كإجازات مرضية للعمال حتى نهاية 2019، فيما بقي الرصيد المتبقي في صندوق الوزارة دون صرف حتى السابع من أكتوبر 2023.
وأشار المستشار القانوني للنقابة، وهبة بدارنة، إلى أن وزارة المالية حولت جزءاً من هذه المستحقات، بقيمة 218 مليون شيكل، لتعويض أرباب العمل عن خسائر الحرب، بينما بقي الرصيد الأكبر في صندوق وزارة الداخلية كمستحقات للعمال الفلسطينيين.
وأضاف بدارنة أن الحكومة الإسرائيلية ووزارة المالية تخطط لتوزيع هذه الأموال على الوزارات والمؤسسات المختلفة، بما في ذلك اتحاد المزارعين، اتحاد الفلاحين، الهستدروت الإسرائيلية ومنظمة الهستدروت الوطنية، دون مراعاة حقوق العمال الفلسطينيين، واصفاً ذلك بمحاولة "تقاسم الكعكة" بين الجهات الإسرائيلية.
وأكد بدارنة أن نقابة العمال العرب ستتخذ إجراءات قانونية عاجلة إذا لم تتلق ردا من وزارتي الداخلية والمالية بشأن صرف هذه الأموال للعمال الفلسطينيين، التي هي حق أصيل لهم عن سنوات عملهم النظامي والقانوني لدى المشغلين الإسرائيليين.
يذكر أن نحو 75% من العمال الفلسطينيين في الداخل حتى السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 ، كانوا يعملون في قطاع البناء، و15% في الزراعة، و6% في الصناعة، و3% في قطاع الخدمات، فيما نسبة ضئيلة منهم عملت في مجال السياحة.
طالبت نقابة العمال العرب في مدينة الناصرة وزارة المالية ووزارة الداخلية الإسرائيلية بصرف مستحقات الإجازة المرضية لآلاف العمال الفلسطينيين الذين عملوا في الداخل قبل بداية الحرب على غزة، والبالغة نحو 515 مليون شيكل.
وأوضحت النقابة في رسالتها أن وزارة الداخلية، عبر قسم تشغيل العمال الأجانب، كانت تقتطع من أجور العمال الفلسطينيين نسبة 2.5% حتى نهاية عام 2019 كمخصصات للإجازة المرضية.
وبحسب البيانات، فقد تم صرف 11 مليون شيكل فقط كإجازات مرضية للعمال حتى نهاية 2019، فيما بقي الرصيد المتبقي في صندوق الوزارة دون صرف حتى السابع من أكتوبر 2023.
وأشار المستشار القانوني للنقابة، وهبة بدارنة، إلى أن وزارة المالية حولت جزءاً من هذه المستحقات، بقيمة 218 مليون شيكل، لتعويض أرباب العمل عن خسائر الحرب، بينما بقي الرصيد الأكبر في صندوق وزارة الداخلية كمستحقات للعمال الفلسطينيين.
وأضاف بدارنة أن الحكومة الإسرائيلية ووزارة المالية تخطط لتوزيع هذه الأموال على الوزارات والمؤسسات المختلفة، بما في ذلك اتحاد المزارعين، اتحاد الفلاحين، الهستدروت الإسرائيلية ومنظمة الهستدروت الوطنية، دون مراعاة حقوق العمال الفلسطينيين، واصفاً ذلك بمحاولة "تقاسم الكعكة" بين الجهات الإسرائيلية.
وأكد بدارنة أن نقابة العمال العرب ستتخذ إجراءات قانونية عاجلة إذا لم تتلق ردا من وزارتي الداخلية والمالية بشأن صرف هذه الأموال للعمال الفلسطينيين، التي هي حق أصيل لهم عن سنوات عملهم النظامي والقانوني لدى المشغلين الإسرائيليين.
يذكر أن نحو 75% من العمال الفلسطينيين في الداخل حتى السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 ، كانوا يعملون في قطاع البناء، و15% في الزراعة، و6% في الصناعة، و3% في قطاع الخدمات، فيما نسبة ضئيلة منهم عملت في مجال السياحة.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire