شفيق طبارة
يوثّق «فلسطين 36» لآن ماري جاسر بدايات الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني عبر سرد تاريخي واسع وشخصيات متعددة. فيلم طموح بصرياً وتعليمي الإيقاع، يكشف مسؤولية بريطانيا في تشريع المشروع الصهيوني، ويقدّم معرفةً مكثّفةً بالتاريخ أكثر مما يقدّم دراما تهزّ الوجدان
لم يبدأ كلّ شيء مع خطة دونالد ترامب حول غزّة، ولا في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ولا مع اتفاقيات أوسلو، ولا مع هزيمة 1967، ولا حتى مع نكبة 1948: الجذور أعمق بكثير.
قراءتان متوازيتان للتاريخ
من هناك يبدأ فيلم «فلسطين 36»، من تلك اللحظة الأولى التي أُهين فيها أول فلسطيني على يد الجيش البريطاني والميليشيات الصهيونية، في بيته أو بين أشجار الزيتون، هناك بدأ كلّ شيء. لكن الفيلم لا يكتفي باستعادة هذا الجذر التاريخي، بل يضعنا أمام قراءتين متوازيتين: ما يقوله وكيف يقوله.
على مستوى المحتوى، نحن أمام سردية تستعيد ثورة الفلسطينيين ضد الاستعمار البريطاني، في لحظة تاريخية ازدادت توتراً مع وصول الموجات الأولى من المستوطنين اليهود من أوروبا. الفيلم الذي يمثّل فلسطين في أوسكار 2026 عن أفضل فيلم دولي، يغوص في ثورات المزارعين وعمّال المرفأ، ودور الصحافيين والطبقة المخمليّة والقمع البريطاني، ويثريها بمادة أرشيفية آسرة، توثّق ما سُلب. لكن على مستوى الأسلوب، المفارقة صارخة. يُقدّم العمل نفسه عبر إنتاج ضخم، كأنّه يوحي بأن قيمته تُقاس بالزخارف الشكلية أكثر مما تُقاس بوعي الأسلوب السينمائي. النتيجة: عمل ضخم، مؤثر، لكنه يسير بإيقاع مدرسي، ويقدّم شخصيات أقرب إلى شواهد حجرية منها إلى بشر يتوهجون.
تكتيك الاستعمار و... المقاومة
في فيلمها الجديد، تتجه المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر («ملح هذا البحر»/ 2008 ــــ «لمّا شفتك» / 2012، و«واجب»/2017)، إلى الأرشيف والنسيج الاجتماعي الفلسطيني، مستحضرة تكتيكات الاستعمار والمقاومة قبل «الثورة الفلسطينية الكبرى» (1936 – 1939) وخلالها. لا تقتصر الحكاية على عائلة واحدة، بل تنفتح على طيف واسع من الشخصيات، تُوظَّف كجنود مشاة في سرد يلتقط نوبات الصدمة والتمرّد، المتقاطعة مع صور أرشيفية. وهكذا يرسم الفيلم السنوات الأولى من الثورة التي قادها الفلاحون والعمّال.
يُمنح الفيلم حقّ التنقّل في فلسطين، حيث كلّ حقل يشتعل، وكلّ يتيم ينمو وهو يشهد انفجاراً، وكلّ فصل من الحكاية يُعلن بكلمات.
يأتي العنوان الفرعي الأول، المؤرخ في آذار (مارس) 1936، كجملة مثقلة بالهزيمة: «سنة مهدك». تُظهر لقطات الأرشيف كيف بدأ آلاف اليهود الأوروبيين بالهجرة إلى فلسطين. في تلك السنة، يجد يوسف (كريم عناية) نفسه متأرجحاً بين طبقات اجتماعية مختلفة. هو من قرية البسمة، والده المزارع المسنّ بحاجة إليه، بسبب بدء مصادرة الأراضي والقرى المجاورة، لكنه يعمل سائقاً لزوجين ثريين هما المحرر الصحافي أمير (ظافر العابدين)، وزوجته الصحافية الكاريزمية خلود (ياسمين المصري) التي تستخدم اسماً مستعاراً لكتابة مقالاتها المناهضة للاستعمار.
غير أن الحكاية لا تقتصر على يوسف وحده؛ فقرية البسمة تحتضن شخصيات أخرى مثل حنان (هيام عبّاس)، وأبو رباب (كامل الباشا)، وعفرة، والكاهن الأرثوذكسي بولس (جلال الطويل) وابنه كريم. لم يكن أيّ منهم ميالاً للعنف أو المواجهة، لكنهم وجدوا أنفسهم جميعاً منخرطين في دوامة الاضطهادات التي فرضتها الحماية البريطانية، مدعومة بالميليشيات الصهيونية التي شكّلت عماد النهب والاستعمار.
الثورة هي المتنفّس
يأخذنا العنوان الثاني إلى ميناء حيفا، ليعنون «الثورة هي المتنفّس»، حيث يتحول عامل يدعى خالد (صالح بكري) بسرعة إلى ثائر بعد تعرّضه للضرب عندما طالب بأجور العمل الإضافي، وقد كانت أقل من تلك التي تُدفع للعمَّال اليهود الوافدين حديثاً.
«يا خبز يا رصاص» يقول خالد، لتتوالى العناوين والفصول، «أخذ وعطا»، و«ترنيمة العودة»، و«لا تصدق أن الإنسان ينمو». يبدأ الإضراب وينتهي، فيما تتجلى لجنة بيل بدور أشبه بالإله، تصدر وصية التقسيم التي يتردد صداها بشكل محطّم.
ومع انطلاق الثورة، تختفي العناوين الفرعية، لتصوّر جاسر الاعتقالات والخيانات وحرب العصابات، بينما نكتشف الشخصيات البريطانية وهي تمارس حركاتها القمعية بوضوح، فسكرتير المفوّض السامي (بيلي هاول) يواجه معضلة أخلاقية، بينما يتلاعب المفوّض السامي البريطاني (جيريمي آيرونز) بالكلمات والسياسة عبر الإيحاء بأنّ للعرب تاريخاً من التنازلات، ويظهر تيغارد (ليام كانينغهام) كمسؤول عسكري أُرسل إلى فلسطين لوضع استراتيجية لقمع الانتفاضة، ومعه الكابتن وينغايت (روبرت أرامايو) المكلّف بحملة القمع في القرى.
تتباين الشخصيات بين من يعبّر عن عنصرية صريحة ومن يبدي تعاطفاً محدوداً مع الفلسطينيين، لكنها جميعاً تبقى مرتبطة بأسباب الدولة والتاج، بوصفها أدوات أرسلتها المملكة المتحدة لدعم وتشجيع وحماية وشرعنة المشروع الصهيوني في فلسطين.
إيرلندا أخرى!
يضع الفيلم في واجهة السرد جملة بريطانية شهيرة آنذاك: «لا نريد إيرلندا أخرى بين أيدينا»، إذ عبّرت الإدارة البريطانية عن خشيتها من أن تتحوّل تجربتها في فلسطين إلى مأزق طويل ومعقّد شبيه بتاريخها في إيرلندا. لكن الفيلم يوضّح أنه عبر لجنة بيل لتقسيم فلسطين، منح البريطانيون الضوء الأخضر لإنشاء دولة قومية يهودية، ما شرّع مصادرة القرى الفلسطينية وقمع انتفاضات السكان بعنف. كما سمحت الإدارة البريطانية للصهيونية بالتغلغل في المجتمع الفلسطيني عبر تمويل الدعاية، وإحياء جمعيات إسلامية صورية (مثل جمعية أمير) مارست الاسترضاء، وشراء ولاءات من بعض النخب الثرية بوعود كاذبة، مستندة إلى خطاب عن «الكرم العربي» لتبرير سياسات الاستعمار والنهب، بينما كانت النوايا الصهيونية واضحة منذ البداية، مُعلنة بوضوح في قوانينها وفي أسماء جمعيات مثل «اللجنة الصهيونية المعنية بفلسطين» و«جمعية الاستعمار اليهودية الفلسطينية».
بريطانيا أصل العلّة
كل ما سبق يرد في فيلم يمتد قرابة الساعتين، عمل طموح بلا شك، يحمل نوايا ملحمية، لكن الشكل الذي قُدّم به بدا متزعزعاً، ما أضعف الاهتمام بالشخصيات وبالقصة. يتوه السرد بين اللقطات الواسعة، والشخصيات، والميلودراما. يحتوي الفيلم على مشاهد درامية عدة تُظهر الذل والطريقة التي عامل بها البريطانيون الفلسطينيين، الذين رأوا ممتلكاتهم تُنتزع منهم ببطء لكن بثبات. غير أنّ هذه المشاهد لم تؤدِّ دورها كاملاً، لأنّنا منذ البداية لم نُمنح فرصة للتفاعل مع الشخصيات.
ببساطة، لم يُعط الفيلم الوقت الكافي لتطويرها. بدا كأنّ الاهتمام انصبّ على تجميع أكبر عدد من الشخصيات بدلاً من التركيز على بعضها وتعميقها، فجاءت الشخصيات مبتورة وغير مكتملة.
يحمل الفيلم فضلاً كبيراً في تعريف الجمهور بالمراحل التي سبقت تأسيس «إسرائيل» كدولة، وما رافقها من ظلم تاريخي. تكمن قيمته في كشفه المباشر للمسؤولية الأساسية التي اضطلع بها الانتداب البريطاني، مجسّداً ذلك عبر صورة رجاله الذين يظهرون في أقصى درجات الانحطاط، كرمزٍ للإمبريالية والاستعمار الذي مورس ضد الفلسطينيين.
البُعد الطبقي حاضر أيضاً
لا تغفل جاسر أيضاً عن البُعد الطبقي، مبيّنة كيف أن الشرائح العربية الأكثر ثراءً لم تُبدِ معارضة تُذكر، بل رأت في الأحداث فرصاً محتملة للتوسع الاقتصادي.
اللافت أن «فلسطين 36» يخلو تقريباً من شخصيات يهودية، باستثناء بعض الوجوه الخلفية، إذ تشير جاسر بوضوح إلى أن البريطانيين هم الذين تولّوا تنفيذ المشروع الصهيوني. أما الإسرائيليون، فيبقون دائماً في الخلفية، بعيدين من الأنظار، أشبه بكائنات غريبة تختبئ خلف الجدران والأبراج والأسلاك الشائكة.
«فلسطين 36» عمل جيد، صُنع بيد تعرف كيف تُنجز سينما، لكنه وقع في فخ كثرة الشخصيات، ما صعّب عملية التعلّق بها عاطفياً.
لو اكتفى بالتركيز على شخصيتين أساسيتين، لكان أكثر تأثيراً، ومع ذلك يبقى فيلماً مهماً وجديراً بالمشاهدة. يحمل نفساً تثقيفياً بطابع عتيق، يسير بإيقاع ثابت غالباً ما يميل إلى البطء، واضعاً المشاهد أمام ثقل المرحلة التاريخية أكثر مما يضعه أمام دراما الشخصيات. إنه سينما تاريخية ومدنية، لكنه في جوهره يتخذ منحى إيضاحياً.
«فلسطين 36» يعلّمنا التاريخ أكثر مما يحرّكنا وجدانياً، يترك أثره في العقل لا القلب، وهذا ما يجعله مهماً بقدر ما يجعله ناقصاً.
يوثّق «فلسطين 36» لآن ماري جاسر بدايات الثورة الفلسطينية ضد الانتداب البريطاني عبر سرد تاريخي واسع وشخصيات متعددة. فيلم طموح بصرياً وتعليمي الإيقاع، يكشف مسؤولية بريطانيا في تشريع المشروع الصهيوني، ويقدّم معرفةً مكثّفةً بالتاريخ أكثر مما يقدّم دراما تهزّ الوجدان
لم يبدأ كلّ شيء مع خطة دونالد ترامب حول غزّة، ولا في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، ولا مع اتفاقيات أوسلو، ولا مع هزيمة 1967، ولا حتى مع نكبة 1948: الجذور أعمق بكثير.
قراءتان متوازيتان للتاريخ
من هناك يبدأ فيلم «فلسطين 36»، من تلك اللحظة الأولى التي أُهين فيها أول فلسطيني على يد الجيش البريطاني والميليشيات الصهيونية، في بيته أو بين أشجار الزيتون، هناك بدأ كلّ شيء. لكن الفيلم لا يكتفي باستعادة هذا الجذر التاريخي، بل يضعنا أمام قراءتين متوازيتين: ما يقوله وكيف يقوله.
على مستوى المحتوى، نحن أمام سردية تستعيد ثورة الفلسطينيين ضد الاستعمار البريطاني، في لحظة تاريخية ازدادت توتراً مع وصول الموجات الأولى من المستوطنين اليهود من أوروبا. الفيلم الذي يمثّل فلسطين في أوسكار 2026 عن أفضل فيلم دولي، يغوص في ثورات المزارعين وعمّال المرفأ، ودور الصحافيين والطبقة المخمليّة والقمع البريطاني، ويثريها بمادة أرشيفية آسرة، توثّق ما سُلب. لكن على مستوى الأسلوب، المفارقة صارخة. يُقدّم العمل نفسه عبر إنتاج ضخم، كأنّه يوحي بأن قيمته تُقاس بالزخارف الشكلية أكثر مما تُقاس بوعي الأسلوب السينمائي. النتيجة: عمل ضخم، مؤثر، لكنه يسير بإيقاع مدرسي، ويقدّم شخصيات أقرب إلى شواهد حجرية منها إلى بشر يتوهجون.
تكتيك الاستعمار و... المقاومة
في فيلمها الجديد، تتجه المخرجة الفلسطينية آن ماري جاسر («ملح هذا البحر»/ 2008 ــــ «لمّا شفتك» / 2012، و«واجب»/2017)، إلى الأرشيف والنسيج الاجتماعي الفلسطيني، مستحضرة تكتيكات الاستعمار والمقاومة قبل «الثورة الفلسطينية الكبرى» (1936 – 1939) وخلالها. لا تقتصر الحكاية على عائلة واحدة، بل تنفتح على طيف واسع من الشخصيات، تُوظَّف كجنود مشاة في سرد يلتقط نوبات الصدمة والتمرّد، المتقاطعة مع صور أرشيفية. وهكذا يرسم الفيلم السنوات الأولى من الثورة التي قادها الفلاحون والعمّال.
يُمنح الفيلم حقّ التنقّل في فلسطين، حيث كلّ حقل يشتعل، وكلّ يتيم ينمو وهو يشهد انفجاراً، وكلّ فصل من الحكاية يُعلن بكلمات.
يأتي العنوان الفرعي الأول، المؤرخ في آذار (مارس) 1936، كجملة مثقلة بالهزيمة: «سنة مهدك». تُظهر لقطات الأرشيف كيف بدأ آلاف اليهود الأوروبيين بالهجرة إلى فلسطين. في تلك السنة، يجد يوسف (كريم عناية) نفسه متأرجحاً بين طبقات اجتماعية مختلفة. هو من قرية البسمة، والده المزارع المسنّ بحاجة إليه، بسبب بدء مصادرة الأراضي والقرى المجاورة، لكنه يعمل سائقاً لزوجين ثريين هما المحرر الصحافي أمير (ظافر العابدين)، وزوجته الصحافية الكاريزمية خلود (ياسمين المصري) التي تستخدم اسماً مستعاراً لكتابة مقالاتها المناهضة للاستعمار.
غير أن الحكاية لا تقتصر على يوسف وحده؛ فقرية البسمة تحتضن شخصيات أخرى مثل حنان (هيام عبّاس)، وأبو رباب (كامل الباشا)، وعفرة، والكاهن الأرثوذكسي بولس (جلال الطويل) وابنه كريم. لم يكن أيّ منهم ميالاً للعنف أو المواجهة، لكنهم وجدوا أنفسهم جميعاً منخرطين في دوامة الاضطهادات التي فرضتها الحماية البريطانية، مدعومة بالميليشيات الصهيونية التي شكّلت عماد النهب والاستعمار.
الثورة هي المتنفّس
يأخذنا العنوان الثاني إلى ميناء حيفا، ليعنون «الثورة هي المتنفّس»، حيث يتحول عامل يدعى خالد (صالح بكري) بسرعة إلى ثائر بعد تعرّضه للضرب عندما طالب بأجور العمل الإضافي، وقد كانت أقل من تلك التي تُدفع للعمَّال اليهود الوافدين حديثاً.
«يا خبز يا رصاص» يقول خالد، لتتوالى العناوين والفصول، «أخذ وعطا»، و«ترنيمة العودة»، و«لا تصدق أن الإنسان ينمو». يبدأ الإضراب وينتهي، فيما تتجلى لجنة بيل بدور أشبه بالإله، تصدر وصية التقسيم التي يتردد صداها بشكل محطّم.
ومع انطلاق الثورة، تختفي العناوين الفرعية، لتصوّر جاسر الاعتقالات والخيانات وحرب العصابات، بينما نكتشف الشخصيات البريطانية وهي تمارس حركاتها القمعية بوضوح، فسكرتير المفوّض السامي (بيلي هاول) يواجه معضلة أخلاقية، بينما يتلاعب المفوّض السامي البريطاني (جيريمي آيرونز) بالكلمات والسياسة عبر الإيحاء بأنّ للعرب تاريخاً من التنازلات، ويظهر تيغارد (ليام كانينغهام) كمسؤول عسكري أُرسل إلى فلسطين لوضع استراتيجية لقمع الانتفاضة، ومعه الكابتن وينغايت (روبرت أرامايو) المكلّف بحملة القمع في القرى.
تتباين الشخصيات بين من يعبّر عن عنصرية صريحة ومن يبدي تعاطفاً محدوداً مع الفلسطينيين، لكنها جميعاً تبقى مرتبطة بأسباب الدولة والتاج، بوصفها أدوات أرسلتها المملكة المتحدة لدعم وتشجيع وحماية وشرعنة المشروع الصهيوني في فلسطين.
إيرلندا أخرى!
يضع الفيلم في واجهة السرد جملة بريطانية شهيرة آنذاك: «لا نريد إيرلندا أخرى بين أيدينا»، إذ عبّرت الإدارة البريطانية عن خشيتها من أن تتحوّل تجربتها في فلسطين إلى مأزق طويل ومعقّد شبيه بتاريخها في إيرلندا. لكن الفيلم يوضّح أنه عبر لجنة بيل لتقسيم فلسطين، منح البريطانيون الضوء الأخضر لإنشاء دولة قومية يهودية، ما شرّع مصادرة القرى الفلسطينية وقمع انتفاضات السكان بعنف. كما سمحت الإدارة البريطانية للصهيونية بالتغلغل في المجتمع الفلسطيني عبر تمويل الدعاية، وإحياء جمعيات إسلامية صورية (مثل جمعية أمير) مارست الاسترضاء، وشراء ولاءات من بعض النخب الثرية بوعود كاذبة، مستندة إلى خطاب عن «الكرم العربي» لتبرير سياسات الاستعمار والنهب، بينما كانت النوايا الصهيونية واضحة منذ البداية، مُعلنة بوضوح في قوانينها وفي أسماء جمعيات مثل «اللجنة الصهيونية المعنية بفلسطين» و«جمعية الاستعمار اليهودية الفلسطينية».
بريطانيا أصل العلّة
كل ما سبق يرد في فيلم يمتد قرابة الساعتين، عمل طموح بلا شك، يحمل نوايا ملحمية، لكن الشكل الذي قُدّم به بدا متزعزعاً، ما أضعف الاهتمام بالشخصيات وبالقصة. يتوه السرد بين اللقطات الواسعة، والشخصيات، والميلودراما. يحتوي الفيلم على مشاهد درامية عدة تُظهر الذل والطريقة التي عامل بها البريطانيون الفلسطينيين، الذين رأوا ممتلكاتهم تُنتزع منهم ببطء لكن بثبات. غير أنّ هذه المشاهد لم تؤدِّ دورها كاملاً، لأنّنا منذ البداية لم نُمنح فرصة للتفاعل مع الشخصيات.
ببساطة، لم يُعط الفيلم الوقت الكافي لتطويرها. بدا كأنّ الاهتمام انصبّ على تجميع أكبر عدد من الشخصيات بدلاً من التركيز على بعضها وتعميقها، فجاءت الشخصيات مبتورة وغير مكتملة.
يحمل الفيلم فضلاً كبيراً في تعريف الجمهور بالمراحل التي سبقت تأسيس «إسرائيل» كدولة، وما رافقها من ظلم تاريخي. تكمن قيمته في كشفه المباشر للمسؤولية الأساسية التي اضطلع بها الانتداب البريطاني، مجسّداً ذلك عبر صورة رجاله الذين يظهرون في أقصى درجات الانحطاط، كرمزٍ للإمبريالية والاستعمار الذي مورس ضد الفلسطينيين.
البُعد الطبقي حاضر أيضاً
لا تغفل جاسر أيضاً عن البُعد الطبقي، مبيّنة كيف أن الشرائح العربية الأكثر ثراءً لم تُبدِ معارضة تُذكر، بل رأت في الأحداث فرصاً محتملة للتوسع الاقتصادي.
اللافت أن «فلسطين 36» يخلو تقريباً من شخصيات يهودية، باستثناء بعض الوجوه الخلفية، إذ تشير جاسر بوضوح إلى أن البريطانيين هم الذين تولّوا تنفيذ المشروع الصهيوني. أما الإسرائيليون، فيبقون دائماً في الخلفية، بعيدين من الأنظار، أشبه بكائنات غريبة تختبئ خلف الجدران والأبراج والأسلاك الشائكة.
«فلسطين 36» عمل جيد، صُنع بيد تعرف كيف تُنجز سينما، لكنه وقع في فخ كثرة الشخصيات، ما صعّب عملية التعلّق بها عاطفياً.
لو اكتفى بالتركيز على شخصيتين أساسيتين، لكان أكثر تأثيراً، ومع ذلك يبقى فيلماً مهماً وجديراً بالمشاهدة. يحمل نفساً تثقيفياً بطابع عتيق، يسير بإيقاع ثابت غالباً ما يميل إلى البطء، واضعاً المشاهد أمام ثقل المرحلة التاريخية أكثر مما يضعه أمام دراما الشخصيات. إنه سينما تاريخية ومدنية، لكنه في جوهره يتخذ منحى إيضاحياً.
«فلسطين 36» يعلّمنا التاريخ أكثر مما يحرّكنا وجدانياً، يترك أثره في العقل لا القلب، وهذا ما يجعله مهماً بقدر ما يجعله ناقصاً.
حكومة الاحتلال تخصص 2.7 مليار شيقل لإقامة 17 مستوطنة جديدة بالضفة
أعلن وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن خطة حكومية لتخصيص نحو 2.7 مليار شيقل لإقامة 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب تطوير البنية التحتية الاستيطانية في مناطق عدة.
وبحسب تفاصيل الخطة، سيتم تخصيص 1.1 مليار شيقل لدعم المستوطنات القائمة وإنشاء الجديدة، منها 660 مليون شيقل للمستوطنات السبع عشرة التي صادقت عليها الحكومة مؤخراً، و338 مليوناً لتطوير 36 مستوطنة وبؤرة قيد التنظيم، تشمل تحسين خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب إنشاء مبانٍ عامة تشمل مراكز دينية ومدارس ونوادي.
كما خصصت الحكومة 300 مليون شيقل للمستوطنات الجديدة، منها 160 مليوناً كمنح تأسيس و140 مليوناً لأغراض تنظيمية، إضافة إلى إقامة "مستودعات استيعاب" تضم نحو 20 كرفاناً للعائلات، تمهيداً لتوسيع الاستيطان في المستقبل، وتشمل الميزانية 434 مليون شيقل لإعادة تأهيل البنية التحتية في المستوطنات القديمة، و300 مليون للمجالس الاستيطانية في الضفة، و140 مليوناً لتأمين حواجز الطرق، و150 مليوناً لحماية الحافلات على مدى ثلاثة أعوام.
ومن المتوقع أن يخصص وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس ميزانيات إضافية لتعزيز الأمن في المستوطنات الجديدة، تشمل الأسوار الذكية والكاميرات ومحطات المعدات العسكرية، كما تتطرق الخطة إلى مسارات تعزز السيطرة الإسرائيلية خارج أراضي الـ48، عبر تطوير المستوطنات، وشق الطرق، ونقل القواعد العسكرية، وتثبيت السيطرة الإدارية والعسكرية على المناطق المستهدفة، بما يرقى إلى الضم الفعلي للضفة الغربية.
كما تنص على تخصيص 225 مليون شيقل لإنشاء وحدة "الطابو" الخاصة بالضفة، ونقل تسجيل الأراضي إليها بدلا من "الإدارة المدنية"، بما يؤثر في نحو نصف مليون مستوطن، ويهدف إلى تنظيم نحو 60 ألف دونم بحلول عام 2030.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الخطة تشمل نقل ثلاث قواعد عسكرية إلى شمال الضفة، أبرزها نقل مقر لواء "منشيه" إلى منطقة مستوطنة"شانور" المخلاة سابقا، في خطوة وُصفت بالدراماتيكية لتعزيز القبضة العسكرية والاستعمارية في المنطقة.
أعلن وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش عن خطة حكومية لتخصيص نحو 2.7 مليار شيقل لإقامة 17 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة، إلى جانب تطوير البنية التحتية الاستيطانية في مناطق عدة.
وبحسب تفاصيل الخطة، سيتم تخصيص 1.1 مليار شيقل لدعم المستوطنات القائمة وإنشاء الجديدة، منها 660 مليون شيقل للمستوطنات السبع عشرة التي صادقت عليها الحكومة مؤخراً، و338 مليوناً لتطوير 36 مستوطنة وبؤرة قيد التنظيم، تشمل تحسين خدمات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب إنشاء مبانٍ عامة تشمل مراكز دينية ومدارس ونوادي.
كما خصصت الحكومة 300 مليون شيقل للمستوطنات الجديدة، منها 160 مليوناً كمنح تأسيس و140 مليوناً لأغراض تنظيمية، إضافة إلى إقامة "مستودعات استيعاب" تضم نحو 20 كرفاناً للعائلات، تمهيداً لتوسيع الاستيطان في المستقبل، وتشمل الميزانية 434 مليون شيقل لإعادة تأهيل البنية التحتية في المستوطنات القديمة، و300 مليون للمجالس الاستيطانية في الضفة، و140 مليوناً لتأمين حواجز الطرق، و150 مليوناً لحماية الحافلات على مدى ثلاثة أعوام.
ومن المتوقع أن يخصص وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس ميزانيات إضافية لتعزيز الأمن في المستوطنات الجديدة، تشمل الأسوار الذكية والكاميرات ومحطات المعدات العسكرية، كما تتطرق الخطة إلى مسارات تعزز السيطرة الإسرائيلية خارج أراضي الـ48، عبر تطوير المستوطنات، وشق الطرق، ونقل القواعد العسكرية، وتثبيت السيطرة الإدارية والعسكرية على المناطق المستهدفة، بما يرقى إلى الضم الفعلي للضفة الغربية.
كما تنص على تخصيص 225 مليون شيقل لإنشاء وحدة "الطابو" الخاصة بالضفة، ونقل تسجيل الأراضي إليها بدلا من "الإدارة المدنية"، بما يؤثر في نحو نصف مليون مستوطن، ويهدف إلى تنظيم نحو 60 ألف دونم بحلول عام 2030.
وأشارت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الخطة تشمل نقل ثلاث قواعد عسكرية إلى شمال الضفة، أبرزها نقل مقر لواء "منشيه" إلى منطقة مستوطنة"شانور" المخلاة سابقا، في خطوة وُصفت بالدراماتيكية لتعزيز القبضة العسكرية والاستعمارية في المنطقة.
هيئة الأسرى تكشف تفاصيل صادمة عن ظروف اعتقال الأسيرة سماح حجاوي
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين اليوم عن تفاصيل خطيرة وصادمة حول ظروف اعتقال الأسيرة سماح حجاوي والتي تعرضت فجراً لعملية اقتحام قمعية من قبل قوات الاحتلال.
ووفق ما أفادت به الهيئة، فإن عملية الاعتقال جرت عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة حجاوي بطريقة وحشية، واعتدت على المنزل وعبثت بمحتوياته بشكل همجي قبل أن تقدم على اعتقالها.
وأكدت الهيئة أنّ الأسيرة حجاوي جرى تكبيل يديها ونقلها بين عدة مراكز تحقيق في ظروف قاسية، رافقتها عمليات تضييق وإرهاق متعمد.
وأوضحت الأسيرة، خلال زيارة محامي الهيئة، أنّها خضعت لـ تفتيش دقيق ومهين منذ لحظة الاعتقال، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر الأسيرات وإرهابهن نفسيًا وجسديًا.
وشددت هيئة الأسرى على أنّ ما تعرضت له حجاوي يندرج ضمن سلسلة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأسيرات والأسرى، مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات .
وفي سياق متصل قالت الهيئة أن الأسيرات يتعرضن لسلسلة من الممارسات القاسية، أبرزها: الاقتحامات الليلية المتكررة والتفتيشات العنيفة داخل غرفهن دون مبرر، مصادرة الاحتياجات الشخصية ومنع إدخال الملابس والأغراض الأساسية، اكتظاظ الغرف وغياب الظروف الصحية الملائمة، ما يفاقم معاناتهن اليومية، منع العلاج الطبي أو تأخيره بشكل متعمد، حتى في الحالات التي تستدعي التدخل الفوري، العزل والتنكيل النفسي ومحاولات كسر الإرادة عبر التحقيق المطول والإجراءات العقابية.
كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين اليوم عن تفاصيل خطيرة وصادمة حول ظروف اعتقال الأسيرة سماح حجاوي والتي تعرضت فجراً لعملية اقتحام قمعية من قبل قوات الاحتلال.
ووفق ما أفادت به الهيئة، فإن عملية الاعتقال جرت عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل، حيث اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة حجاوي بطريقة وحشية، واعتدت على المنزل وعبثت بمحتوياته بشكل همجي قبل أن تقدم على اعتقالها.
وأكدت الهيئة أنّ الأسيرة حجاوي جرى تكبيل يديها ونقلها بين عدة مراكز تحقيق في ظروف قاسية، رافقتها عمليات تضييق وإرهاق متعمد.
وأوضحت الأسيرة، خلال زيارة محامي الهيئة، أنّها خضعت لـ تفتيش دقيق ومهين منذ لحظة الاعتقال، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى كسر الأسيرات وإرهابهن نفسيًا وجسديًا.
وشددت هيئة الأسرى على أنّ ما تعرضت له حجاوي يندرج ضمن سلسلة الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها سلطات الاحتلال بحق الأسيرات والأسرى، مطالبة المؤسسات الحقوقية الدولية بالتدخل العاجل لوقف هذه الممارسات .
وفي سياق متصل قالت الهيئة أن الأسيرات يتعرضن لسلسلة من الممارسات القاسية، أبرزها: الاقتحامات الليلية المتكررة والتفتيشات العنيفة داخل غرفهن دون مبرر، مصادرة الاحتياجات الشخصية ومنع إدخال الملابس والأغراض الأساسية، اكتظاظ الغرف وغياب الظروف الصحية الملائمة، ما يفاقم معاناتهن اليومية، منع العلاج الطبي أو تأخيره بشكل متعمد، حتى في الحالات التي تستدعي التدخل الفوري، العزل والتنكيل النفسي ومحاولات كسر الإرادة عبر التحقيق المطول والإجراءات العقابية.
وعد بلفور جديد على الطريقة الترامبية
نعيم إبراهيم
تساءل صحفي من غزة: ماذا يُخبِّئ القرار 2803 لقطاع غزة؟
الإجابة ليست بحاجة إلى كبير عناء للوصول إليها مع ما يجري على الأرض من حرب إبادة تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما هو الحال في الضفة الغربية. وحرب الإبادة هذه مستمرة منذ العام 1948 ضد الشعب الفلسطيني.
ما يجري راهناً يمثل قناعاً جديداً لسيطرة العدو الصهيوني على كامل فلسطين التاريخية، ويؤكد أن قرار مجلس الأمن الدولي (2803) بشأن غزة هو وعد بلفور جديد على الطريقة الترامبية، رغم أنه يقدم نفسه كاستجابة دولية متوازنة لما بعد حرب الإبادة على القطاع، وكأنه حصيلة إجماع عالمي على "إنهاء نزاع" أنهك الجميع. غير أن بنيته الداخلية تكشف عن محاولة منظمة لتحويل عجز الاحتلال عن تحقيق أهداف الحرب عسكرياً إلى إنجاز سياسي-أمني عبر مسار دولي مغلف بخطاب "السلام والازدهار" و"إعادة الإعمار".
فالقرار ينطلق من تشخيص "الحالة" في قطاع غزة بوصفها تهديداً لـ"السلم في المنطقة وأمن الدول المجاورة"، في محاولة لإعادة إنتاج الدعاية الصهيونية - الغربية التي تختزل جوهر الصراع من واقع احتلال استيطاني طويل الأمد لأرض وشعب، إلى "حالة تهديد" صادرة عن قطاع صغير ينبغي ضبطه أمنياً. ومن هذا التشخيص ينتقل القرار إلى ما يسميه "الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة"، حيث إن اختيار كلمة "النزاع" بدلاً من الاحتلال أو الاستعمار يعيد تسويق الدعاية ذاتها التي تصور المشكلة كـ "صراع" بين طرفين متماثلين، لا كبنية استعمارية مفروضة بالقوة على الشعب الفلسطيني. ولذلك فإن الاستقرار الذي يقترحه القرار ليس استقراراً عادلاً، بل هدوءاً مفروضاً بقوة السلاح والمال.
المعطيات الحالية على الصعد كافة تفتح باب التساؤلات حول الدور المحتمل لبعض الرسميات في حماية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو دبلوماسياً، أو في إدارة ملف "اليوم التالي لغزة" من خلف الستار، لمتابعة مراحل حرب الإبادة.
في هذا المسار تأتي اللقاءات المتكررة بين عديد من القادة والمسؤولين في المنطقة والعالم مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير حول خطة "اليوم التالي لغزة"، بما يشمل بحث إنشاء "مجلس السلام الدولي" بدعم من الرئيس دونالد ترامب، وكلهم حقيقة مشاركون فعلياً في إدارة الحرب من وراء الكواليس، تزامناً مع تصاعد الاتهامات الدولية للكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب، ومع تحركات داخل المحكمة الجنائية الدولية تمهيداً لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين صهاينة كبار.
عشرون بنداً هي تعداد خطة ترامب حول مستقبل غزة، تستكمل دورة التاريخ الموسوم بالاستعمار والاحتلال والانتداب، كقدر يطوق الشعب الفلسطيني سنوات عمره وحياته. وفي لعبة الأطماع الدولية تتشارك القوى العالمية تحت مسمّيات مختلفة، لها ذات الطابع الذي كان سائداً في زمن بريطانيا الانتدابية. فبين المندوب السامي الذي صار اسمه رئيس مجلس السلام، والبوليس الدولي الذي صار اسمُه قوة التدخل الدولي، وبين الخط الأزرق الذي صار أصفر وأحمر وأخضر، وفي مشاريع القسمة الدائمة بين غزة والضفة و القدس ، ضمن كل التفاهمات والمشاريع الدولية المقصودة. وعلى هذا النحو المقيت يرسم مستقبل فلسطين والحقوق المشروعة لشعبها ومسألتها الوطنية عبر بوابة غزة هذه المرة، وبعدها الضفة الغربية.
عامان من الإجرام والإرهاب والإبادة لم يشر لها وعد ترامب، ولم يتهم صراحة قادة كيان الاحتلال الصهيوني، ولم يدعُ إلى محاسبتهم أمام القضاء الدولي. بل على العكس من ذلك، تهدف الخطة الأمريكية إلى رسم حدود واضحة لمناطق السيطرة، بحيث تكون مناطق حركة حماس باللون الأحمر، ومناطق جيش الاحتلال الصهيوني باللون الأخضر، على أن تتقلص مناطق سيطرة حماس تدريجياً، مما يفتح الباب لاحقاً لنشر قوة دولية بتفويض من مجلس الأمن، إلى جانب شرطة فلسطينية محلية. وخلال المرحلة الانتقالية، تشرف "هيئة السلام" المقترحة ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الإدارة المدنية وإعادة الإعمار، ما يؤكد أن ما يجري هو محاولة فرض وصاية دولية تهدف إلى فصل غزة عن الشعب الفلسطيني، ومنع الفلسطينيين من مقاومة الاحتلال وإدارة مصيرهم، عبر مساعدة نتنياهو في مواصلة حرب الإبادة، وبحث ترامب عن الاستثمار، كما يقول محللون.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن نتنياهو قرر تشكيل مجلس أمني مصغر جديد، ضم في عضويته وزراء الأمن إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والخارجية جدعون ساعر، وهم من أشد مناهضي وقف الحرب، ويتحدثون صراحة عن الاستيطان و"إسرائيل الكبرى". وبعد هذا التشكيل، قال ساعر: "إن إسرائيل منحت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة فرصة حقيقية عبر الدبلوماسية، وإن فشل مواصلة تنفيذ الاتفاق سيسمح لإسرائيل بالتحرك عسكرياً مع شرعية دولية أوسع بكثير". علماً أن الحرب لم تتوقف في غزة، كما لم يتوقف القتل والضم في الضفة، حيث لا تزال الولايات المتحدة مهتمة ببحث استثماراتها المستقبلية في غزة أكثر من اهتمامها بوقف القتل والتدمير، لدرجة أن القاعدة الجديدة التي أنشأتها لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار أصبحت في خدمة العدوان الصهيوني.
إن القرار الأممي، الذي يحمل رقم 2803، ورحب بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بنداً والصادرة في 29 سبتمبر/ أيلول 2025، يمثل شكلاً من أشكال الشراكة الدولية العميقة في حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم يدعُ إلى إنهاء الاحتلال، ونظام الأبارتهايد والتمييز العنصري، وتلبية حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، ويُعمّق الفصل بين الضفة والقطاع، ويستهدف وكالة الأونروا ودورها التاريخي ومسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، الذي يُمثّل آخر أشكال التعبير المتبقية عن الالتزام الدولي تجاه قضيتهم، وفق ما أكدت فصائل فلسطينية.
ختاماً، أحيل أبناء الشعب الفلسطيني وكل الفصائل والقوى الفلسطينية والمجتمع الدولي إلى ما قاله وزير الطاقة الصهيوني وعضو المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينت" من حزب "الليكود" إيلي كوهين: إنه لا حاجة إلى إقامة دولة للفلسطينيين، حيث إن لديهم الأردن الذي يشكلون فيه أغلبية السكان.
وأضاف: "هناك بالفعل دولة ذات أغلبية فلسطينية، وهذه الدولة هي الأردن، لن نُعرّض دولة إسرائيل للخطر".
إن قراءة متفحصة لما بين سطور هذا التصريح ومثيلاته تؤكد الأهداف المرحلية والاستراتيجية لخطة ترامب (وعد بلفور الترامبي). وحتى لا يكون الشعب الفلسطيني أمام نكبة جديدة، فإن التشبث بالأرض ليس ضرباً من الخيال، بل هو خيار قابل للتحقيق عندما يتوفر الحد الأدنى من المقاومة بكل أشكالها والبقاء والأمان. فغزة لا تريد أن تُهجّر، غزة تريد أن تحيا وتقاوم، وشعب فلسطين له الحق في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني بعد تحريره، باعتباره حقاً غير قابل للتصرف، ولا يخضع لأي شروط أو تحفظ، وغير قابل للمساومة أو التفاوض، تكريساً لمعادلة "ما أُخِذَ بالقوة لا يسترد بغيرها".
نعيم إبراهيم
تساءل صحفي من غزة: ماذا يُخبِّئ القرار 2803 لقطاع غزة؟
الإجابة ليست بحاجة إلى كبير عناء للوصول إليها مع ما يجري على الأرض من حرب إبادة تستهدف أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كما هو الحال في الضفة الغربية. وحرب الإبادة هذه مستمرة منذ العام 1948 ضد الشعب الفلسطيني.
ما يجري راهناً يمثل قناعاً جديداً لسيطرة العدو الصهيوني على كامل فلسطين التاريخية، ويؤكد أن قرار مجلس الأمن الدولي (2803) بشأن غزة هو وعد بلفور جديد على الطريقة الترامبية، رغم أنه يقدم نفسه كاستجابة دولية متوازنة لما بعد حرب الإبادة على القطاع، وكأنه حصيلة إجماع عالمي على "إنهاء نزاع" أنهك الجميع. غير أن بنيته الداخلية تكشف عن محاولة منظمة لتحويل عجز الاحتلال عن تحقيق أهداف الحرب عسكرياً إلى إنجاز سياسي-أمني عبر مسار دولي مغلف بخطاب "السلام والازدهار" و"إعادة الإعمار".
فالقرار ينطلق من تشخيص "الحالة" في قطاع غزة بوصفها تهديداً لـ"السلم في المنطقة وأمن الدول المجاورة"، في محاولة لإعادة إنتاج الدعاية الصهيونية - الغربية التي تختزل جوهر الصراع من واقع احتلال استيطاني طويل الأمد لأرض وشعب، إلى "حالة تهديد" صادرة عن قطاع صغير ينبغي ضبطه أمنياً. ومن هذا التشخيص ينتقل القرار إلى ما يسميه "الخطة الشاملة لإنهاء النزاع في غزة"، حيث إن اختيار كلمة "النزاع" بدلاً من الاحتلال أو الاستعمار يعيد تسويق الدعاية ذاتها التي تصور المشكلة كـ "صراع" بين طرفين متماثلين، لا كبنية استعمارية مفروضة بالقوة على الشعب الفلسطيني. ولذلك فإن الاستقرار الذي يقترحه القرار ليس استقراراً عادلاً، بل هدوءاً مفروضاً بقوة السلاح والمال.
المعطيات الحالية على الصعد كافة تفتح باب التساؤلات حول الدور المحتمل لبعض الرسميات في حماية رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو دبلوماسياً، أو في إدارة ملف "اليوم التالي لغزة" من خلف الستار، لمتابعة مراحل حرب الإبادة.
في هذا المسار تأتي اللقاءات المتكررة بين عديد من القادة والمسؤولين في المنطقة والعالم مع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير حول خطة "اليوم التالي لغزة"، بما يشمل بحث إنشاء "مجلس السلام الدولي" بدعم من الرئيس دونالد ترامب، وكلهم حقيقة مشاركون فعلياً في إدارة الحرب من وراء الكواليس، تزامناً مع تصاعد الاتهامات الدولية للكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب، ومع تحركات داخل المحكمة الجنائية الدولية تمهيداً لإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين صهاينة كبار.
عشرون بنداً هي تعداد خطة ترامب حول مستقبل غزة، تستكمل دورة التاريخ الموسوم بالاستعمار والاحتلال والانتداب، كقدر يطوق الشعب الفلسطيني سنوات عمره وحياته. وفي لعبة الأطماع الدولية تتشارك القوى العالمية تحت مسمّيات مختلفة، لها ذات الطابع الذي كان سائداً في زمن بريطانيا الانتدابية. فبين المندوب السامي الذي صار اسمه رئيس مجلس السلام، والبوليس الدولي الذي صار اسمُه قوة التدخل الدولي، وبين الخط الأزرق الذي صار أصفر وأحمر وأخضر، وفي مشاريع القسمة الدائمة بين غزة والضفة و القدس ، ضمن كل التفاهمات والمشاريع الدولية المقصودة. وعلى هذا النحو المقيت يرسم مستقبل فلسطين والحقوق المشروعة لشعبها ومسألتها الوطنية عبر بوابة غزة هذه المرة، وبعدها الضفة الغربية.
عامان من الإجرام والإرهاب والإبادة لم يشر لها وعد ترامب، ولم يتهم صراحة قادة كيان الاحتلال الصهيوني، ولم يدعُ إلى محاسبتهم أمام القضاء الدولي. بل على العكس من ذلك، تهدف الخطة الأمريكية إلى رسم حدود واضحة لمناطق السيطرة، بحيث تكون مناطق حركة حماس باللون الأحمر، ومناطق جيش الاحتلال الصهيوني باللون الأخضر، على أن تتقلص مناطق سيطرة حماس تدريجياً، مما يفتح الباب لاحقاً لنشر قوة دولية بتفويض من مجلس الأمن، إلى جانب شرطة فلسطينية محلية. وخلال المرحلة الانتقالية، تشرف "هيئة السلام" المقترحة ضمن خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الإدارة المدنية وإعادة الإعمار، ما يؤكد أن ما يجري هو محاولة فرض وصاية دولية تهدف إلى فصل غزة عن الشعب الفلسطيني، ومنع الفلسطينيين من مقاومة الاحتلال وإدارة مصيرهم، عبر مساعدة نتنياهو في مواصلة حرب الإبادة، وبحث ترامب عن الاستثمار، كما يقول محللون.
هنا لا بد من الإشارة إلى أن نتنياهو قرر تشكيل مجلس أمني مصغر جديد، ضم في عضويته وزراء الأمن إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، والخارجية جدعون ساعر، وهم من أشد مناهضي وقف الحرب، ويتحدثون صراحة عن الاستيطان و"إسرائيل الكبرى". وبعد هذا التشكيل، قال ساعر: "إن إسرائيل منحت خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في غزة فرصة حقيقية عبر الدبلوماسية، وإن فشل مواصلة تنفيذ الاتفاق سيسمح لإسرائيل بالتحرك عسكرياً مع شرعية دولية أوسع بكثير". علماً أن الحرب لم تتوقف في غزة، كما لم يتوقف القتل والضم في الضفة، حيث لا تزال الولايات المتحدة مهتمة ببحث استثماراتها المستقبلية في غزة أكثر من اهتمامها بوقف القتل والتدمير، لدرجة أن القاعدة الجديدة التي أنشأتها لمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار أصبحت في خدمة العدوان الصهيوني.
إن القرار الأممي، الذي يحمل رقم 2803، ورحب بخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكونة من 20 بنداً والصادرة في 29 سبتمبر/ أيلول 2025، يمثل شكلاً من أشكال الشراكة الدولية العميقة في حرب الإبادة التي يشنّها الاحتلال على أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، ولم يدعُ إلى إنهاء الاحتلال، ونظام الأبارتهايد والتمييز العنصري، وتلبية حق العودة وتقرير المصير للشعب الفلسطيني، ويُعمّق الفصل بين الضفة والقطاع، ويستهدف وكالة الأونروا ودورها التاريخي ومسؤوليتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين، الذي يُمثّل آخر أشكال التعبير المتبقية عن الالتزام الدولي تجاه قضيتهم، وفق ما أكدت فصائل فلسطينية.
ختاماً، أحيل أبناء الشعب الفلسطيني وكل الفصائل والقوى الفلسطينية والمجتمع الدولي إلى ما قاله وزير الطاقة الصهيوني وعضو المجلس الوزاري الأمني المصغر "الكابينت" من حزب "الليكود" إيلي كوهين: إنه لا حاجة إلى إقامة دولة للفلسطينيين، حيث إن لديهم الأردن الذي يشكلون فيه أغلبية السكان.
وأضاف: "هناك بالفعل دولة ذات أغلبية فلسطينية، وهذه الدولة هي الأردن، لن نُعرّض دولة إسرائيل للخطر".
إن قراءة متفحصة لما بين سطور هذا التصريح ومثيلاته تؤكد الأهداف المرحلية والاستراتيجية لخطة ترامب (وعد بلفور الترامبي). وحتى لا يكون الشعب الفلسطيني أمام نكبة جديدة، فإن التشبث بالأرض ليس ضرباً من الخيال، بل هو خيار قابل للتحقيق عندما يتوفر الحد الأدنى من المقاومة بكل أشكالها والبقاء والأمان. فغزة لا تريد أن تُهجّر، غزة تريد أن تحيا وتقاوم، وشعب فلسطين له الحق في تقرير مصيره وتجسيد دولته المستقلة على كامل التراب الوطني الفلسطيني بعد تحريره، باعتباره حقاً غير قابل للتصرف، ولا يخضع لأي شروط أو تحفظ، وغير قابل للمساومة أو التفاوض، تكريساً لمعادلة "ما أُخِذَ بالقوة لا يسترد بغيرها".
أسطول جديد لكسر حصار غزة ينطلق في نيسان
أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، اليوم، عن انطلاق أسطول بحري جديد باتجاه القطاع في نيسان المقبل، ضمن تحرك تضامني عالمي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 2007.
وقالت اللجنة، عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن «اجتماع تحالف أسطول الحرية يستمر اليوم في العاصمة الإيرلندية دبلن»، وذلك «بمشاركة ممثلي منظمات من مختلف دول العالم للتخطيط لفعاليات تضامنية عالمية»، مشيرة إلى انضمام ممثلين عن «أسطول الصمود العالمي» و«مبادرة ألف مادلين» إلى الاجتماعات.
وأوضحت أن الفعاليات المقبلة تتضمن «الأسطول الجديد الذي سيبحر لكسر الحصار عن غزة»، مؤكدة أن التحضيرات «تسير على قدم وساق» لتجهيز عدد كبير من السفن استعداداً للإبحار ابتداءً من نيسان.
وقالت اللجنة إن الأسطول الجديد سيُبحر «ضمن تحرك تضامني دولي سلمي ضد الحصار وضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وجرائمه بحق أهل غزة وعموم فلسطين»، مشددة على أن «التضامن العالمي بات مطلوباً الآن أكثر من أي وقت مضى».
وتعد اللجنة الدولية لكسر الحصار مبادرة فلسطينية تأسست عام 2009 على يد نشطاء سياسيين وبرلمانيين دوليين، بهدف حشد المجتمع الدولي للتحرك لإنهاء الحصار باستخدام الأدوات القانونية، ولها حضور واسع في العالم العربي ودول إسلامية وأوروبية.
أعلنت اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة، اليوم، عن انطلاق أسطول بحري جديد باتجاه القطاع في نيسان المقبل، ضمن تحرك تضامني عالمي يهدف إلى كسر الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ 2007.
وقالت اللجنة، عبر صفحتها على «فيسبوك»، إن «اجتماع تحالف أسطول الحرية يستمر اليوم في العاصمة الإيرلندية دبلن»، وذلك «بمشاركة ممثلي منظمات من مختلف دول العالم للتخطيط لفعاليات تضامنية عالمية»، مشيرة إلى انضمام ممثلين عن «أسطول الصمود العالمي» و«مبادرة ألف مادلين» إلى الاجتماعات.
وأوضحت أن الفعاليات المقبلة تتضمن «الأسطول الجديد الذي سيبحر لكسر الحصار عن غزة»، مؤكدة أن التحضيرات «تسير على قدم وساق» لتجهيز عدد كبير من السفن استعداداً للإبحار ابتداءً من نيسان.
وقالت اللجنة إن الأسطول الجديد سيُبحر «ضمن تحرك تضامني دولي سلمي ضد الحصار وضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وجرائمه بحق أهل غزة وعموم فلسطين»، مشددة على أن «التضامن العالمي بات مطلوباً الآن أكثر من أي وقت مضى».
وتعد اللجنة الدولية لكسر الحصار مبادرة فلسطينية تأسست عام 2009 على يد نشطاء سياسيين وبرلمانيين دوليين، بهدف حشد المجتمع الدولي للتحرك لإنهاء الحصار باستخدام الأدوات القانونية، ولها حضور واسع في العالم العربي ودول إسلامية وأوروبية.
بيان ونتائج ورشة عمل حول" العنف ضد المرأة وسبل الحل"
قاعة بلدية دير الغزال – البقاع الأوسط
نظم الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان بالشراكة مع جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي وبالتعاون مع بلدية دير الغزال في البقاع الأوسط ورشة عمل حول " العنف ضد المرأة وسبل الحل" ضمن سلسلة ورش حقوقية واجتماعية في كافة المحافظات لتفعيل الحملة الوطنية من أجل
القضاء على العنف والتمييز ضد المرأة، وتصديق الدولة اللبنانية على إتفاقية منظمة العمل الدولية 190 للقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل. وذلك، في قاعة بلدية دير الغزال وبحضور حشد كبير من رؤساء واعضاء مجالس البلديات المشاركة من البقاع الاوسط، وبرؤساء واعضاء سابقين في البلديات، والمخاتير والمحاميات والمحامين ، وكافة الاتحادات النقابية والمنظمات النسائية والاجتماعية والنوادي الثقافية والهيئات الاعلامية والفعاليات السياسية.
افتتاح ورشة العمل
افتتحت ورشة العمل بالنشيد الوطني اللبناني ، وكلمة الاستاذة كريستينا لبكي عضوة بلدية دير الغزال مرحبة بالحضور، وبرئيس بلدية دير الغزال المهندس حبيب الدبس والفعاليات المشاركة ، مؤكدة على ترحيب البلدية بالتعاون مع منظمي الورشة لإستكمال وتفعيل الحملة الوطنية من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين. وتطرقت إلى أن هذا المسار متشعب ويحتاج الى جهود الجميع لإلغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة. لإن قضيتها وطنية متعلقة بحقوق الإنسان، وأن تكريس حقوقها هو تكريس لقاعدة لبناء الوطن الديمقراطي.
كلمة المهندس حبيب الدبس – رئيس بلدية دير الغزال – البقاع الأوسط
رحب المهندس الدبس بالحضور، وشكر المنظمين على هذا اللقاء التوعوي الانساني الهام الذي يتناول قضية تمس قلب المجتمع الا وهي قضية " مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة وتعزيز سبل الحماية" ، وقال أن هذه الورشة ليست مجرد نشاط عابرن بل رسالة اخلاقية وانسانية تتطابق مع معتقدات بلديتنا وبلدتنا وبقاعنا وقيمها وتعبر عن التزامنا بقيمنا الاجتماعية والوطنية.
واكد أن المرأة تمثل المجتمع بأسره. وأن العنف ليس قوة بل ضعف، والسكوت عن العنف ليس حكمة بل تواطؤ. ومواجهة العنف يكون بالتوعية والقانون والتكافل الاجتماعي. مشيرا إلى أن البلدية لا يقتصر عملها على تقديم الخدمات ، بل يشمل حماية الإنسان والدفاع عن كرامته وخلق بيئة آمنة لكل فرد.
وأكد على دور بلديته ووقوفها إلى جانب الهيئات المدنية لرفع الظلم عن المرأة والانسان. وختم، آملا أن تشكل الحوارات والنقاشات والتوصيات مدخلاً وتعزيزا للعمل من أجل مجتمع أكثر عدلا وامانا واستقرارا.
كلمة الاستاذة جورجيت فريجة- عبدو ( لجنة حقوق المرأة اللبنانية)
اكدت على أن العنف له ابعاد متعددة ومختلفة تنتهك حقوق الإنسان. وذكرت بحملة ال16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي، معددة نضالات لجنة حقوق المرأة حول كافة القضايا التي تهم المرأة اللبنانية للوصول الى العدالة والمساواة ، والغاء كل اشكال التمييز بحق المرأة من حق التمثيل الى حق الجنسية ومنع التزويج المبكر واقرار القانون المدني للاحوال الشخصية، وحماية المرأة من العنف المنزلي والتصديق على اتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في اماكن العمل. وطالبت برفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو).
وحيت الاستاذة فريجه نضال المرأة اللبنناية والفلسطينية وصمودهن في وجه كافة الحروب والاعتداءات الصهيونية مؤكدة على استمرار المسيرة النضالية حتى تحقيق كامل اهداف حقوق المرأة والتحرر والتغيير الديمقراطي.
كلمة الاستاذة سلوى الدبس - خليل ( نقابية في مجال التربية والتعليم)
فقالت أن عنوان الورشة يمس الاسرة والمجتمع ومستقبل الاجيال. وأن المسؤولية تقع على كل المجتمع المفترض أن يعمل ويناضا من أجل العدالة والمساواة والحياة الكريمة. وتطرقت الى دور التربية والتعليم ودور المرأة في هذا القطاع الحيوي لاعتباره المكان لبناء المعرفة والوعي لدى الاجيال وبث روح الثقافة الوطنية والحقوق الإنسانية. واكدت أن تطوير المناهج ضرورة لحماية الفتيات القاصرات من العنف والتحرش والتنمر والتزويج المبكر.. وفي تمكين الطالبات ودعمهن اجتماعيا وثقافيا ونفسيا وختمت بأن أهمية ورشة العمل أنها تشكل نافذة للحوار وتبادل الخبرات وطرح حلول واقعية تسهم في الحد من العنف والتمييز ضد المرأة.
كلمة الاستاذة مريم شميس – قصار (هيئة فريق الحملة الوطنية)
ركزت في كلمتها على أهمية متابعة العمل لمواجهة العنف الذي تخضع له النساء اللبنانيات على كافة المستويات والضغوطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تضاعف من العنف ضدها. كما على
ضحايا الحرب العدوانية الصهيوينة ووقوع أكثر من ٨٠٠ امرأة وفتاة شهيدات وأكثر من الف و٩٠٠ امرأة وفتاة مصابات بضرر دائم أو جزئي، وأكثر من ٤ آلاف امرأة فقدن أزواجهن. واكثر من ما نصف مليون امرأة وفتاة اضطرت لترك بيوتهن،ولا تزال كثيرات من نسائنا يقتلن أو يعنفن من قبل أحد أفراد اسرهن، كما نشهد تفشي حالات الخطف والاختفاء، إضافة إلى حالات التحرش في وقت
يزداد انتشار الأمية والفقر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي لم تجد بعد حلول جدية لها من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام ٢٠١٩. واكدت في ختام كلمتها على وضع برنامج نضالي مشترك مع كافة الهيئات النسائية والنقابية من اجل التصديق على اتفاقية 190 والقضاء على كل اشكال العنف والتمييز ضد المرأة . ودعت المرأة اللبنانية في كافة المناطق لتثبت حضورها وقوتها ومطالبها في الانتخابات النيابية القادمة وحفر موقعها ودورها فيصنع القرار.
الجلسة الحوارية الأولى
قدم وأدار الجلسة الحوارية الاولى في ورشة العمل عضو بلدية دير الغزال الاستاذ ميلاد فرج. وقدم كل من المتداخلتين المحامية الهام كعدي ود. ماري ناصيف – الدبس.
من مداخلة المحامية الهام كعدي تحت عنوان "حقوق المرأة بين النص والواقع"
قالت بأن بناء المجتمع المتطور يقوم على اساس تطبيق مبدأ المساواة بين الاشخاص في الحقوق والواجبات لا سيما بين الرجال والنساء على حد سواء . وعليه: تحتل الاتفاقيات الدولية مركزا" مهما" في نطاق حقوق المرأة نظراً لما لها من قوة قانونية ملزمة للدول المصدقة عليها . ومن ابرز هذه الاتفاقيات اتفاقية سيداو (اي القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ) الصادرة في العام 1979 وهي معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعرف ب "الشرعة الدولية لحقوق المرأة " والتي بدأ نفاذها بتاريخ 3 ايلول 1981 ، وعددت المحامية كعدي اجزاء الاتفاقية التي بموجبها بعد مصادقة الدولة اللبنناية عليها أن تتمتع المرأة اللبنانية بكافها حقوقها الإنسانية وحرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وكافة الحريات الأخرى، بغض النظر عن حالتها الزوجية، ووفقًا لأساس واحد هو عدم المسّ بأيّ من حقوقها. لكن لبنان تحفظ على :
• البند الثاني من المادة التاسعة المتعلق بمنح المراة حقا" مساويا" لحق الرجل لجهة اعطاء الجنسية لأولادها
• البند الأول من المادة السادسة عشرة في فقراته المتعلقة بالتساوي في الحقوق والمسؤوليات في الزواج والأمومة والولاية والوصاية على الاطفال والتبني والتساوي في حق اختيار اسم الاسرة
• البند الأول من المادة التسعة والعشرين المتعلق بعرض الخلافات حول تفسير او تطبيق الاتفاقية على محكمة العدل الدولية
وطرحت المحامية كعدي عدة اسئلة حول : هل ان حقوق المراة هي مضمونة بشكل كاف في التشريعات الوضعية؟ كيف يتقاطع الوضع القانوني مع الوضع الثقافي ؟ ما هي العقبات والعوائق التي تعمل لاعاقة التطور الطبيعي للنساء في لبنان ؟؟؟؟
ما هي الاجراءات المطلوبة من اجل بناء حق المساواة بين الجنسين في لبنان ؟؟؟
في الاجابة : ان الدستور اللبناني الصادر عام 1926 والمعدل لا يتضمن اي نص تمييزي بحق المرأة بل يكرس مساواة الجميع امام القانون من:
- المادة 7 منه تقر بالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية
- المادة 12 تنص على المساواة في تولي الوظائف العامة
- المادة 21 تنص على الاهلية الانتخابية
بدأت الحركة النسائية بوضع جردة لاحكام التشريع االبناني في ضوء لمواثيق الدولية سعيا" الى التجديد. ورغم ما انجز في مجال التشريع الا ان دور الدولة اللبنانية والمجتمع في حماية حقوق المرأة لا يزال خجولا
واضامت بأن التحفظات على بعض مواد اتفاقية سيداو تعكس الى حد كبير الاشكاليات المحيطة بالبنى الذهنية للمجتمع اللبناني ، وخاصة تلك الاشكاليات المترتبة عن الاستغراق في الطائفية والمذهبية والتي عطلت ولا تزال تعطل المسار الوطني باتجاه الحياة المدنية. ومعارضة القيادات الدينية لتشريع مدني للزواج وحرمان المرأة اللبنناية المتزوجة من غير لبناني اعطاء الجنسية لاطفالها. وسيطرة العقلية الذكورية داخل الاسرة والمجتمع .وغيرها من القوانين المجحفة بحق المرأة.
واوضحت كعدي بأن الاحصاءات تشير الى جرائم الشرف الى تزايد ، وخلصت الى ضرورة اجراء إصلاحات تشريعية أهمها :
الاعتراف الحقيقي بمواطنة المرأة الكاملة، من خلال رفع التحفظات على المادة التاسعة من اتفاقية سيداو، ومنحها حقوق متساوية مع الرجل في الجنسية. إن هذا الموضوع يستوجب رفع مستوى الوعي عند المجتمع اللبناني لأنه مرتبط بشكل عميق بالثقافة الذكورية الراسخة والموروثة لدى الرجال والنساء من عقود غابرة، هذه الثقافة التي لا تنظر للمرأة ككائن كامل ومستقل، بل إنها تصل إلى تجريدها من هويتها عند زواجها .
- اعتماد سياسات داخلية لملاحقة حالات التحرش التي قد تحصل في القطاع العام وبغية تفعيل معالجة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي.
- رفع مدة إجازة الأمومة - رفع مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية - عند حصول حال ابتزاز إلكتروني أو حال تحرش جنسي، تعريف الضحايا إلى حقوقهن عبر تبسيط شرح حقوقهن في القانون اللبناني - تعديل بعض احكام الاحوال الشخصية ومنها رفع سن الزواج بحيث يصبح الزاما" تطبيقه
رفع اهتمام القضاء بقضايا المراة وحقوقها والعمل على انصافها في الدعاوى المتعلقة بها يساهم في حفظ كرامتها وخاصة فيما يتعلق بدعاوى الاحوال الشخصية في المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية بما يتوافق مع نصوص الاتفاقيات الدولية . غير ان الواقع اثبت عدم الالتزام بهذه القوانين في احيان كثيرة مما يزيد من نسبة انتهاكات هذه الحقوق دون حسيب او رقيب .
مداخلة د. ماري ناصيف - الدبس رئيسة جمعية مساواة - وردة بطرس تحت عنوان " مظاهر العنف ضد المرأة في المجتمع والقوانين
عرفت د. الدبس مفهوم العنف ضد المرأة وأبعاده داخل الاسرة والمجتمع. والذي يشمل العنف المنـزلي، وزواج الطفلة، والحمل القسري، وجرائم ”الشرف“، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وقتل الإناث، والعنف الجنسي وغيره من أشكال العنف التي يرتكبها شخص آخر غير الشريك، والتحرش الجنسي (في مكان العمل، وغيره من المؤسسات، وفي الأماكن العامة)، والاتجار بالنساء، والعنف في حالات الحروب والنـزاعات المسلحة."
واستنادا إلى توقيع لبنان على أغلبية الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، تطرقت الى مظاهر العنف السائدة في مجتمعنا والناجمة عن العادات والتقاليد المتخلفة، وما يظهر منها في الممارسة اليومية، وما انتقل منها إلى القوانين، إن المتعلقة بالأحوال الشخصية أم القوانين الوضعية
اولاً: التمييز في العادات والتقاليد من الأسرة إلى المجتمع ( بين الذكر والانثى)
ثانيا - التمييز في القوانين:
1- في قوانين الأحوال الشخصية المتعددة، ودور الطائفية والمذهبية:
2- في القوانين الوضعية التي شكلت ولا يزال بعضها يشكل انعكاسا للصورة النمطية للمرأة:
3- قانون العمل، بعض ما يتلق بأنظمة الموظفين (التعويض العائلي في حالة الطلاق)
التقديمات والتعويضات (خاصة في القطاع الخاص)
4- حق المرأة اللبنانية في إعطاء جنسيتها لأولادها، الإرث...إلخ.
5- القانون 293/ 2014 والمسمى "حماية النساء وسائر أفراد الاسرة من العنف الاسري" وأهدافه الستة،
6- العنف الناجم عن العدوان الصهيوني المستمر والذي أدى إلى قتل المئات من النساء والفتيات وفقدان الأزواج والتشرد والنزوح حيث كان العنف والتحرش بالمرصاد.
وطرحت مجموعة افكار للعمل لتغيير علاقة المجتمع بالمرأة ونظرته الدونية لها، لا بد من السعي إلى توحيد الصفوف وتطوير العمل المشترك باتجاهات عدة:
أولها التوعية المجتمعية داخل الأسر وفي المدارس. والغاء التحفظ اعلى المادة 9 من اتفاقية سيداو والمتعلقة بحق المرأة في إعطاء جنسيتها لأولادها. وتعديل العقوبات المتعلقة بالعنف ضد المرأة
والتصديق على اتفاقية 190 التي تدعو إلى عالم عمل خال من العنف والتحرّش.
ورفع التحفظ وهو الاساس عن المادة 16 من اتفاقية سيداو التي تطال تنظيم الأحوال الشخصية ودور المرأة في العائلة. عبر وضع قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، وتطبيق ما جاء في المادة 7 من الدستور حول المساواة الكاملة بين النساء والرجال في الحقوق.
الجلسة الثانية
كلمة النقابي جهاد المعلم - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات البقاع
الجلسة الثانية من أعمال الجلسة ا ورشة العمل تحدث فيها النقابي جهاد المعلم - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال في البقاع - والرئيس السابق لبلدية قب الياس حول " قانون العمل وحماية العاملات"
أكد على أن العنف نزامن مع بدأ البشرية، وأن الصراع اجتماعي طبقي وليس جندري، اما محاولة البعض لخلط المفاهيم إنما تهدف لتحويل مجرى الصراع الاجتماعي الحقيقي. مؤكدا على أهمية الحد من العنف والغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة في القوانين وتعزيز الثقافة الوطنية. وذكر بتاريخ نضالات الحركة النقابية في الدفاع عن حقوق العاملات والعمال في كافة المجالات ، ورفع الظلم والاستغلال عن المرأة. لكن، وبالرغم من إحراز بعض التقدم في تحقيق المطالب الاجتماعية والنقابية : من تنظيم العمل النقابي، ورفع إجازة الامومة، وبعض التعديلات في مستوى تقديمات الضمان الاجتماعي وتعويضات نهابية الخدمة وغيرها.. لكن الوضع في لبنان إلى المزيد من التراجع والترهل بفعل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة، وطبيعة النظام السياسي وقوانينه الطائفية والصراعات الداخلية والانقسامات ، إلى جانب الحروب العدوانية الصهيونية ونتائجها على الوطن والشعب وعلى المرأة بصورة، معددا مظاهر تراجع دور المؤسسات الضامنة، وهذا ما يزيد من دورات العنف والظلم الواقع على المرأة والعاملات...
وخلص إلى أهمية تفعيل العمل النقابي الديمقراطي المستقل ونشر الوعي وتعزيز دور المجالس التحكيمية وتفعيلها، وتعديل كافة القوانين التمييزية بحق المرأة من قوانين الاحوال الشخصية الطائفية ، الى حق الام اللبنانية المتزوجة من غير لبناني باعطاء الجنسية لاطفالها، الى المساواة في الاجر بين الجنسين، والمزيد من العمل والنضال لحماية المرأة من العنف والاستغلال والاتجار ومنع التزويج المبكر. والعمل بجدية مع البلديات وهيئات المجتمع المدني لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والكرامة الانسانية .
مداخلة النقابي كاسترو عبدالله - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان
تحت عنوان : وتعديل قانون العمل اللبناني والتصديق على الاتفاقية الدولية 190
تحدث عن ظروف واوضاع العاملات القاهرة وارتفاع الظلم والاستغلال الاجتماعي في لبنان. وعن ظروف الوضع الاقتصادي والعدوان الصهيوني وتأثيرهما على الشعب اللبناني ولا سيما العمال والعاملات مما أدّى إلى:
- تهجير آلاف العائلات، وانقطاع مصادر رزق كاملة، خصوصاً في القرى الحدودية.
- تدمير البنى التحتية الزراعية من بساتين وحقول ومزارع وانهيار مداخيل آلاف المزارعين ومعهم العاملات والعاملون في القطاع الزراعي
- تفاقم البطالة والفقر لدى فئات كانت أصلاً مهمشة، خصوصاً في العمل غير المنظم.
- انخفاض الأجور الفعلية بفعل التضخم وغياب الرقابة.
- تراجع شروط السلامة المهنية في أعمال البناء والزراعة والخدمات نتيجة غياب الحماية الاجتماعية.
النساء العاملات كنّ الأكثر تضرراً:
وتحدث عن الاتفاقية الدولية رقم 29 حول العمل الجبري أمراً ضرورياً، وضرورة تطبيقها في لبنان وخاصة ان لبنان مصدق عليها من عام 1977 وعن أهمية التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 .
اما عن التحديات امام العمل النقابي المستقل فأكد على هيمنة أحزاب السلطة والطائفية على جزء كبير من الحركة النقابية، وتحويلها إلى أدوات سياسية بدل أن تكون أدوات دفاع عن العمال.
وعن ضرب النقابات المستقلة من الداخل والخارج عبر الضغوط السياسية والإدارية، ومنعها من ممارسة دورها الطبيعي. والتضييق على الحريات النقابية واستنسابية وزارة العمل في منح التراخيص
وتعطيل الأدوات القانونية للنقابات، وعلى رأسها:
- مجالس العمل التحكيمية المعطلة، وهناك اكثر من 16 الف شكوي امام هذه المجالس ما حرم العمال من العدالة السريعة،
-المؤسسات ثلاثية التمثيل كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يُقصى العمال أو تُهمَّش مشاركتهم.
وختم بالتاكيد على متابعة النضال من اجل تعديل قانون العمل وكافة القضايا المتعلقة بحقوق العاملات والعمال وضمان عدالة النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين.. والدفع الى جانب كافة القوى النقابية المستقلة وهيئات العمل الوطنية الديقراطية للمضي قدما من أجل الكرامة الإنسانية وتطبيق الاتفاقيات الدولية وحماية جميع العاملات والعاملين دون تمييز. ومن أجل وطن حر وشعب سعيد.
جلسات النقاش والحوارات والتوصيات
جرت عدة جلسات حوارية فاعلة وقيمة خلال ورشة العمل، وخلصت الى عدة توصيات ولجنة عمل لدفع مسار التعاون لتحقيق أهداف مشروع الحملة الوطنية التي تشكل خطوة اضافية من اجل بناء الوطن الديمقراطي والمجتمع الإنساني.
وتوجهت الحملة بالتحية والتقدير لجميع الشركاء والاصدقاء في لبنان وكتالونيا.
قاعة بلدية دير الغزال – البقاع الأوسط
نظم الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان بالشراكة مع جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي وبالتعاون مع بلدية دير الغزال في البقاع الأوسط ورشة عمل حول " العنف ضد المرأة وسبل الحل" ضمن سلسلة ورش حقوقية واجتماعية في كافة المحافظات لتفعيل الحملة الوطنية من أجل
القضاء على العنف والتمييز ضد المرأة، وتصديق الدولة اللبنانية على إتفاقية منظمة العمل الدولية 190 للقضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل. وذلك، في قاعة بلدية دير الغزال وبحضور حشد كبير من رؤساء واعضاء مجالس البلديات المشاركة من البقاع الاوسط، وبرؤساء واعضاء سابقين في البلديات، والمخاتير والمحاميات والمحامين ، وكافة الاتحادات النقابية والمنظمات النسائية والاجتماعية والنوادي الثقافية والهيئات الاعلامية والفعاليات السياسية.
افتتاح ورشة العمل
افتتحت ورشة العمل بالنشيد الوطني اللبناني ، وكلمة الاستاذة كريستينا لبكي عضوة بلدية دير الغزال مرحبة بالحضور، وبرئيس بلدية دير الغزال المهندس حبيب الدبس والفعاليات المشاركة ، مؤكدة على ترحيب البلدية بالتعاون مع منظمي الورشة لإستكمال وتفعيل الحملة الوطنية من أجل تحقيق العدالة والمساواة بين الجنسين. وتطرقت إلى أن هذا المسار متشعب ويحتاج الى جهود الجميع لإلغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة. لإن قضيتها وطنية متعلقة بحقوق الإنسان، وأن تكريس حقوقها هو تكريس لقاعدة لبناء الوطن الديمقراطي.
كلمة المهندس حبيب الدبس – رئيس بلدية دير الغزال – البقاع الأوسط
رحب المهندس الدبس بالحضور، وشكر المنظمين على هذا اللقاء التوعوي الانساني الهام الذي يتناول قضية تمس قلب المجتمع الا وهي قضية " مناهضة العنف والتمييز ضد المرأة وتعزيز سبل الحماية" ، وقال أن هذه الورشة ليست مجرد نشاط عابرن بل رسالة اخلاقية وانسانية تتطابق مع معتقدات بلديتنا وبلدتنا وبقاعنا وقيمها وتعبر عن التزامنا بقيمنا الاجتماعية والوطنية.
واكد أن المرأة تمثل المجتمع بأسره. وأن العنف ليس قوة بل ضعف، والسكوت عن العنف ليس حكمة بل تواطؤ. ومواجهة العنف يكون بالتوعية والقانون والتكافل الاجتماعي. مشيرا إلى أن البلدية لا يقتصر عملها على تقديم الخدمات ، بل يشمل حماية الإنسان والدفاع عن كرامته وخلق بيئة آمنة لكل فرد.
وأكد على دور بلديته ووقوفها إلى جانب الهيئات المدنية لرفع الظلم عن المرأة والانسان. وختم، آملا أن تشكل الحوارات والنقاشات والتوصيات مدخلاً وتعزيزا للعمل من أجل مجتمع أكثر عدلا وامانا واستقرارا.
كلمة الاستاذة جورجيت فريجة- عبدو ( لجنة حقوق المرأة اللبنانية)
اكدت على أن العنف له ابعاد متعددة ومختلفة تنتهك حقوق الإنسان. وذكرت بحملة ال16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة القائم على النوع الاجتماعي، معددة نضالات لجنة حقوق المرأة حول كافة القضايا التي تهم المرأة اللبنانية للوصول الى العدالة والمساواة ، والغاء كل اشكال التمييز بحق المرأة من حق التمثيل الى حق الجنسية ومنع التزويج المبكر واقرار القانون المدني للاحوال الشخصية، وحماية المرأة من العنف المنزلي والتصديق على اتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في اماكن العمل. وطالبت برفع التحفظات عن اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ( سيداو).
وحيت الاستاذة فريجه نضال المرأة اللبنناية والفلسطينية وصمودهن في وجه كافة الحروب والاعتداءات الصهيونية مؤكدة على استمرار المسيرة النضالية حتى تحقيق كامل اهداف حقوق المرأة والتحرر والتغيير الديمقراطي.
كلمة الاستاذة سلوى الدبس - خليل ( نقابية في مجال التربية والتعليم)
فقالت أن عنوان الورشة يمس الاسرة والمجتمع ومستقبل الاجيال. وأن المسؤولية تقع على كل المجتمع المفترض أن يعمل ويناضا من أجل العدالة والمساواة والحياة الكريمة. وتطرقت الى دور التربية والتعليم ودور المرأة في هذا القطاع الحيوي لاعتباره المكان لبناء المعرفة والوعي لدى الاجيال وبث روح الثقافة الوطنية والحقوق الإنسانية. واكدت أن تطوير المناهج ضرورة لحماية الفتيات القاصرات من العنف والتحرش والتنمر والتزويج المبكر.. وفي تمكين الطالبات ودعمهن اجتماعيا وثقافيا ونفسيا وختمت بأن أهمية ورشة العمل أنها تشكل نافذة للحوار وتبادل الخبرات وطرح حلول واقعية تسهم في الحد من العنف والتمييز ضد المرأة.
كلمة الاستاذة مريم شميس – قصار (هيئة فريق الحملة الوطنية)
ركزت في كلمتها على أهمية متابعة العمل لمواجهة العنف الذي تخضع له النساء اللبنانيات على كافة المستويات والضغوطات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تضاعف من العنف ضدها. كما على
ضحايا الحرب العدوانية الصهيوينة ووقوع أكثر من ٨٠٠ امرأة وفتاة شهيدات وأكثر من الف و٩٠٠ امرأة وفتاة مصابات بضرر دائم أو جزئي، وأكثر من ٤ آلاف امرأة فقدن أزواجهن. واكثر من ما نصف مليون امرأة وفتاة اضطرت لترك بيوتهن،ولا تزال كثيرات من نسائنا يقتلن أو يعنفن من قبل أحد أفراد اسرهن، كما نشهد تفشي حالات الخطف والاختفاء، إضافة إلى حالات التحرش في وقت
يزداد انتشار الأمية والفقر نتيجة الأزمة الاقتصادية التي لم تجد بعد حلول جدية لها من قبل الحكومات المتعاقبة منذ العام ٢٠١٩. واكدت في ختام كلمتها على وضع برنامج نضالي مشترك مع كافة الهيئات النسائية والنقابية من اجل التصديق على اتفاقية 190 والقضاء على كل اشكال العنف والتمييز ضد المرأة . ودعت المرأة اللبنانية في كافة المناطق لتثبت حضورها وقوتها ومطالبها في الانتخابات النيابية القادمة وحفر موقعها ودورها فيصنع القرار.
الجلسة الحوارية الأولى
قدم وأدار الجلسة الحوارية الاولى في ورشة العمل عضو بلدية دير الغزال الاستاذ ميلاد فرج. وقدم كل من المتداخلتين المحامية الهام كعدي ود. ماري ناصيف – الدبس.
من مداخلة المحامية الهام كعدي تحت عنوان "حقوق المرأة بين النص والواقع"
قالت بأن بناء المجتمع المتطور يقوم على اساس تطبيق مبدأ المساواة بين الاشخاص في الحقوق والواجبات لا سيما بين الرجال والنساء على حد سواء . وعليه: تحتل الاتفاقيات الدولية مركزا" مهما" في نطاق حقوق المرأة نظراً لما لها من قوة قانونية ملزمة للدول المصدقة عليها . ومن ابرز هذه الاتفاقيات اتفاقية سيداو (اي القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة ) الصادرة في العام 1979 وهي معاهدة دولية اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وتعرف ب "الشرعة الدولية لحقوق المرأة " والتي بدأ نفاذها بتاريخ 3 ايلول 1981 ، وعددت المحامية كعدي اجزاء الاتفاقية التي بموجبها بعد مصادقة الدولة اللبنناية عليها أن تتمتع المرأة اللبنانية بكافها حقوقها الإنسانية وحرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية وكافة الحريات الأخرى، بغض النظر عن حالتها الزوجية، ووفقًا لأساس واحد هو عدم المسّ بأيّ من حقوقها. لكن لبنان تحفظ على :
• البند الثاني من المادة التاسعة المتعلق بمنح المراة حقا" مساويا" لحق الرجل لجهة اعطاء الجنسية لأولادها
• البند الأول من المادة السادسة عشرة في فقراته المتعلقة بالتساوي في الحقوق والمسؤوليات في الزواج والأمومة والولاية والوصاية على الاطفال والتبني والتساوي في حق اختيار اسم الاسرة
• البند الأول من المادة التسعة والعشرين المتعلق بعرض الخلافات حول تفسير او تطبيق الاتفاقية على محكمة العدل الدولية
وطرحت المحامية كعدي عدة اسئلة حول : هل ان حقوق المراة هي مضمونة بشكل كاف في التشريعات الوضعية؟ كيف يتقاطع الوضع القانوني مع الوضع الثقافي ؟ ما هي العقبات والعوائق التي تعمل لاعاقة التطور الطبيعي للنساء في لبنان ؟؟؟؟
ما هي الاجراءات المطلوبة من اجل بناء حق المساواة بين الجنسين في لبنان ؟؟؟
في الاجابة : ان الدستور اللبناني الصادر عام 1926 والمعدل لا يتضمن اي نص تمييزي بحق المرأة بل يكرس مساواة الجميع امام القانون من:
- المادة 7 منه تقر بالمساواة في الحقوق المدنية والسياسية
- المادة 12 تنص على المساواة في تولي الوظائف العامة
- المادة 21 تنص على الاهلية الانتخابية
بدأت الحركة النسائية بوضع جردة لاحكام التشريع االبناني في ضوء لمواثيق الدولية سعيا" الى التجديد. ورغم ما انجز في مجال التشريع الا ان دور الدولة اللبنانية والمجتمع في حماية حقوق المرأة لا يزال خجولا
واضامت بأن التحفظات على بعض مواد اتفاقية سيداو تعكس الى حد كبير الاشكاليات المحيطة بالبنى الذهنية للمجتمع اللبناني ، وخاصة تلك الاشكاليات المترتبة عن الاستغراق في الطائفية والمذهبية والتي عطلت ولا تزال تعطل المسار الوطني باتجاه الحياة المدنية. ومعارضة القيادات الدينية لتشريع مدني للزواج وحرمان المرأة اللبنناية المتزوجة من غير لبناني اعطاء الجنسية لاطفالها. وسيطرة العقلية الذكورية داخل الاسرة والمجتمع .وغيرها من القوانين المجحفة بحق المرأة.
واوضحت كعدي بأن الاحصاءات تشير الى جرائم الشرف الى تزايد ، وخلصت الى ضرورة اجراء إصلاحات تشريعية أهمها :
الاعتراف الحقيقي بمواطنة المرأة الكاملة، من خلال رفع التحفظات على المادة التاسعة من اتفاقية سيداو، ومنحها حقوق متساوية مع الرجل في الجنسية. إن هذا الموضوع يستوجب رفع مستوى الوعي عند المجتمع اللبناني لأنه مرتبط بشكل عميق بالثقافة الذكورية الراسخة والموروثة لدى الرجال والنساء من عقود غابرة، هذه الثقافة التي لا تنظر للمرأة ككائن كامل ومستقل، بل إنها تصل إلى تجريدها من هويتها عند زواجها .
- اعتماد سياسات داخلية لملاحقة حالات التحرش التي قد تحصل في القطاع العام وبغية تفعيل معالجة قضايا العنف المبني على النوع الاجتماعي.
- رفع مدة إجازة الأمومة - رفع مساهمة المرأة في الحياة الاقتصادية - عند حصول حال ابتزاز إلكتروني أو حال تحرش جنسي، تعريف الضحايا إلى حقوقهن عبر تبسيط شرح حقوقهن في القانون اللبناني - تعديل بعض احكام الاحوال الشخصية ومنها رفع سن الزواج بحيث يصبح الزاما" تطبيقه
رفع اهتمام القضاء بقضايا المراة وحقوقها والعمل على انصافها في الدعاوى المتعلقة بها يساهم في حفظ كرامتها وخاصة فيما يتعلق بدعاوى الاحوال الشخصية في المحاكم الشرعية والروحية والمذهبية بما يتوافق مع نصوص الاتفاقيات الدولية . غير ان الواقع اثبت عدم الالتزام بهذه القوانين في احيان كثيرة مما يزيد من نسبة انتهاكات هذه الحقوق دون حسيب او رقيب .
مداخلة د. ماري ناصيف - الدبس رئيسة جمعية مساواة - وردة بطرس تحت عنوان " مظاهر العنف ضد المرأة في المجتمع والقوانين
عرفت د. الدبس مفهوم العنف ضد المرأة وأبعاده داخل الاسرة والمجتمع. والذي يشمل العنف المنـزلي، وزواج الطفلة، والحمل القسري، وجرائم ”الشرف“، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وقتل الإناث، والعنف الجنسي وغيره من أشكال العنف التي يرتكبها شخص آخر غير الشريك، والتحرش الجنسي (في مكان العمل، وغيره من المؤسسات، وفي الأماكن العامة)، والاتجار بالنساء، والعنف في حالات الحروب والنـزاعات المسلحة."
واستنادا إلى توقيع لبنان على أغلبية الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، تطرقت الى مظاهر العنف السائدة في مجتمعنا والناجمة عن العادات والتقاليد المتخلفة، وما يظهر منها في الممارسة اليومية، وما انتقل منها إلى القوانين، إن المتعلقة بالأحوال الشخصية أم القوانين الوضعية
اولاً: التمييز في العادات والتقاليد من الأسرة إلى المجتمع ( بين الذكر والانثى)
ثانيا - التمييز في القوانين:
1- في قوانين الأحوال الشخصية المتعددة، ودور الطائفية والمذهبية:
2- في القوانين الوضعية التي شكلت ولا يزال بعضها يشكل انعكاسا للصورة النمطية للمرأة:
3- قانون العمل، بعض ما يتلق بأنظمة الموظفين (التعويض العائلي في حالة الطلاق)
التقديمات والتعويضات (خاصة في القطاع الخاص)
4- حق المرأة اللبنانية في إعطاء جنسيتها لأولادها، الإرث...إلخ.
5- القانون 293/ 2014 والمسمى "حماية النساء وسائر أفراد الاسرة من العنف الاسري" وأهدافه الستة،
6- العنف الناجم عن العدوان الصهيوني المستمر والذي أدى إلى قتل المئات من النساء والفتيات وفقدان الأزواج والتشرد والنزوح حيث كان العنف والتحرش بالمرصاد.
وطرحت مجموعة افكار للعمل لتغيير علاقة المجتمع بالمرأة ونظرته الدونية لها، لا بد من السعي إلى توحيد الصفوف وتطوير العمل المشترك باتجاهات عدة:
أولها التوعية المجتمعية داخل الأسر وفي المدارس. والغاء التحفظ اعلى المادة 9 من اتفاقية سيداو والمتعلقة بحق المرأة في إعطاء جنسيتها لأولادها. وتعديل العقوبات المتعلقة بالعنف ضد المرأة
والتصديق على اتفاقية 190 التي تدعو إلى عالم عمل خال من العنف والتحرّش.
ورفع التحفظ وهو الاساس عن المادة 16 من اتفاقية سيداو التي تطال تنظيم الأحوال الشخصية ودور المرأة في العائلة. عبر وضع قانون مدني موحّد للأحوال الشخصية، وتطبيق ما جاء في المادة 7 من الدستور حول المساواة الكاملة بين النساء والرجال في الحقوق.
الجلسة الثانية
كلمة النقابي جهاد المعلم - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات البقاع
الجلسة الثانية من أعمال الجلسة ا ورشة العمل تحدث فيها النقابي جهاد المعلم - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال في البقاع - والرئيس السابق لبلدية قب الياس حول " قانون العمل وحماية العاملات"
أكد على أن العنف نزامن مع بدأ البشرية، وأن الصراع اجتماعي طبقي وليس جندري، اما محاولة البعض لخلط المفاهيم إنما تهدف لتحويل مجرى الصراع الاجتماعي الحقيقي. مؤكدا على أهمية الحد من العنف والغاء كل اشكال التمييز ضد المرأة في القوانين وتعزيز الثقافة الوطنية. وذكر بتاريخ نضالات الحركة النقابية في الدفاع عن حقوق العاملات والعمال في كافة المجالات ، ورفع الظلم والاستغلال عن المرأة. لكن، وبالرغم من إحراز بعض التقدم في تحقيق المطالب الاجتماعية والنقابية : من تنظيم العمل النقابي، ورفع إجازة الامومة، وبعض التعديلات في مستوى تقديمات الضمان الاجتماعي وتعويضات نهابية الخدمة وغيرها.. لكن الوضع في لبنان إلى المزيد من التراجع والترهل بفعل السياسات الاقتصادية والاجتماعية المعتمدة، وطبيعة النظام السياسي وقوانينه الطائفية والصراعات الداخلية والانقسامات ، إلى جانب الحروب العدوانية الصهيونية ونتائجها على الوطن والشعب وعلى المرأة بصورة، معددا مظاهر تراجع دور المؤسسات الضامنة، وهذا ما يزيد من دورات العنف والظلم الواقع على المرأة والعاملات...
وخلص إلى أهمية تفعيل العمل النقابي الديمقراطي المستقل ونشر الوعي وتعزيز دور المجالس التحكيمية وتفعيلها، وتعديل كافة القوانين التمييزية بحق المرأة من قوانين الاحوال الشخصية الطائفية ، الى حق الام اللبنانية المتزوجة من غير لبناني باعطاء الجنسية لاطفالها، الى المساواة في الاجر بين الجنسين، والمزيد من العمل والنضال لحماية المرأة من العنف والاستغلال والاتجار ومنع التزويج المبكر. والعمل بجدية مع البلديات وهيئات المجتمع المدني لتحقيق العدالة الاجتماعية والديمقراطية والكرامة الانسانية .
مداخلة النقابي كاسترو عبدالله - رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان
تحت عنوان : وتعديل قانون العمل اللبناني والتصديق على الاتفاقية الدولية 190
تحدث عن ظروف واوضاع العاملات القاهرة وارتفاع الظلم والاستغلال الاجتماعي في لبنان. وعن ظروف الوضع الاقتصادي والعدوان الصهيوني وتأثيرهما على الشعب اللبناني ولا سيما العمال والعاملات مما أدّى إلى:
- تهجير آلاف العائلات، وانقطاع مصادر رزق كاملة، خصوصاً في القرى الحدودية.
- تدمير البنى التحتية الزراعية من بساتين وحقول ومزارع وانهيار مداخيل آلاف المزارعين ومعهم العاملات والعاملون في القطاع الزراعي
- تفاقم البطالة والفقر لدى فئات كانت أصلاً مهمشة، خصوصاً في العمل غير المنظم.
- انخفاض الأجور الفعلية بفعل التضخم وغياب الرقابة.
- تراجع شروط السلامة المهنية في أعمال البناء والزراعة والخدمات نتيجة غياب الحماية الاجتماعية.
النساء العاملات كنّ الأكثر تضرراً:
وتحدث عن الاتفاقية الدولية رقم 29 حول العمل الجبري أمراً ضرورياً، وضرورة تطبيقها في لبنان وخاصة ان لبنان مصدق عليها من عام 1977 وعن أهمية التصديق على اتفاقية منظمة العمل الدولية 190 .
اما عن التحديات امام العمل النقابي المستقل فأكد على هيمنة أحزاب السلطة والطائفية على جزء كبير من الحركة النقابية، وتحويلها إلى أدوات سياسية بدل أن تكون أدوات دفاع عن العمال.
وعن ضرب النقابات المستقلة من الداخل والخارج عبر الضغوط السياسية والإدارية، ومنعها من ممارسة دورها الطبيعي. والتضييق على الحريات النقابية واستنسابية وزارة العمل في منح التراخيص
وتعطيل الأدوات القانونية للنقابات، وعلى رأسها:
- مجالس العمل التحكيمية المعطلة، وهناك اكثر من 16 الف شكوي امام هذه المجالس ما حرم العمال من العدالة السريعة،
-المؤسسات ثلاثية التمثيل كالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يُقصى العمال أو تُهمَّش مشاركتهم.
وختم بالتاكيد على متابعة النضال من اجل تعديل قانون العمل وكافة القضايا المتعلقة بحقوق العاملات والعمال وضمان عدالة النوع الاجتماعي والمساواة بين الجنسين.. والدفع الى جانب كافة القوى النقابية المستقلة وهيئات العمل الوطنية الديقراطية للمضي قدما من أجل الكرامة الإنسانية وتطبيق الاتفاقيات الدولية وحماية جميع العاملات والعاملين دون تمييز. ومن أجل وطن حر وشعب سعيد.
جلسات النقاش والحوارات والتوصيات
جرت عدة جلسات حوارية فاعلة وقيمة خلال ورشة العمل، وخلصت الى عدة توصيات ولجنة عمل لدفع مسار التعاون لتحقيق أهداف مشروع الحملة الوطنية التي تشكل خطوة اضافية من اجل بناء الوطن الديمقراطي والمجتمع الإنساني.
وتوجهت الحملة بالتحية والتقدير لجميع الشركاء والاصدقاء في لبنان وكتالونيا.
استشهاد أكثر من مئة أسير فلسطيني منذ تولي بن غفير مهامه
استشهد 110 أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية، منذ أن تولّى إيتمار بن غفير مهامه وزيرًا للأمن القومي، أواخر عام 2022، بحسب موقع «واللا» الإسرائيلي.
وبحسب ما نقل الموقع عن بيانات إسرائيلية فإنّ هؤلاء الأسرى استشهدوا بين 23 كانون الثاني 2023 و25 حزيران 2025، و«معظمهم توفوا في المستشفيات أثناء تلقي العلاج، وليس داخل مراكز الاحتجاز».
وأوضح الموقع أن «الأسرى يعانون من تجويع شديد، اكتظاظ في أماكن الاحتجاز، وظروف صحية سيئة، مع فقدان حاد في الوزن»، مشيراً إلى أن «بن غفير يرفض السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة الأسرى منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة».
ووفقاً للموقع نفسه، ستقرّ لجنة الأمن القومي البرلمانية، اليوم، بالقراءتين الثانية والثالثة مشروع قانون عقوبة الإعدام للأسرى الفلسطينيين.
وينصّ القانون على أن «كلّ من يقتل يهوديًا لمجرد كونه يهوديًا، بما في ذلك التخطيط والتنفيذ، يُحكم عليه بالإعدام»، على أن تنفذه مصلحة السجون بالحقنة القاتلة خلال 90 يومًا من قرار المحكمة، دون إمكانية استئناف أو تخفيف الحكم.
احتجاز 32 أسيراً فلسطينياً من غزة رغم انتهاء محكومياتهم
في المقابل، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة «حماس»، في بيان، اليوم، إن «إسرائيل تواصل احتجاز 32 أسيرًا فلسطينيًا من قطاع غزة بعد انتهاء مدة محكومياتهم»، في انتهاك وصفه بـ«الجريمة القانونية والإنسانية».
وأشار البيان إلى أن «بعض هؤلاء الأسرى انتهت محكومياتهم منذ عدة أشهر وحتى سنوات، دون الإفراج عنهم أو عرضهم على أي جهة قضائية، ما يجعل استمرار اعتقالهم احتجازًا تعسفيًا وغير مشروع يرتقي إلى جريمة حرب».
استشهد 110 أسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلية، منذ أن تولّى إيتمار بن غفير مهامه وزيرًا للأمن القومي، أواخر عام 2022، بحسب موقع «واللا» الإسرائيلي.
وبحسب ما نقل الموقع عن بيانات إسرائيلية فإنّ هؤلاء الأسرى استشهدوا بين 23 كانون الثاني 2023 و25 حزيران 2025، و«معظمهم توفوا في المستشفيات أثناء تلقي العلاج، وليس داخل مراكز الاحتجاز».
وأوضح الموقع أن «الأسرى يعانون من تجويع شديد، اكتظاظ في أماكن الاحتجاز، وظروف صحية سيئة، مع فقدان حاد في الوزن»، مشيراً إلى أن «بن غفير يرفض السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة الأسرى منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة».
ووفقاً للموقع نفسه، ستقرّ لجنة الأمن القومي البرلمانية، اليوم، بالقراءتين الثانية والثالثة مشروع قانون عقوبة الإعدام للأسرى الفلسطينيين.
وينصّ القانون على أن «كلّ من يقتل يهوديًا لمجرد كونه يهوديًا، بما في ذلك التخطيط والتنفيذ، يُحكم عليه بالإعدام»، على أن تنفذه مصلحة السجون بالحقنة القاتلة خلال 90 يومًا من قرار المحكمة، دون إمكانية استئناف أو تخفيف الحكم.
احتجاز 32 أسيراً فلسطينياً من غزة رغم انتهاء محكومياتهم
في المقابل، قال مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة «حماس»، في بيان، اليوم، إن «إسرائيل تواصل احتجاز 32 أسيرًا فلسطينيًا من قطاع غزة بعد انتهاء مدة محكومياتهم»، في انتهاك وصفه بـ«الجريمة القانونية والإنسانية».
وأشار البيان إلى أن «بعض هؤلاء الأسرى انتهت محكومياتهم منذ عدة أشهر وحتى سنوات، دون الإفراج عنهم أو عرضهم على أي جهة قضائية، ما يجعل استمرار اعتقالهم احتجازًا تعسفيًا وغير مشروع يرتقي إلى جريمة حرب».
إسرائيل تبدأ ببناء جدار على طول الحدود الأردنية لصالح الاستيطان
أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية اليوم، الإثنين، أن "مديرية الحدود وخط التماس ودائرة الهندسة والبناء في وزارة الأمن والقيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي"، بدأت في بناء المقطعين الأولين لجدار عند الحدود مع الأردن، بطول 80 كيلومترا، في منطقة الغور ومرج بن عامر.
وأشار بيان صادر عن وزارة الأمن، إلى أنه في موازاة هذه الأعمال الميدانية، تواصل الوزارة والجيش الإسرائيلي التخطيط لمقاطع الجدار الأخرى، "وبلورة مفهوم دفاعي عن الحدود والجهود المطلوبة لتحقيق ذلك".
وقسم كبير من الجانب الغربية للحدود الأردنية يقع في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في البيان أن "خطة تعزيز الأمن القومي والسيطرة الإستراتيجية عند الحدود الشرقية هي جزء مركزي من إستراتيجية وزارة الأمن، التي يدفعها مدير عام الوزارة، أمير برعام. وهذا الجهد يندمج مع مفهوم أمني متجدد، بلوره الجيش الإسرائيلي والقيادة الوسطى، وأقيمت في إطاره فرقة عسكرية جديدة مسؤولة عن الأمن في منطقة الغور ومرج بن عامر والبحر الميت".
وتبلغ تكلفة هذا المشروع قرابة 5.5 مليار شيكل، وتشمل إقامة منظومة متعددة الطبقات على طول الحدود من هضبة الجولان المحتلة وحتى منطقة شمال مدينة إيلات.
ووصف وزير الأمن، يسرائيل كاتس، بناء الجدار بأنه "أحد المهمات المركزية من أجل أمن إسرائيل"، وأنه سيعزز الاستيطان على طول الحدود، "ويقلل بشكل ملموس تهريب السلاح" إلى الضفة الغربية المحتلة، "وسيشكل ضربة شديدة لجهود إيران وأذرعها من ترسيخ جبهة شرقية ضد إسرائيل".
وأضاف كاتس أنه أوعز بإقامة مستوطنات جديدة على طول الجدار "من أجل ترسيخ سيطرتنا في المنطقة وتعزيز الاستيطان كعنصر إستراتيجي في أمننا القومي. وهذه خطوة هامة في الخطة التي نقودها من أجل إحباط الإرهاب والدفاع عن دولة إسرائيل".
وقال برعام إن "الحدود الشرقية هي حدود إسرائيل الأطول. والدفاع عنها هي مهمة معقدة، تبدأ بجدار وإعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي، لكنها لا تنتهي بذلك فقط. والإستراتيجية التي نقودها مع وزارات أخرى، هي إقامة منظومة كاملة من المستوطنات، وأماكن تشغيل، ومواصلات، وشبكة مياه، وزراعة، وخدمات صحية وأمور أخرى. وخصص 50 مليون شيكل الأولى من بدء تنفيذ الخطة في إطار ميزانية العام 2026. والأعمال ستتزايد في موازاة إقامة الجدار".
وحسب رئيس مديرية الحدود وخط التماس في وزارة الأمن، الجنرال عيران أوفير، فإن الجدار "سيمتد على طول حدود إسرائيل الشرقية. وهذا سيكون جدارا ذكيا، سيشمل الجدار نفسه ووسائل جمع معلومات استخباراتية ورادارات وكاميرات ووسائل تنصت متطورة، ستوفر حلا متطورا لكافة احتياجات جهاز الأمن الحالية والمستقبلية".
أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية اليوم، الإثنين، أن "مديرية الحدود وخط التماس ودائرة الهندسة والبناء في وزارة الأمن والقيادة الوسطى في الجيش الإسرائيلي"، بدأت في بناء المقطعين الأولين لجدار عند الحدود مع الأردن، بطول 80 كيلومترا، في منطقة الغور ومرج بن عامر.
وأشار بيان صادر عن وزارة الأمن، إلى أنه في موازاة هذه الأعمال الميدانية، تواصل الوزارة والجيش الإسرائيلي التخطيط لمقاطع الجدار الأخرى، "وبلورة مفهوم دفاعي عن الحدود والجهود المطلوبة لتحقيق ذلك".
وقسم كبير من الجانب الغربية للحدود الأردنية يقع في الضفة الغربية المحتلة.
وجاء في البيان أن "خطة تعزيز الأمن القومي والسيطرة الإستراتيجية عند الحدود الشرقية هي جزء مركزي من إستراتيجية وزارة الأمن، التي يدفعها مدير عام الوزارة، أمير برعام. وهذا الجهد يندمج مع مفهوم أمني متجدد، بلوره الجيش الإسرائيلي والقيادة الوسطى، وأقيمت في إطاره فرقة عسكرية جديدة مسؤولة عن الأمن في منطقة الغور ومرج بن عامر والبحر الميت".
وتبلغ تكلفة هذا المشروع قرابة 5.5 مليار شيكل، وتشمل إقامة منظومة متعددة الطبقات على طول الحدود من هضبة الجولان المحتلة وحتى منطقة شمال مدينة إيلات.
ووصف وزير الأمن، يسرائيل كاتس، بناء الجدار بأنه "أحد المهمات المركزية من أجل أمن إسرائيل"، وأنه سيعزز الاستيطان على طول الحدود، "ويقلل بشكل ملموس تهريب السلاح" إلى الضفة الغربية المحتلة، "وسيشكل ضربة شديدة لجهود إيران وأذرعها من ترسيخ جبهة شرقية ضد إسرائيل".
وأضاف كاتس أنه أوعز بإقامة مستوطنات جديدة على طول الجدار "من أجل ترسيخ سيطرتنا في المنطقة وتعزيز الاستيطان كعنصر إستراتيجي في أمننا القومي. وهذه خطوة هامة في الخطة التي نقودها من أجل إحباط الإرهاب والدفاع عن دولة إسرائيل".
وقال برعام إن "الحدود الشرقية هي حدود إسرائيل الأطول. والدفاع عنها هي مهمة معقدة، تبدأ بجدار وإعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي، لكنها لا تنتهي بذلك فقط. والإستراتيجية التي نقودها مع وزارات أخرى، هي إقامة منظومة كاملة من المستوطنات، وأماكن تشغيل، ومواصلات، وشبكة مياه، وزراعة، وخدمات صحية وأمور أخرى. وخصص 50 مليون شيكل الأولى من بدء تنفيذ الخطة في إطار ميزانية العام 2026. والأعمال ستتزايد في موازاة إقامة الجدار".
وحسب رئيس مديرية الحدود وخط التماس في وزارة الأمن، الجنرال عيران أوفير، فإن الجدار "سيمتد على طول حدود إسرائيل الشرقية. وهذا سيكون جدارا ذكيا، سيشمل الجدار نفسه ووسائل جمع معلومات استخباراتية ورادارات وكاميرات ووسائل تنصت متطورة، ستوفر حلا متطورا لكافة احتياجات جهاز الأمن الحالية والمستقبلية".
إسرائيل تبدأ بناء جدار عند الحدود مع الأردن
أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم، عن بدء أعمال بناء جدار على الحدود الشرقية بين إسرائيل والأردن.
وأفادت قناة «آي 24» العبرية بأنّ «المرحلة الأولى تبدأ بإنشاء قسمين بطول نحو 80 كيلومتراً، مع التركيز على الوديان ومنطقة السهول».
وأشارت إلى أنّ «المشروع - الذي يمتد على نحو 500 كيلومتر من هضبة الجولان إلى شمال إيلات - يشمل نظاماً متعدّد الطبقات يحتوي على سياج فعلي ورادارات وكاميرات وتقنيات معلوماتية متقدمة لرصد أيّ تهديدات مستقبلية، وتقدر تكلفة المشروع خمسة مليارات ونصف شاقل».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنّ «الحاجز سيعزز الإسكان على الحدود ويحد من تهريب الأسلحة، إضافةً إلى مواجهة محاولات إيران ووكلائها لإقامة جبهة شرقية ضدّ إسرائيل»، مشيراً إلى أنّ «الوزارة ستنشئ مواقع لتعزيز السيطرة الاستراتيجية على المنطقة».
من جهته، أفاد رئيس مديرية الحدود والفواصل، إران أوفير، بأنّ «المشروع جزء من استراتيجية شاملة تشمل إعادة نشر قوات الجيش وبناء نظام بيئي كامل يشمل الإسكان والبنية التحتية والمياه والزراعة والصحة، لضمان أمن الحدود وتعزيز الاستقرار في المنطقة».
يُذكر أنّ وزارة الخارجية اللبنانية تقدّمت، يوم 28 تشرين الثاني الماضي، بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ردّاً على بناء إسرائيل جدارين إسمنتييَن عازلَين في جنوب غرب بلدة يارون وجنوب شرقها داخل الحدود اللبنانية.
الأردن يُدين خطط التوسع الاستيطاني
في المقابل، أدانت وزارة الخارجية الأردنية، تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، بالتزامن مع الإعلان عن خطة حكومية إسرائيلية لتوسيع وإنشاء مستوطنات استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
واعتبرت الوزارة، في بيانٍ، اليوم، ذلك خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مؤكّدةً أنّ «هذه الممارسات تُقوّض حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال، وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة».
كما شدّدت على أن «لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية المحتلة».
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، فؤاد المجالي، إنّ «المملكة ترفض بشكلٍ مطلق وتدين بشدّة استمرار الحكومة الإسرائيلية في تبني خطط استيطانية غير شرعية وتصريحات مسؤوليها التي تُكرّس الاحتلال والتوسع الاستيطاني».
وكان وزير المالية الإسرائيلي أعلن، في وقت سابق من اليوم، عن خطة حكومية لتخصيص 2.7 مليار شيقل لإقامة 17 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة، وتطوير البنية التحتية الاستعمارية في مناطق عدة.
أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية، اليوم، عن بدء أعمال بناء جدار على الحدود الشرقية بين إسرائيل والأردن.
وأفادت قناة «آي 24» العبرية بأنّ «المرحلة الأولى تبدأ بإنشاء قسمين بطول نحو 80 كيلومتراً، مع التركيز على الوديان ومنطقة السهول».
وأشارت إلى أنّ «المشروع - الذي يمتد على نحو 500 كيلومتر من هضبة الجولان إلى شمال إيلات - يشمل نظاماً متعدّد الطبقات يحتوي على سياج فعلي ورادارات وكاميرات وتقنيات معلوماتية متقدمة لرصد أيّ تهديدات مستقبلية، وتقدر تكلفة المشروع خمسة مليارات ونصف شاقل».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إنّ «الحاجز سيعزز الإسكان على الحدود ويحد من تهريب الأسلحة، إضافةً إلى مواجهة محاولات إيران ووكلائها لإقامة جبهة شرقية ضدّ إسرائيل»، مشيراً إلى أنّ «الوزارة ستنشئ مواقع لتعزيز السيطرة الاستراتيجية على المنطقة».
من جهته، أفاد رئيس مديرية الحدود والفواصل، إران أوفير، بأنّ «المشروع جزء من استراتيجية شاملة تشمل إعادة نشر قوات الجيش وبناء نظام بيئي كامل يشمل الإسكان والبنية التحتية والمياه والزراعة والصحة، لضمان أمن الحدود وتعزيز الاستقرار في المنطقة».
يُذكر أنّ وزارة الخارجية اللبنانية تقدّمت، يوم 28 تشرين الثاني الماضي، بشكوى إلى مجلس الأمن الدولي ردّاً على بناء إسرائيل جدارين إسمنتييَن عازلَين في جنوب غرب بلدة يارون وجنوب شرقها داخل الحدود اللبنانية.
الأردن يُدين خطط التوسع الاستيطاني
في المقابل، أدانت وزارة الخارجية الأردنية، تصريحات وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، بالتزامن مع الإعلان عن خطة حكومية إسرائيلية لتوسيع وإنشاء مستوطنات استيطانية جديدة في الضفة الغربية المحتلة.
واعتبرت الوزارة، في بيانٍ، اليوم، ذلك خرقاً فاضحاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، مؤكّدةً أنّ «هذه الممارسات تُقوّض حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير مصيره، وإنهاء الاحتلال، وتجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس المحتلة».
كما شدّدت على أن «لا سيادة لإسرائيل على الضفة الغربية المحتلة».
وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة، فؤاد المجالي، إنّ «المملكة ترفض بشكلٍ مطلق وتدين بشدّة استمرار الحكومة الإسرائيلية في تبني خطط استيطانية غير شرعية وتصريحات مسؤوليها التي تُكرّس الاحتلال والتوسع الاستيطاني».
وكان وزير المالية الإسرائيلي أعلن، في وقت سابق من اليوم، عن خطة حكومية لتخصيص 2.7 مليار شيقل لإقامة 17 مستعمرة جديدة في الضفة الغربية خلال السنوات الخمس المقبلة، وتطوير البنية التحتية الاستعمارية في مناطق عدة.
«سياديّو لبنان» يسلّمون موظفي القطاع العام وبياناته لأميركا... وإسرائيل!
ببساطة، سلّمت الدولة اللبنانية بيانات القطاع العام لشركة «Oracle» العالمية، التي لها تاريخ طويل من التعاون الوثيق مع الكيان الإسرائيلي في مجالات عسكرية وأمنية. هذه الخطوة تفتح الباب أمام إدارة معلومات حسّاسة عبر شركة تربطها علاقات استراتيجية مع إسرائيل، ما يثير تساؤلات حول الأمن السيبراني والسيادة الرقمية للبنان في ظلّ هذا التعاون.
فقد وقّع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، بحضور السفير الأميركي ميشال عيسى، مذكّرة تفاهم استراتيجية مع شركة «Oracle» العالمية، مُمثّلة بنائب الرئيس لتطبيقات القطاع العام سيمون الخالد. تهدف المذكّرة إلى تدريب وتأهيل 50 ألف موظف لبناني في القطاع العام خلال السنوات الخمس المقبلة، في مجالات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، بهبة مجانية من الشركة، وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية والجامعات الأميركية واللبنانية الأميركية والقدّيس يوسف، إلى جانب شركاء من القطاع الخاص. ويركّز التعاون على دعم التحوّل الرقمي في القطاع العام من خلال بناء القدرات اللازمة لتطبيق أنظمة تخطيط موارد الحكومة (GRP)، وتحويل لبنان من مستهلك للتكنولوجيا إلى مركز إقليمي للابتكار الرقمي، عبر تأسيس بنية تحتية بشرية وتقنية متقدّمة تدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي.
وتُعدّ شركة «Oracle» واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، حيث تأسّست عام 1977 في الولايات المتحدة على أيدي لاري إليسون وبوب ماينر وإد أوتس. اشتهرت بتطوير قواعد البيانات الأكثر استخداماً عالمياً، إضافة إلى أنظمة المؤسسات (ERP – HCM – SCM) وخدمات الحوسبة السحابية (OCI) وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وتُعتبر «Oracle» مورِّداً رئيسياً للحلول الرقمية للحكومات والشركات الكبرى، بما في ذلك قطاعات حسّاسة مثل الدفاع والأمن والطاقة والبنى التحتية.
وللشركة علاقة وثيقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ تمتلك حضوراً كبيراً منذ سنوات واستثمارات ضخمة في البنية التحتية السحابية، أبرزها إنشاء مركز سحابي تحت الأرض في القدس، وهو أول منطقة «Cloud Region» للشركة في الشرق الأوسط، صُمّم كـ«ملجأ» مُحصّن تحت الأرض لاستضافة بيانات حساسة للأجهزة الأمنية ومواجهة التهديدات الأمنية. وأعلنت الشركة العام الماضي عن نيتها إنشاء مركز بيانات ثانٍ تحت الأرض على عمق تسعة طوابق، في خطوة تؤكد اعتبار إسرائيل بمثابة «مختبر دولي» لتطوير خدمات السحابة المُخصّصة للجيوش والحكومات.
كما دخلت «Oracle» في سلسلة طويلة من العقود العسكرية والأمنية مع جيش الاحتلال ووزارة الأمن، بلغت قيمتها أكثر من خمسين مليون دولار.
وفي عام 2012، زوّدت الشركة سلاح الجو الإسرائيلي بأنظمة عالية الأداء لتحليل البيانات العملياتية الحساسة. وفي عام 2013 أطلقت نظاماً جديداً لإدارة المال واللوجستيات لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وهو نظام سحابي يتيح التحكّم بالموازنات والعمليات اللوجستية داخل الجهاز الاستخباراتي. وفي عام 2015، جرى تجديد شامل لاتفاقيات التراخيص والصيانة مع جيش الاحتلال، مع تقديم الدعم الاستراتيجي للأجهزة الأمنية المختلفة، إضافة إلى أعمال واسعة للشركة مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وبين عامي 2023 و2024، تبرّعت «Oracle» بأكثر من سبعة أطنان من المعدّات اللوجستية للوحدات العسكرية الإسرائيلية التي شاركت في القتال داخل غزة، وتشمل مناظير تلسكوبية، ومعدّات حماية، ومصابيح، وملابس ميدانية، وبحسب المصادر، تجاوزت قيمة هذه التبرّعات نصف مليون دولار. ويشكّل هذا دعماً مباشراً للقوات المقاتلة خارج نطاق البيع التجاري، علماً أن المديرة التنفيذية للشركة صفرا كاتس، وهي من أصول إسرائيلية، لها علاقات وثيقة بالمؤسسة السياسية الإسرائيلية.
ببساطة، سلّمت الدولة اللبنانية بيانات القطاع العام لشركة «Oracle» العالمية، التي لها تاريخ طويل من التعاون الوثيق مع الكيان الإسرائيلي في مجالات عسكرية وأمنية. هذه الخطوة تفتح الباب أمام إدارة معلومات حسّاسة عبر شركة تربطها علاقات استراتيجية مع إسرائيل، ما يثير تساؤلات حول الأمن السيبراني والسيادة الرقمية للبنان في ظلّ هذا التعاون.
فقد وقّع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة، بحضور السفير الأميركي ميشال عيسى، مذكّرة تفاهم استراتيجية مع شركة «Oracle» العالمية، مُمثّلة بنائب الرئيس لتطبيقات القطاع العام سيمون الخالد. تهدف المذكّرة إلى تدريب وتأهيل 50 ألف موظف لبناني في القطاع العام خلال السنوات الخمس المقبلة، في مجالات الحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة، بهبة مجانية من الشركة، وبالتعاون مع الجامعة اللبنانية والجامعات الأميركية واللبنانية الأميركية والقدّيس يوسف، إلى جانب شركاء من القطاع الخاص. ويركّز التعاون على دعم التحوّل الرقمي في القطاع العام من خلال بناء القدرات اللازمة لتطبيق أنظمة تخطيط موارد الحكومة (GRP)، وتحويل لبنان من مستهلك للتكنولوجيا إلى مركز إقليمي للابتكار الرقمي، عبر تأسيس بنية تحتية بشرية وتقنية متقدّمة تدعم اقتصاد الذكاء الاصطناعي.
وتُعدّ شركة «Oracle» واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، حيث تأسّست عام 1977 في الولايات المتحدة على أيدي لاري إليسون وبوب ماينر وإد أوتس. اشتهرت بتطوير قواعد البيانات الأكثر استخداماً عالمياً، إضافة إلى أنظمة المؤسسات (ERP – HCM – SCM) وخدمات الحوسبة السحابية (OCI) وأنظمة الذكاء الاصطناعي. وتُعتبر «Oracle» مورِّداً رئيسياً للحلول الرقمية للحكومات والشركات الكبرى، بما في ذلك قطاعات حسّاسة مثل الدفاع والأمن والطاقة والبنى التحتية.
وللشركة علاقة وثيقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، إذ تمتلك حضوراً كبيراً منذ سنوات واستثمارات ضخمة في البنية التحتية السحابية، أبرزها إنشاء مركز سحابي تحت الأرض في القدس، وهو أول منطقة «Cloud Region» للشركة في الشرق الأوسط، صُمّم كـ«ملجأ» مُحصّن تحت الأرض لاستضافة بيانات حساسة للأجهزة الأمنية ومواجهة التهديدات الأمنية. وأعلنت الشركة العام الماضي عن نيتها إنشاء مركز بيانات ثانٍ تحت الأرض على عمق تسعة طوابق، في خطوة تؤكد اعتبار إسرائيل بمثابة «مختبر دولي» لتطوير خدمات السحابة المُخصّصة للجيوش والحكومات.
كما دخلت «Oracle» في سلسلة طويلة من العقود العسكرية والأمنية مع جيش الاحتلال ووزارة الأمن، بلغت قيمتها أكثر من خمسين مليون دولار.
وفي عام 2012، زوّدت الشركة سلاح الجو الإسرائيلي بأنظمة عالية الأداء لتحليل البيانات العملياتية الحساسة. وفي عام 2013 أطلقت نظاماً جديداً لإدارة المال واللوجستيات لشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وهو نظام سحابي يتيح التحكّم بالموازنات والعمليات اللوجستية داخل الجهاز الاستخباراتي. وفي عام 2015، جرى تجديد شامل لاتفاقيات التراخيص والصيانة مع جيش الاحتلال، مع تقديم الدعم الاستراتيجي للأجهزة الأمنية المختلفة، إضافة إلى أعمال واسعة للشركة مع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية.
وبين عامي 2023 و2024، تبرّعت «Oracle» بأكثر من سبعة أطنان من المعدّات اللوجستية للوحدات العسكرية الإسرائيلية التي شاركت في القتال داخل غزة، وتشمل مناظير تلسكوبية، ومعدّات حماية، ومصابيح، وملابس ميدانية، وبحسب المصادر، تجاوزت قيمة هذه التبرّعات نصف مليون دولار. ويشكّل هذا دعماً مباشراً للقوات المقاتلة خارج نطاق البيع التجاري، علماً أن المديرة التنفيذية للشركة صفرا كاتس، وهي من أصول إسرائيلية، لها علاقات وثيقة بالمؤسسة السياسية الإسرائيلية.
أنطون الصحناوي يصعد في غرامه الاسرائيلي: «هنا بيروت»... منصّة التطبيع والخيانة
توفيق خوري
استضافة السفير الإسرائيلي على منصة لبنانية تُعدّ محاولة ناعمة لاختراق الوعي وقلب الرواية. الخطاب الهادئ يلمّع صورة الاحتلال ويُعيد توزيع الأدوار بين القاتل والضحية، في عملية أنسنة مقصودة للعدو وتغيير للذاكرة الجماعية تمهيداً لمرحلة ما بعد التطبيع. أما السلطات المعنية، فتغط في سبات عميق، إن أحسنّا النوايا!
من منصّة إعلامية ولدت في أتون حرب الإسناد، وقد دأبت-ولا تزال- على ضخ الرواية الإسرائيلية اسمها «زمن بيروت» (Beirut Time)، إلى منصةٍ أخرى تفسح المجال لإسرائيل لـ «مخاطبة» اللبنانيين مباشرةً اسمها «هنا بيروت» (This is (Beirut... تبدو العاصمة اللبنانية محاصرةً بالزمان وبالمكان من عدوٍّ عجز عن احتلالها.
بورنوغرافيا الخيانة
تتبددّ علامات التعجب التي أثارها صمت وزير الإعلام السابق زياد المكاري إبان الحرب ومعه الوزير الحالي بول مرقص بعد «خطاب» (هراء) السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل ليتر المبثوثة على منصة «هنا بيروت» التابعة لأنطون الصحناوي. ههنا تنكشف الحقيقة بجلاء: إنّ الإسرائيليّ «يأخذ» في السلم ما لم «يأخذه» في الحرب.
مَن كان يتخيّل أنّ يتكلم سفير صهيوني على الهواء مع اللبنانيين، وبدعوةٍ من لبنانيين، عبر منصة تحمل اسم بيروت؟ كل ذلك يحصل ووزارة الإعلام تغرق في سباتٍ عميق، لكنّ هسيساً ما يشي بأنّ المسألة تتجاوز الغفلة إلى... شيء من التواطؤ؟ هناك من يجب أن يخضع للمساءلة حتى لا «نحكم على النوايا».
الفيديو المعنون «رسالة سلام إلى اللبنانيين» الذي أعدته حنين غدار مع الصهيوني يحيئيل ليتر هو ما لا يجب أن تشاهده. إنه بورنوغرافيا الخيانة: صفاقةٌ تبلغ حدّ الفحش. اعتداء صارخٌ على الوعي، قاتل أطفال يتكلم عن السلام، «يتواصل» بالحكي لا بالقنابل، هذا اغتصاب للّغة، شالوم!
الاحتلال الناعم لن يمرّ
من واشنطن، خرج سفير إسرائيل بصورة «الإنسان الرصين الجاد»، وراءه مكتبة متقشفة، وعلى بزّته إشارة التضامن والسلام. يا سلام! معه أيضاً معدّة «مطيعة» مثل «أنكل توم»، أدت «خدمتها» بنجاح؛ انتقت أرشيفاً بصرياً للدمار الذي خلّفته الحرب، وشغلته كلّما تطرّق السفير إلى الحديث عن المقاومة. هكذا انقلبت الحقيقة رأساً على عقب، وصرنا أمام دعاية كاذبة يُعاد عبرها ترتيب الأدوار: غدا القاتل هو المخلّص، والمقاوم هو المخرب. إنه ولوج قسري إلى الوعي، وانتهاك للذاكرة، وإعادة تشكيل المعاني، ولأنه هنا بيروت حقاً، فهذا الاحتلال الناعم لا يمرّ.
في الشكل: نحن إزاء مشهد مصاغ بعناية. يحيئيل ليتر: وجهٌ هادئ، ملامح ساكنة، ونبرة رقيقة لا يقطعها سوى اندفاعة «ودّية» حين يتحمس ويلوّح بيديه. يتصرّف كأنه الأدرى بمصلحة اللبناني. يقول له ماذا يفعل بأسلوب غير رسمي أقرب إلى «خوش بوش».
يُقدَّم السفير العجوز إذن بصورة «الجدّ الحكيم»، «الطيّب» والمخضرم الذي «يخاطب» حفيده الضالّ. في اللغة: لا يطلّ علينا يحيئيل مهدداً ومطلقاً أوامر «اخلوا منازلكم» بل على العكس، لغته الهادئة تلمّع مبادرته: يمد يد السلام مع اللبنانيين، عدوه هو عدوهم، وإن «مصلحة مشتركة» بينه وبين لبنان يحول أمامها هذا العدو، ولا بد من تجاوزها عبر تحقيق وعد «إبراهيمي» يحقق مستقبلاً خلّاباً يجمع لبنان مع كيانه.
أنسنة العدو
يحيئيل الذي تحوّل فجأة إلى مايكل على محطة «إل. بي. سي» التي نقلت جزءاً من رسالته- ومايكل قد يكون واحداً منّا يا برو، فيما يحيئيل سيبقى غريباً مهما بدا وديعاً ومسالماً جداً- هو الجد الخبيث الماكر.
استضافته على منبر «هنا بيروت» مصيدة لغويّة وبصريّة: أنسنة العدوّ وجعله مألوفاً، وتقديم الصهيوني على هيئة رجلٍ عاقل، لطيف، يمنح النصائح ولا يلوّح بالقنابل. استضافته تطرح سؤالاً لا يمكن القفز فوقه: ماذا نال المضيف مقابل هذه ضيافته؟
إنها نقلة نوعية أقدمت عليها «هنا بيروت»... شالوم! طفرة البودكاست والمنصات عائمة ومتفشية مثل جائحة، وقد مرّ أمامنا الكثير من فصول الخيانة على منابر مماثلة، ولكننا لم نشهد خطوة بهذا الحجم ولا بهذا الشكل: استضافة سفير الكيان في واشنطن ليخاطب... اللبنانيين.
الظاهر أنّ أنطون الصحناوي، صاحب «هنا بيروت»، قد حسم موقعه بالفعل، وأعلن انتماءه المطلق كجندي في خدمة كيان قتلة الأطفال.
اعتاد الصحناوي أن يدعو أورتاغوس إلى مطعمه في الجميزة للعشاء بعد أن تنهي تصفيفة شعرها وتخرج من صالون المندلق. قدّم دعماً مالياً لأوبرا أميركية إسرائيلية من أموال المودعين، وها هو يريد اليوم أنّ يشكّل بيروت على صورة إسرائيلية تشبهه.
ليس رسم يحيئيل بهيئة «الإنسان الرصين والودود»، تلميع صورته، وإفساح المجال لهذا العجوز الماكر حتى يخاطب اللبنانيين واعداً إياهم بمستقبل ورديّ، دعوة إلى التطبيع، وطبعاً هذا ليس تطبيعاً كونه تجاوزه؛ إنه ما بعد ــ التطبيع، يعني إسرائيل تتكلم باللبناني.
سفير إسرائيل يطلّ في «هنا بيروت» بضيافة أنطون الصحناوي. هي قصة رجل لبناني تحكي عن رجلٍ «حارب الاحتلال الإيراني» طويلاً، ونجح في تنصيب نفسه كمطواع للاحتلال الإسرائيلي في لبنان.
توفيق خوري
استضافة السفير الإسرائيلي على منصة لبنانية تُعدّ محاولة ناعمة لاختراق الوعي وقلب الرواية. الخطاب الهادئ يلمّع صورة الاحتلال ويُعيد توزيع الأدوار بين القاتل والضحية، في عملية أنسنة مقصودة للعدو وتغيير للذاكرة الجماعية تمهيداً لمرحلة ما بعد التطبيع. أما السلطات المعنية، فتغط في سبات عميق، إن أحسنّا النوايا!
من منصّة إعلامية ولدت في أتون حرب الإسناد، وقد دأبت-ولا تزال- على ضخ الرواية الإسرائيلية اسمها «زمن بيروت» (Beirut Time)، إلى منصةٍ أخرى تفسح المجال لإسرائيل لـ «مخاطبة» اللبنانيين مباشرةً اسمها «هنا بيروت» (This is (Beirut... تبدو العاصمة اللبنانية محاصرةً بالزمان وبالمكان من عدوٍّ عجز عن احتلالها.
بورنوغرافيا الخيانة
تتبددّ علامات التعجب التي أثارها صمت وزير الإعلام السابق زياد المكاري إبان الحرب ومعه الوزير الحالي بول مرقص بعد «خطاب» (هراء) السفير الإسرائيلي في واشنطن يحيئيل ليتر المبثوثة على منصة «هنا بيروت» التابعة لأنطون الصحناوي. ههنا تنكشف الحقيقة بجلاء: إنّ الإسرائيليّ «يأخذ» في السلم ما لم «يأخذه» في الحرب.
مَن كان يتخيّل أنّ يتكلم سفير صهيوني على الهواء مع اللبنانيين، وبدعوةٍ من لبنانيين، عبر منصة تحمل اسم بيروت؟ كل ذلك يحصل ووزارة الإعلام تغرق في سباتٍ عميق، لكنّ هسيساً ما يشي بأنّ المسألة تتجاوز الغفلة إلى... شيء من التواطؤ؟ هناك من يجب أن يخضع للمساءلة حتى لا «نحكم على النوايا».
الفيديو المعنون «رسالة سلام إلى اللبنانيين» الذي أعدته حنين غدار مع الصهيوني يحيئيل ليتر هو ما لا يجب أن تشاهده. إنه بورنوغرافيا الخيانة: صفاقةٌ تبلغ حدّ الفحش. اعتداء صارخٌ على الوعي، قاتل أطفال يتكلم عن السلام، «يتواصل» بالحكي لا بالقنابل، هذا اغتصاب للّغة، شالوم!
الاحتلال الناعم لن يمرّ
من واشنطن، خرج سفير إسرائيل بصورة «الإنسان الرصين الجاد»، وراءه مكتبة متقشفة، وعلى بزّته إشارة التضامن والسلام. يا سلام! معه أيضاً معدّة «مطيعة» مثل «أنكل توم»، أدت «خدمتها» بنجاح؛ انتقت أرشيفاً بصرياً للدمار الذي خلّفته الحرب، وشغلته كلّما تطرّق السفير إلى الحديث عن المقاومة. هكذا انقلبت الحقيقة رأساً على عقب، وصرنا أمام دعاية كاذبة يُعاد عبرها ترتيب الأدوار: غدا القاتل هو المخلّص، والمقاوم هو المخرب. إنه ولوج قسري إلى الوعي، وانتهاك للذاكرة، وإعادة تشكيل المعاني، ولأنه هنا بيروت حقاً، فهذا الاحتلال الناعم لا يمرّ.
في الشكل: نحن إزاء مشهد مصاغ بعناية. يحيئيل ليتر: وجهٌ هادئ، ملامح ساكنة، ونبرة رقيقة لا يقطعها سوى اندفاعة «ودّية» حين يتحمس ويلوّح بيديه. يتصرّف كأنه الأدرى بمصلحة اللبناني. يقول له ماذا يفعل بأسلوب غير رسمي أقرب إلى «خوش بوش».
يُقدَّم السفير العجوز إذن بصورة «الجدّ الحكيم»، «الطيّب» والمخضرم الذي «يخاطب» حفيده الضالّ. في اللغة: لا يطلّ علينا يحيئيل مهدداً ومطلقاً أوامر «اخلوا منازلكم» بل على العكس، لغته الهادئة تلمّع مبادرته: يمد يد السلام مع اللبنانيين، عدوه هو عدوهم، وإن «مصلحة مشتركة» بينه وبين لبنان يحول أمامها هذا العدو، ولا بد من تجاوزها عبر تحقيق وعد «إبراهيمي» يحقق مستقبلاً خلّاباً يجمع لبنان مع كيانه.
أنسنة العدو
يحيئيل الذي تحوّل فجأة إلى مايكل على محطة «إل. بي. سي» التي نقلت جزءاً من رسالته- ومايكل قد يكون واحداً منّا يا برو، فيما يحيئيل سيبقى غريباً مهما بدا وديعاً ومسالماً جداً- هو الجد الخبيث الماكر.
استضافته على منبر «هنا بيروت» مصيدة لغويّة وبصريّة: أنسنة العدوّ وجعله مألوفاً، وتقديم الصهيوني على هيئة رجلٍ عاقل، لطيف، يمنح النصائح ولا يلوّح بالقنابل. استضافته تطرح سؤالاً لا يمكن القفز فوقه: ماذا نال المضيف مقابل هذه ضيافته؟
إنها نقلة نوعية أقدمت عليها «هنا بيروت»... شالوم! طفرة البودكاست والمنصات عائمة ومتفشية مثل جائحة، وقد مرّ أمامنا الكثير من فصول الخيانة على منابر مماثلة، ولكننا لم نشهد خطوة بهذا الحجم ولا بهذا الشكل: استضافة سفير الكيان في واشنطن ليخاطب... اللبنانيين.
الظاهر أنّ أنطون الصحناوي، صاحب «هنا بيروت»، قد حسم موقعه بالفعل، وأعلن انتماءه المطلق كجندي في خدمة كيان قتلة الأطفال.
اعتاد الصحناوي أن يدعو أورتاغوس إلى مطعمه في الجميزة للعشاء بعد أن تنهي تصفيفة شعرها وتخرج من صالون المندلق. قدّم دعماً مالياً لأوبرا أميركية إسرائيلية من أموال المودعين، وها هو يريد اليوم أنّ يشكّل بيروت على صورة إسرائيلية تشبهه.
ليس رسم يحيئيل بهيئة «الإنسان الرصين والودود»، تلميع صورته، وإفساح المجال لهذا العجوز الماكر حتى يخاطب اللبنانيين واعداً إياهم بمستقبل ورديّ، دعوة إلى التطبيع، وطبعاً هذا ليس تطبيعاً كونه تجاوزه؛ إنه ما بعد ــ التطبيع، يعني إسرائيل تتكلم باللبناني.
سفير إسرائيل يطلّ في «هنا بيروت» بضيافة أنطون الصحناوي. هي قصة رجل لبناني تحكي عن رجلٍ «حارب الاحتلال الإيراني» طويلاً، ونجح في تنصيب نفسه كمطواع للاحتلال الإسرائيلي في لبنان.
في ظلّ إصرار إسرائيل على منطق السحق الكامل،
يعمل الوسطاء على تأجيل انهيار خطّة دونالد ترامب الخاصة بقطاع غزة، وذلك
من خلال طروحات مكرّرة من مثل «مدن الخيام».
يحيى دبوق
يَحكم الوضعَ القائم في قطاع غزة، ثباتٌ ميداني مخادع وستاتيكو سياسي هشّ، يبدو بلا أفق لتسوية مستدامة. ومع اقتراب نهاية المرحلة الأولى من خطّة وقف إطلاق النار، التي حقّقت هدفها المحدود في خفض التصعيد، تُراوِح المرحلة الثانية في مربّع فراغ تحدّده إرادة إسرائيلية تُصرّ على «الانتصار الكامل» وسحق الطرف الآخر، في موازاة إرادة أميركية تكتفي بضبط الوضع، من دون إبداء رغبة في فرض التسوية. وممّا يَظهر في بيانات الحكومة الإسرائيلية وتصريحات كبار مسؤوليها وتسريبات الأجهزة الأمنية، يَظهر أن تل أبيب تتمسّك برفض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطّة، ما لم يُعَد جثمان «المحتجز» الأخير من قطاع غزة، وما لم يُصَر إلى الالتزام مُسبقاً بتفكيك منظومات السلاح في القطاع، ولا سيما تلك الخاصة بحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وأيضاً التمهيد لنقل الحكم إلى جهة ثالثة، تشترط ألّا تكون السلطة الفلسطينية أو مَن يدور في فلكها، مع تفضيلها أن يُسلَّم زمام الأمور إلى قوّة دولية متعدّدة الجنسيات. وتجعل الشروط المذكورة، التقدُّم نحو المرحلة الثانية أمراً مستعصياً، فضلاً عن أنها تُحوّل الخطّة نفسها من مسار سياسي لوقف الحرب، إلى مجرّد أداة لإدارة التصعيد.
وبدا ذلك جليّاً خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي جمع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس، حين قال الأول إن «المرحلة الثانية ستكون الأصعب (تفكيك حماس عسكريّاً وسياسيّاً)، وفي الخطّة مرحلة ثالثة تشمل إزالة التطرّف في غزة، كما حدث في ألمانيا واليابان» بعد الحرب العالمية الثانية. وتصريحات كهذه، تنمّ عن نية إعادة تعريف الهدف النهائي للاتفاق: ليس إنهاء القتال، بل إجراء هندسة أمنية - اجتماعية لقطاع غزة وسكانه الفلسطينيين. ويعني هذا أنه حتى في حال وافقت «حماس» على تفكيك نفسها في المرحلة الثانية، وفق ما تشترطه إسرائيل، فإن الغاية تبقى إعادة تشكيل وعي الفلسطينيين، بما يفضي إلى استسلامهم الطوعي للاحتلال وقبولهم باستدامته.
وفي ظلّ تغليف إشارة نتنياهو إلى «إزالة التطرُّف» بسوابق تاريخية، فإن إسرائيل لا تتعامل مع غزة ككيان سياسي يمكن التفاوض معه، بل كمساحة جغرافية ينبغي «تطهيرها» و«إعادة تأهيلها»، على طريقة الاحتلال بعد الانتصارات العسكرية الساحقة. وفي هذا السياق، لا يُقرأ قبول نتنياهو بالخطّة سوى باعتباره مناورة تكتيكية، تنتظر فشل المسار الدبلوماسي لتعود إسرائيل إلى الحرب، بمجرّد أن تسمح الظروف والمُتغيّرات في اليوم الذي يلي.
من جهتهما، تحاول الولايات المتحدة وقطر، بوصفهما «الوسيطَين الرئيسَين»، في ظلّ الفراغ والجمود الأمني والسياسي، دفع إسرائيل نحو المرحلة الثانية، عبر خطوة «إنسانية» لا يمكن وصفها إلّا بكونها رمزية، متمثّلة بإنشاء «مدينة خيام» في رفح. والفكرة، التي يُروَّج لها إعلاميّاً، تقوم على تحويل جزء من هذه المدينة إلى «منطقة خالية من الإرهاب»، تُدار بدعم دولي، وتُزوّد ببنية تحتية مؤقّتة من مياه وكهرباء وصرف صحي ودور تعليمية ومؤسسات استشفائية، كنموذج أوّلي لِما قد يُبنى لاحقاً في القطاع، في المديات الطويلة غير المنظورة.
إلّا أن هكذا خطّة، على رغم طابعها الإنساني الظاهري، تفتقر إلى أيّ أساس سياسي و/ أو أمني عملي؛ فلا قوّة دولية مستعدّة للدخول إلى تلك «المدينة»، ولا خريطة والتزامات وجداول زمنية واضحة لنقل السلطة من «حماس» فيها، فيما لا وضوح حول مصدر التمويل أو الجهة التي ستديرها. وعليه، فإن هذا الطرح لا يتعدّى كونه محاولة أميركية لخلق «إنجاز ما»، وإيهام الرأي العام بأن «تقدّماً ما» يجري العمل عليه. إلا أنه بين مطالبة إسرائيل «حماس» بالتزام كامل بتفكيك نفسها سياسيّاً وعسكريّاً، ورفض الحركة ذلك الشرط، ومطالبتها بفتح معبر رفح والسماح بدخول 6000 شاحنة يوميّاً عبره (رقم يفوق بكثير القدرات اللوجستية الحالية)، تَظهر هوّة شاسعة لا يمكن ردمها. والنتيجة، فراغ سياسي وعسكري يولّد أفكاراً عقيمة، تماماً كما هو حال «مدينة الخيام».
والواقع أن خطّة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، صُمّمت ابتداءً لتكون غير قابلة للتنفيذ الكامل، إذ هي لا تعدو كونها أداة لشراء الوقت، وتمكين إسرائيل من تثبيت مكاسبها الميدانية بعد عامين من الحرب، فضلاً عن كونها وسيلة للحدّ من الانتقادات الداخلية والخارجية التي تتعرّض لها الإدارة الأميركية، نتيجة تغطيتها الكاملة لانتهاكات إسرائيل الصارخة لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني في غزة.
في المحصّلة، يعيش قطاع غزة، مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى، ما يمكن وصفه بـ«الفراغ الرؤيوي»، المتجلّي في عدم امتلاك أيّ طرف تصوّراً واضحاً لما يجب، أو حتى يمكن تحقيقه. فما يحصل، هو مبادرات يومية، مع تأجيل للاستحقاقات وتجميد لتنفيذها إلى أجل غير مسمّى، وسط غياب لأي آليات أو ضمانات متبادلة، أو حتى اتفاق على معنى «المرحلة الثانية» نفسها. وفي ظلّ هذا الوضع، تتلمّس إسرائيل فرصةً لفرض شروطها الأمنية كمقدّمة لأيّ ترتيب مستقبلي، في حين تتمسّك «حماس» بمكاسبَ إنسانية وسياسية، وإصرار على البقاء مع علّة وجودها، أي سلاحها. أمّا الوسطاء، فيسعون إلى إبقاء الاتفاق «على قيد الحياة»، ولو كان ذلك على حساب أهدافه المُعلنة ابتداءً. وهكذا، فإن خطّة ترامب لا يُعمل على إدارتها لتنفيذها كما هي، بل لتأجيل انهيارها فحسب.
يحيى دبوق
يَحكم الوضعَ القائم في قطاع غزة، ثباتٌ ميداني مخادع وستاتيكو سياسي هشّ، يبدو بلا أفق لتسوية مستدامة. ومع اقتراب نهاية المرحلة الأولى من خطّة وقف إطلاق النار، التي حقّقت هدفها المحدود في خفض التصعيد، تُراوِح المرحلة الثانية في مربّع فراغ تحدّده إرادة إسرائيلية تُصرّ على «الانتصار الكامل» وسحق الطرف الآخر، في موازاة إرادة أميركية تكتفي بضبط الوضع، من دون إبداء رغبة في فرض التسوية. وممّا يَظهر في بيانات الحكومة الإسرائيلية وتصريحات كبار مسؤوليها وتسريبات الأجهزة الأمنية، يَظهر أن تل أبيب تتمسّك برفض الانتقال إلى المرحلة الثانية من الخطّة، ما لم يُعَد جثمان «المحتجز» الأخير من قطاع غزة، وما لم يُصَر إلى الالتزام مُسبقاً بتفكيك منظومات السلاح في القطاع، ولا سيما تلك الخاصة بحركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي»، وأيضاً التمهيد لنقل الحكم إلى جهة ثالثة، تشترط ألّا تكون السلطة الفلسطينية أو مَن يدور في فلكها، مع تفضيلها أن يُسلَّم زمام الأمور إلى قوّة دولية متعدّدة الجنسيات. وتجعل الشروط المذكورة، التقدُّم نحو المرحلة الثانية أمراً مستعصياً، فضلاً عن أنها تُحوّل الخطّة نفسها من مسار سياسي لوقف الحرب، إلى مجرّد أداة لإدارة التصعيد.
وبدا ذلك جليّاً خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي جمع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى المستشار الألماني فريدريش ميرتس، حين قال الأول إن «المرحلة الثانية ستكون الأصعب (تفكيك حماس عسكريّاً وسياسيّاً)، وفي الخطّة مرحلة ثالثة تشمل إزالة التطرّف في غزة، كما حدث في ألمانيا واليابان» بعد الحرب العالمية الثانية. وتصريحات كهذه، تنمّ عن نية إعادة تعريف الهدف النهائي للاتفاق: ليس إنهاء القتال، بل إجراء هندسة أمنية - اجتماعية لقطاع غزة وسكانه الفلسطينيين. ويعني هذا أنه حتى في حال وافقت «حماس» على تفكيك نفسها في المرحلة الثانية، وفق ما تشترطه إسرائيل، فإن الغاية تبقى إعادة تشكيل وعي الفلسطينيين، بما يفضي إلى استسلامهم الطوعي للاحتلال وقبولهم باستدامته.
وفي ظلّ تغليف إشارة نتنياهو إلى «إزالة التطرُّف» بسوابق تاريخية، فإن إسرائيل لا تتعامل مع غزة ككيان سياسي يمكن التفاوض معه، بل كمساحة جغرافية ينبغي «تطهيرها» و«إعادة تأهيلها»، على طريقة الاحتلال بعد الانتصارات العسكرية الساحقة. وفي هذا السياق، لا يُقرأ قبول نتنياهو بالخطّة سوى باعتباره مناورة تكتيكية، تنتظر فشل المسار الدبلوماسي لتعود إسرائيل إلى الحرب، بمجرّد أن تسمح الظروف والمُتغيّرات في اليوم الذي يلي.
من جهتهما، تحاول الولايات المتحدة وقطر، بوصفهما «الوسيطَين الرئيسَين»، في ظلّ الفراغ والجمود الأمني والسياسي، دفع إسرائيل نحو المرحلة الثانية، عبر خطوة «إنسانية» لا يمكن وصفها إلّا بكونها رمزية، متمثّلة بإنشاء «مدينة خيام» في رفح. والفكرة، التي يُروَّج لها إعلاميّاً، تقوم على تحويل جزء من هذه المدينة إلى «منطقة خالية من الإرهاب»، تُدار بدعم دولي، وتُزوّد ببنية تحتية مؤقّتة من مياه وكهرباء وصرف صحي ودور تعليمية ومؤسسات استشفائية، كنموذج أوّلي لِما قد يُبنى لاحقاً في القطاع، في المديات الطويلة غير المنظورة.
إلّا أن هكذا خطّة، على رغم طابعها الإنساني الظاهري، تفتقر إلى أيّ أساس سياسي و/ أو أمني عملي؛ فلا قوّة دولية مستعدّة للدخول إلى تلك «المدينة»، ولا خريطة والتزامات وجداول زمنية واضحة لنقل السلطة من «حماس» فيها، فيما لا وضوح حول مصدر التمويل أو الجهة التي ستديرها. وعليه، فإن هذا الطرح لا يتعدّى كونه محاولة أميركية لخلق «إنجاز ما»، وإيهام الرأي العام بأن «تقدّماً ما» يجري العمل عليه. إلا أنه بين مطالبة إسرائيل «حماس» بالتزام كامل بتفكيك نفسها سياسيّاً وعسكريّاً، ورفض الحركة ذلك الشرط، ومطالبتها بفتح معبر رفح والسماح بدخول 6000 شاحنة يوميّاً عبره (رقم يفوق بكثير القدرات اللوجستية الحالية)، تَظهر هوّة شاسعة لا يمكن ردمها. والنتيجة، فراغ سياسي وعسكري يولّد أفكاراً عقيمة، تماماً كما هو حال «مدينة الخيام».
والواقع أن خطّة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، صُمّمت ابتداءً لتكون غير قابلة للتنفيذ الكامل، إذ هي لا تعدو كونها أداة لشراء الوقت، وتمكين إسرائيل من تثبيت مكاسبها الميدانية بعد عامين من الحرب، فضلاً عن كونها وسيلة للحدّ من الانتقادات الداخلية والخارجية التي تتعرّض لها الإدارة الأميركية، نتيجة تغطيتها الكاملة لانتهاكات إسرائيل الصارخة لأبسط قواعد القانون الدولي الإنساني في غزة.
في المحصّلة، يعيش قطاع غزة، مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى، ما يمكن وصفه بـ«الفراغ الرؤيوي»، المتجلّي في عدم امتلاك أيّ طرف تصوّراً واضحاً لما يجب، أو حتى يمكن تحقيقه. فما يحصل، هو مبادرات يومية، مع تأجيل للاستحقاقات وتجميد لتنفيذها إلى أجل غير مسمّى، وسط غياب لأي آليات أو ضمانات متبادلة، أو حتى اتفاق على معنى «المرحلة الثانية» نفسها. وفي ظلّ هذا الوضع، تتلمّس إسرائيل فرصةً لفرض شروطها الأمنية كمقدّمة لأيّ ترتيب مستقبلي، في حين تتمسّك «حماس» بمكاسبَ إنسانية وسياسية، وإصرار على البقاء مع علّة وجودها، أي سلاحها. أمّا الوسطاء، فيسعون إلى إبقاء الاتفاق «على قيد الحياة»، ولو كان ذلك على حساب أهدافه المُعلنة ابتداءً. وهكذا، فإن خطّة ترامب لا يُعمل على إدارتها لتنفيذها كما هي، بل لتأجيل انهيارها فحسب.
ماريو مبارك... لا قيامة لمجتمع يخشى النكتة!
غادة حداد
تتحوّل النكتة في لبنان إلى جريمة تُلاحق قضائياً ويُحرَّض ضدها طائفياً. السخرية لم تعد خلافاً على الذوق، بل صراع على السلطة التي تخاف انكشاف هشاشتها. تحت شعار حماية المقدسات، يجري تطبيع القمع، ومراكمة الخوف، وبناء رقابة ذاتية تُخضع الأجساد والكلمات وتضيّق المجال العام
انطلقت دعوة إلى التجمّع أمس أمام قصر العدل في بيروت، تزامناً مع استدعاء الكوميدي ماريو مبارك إلى التحقيق، بتهمة «التعرّض بالإساءة إلى مقدّساتنا الدينية»، وفقاً لنصّ الدعوة. وكان الكوميدي الشاب قد تعرّض لمصادرة هاتفه وجواز سفره وجهاز اللابتوب يوم السبت الماضي لدى عودته من كندا، بناءً على إشارة النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار.
الصراع ليس على المعنى
القول لمؤمنٍ مغالٍ إنّ النكتة لا تتعدّى كونها رأياً أو تعبيراً ساخراً، بات اليوم ضرباً من الخيال، ليس لأن الفكرة معقّدة، بل لأن الصراع ليس على المعنى، بل على السلطة. هنا يقف طرفان على نقيض لا يلتقيان. كما يشرح المفكر السلوفيني سلافوي جيجك، نحن لا نختلف حول «الذوق العام»، ولا حول ما إذا كانت النكتة مضحكة أو سمجة، بل حول وظيفة السخرية نفسها. النكتة، في التحليل النفسي ــ السياسي الذي يعتمده جيجك، ليست تسلية عابرة، بل لحظة انكشاف. هي تشبه زلّة اللسان، التي لا تختلق ما لا وجود له، بل تُفلت ما هو حاضر ومقموع في الوقت نفسه، ما يُعرف ضمنياً ويُمنع التصريح به.
لهذا السبب تحديداً تقوم القيامة على نكتة، وقد قامت مراراً في هذا البلد. لكن ما يتبدّل في كل مرة هو مستوى العنف في ردّ الفعل. مع كل استدعاء جديد، تصبح الردود أكثر حدّة، أكثر هستيريةً، وأكثر وضوحاً في خوفها. خوفٌ لا ينبع من «الإساءة»، بل من إمكان أن تكشف النكتة هشاشة البنى التي يُفترض أنها مطلقة، ومقدّسة، وغير قابلة للمساءلة. وهذا العنف، المتزايد والمتطبع، لا يبشّر بشيء سوى مستقبل أكثر قتامة للحرية في لبنان.
بلاد الطوائف... أوطاني!
في كل مرّة يتغيّر اسم «المُساء إليه». هذا الكوميدي اتُّهم بالاستهزاء بالطائفة الشيعية، وذاك قيل إنّه «تجاوز الخطوط الحمر» لدى أهل السنة، واليوم يُقال إنّ المسيح أُهين. غداً قد يكون الاسم مختلفاً، لكن الآلية واحدة. وبين هذه وتلك، أجساد تُحاسَب، وحركات تُراقَب، وأنماط حياة تُجرَّم.
يُستحضر رجل يلبس بزة رقص شرقي ويرقص على مسارح بيروت بوصفه دليلاً إضافياً على «الانحلال»، كأنّ الجسد ذاته صار مساحةً للرقابة والعقاب. الضحك هنا لا يُقاس بما يقوله، بل بمن يقوله، ومن يُفترض أن يُحمى منه، ومن يُسمح له بأن يغضب.
نعرف أزمات البلد، ونعرف أنّ الانهيار شامل، اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً، وبات التذكير به روتيناً مملاً. الأكثر فجاجة ليس الاستدعاء بحد ذاته، بل هذا الإجماع الضمني عليه.
فغالبية رجال الدين، الذين لا يوفّرون مناسبةً للتحريض المباشر أو المبطّن على الطوائف الأخرى، يتحوّلون فجأة إلى حرّاس الأخلاق العامة والسلم الاجتماعي إذا تجرّأ كوميدي على السخرية من رجال الدين. هنا، ولمدة قصيرة لكن كاشفة، تتوحّد السلطات الرمزية المتخاصمة ظاهرياً لخلق عدو واحد: الرأي الحرّ. وكما يقول جيجك بوضوح، حين تُجرَّم النكتة، فهذا لا يكون دفاعاً عن الإيمان، بل دفاعاً عن سلطة تخاف أن يُنظر إليها بلا رهبة.
«عم يستوطي حيط المسيحيين»!
هذا الانحدار المتواصل لا توقفه حملات تضامن، ولا بيانات استنكار موسمية. فالتعصّب بلغ مرحلة أخطر، رفض المعرفة نفسها. رفض السؤال، ورفض التفكير، ورفض الاعتراف بأن ما يُقدَّم باعتباره مقدّساً قد يكون في جوهره ممارسةً للسلطة. يكفي أن تقول إحدى المذيعات على قناة mtv إنّ مبارك «عم يستوطي حيط المسيحيين»، ليتحوّل النقاش فوراً من حرية التعبير إلى منطق الغلبة، ومن الحق إلى ميزان الطوائف، حيث يُحاسَب الكلام لا بمعناه، بل بالجهة التي يُنسب إليها.
نور حجار استُدعي بسبب نكتة عن الجيش. شادن معلوف استُدعيت بتهمة الإساءة إلى الجيش، ثم لاحقتها بعد سنوات حملة أوسع بتهمة الإساءة إلى النبي. واجه مسلسل «مرحبا دولة 2» حملةً مشتركةً من مسلمين ومسيحيين بعد الحلقة الثانية. واليوم ماريو مبارك. ليست هذه حوادث منفصلة، بل سلسلة متصلة: مسار واضح من التطبيع مع القمع، يبدأ باستدعاء الكوميديين، ويمرّ بتجريم السخرية، وينتهي بمجتمع يتعلّم ببطء كيف يخاف من الضحك، وكيف يراقب نفسه قبل أن يضحك.
الادعاء الأخلاقي أداة هيمنة
وإذا كانت الكوميديا، كما فهمها الشاعر الايطالي دانتي أليغييري، ليست ضحكاً بقدر ما هي رحلة في الجحيم لكشف الخطيئة، فإنّ ما يُمنع هنا ليس السخرية، بل الكشف.
دانتي لم يسمِّ عمله «كوميديا» لأنها خفيفة أو مرِحة، بل لأنها تنطلق من القاع، من الجحيم، لتسمية الخطايا واحدةً واحدةً، ووضع رجال الدين الفاسدين، والحكام، والمرتابين في دوائر العقاب.
الكوميديا عنده لم تكن استخفافاً بالمقدّس، بل مواجهة لهشاشة البشر وسلطاتهم، وتشريحاً للادّعاء الأخلاقي حين يتحوّل إلى أداة هيمنة. وتجريم الكوميديا اليوم يعني، ببساطة، منع النظر في المرآة، ومنع تسمية الأشياء بأسمائها.
الاعتراض حق، والغضب حق، والاحتجاج حق. لكن الأخطر من أي وقفة هو التطبيع مع مسار التهديد والترهيب لكل نكتة أو فكرة مختلفة.
هذا المسار يؤسّس، بهدوء ومن دون إعلان، لنظام قمعي مبطَّن، لا يفرض الصمت بالقانون وحده، بل بالخوف. نظام يُحوّل كل طائفة، وكل منطقة، إلى كانتون أخلاقي مغلق، يحدّد للناس كيف يعيشون، وكيف يفكّرون، وماذا يضحكون عليه، ومتى يجب أن يصمتوا. نظام لا يخشى الضحك لأنه مسيء، بل لأنه قد يكون صادقاً أكثر مما يحتمل.
غادة حداد
تتحوّل النكتة في لبنان إلى جريمة تُلاحق قضائياً ويُحرَّض ضدها طائفياً. السخرية لم تعد خلافاً على الذوق، بل صراع على السلطة التي تخاف انكشاف هشاشتها. تحت شعار حماية المقدسات، يجري تطبيع القمع، ومراكمة الخوف، وبناء رقابة ذاتية تُخضع الأجساد والكلمات وتضيّق المجال العام
انطلقت دعوة إلى التجمّع أمس أمام قصر العدل في بيروت، تزامناً مع استدعاء الكوميدي ماريو مبارك إلى التحقيق، بتهمة «التعرّض بالإساءة إلى مقدّساتنا الدينية»، وفقاً لنصّ الدعوة. وكان الكوميدي الشاب قد تعرّض لمصادرة هاتفه وجواز سفره وجهاز اللابتوب يوم السبت الماضي لدى عودته من كندا، بناءً على إشارة النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار.
الصراع ليس على المعنى
القول لمؤمنٍ مغالٍ إنّ النكتة لا تتعدّى كونها رأياً أو تعبيراً ساخراً، بات اليوم ضرباً من الخيال، ليس لأن الفكرة معقّدة، بل لأن الصراع ليس على المعنى، بل على السلطة. هنا يقف طرفان على نقيض لا يلتقيان. كما يشرح المفكر السلوفيني سلافوي جيجك، نحن لا نختلف حول «الذوق العام»، ولا حول ما إذا كانت النكتة مضحكة أو سمجة، بل حول وظيفة السخرية نفسها. النكتة، في التحليل النفسي ــ السياسي الذي يعتمده جيجك، ليست تسلية عابرة، بل لحظة انكشاف. هي تشبه زلّة اللسان، التي لا تختلق ما لا وجود له، بل تُفلت ما هو حاضر ومقموع في الوقت نفسه، ما يُعرف ضمنياً ويُمنع التصريح به.
لهذا السبب تحديداً تقوم القيامة على نكتة، وقد قامت مراراً في هذا البلد. لكن ما يتبدّل في كل مرة هو مستوى العنف في ردّ الفعل. مع كل استدعاء جديد، تصبح الردود أكثر حدّة، أكثر هستيريةً، وأكثر وضوحاً في خوفها. خوفٌ لا ينبع من «الإساءة»، بل من إمكان أن تكشف النكتة هشاشة البنى التي يُفترض أنها مطلقة، ومقدّسة، وغير قابلة للمساءلة. وهذا العنف، المتزايد والمتطبع، لا يبشّر بشيء سوى مستقبل أكثر قتامة للحرية في لبنان.
بلاد الطوائف... أوطاني!
في كل مرّة يتغيّر اسم «المُساء إليه». هذا الكوميدي اتُّهم بالاستهزاء بالطائفة الشيعية، وذاك قيل إنّه «تجاوز الخطوط الحمر» لدى أهل السنة، واليوم يُقال إنّ المسيح أُهين. غداً قد يكون الاسم مختلفاً، لكن الآلية واحدة. وبين هذه وتلك، أجساد تُحاسَب، وحركات تُراقَب، وأنماط حياة تُجرَّم.
يُستحضر رجل يلبس بزة رقص شرقي ويرقص على مسارح بيروت بوصفه دليلاً إضافياً على «الانحلال»، كأنّ الجسد ذاته صار مساحةً للرقابة والعقاب. الضحك هنا لا يُقاس بما يقوله، بل بمن يقوله، ومن يُفترض أن يُحمى منه، ومن يُسمح له بأن يغضب.
نعرف أزمات البلد، ونعرف أنّ الانهيار شامل، اقتصادياً، واجتماعياً، وسياسياً، وبات التذكير به روتيناً مملاً. الأكثر فجاجة ليس الاستدعاء بحد ذاته، بل هذا الإجماع الضمني عليه.
فغالبية رجال الدين، الذين لا يوفّرون مناسبةً للتحريض المباشر أو المبطّن على الطوائف الأخرى، يتحوّلون فجأة إلى حرّاس الأخلاق العامة والسلم الاجتماعي إذا تجرّأ كوميدي على السخرية من رجال الدين. هنا، ولمدة قصيرة لكن كاشفة، تتوحّد السلطات الرمزية المتخاصمة ظاهرياً لخلق عدو واحد: الرأي الحرّ. وكما يقول جيجك بوضوح، حين تُجرَّم النكتة، فهذا لا يكون دفاعاً عن الإيمان، بل دفاعاً عن سلطة تخاف أن يُنظر إليها بلا رهبة.
«عم يستوطي حيط المسيحيين»!
هذا الانحدار المتواصل لا توقفه حملات تضامن، ولا بيانات استنكار موسمية. فالتعصّب بلغ مرحلة أخطر، رفض المعرفة نفسها. رفض السؤال، ورفض التفكير، ورفض الاعتراف بأن ما يُقدَّم باعتباره مقدّساً قد يكون في جوهره ممارسةً للسلطة. يكفي أن تقول إحدى المذيعات على قناة mtv إنّ مبارك «عم يستوطي حيط المسيحيين»، ليتحوّل النقاش فوراً من حرية التعبير إلى منطق الغلبة، ومن الحق إلى ميزان الطوائف، حيث يُحاسَب الكلام لا بمعناه، بل بالجهة التي يُنسب إليها.
نور حجار استُدعي بسبب نكتة عن الجيش. شادن معلوف استُدعيت بتهمة الإساءة إلى الجيش، ثم لاحقتها بعد سنوات حملة أوسع بتهمة الإساءة إلى النبي. واجه مسلسل «مرحبا دولة 2» حملةً مشتركةً من مسلمين ومسيحيين بعد الحلقة الثانية. واليوم ماريو مبارك. ليست هذه حوادث منفصلة، بل سلسلة متصلة: مسار واضح من التطبيع مع القمع، يبدأ باستدعاء الكوميديين، ويمرّ بتجريم السخرية، وينتهي بمجتمع يتعلّم ببطء كيف يخاف من الضحك، وكيف يراقب نفسه قبل أن يضحك.
الادعاء الأخلاقي أداة هيمنة
وإذا كانت الكوميديا، كما فهمها الشاعر الايطالي دانتي أليغييري، ليست ضحكاً بقدر ما هي رحلة في الجحيم لكشف الخطيئة، فإنّ ما يُمنع هنا ليس السخرية، بل الكشف.
دانتي لم يسمِّ عمله «كوميديا» لأنها خفيفة أو مرِحة، بل لأنها تنطلق من القاع، من الجحيم، لتسمية الخطايا واحدةً واحدةً، ووضع رجال الدين الفاسدين، والحكام، والمرتابين في دوائر العقاب.
الكوميديا عنده لم تكن استخفافاً بالمقدّس، بل مواجهة لهشاشة البشر وسلطاتهم، وتشريحاً للادّعاء الأخلاقي حين يتحوّل إلى أداة هيمنة. وتجريم الكوميديا اليوم يعني، ببساطة، منع النظر في المرآة، ومنع تسمية الأشياء بأسمائها.
الاعتراض حق، والغضب حق، والاحتجاج حق. لكن الأخطر من أي وقفة هو التطبيع مع مسار التهديد والترهيب لكل نكتة أو فكرة مختلفة.
هذا المسار يؤسّس، بهدوء ومن دون إعلان، لنظام قمعي مبطَّن، لا يفرض الصمت بالقانون وحده، بل بالخوف. نظام يُحوّل كل طائفة، وكل منطقة، إلى كانتون أخلاقي مغلق، يحدّد للناس كيف يعيشون، وكيف يفكّرون، وماذا يضحكون عليه، ومتى يجب أن يصمتوا. نظام لا يخشى الضحك لأنه مسيء، بل لأنه قد يكون صادقاً أكثر مما يحتمل.
الجيش الإسرائيلي "أسوأ عدوّ للصحافيين": مقتل 67 صحافيا خلال عام نحو نصفهم استشهدوا في غزة
قُتل 67 صحافيا خلال تأدية مهامهم، أو بسبب طبيعة عملهم، خلال سنة واحدة، حول العالم، استشهد نصفهم تقريبا في قطاع غزة، بنيران القوّات الإسرائيلية، بحسب حصيلة العام 2025، التي أصدرتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، اليوم الثلاثاء.
وشهد "عدد الصحافيين الذين لاقوا حتفهم بين الأوّل من كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، والأوّل من الشهر عينه سنة 2025، ارتفاعا في ظلّ الممارسات الإجرامية للقوّات المسلّحة، نظامية كانت أو غير نظامية، وعصابات الجريمة المنظمة"، بحسب المؤسسة التي تعنى بالدفاع عن حرّية الصحافة، وتؤكّد في تقريرها أن "الصحافيين لا يموتون بل يُقتلون".
وبعد ستة أيّام على تثبيت محكمة استئناف جزائرية الحكم الصادر في حقّ الصحافي الفرنسي كريستوف غليز بسجنه سبع سنوات بتهمة "الإشادة بالإرهاب"، ذكّرت "مراسلون بلا حدود" بوضع 503 صحافيين مسجونين راهنا في 47 بلدا؛ بينهم 121 في الصين، و48 في روسيا، و47 في بورما.
كما أحصت المنظمة 135 صحافيا مفقودا، بعضهم منذ أكثر من 30 سنة، و20 صحافيا مختطفا، في أغلب الأحيان في سورية واليمن.
وكانت "مراسلون بلا حدود" قد أحصت عام 2023 مقتل 49 صحافيا، في حصيلة هي من الأدنى المسجّلة خلال السنوات العشرين الماضية، لكن حرب إسرائيل على غزة، أعادت رفع الحصيلة عامَي 2024 بتسجيل 66 قتيلا، بحسب أرقام محدّثة، و2025 بتسجيل 67 قتيلا صحافيا.
وقالت المديرة التحريرية للمنظمة، آن بوكانديه، إن "هذا هو المآل الذي يفضي إليه كره الصحافيين، هذا هو مآل الإفلات من العقاب".
وتابعت أن "الرهان الفعلي اليوم يقضي بأن تعيد الحكومات التركيز على مسألة حماية الصحافيين، ولا تجعل منهم في المقابل أهدافا"، بحسب ما نقلت عنها وكالة "فرانس برس" للأنباء.
جيش الاحتلال "أسوأ عدوّ"
وذكرت "مراسلون بلا حدود" أن "الجيش الإسرائيلي، هو أسوأ عدوّ للصحافيين"، مع استشهاد 29 متعاونا مع وسائل إعلام، خلال الأشهر الإثني عشر الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، خلال تأدية مهامهم، و220 على الأقلّ منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مع إضافة هؤلاء الذين قضوا خارج إطار نشاطهم المهني.
وفي حين ينبغي حماية الصحافيين كالمدنيين في مناطق النزاع، عمد الجيش الإسرائيلي مرارا إلى استهدافهم عمدا، وهو بات موضع شكاوى لجرائم حرب في هذا السياق.
وغالبا ما تردّ إسرائيل من جهتها على ذلك، بالقول إنها تستهدف حركة حماس.
وأكّد جيشها مثلا أنه استهدف مراسل "الجزيرة" أنس الشريف الذي استشهد مع خمسة إعلاميين آخرين بضربات إسرائيلية في آب/ أغسطس، باعتباره "إرهابيا" كان "يدّعي مزاولة الصحافة"؛ لكن في المقابل أكّدت "مراسلون بلا حدود" وقتذاك، ألّا أساس للاتهامات الإسرائيلية.
وندّدت المديرة التحريرية للمنظمة بالميل إلى "التشهير" بالصحافيين، "لتبرير الجرائم".
وأكّدت أنه "ما من رصاص طائش. هو فعلا استهداف متعمّد للصحافيين، لأنهم ينقلون إلى العالم ما يحصل في هذه المناطق".
واستنكرت "مراسلون بلا حدود" كذلك ما وصفته بـ"السنة الأكثر حصدا للأرواح في المكسيك منذ ثلاث سنوات على الأقلّ"، مع مقتل تسعة صحافيين "رغم التعهّدات" التي قطعتها الرئيسة اليسارية كلاوديا شينباوم المنتخبة عام 2024.
وكان الضحايا "يغطّون المستجدّات المحلية ويندّدون بأوساط الجريمة المنظمة والعلاقات التي تربطها بدوائر السياسة. وهم تلقّوا تهديدات صريحة بالقتل"، بحسب المنظمة.
ومن البلدان الأخرى التي أزهقت فيها أرواح الصحافيين، أوكرانيا حيث قتل ثلاثة صحافيين، والسودان حيث قضى أربعة صحافيين، بحسب "مراسلون بلا حدود".
وتختلف الأعداد الصادرة عن منظمات أخرى بشأن الصحافيين الذين قتلوا بسبب اختلاف أساليب الحساب.
وأشارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على موقعها الإلكتروني إلى مقتل 91 صحافيا في العالم حتّى اليوم في 2025.
قُتل 67 صحافيا خلال تأدية مهامهم، أو بسبب طبيعة عملهم، خلال سنة واحدة، حول العالم، استشهد نصفهم تقريبا في قطاع غزة، بنيران القوّات الإسرائيلية، بحسب حصيلة العام 2025، التي أصدرتها منظمة "مراسلون بلا حدود"، اليوم الثلاثاء.
وشهد "عدد الصحافيين الذين لاقوا حتفهم بين الأوّل من كانون الأوّل/ ديسمبر 2024، والأوّل من الشهر عينه سنة 2025، ارتفاعا في ظلّ الممارسات الإجرامية للقوّات المسلّحة، نظامية كانت أو غير نظامية، وعصابات الجريمة المنظمة"، بحسب المؤسسة التي تعنى بالدفاع عن حرّية الصحافة، وتؤكّد في تقريرها أن "الصحافيين لا يموتون بل يُقتلون".
وبعد ستة أيّام على تثبيت محكمة استئناف جزائرية الحكم الصادر في حقّ الصحافي الفرنسي كريستوف غليز بسجنه سبع سنوات بتهمة "الإشادة بالإرهاب"، ذكّرت "مراسلون بلا حدود" بوضع 503 صحافيين مسجونين راهنا في 47 بلدا؛ بينهم 121 في الصين، و48 في روسيا، و47 في بورما.
كما أحصت المنظمة 135 صحافيا مفقودا، بعضهم منذ أكثر من 30 سنة، و20 صحافيا مختطفا، في أغلب الأحيان في سورية واليمن.
وكانت "مراسلون بلا حدود" قد أحصت عام 2023 مقتل 49 صحافيا، في حصيلة هي من الأدنى المسجّلة خلال السنوات العشرين الماضية، لكن حرب إسرائيل على غزة، أعادت رفع الحصيلة عامَي 2024 بتسجيل 66 قتيلا، بحسب أرقام محدّثة، و2025 بتسجيل 67 قتيلا صحافيا.
وقالت المديرة التحريرية للمنظمة، آن بوكانديه، إن "هذا هو المآل الذي يفضي إليه كره الصحافيين، هذا هو مآل الإفلات من العقاب".
وتابعت أن "الرهان الفعلي اليوم يقضي بأن تعيد الحكومات التركيز على مسألة حماية الصحافيين، ولا تجعل منهم في المقابل أهدافا"، بحسب ما نقلت عنها وكالة "فرانس برس" للأنباء.
جيش الاحتلال "أسوأ عدوّ"
وذكرت "مراسلون بلا حدود" أن "الجيش الإسرائيلي، هو أسوأ عدوّ للصحافيين"، مع استشهاد 29 متعاونا مع وسائل إعلام، خلال الأشهر الإثني عشر الأخيرة في الأراضي الفلسطينية، خلال تأدية مهامهم، و220 على الأقلّ منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 مع إضافة هؤلاء الذين قضوا خارج إطار نشاطهم المهني.
وفي حين ينبغي حماية الصحافيين كالمدنيين في مناطق النزاع، عمد الجيش الإسرائيلي مرارا إلى استهدافهم عمدا، وهو بات موضع شكاوى لجرائم حرب في هذا السياق.
وغالبا ما تردّ إسرائيل من جهتها على ذلك، بالقول إنها تستهدف حركة حماس.
وأكّد جيشها مثلا أنه استهدف مراسل "الجزيرة" أنس الشريف الذي استشهد مع خمسة إعلاميين آخرين بضربات إسرائيلية في آب/ أغسطس، باعتباره "إرهابيا" كان "يدّعي مزاولة الصحافة"؛ لكن في المقابل أكّدت "مراسلون بلا حدود" وقتذاك، ألّا أساس للاتهامات الإسرائيلية.
وندّدت المديرة التحريرية للمنظمة بالميل إلى "التشهير" بالصحافيين، "لتبرير الجرائم".
وأكّدت أنه "ما من رصاص طائش. هو فعلا استهداف متعمّد للصحافيين، لأنهم ينقلون إلى العالم ما يحصل في هذه المناطق".
واستنكرت "مراسلون بلا حدود" كذلك ما وصفته بـ"السنة الأكثر حصدا للأرواح في المكسيك منذ ثلاث سنوات على الأقلّ"، مع مقتل تسعة صحافيين "رغم التعهّدات" التي قطعتها الرئيسة اليسارية كلاوديا شينباوم المنتخبة عام 2024.
وكان الضحايا "يغطّون المستجدّات المحلية ويندّدون بأوساط الجريمة المنظمة والعلاقات التي تربطها بدوائر السياسة. وهم تلقّوا تهديدات صريحة بالقتل"، بحسب المنظمة.
ومن البلدان الأخرى التي أزهقت فيها أرواح الصحافيين، أوكرانيا حيث قتل ثلاثة صحافيين، والسودان حيث قضى أربعة صحافيين، بحسب "مراسلون بلا حدود".
وتختلف الأعداد الصادرة عن منظمات أخرى بشأن الصحافيين الذين قتلوا بسبب اختلاف أساليب الحساب.
وأشارت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) على موقعها الإلكتروني إلى مقتل 91 صحافيا في العالم حتّى اليوم في 2025.
الضفة.. تمدد استيطاني آخر يحاصر قريوت ويبتلع أراضيها
في مشهد يصفه الأهالي بأنه "الأقسى منذ سنوات"، يقف سكان قرية قريوت، جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، أمام أراضيهم يراقبون الجرافات الإسرائيلية وهي تسارع الخُطى لاقتلاع أشجارهم المُعمّرة، في خطوة "تهدف لابتلاع وسرقة ما تبقى من أراضيهم".
هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية، تفيد بأن سلطات الاحتلال استولت على 70 ألفًا و147 دونمًا من خلال أمر "وضع يد لأغراض عسكرية وأمنية" من أراضي قرى قريوت اللبن الشرقية والساوية بنابلس، لصالح إقامة منطقة عازلة، وفق تقرير نشرته في 19 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
تواصل الآليات بحماية الجيش، منذ الأحد، تسوية مساحات زراعية واسعة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي، وتقوم باقتلاع أشجار زيتون معمرة قضى أصحابها عقودًا في رعايتها وتوارثوها عن الأجداد.
ويوضح أهالي القرية في أحاديث، ينقلها تقرير لوكالة "الأناضول"، أن عملية اقتلاع أشجار الزيتون تهدف "لمحو تاريخ القرية أمام أعينهم".
أشجار الزيتون في فلسطين قيمة رمزية واقتصادية، إذ تمثل ارتباط الفلسطينيين بأرضهم وذكرياتهم وهويتهم، كما أنها تعد مورد رزق لآلاف العائلات.
ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، توضّح دراسات فلسطينية، "أصبح استهداف أشجار الزيتون هدفًا ممنهجًا في إطار السياسات الاستعمارية الإسرائيلية التي تهدف إلى تفكيك علاقة الفلسطيني بأرضه وتاريخه".
"الزيتون مثل أولادي"
بجوار منزلها، وقفت الفلسطينية، أم مجدي عبد الغني، تراقب عمليات اقتلاع أشجار الزيتون، وتقول بصوت يختلط بين القهر والبكاء إن "الأرض والزيتون مثل أولادي".
وتتابع قائلة إنه "تعب عمري يذهب بثواني، هذه الأشجار مثل الروح في الصدر، واليوم تُقتلع أمامي وأعجز عن فعل أي شيء".
وتشير بيدها إلى مساحة واسعة قُلبت الآليات الإسرائيلية تربتها بالكامل، قائلة إن هذا الزيتون "عمره من عمرنا.. حياتنا مبنية عليه.. إحساس العجز قاتل".
وفي تعبيرها عن قساوة هذا المشهد، فقد أوضحت "أم مجدي" أن الموت "أهون" عليها من رؤية اقتلاع أشجار الزيتون.
هوية وذكريات
يقف إلى جانبها، زوجها محمد الذي تجاوز السبعين عامًا، مستندًا إلى عكازه ويشير إلى أنه "عندي 10 دونمات، قالوا (الجيش الإسرائيلي) إن نصف مساحة الأرض سيتم مصادرته لأمر محكمة"، ويتابع أنه "لا يوجد أمر محكمة. لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد شرعوا بعملية اقتلاع الأشجار ودخلوا في ذلك إلى (المنطقة) جوار المنزل".
ووصف أشجار الزيتون بأنها "حياته"، متابعًا "عمري 70 عاما، أمضيتها وأنا أعمل في الأرض. وتربيت عليها مع جدي ووالدي. واليوم أرى حياتي تُمحى أمامي".
ويوضح بصوت مختنق أنه "نحو ألف شجرة دمّرت هنا. ألف شجرة يعني ألف ذكرى وألف موسم. هذا فعل إجرامي، وكأنهم يقطعوا قلبي".
اعتداءات متواصلة
المسنة، صدقية خروش، تقف على بقايا جذور أشجار زيتون مقتلعة، وتقول إنهم "لم يتركوا أرضًا (سليمة)".
وتشرح في حديثها للأناضول أنهم استيقظوا صباح الأحد، "مفزوعين على صوت الآليات الإسرائيلية وهي تقتلع أراضينا وتخلع أشجارها المعمرة".
وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين هددوا سكان القرية أكثر من مرة بشأن أراضيهم "فتارة يحرقونها، وتارة يمنعون وصولهم إليها، وأخيرا يقتلعونها كلها".
وذكرت أن أشجار الزيتون كان آخر ما يمتلكونه في هذه القرية، التي شهدت انتهاكات إسرائيلية متعددة، لافتة إلى أن إسرائيل استولت "حتى على المياه".
وأكدت أن عمليات التجريف تصل إلى مسافة قريبة جدا من منازل الفلسطينيين، معربة عن تخوفات سكان القرية من بناء وحدات استيطانية جديدة بالقرب منهم.
وأشارت إلى عدم وجود كلمات كفيلة بوصف حالة القهر التي تمتلكهم إزاء عمليات تجريف واقتلاع الزيتون.
"جريمة ممنهجة"
الناشط في مواجهة الاستيطان، بشار القريوتي، يقول للأناضول، إنه "نعاني من استيطان يلتهم ما تبقى من أرضنا. أكثر من 90 بالمئة من أراضي قرية قريوت صودرت بدواعٍ واهية".
وأوضح أن إسرائيل تمهد اليوم لـ"مصادرة 400 دونم إضافية ضمن مشروع استيطاني ضخم"، دون تفاصيل.
وذكر أن هذه المنطقة التي تتم فيها عمليات التجريف تعد "استراتيجية" وتضم المئات من أشجار الزيتون المعمرة، بعضها يزيد عمره عن مئات السنين، مشيرًا إلى أن "الاحتلال يستبيح القرية، ويدمر حدائق المنازل، ويزيل الجدران، ويستهدف أراضي مصنفة (ب). من يحكم المنطقة فعليا هم المستوطنون المتطرفون".
وصنفت اتفاقية أوسلو 2 أراضي الضفة إلى 3 مناطق، "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.
ويشير القريوتي إلى أن قريوت كانت تمتد على 22 ألف دونم، لم يتبق منها سوى 1200 دونم فقط، بينما تطوقها 4 بؤر استيطانية و3 مستوطنات وهي: عيلي، شيلو، شفوت رحيل.
ووصف ما يعيشه سكان القرية بـ"الكابوس اليومي"، محذرًا من أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب وذلك لأن ما يجري "محاولة لاقتلاع القرية من جذورها".
وتكثف إسرائيل منذ بدئها حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم هدم المنازل والتهجير للفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وتوسيع وتسريع البناء الاستيطاني بعموم الضفة الغربية المحتلة.
إلى ذلك، وبموازاة الإبادة في غزة، يصعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر، حتى الآن، عن استشهاد ما لا يقل عن 1092 فلسطينيًا، وإصابة نحو 11 ألفًا، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفًا و21 ألفًا، وفق معطيات فلسطينية.
في مشهد يصفه الأهالي بأنه "الأقسى منذ سنوات"، يقف سكان قرية قريوت، جنوب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، أمام أراضيهم يراقبون الجرافات الإسرائيلية وهي تسارع الخُطى لاقتلاع أشجارهم المُعمّرة، في خطوة "تهدف لابتلاع وسرقة ما تبقى من أراضيهم".
هيئة "مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية، تفيد بأن سلطات الاحتلال استولت على 70 ألفًا و147 دونمًا من خلال أمر "وضع يد لأغراض عسكرية وأمنية" من أراضي قرى قريوت اللبن الشرقية والساوية بنابلس، لصالح إقامة منطقة عازلة، وفق تقرير نشرته في 19 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
تواصل الآليات بحماية الجيش، منذ الأحد، تسوية مساحات زراعية واسعة لتنفيذ المخطط الإسرائيلي، وتقوم باقتلاع أشجار زيتون معمرة قضى أصحابها عقودًا في رعايتها وتوارثوها عن الأجداد.
ويوضح أهالي القرية في أحاديث، ينقلها تقرير لوكالة "الأناضول"، أن عملية اقتلاع أشجار الزيتون تهدف "لمحو تاريخ القرية أمام أعينهم".
أشجار الزيتون في فلسطين قيمة رمزية واقتصادية، إذ تمثل ارتباط الفلسطينيين بأرضهم وذكرياتهم وهويتهم، كما أنها تعد مورد رزق لآلاف العائلات.
ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1967، توضّح دراسات فلسطينية، "أصبح استهداف أشجار الزيتون هدفًا ممنهجًا في إطار السياسات الاستعمارية الإسرائيلية التي تهدف إلى تفكيك علاقة الفلسطيني بأرضه وتاريخه".
"الزيتون مثل أولادي"
بجوار منزلها، وقفت الفلسطينية، أم مجدي عبد الغني، تراقب عمليات اقتلاع أشجار الزيتون، وتقول بصوت يختلط بين القهر والبكاء إن "الأرض والزيتون مثل أولادي".
وتتابع قائلة إنه "تعب عمري يذهب بثواني، هذه الأشجار مثل الروح في الصدر، واليوم تُقتلع أمامي وأعجز عن فعل أي شيء".
وتشير بيدها إلى مساحة واسعة قُلبت الآليات الإسرائيلية تربتها بالكامل، قائلة إن هذا الزيتون "عمره من عمرنا.. حياتنا مبنية عليه.. إحساس العجز قاتل".
وفي تعبيرها عن قساوة هذا المشهد، فقد أوضحت "أم مجدي" أن الموت "أهون" عليها من رؤية اقتلاع أشجار الزيتون.
هوية وذكريات
يقف إلى جانبها، زوجها محمد الذي تجاوز السبعين عامًا، مستندًا إلى عكازه ويشير إلى أنه "عندي 10 دونمات، قالوا (الجيش الإسرائيلي) إن نصف مساحة الأرض سيتم مصادرته لأمر محكمة"، ويتابع أنه "لا يوجد أمر محكمة. لكن ماذا يمكننا أن نفعل؟ لقد شرعوا بعملية اقتلاع الأشجار ودخلوا في ذلك إلى (المنطقة) جوار المنزل".
ووصف أشجار الزيتون بأنها "حياته"، متابعًا "عمري 70 عاما، أمضيتها وأنا أعمل في الأرض. وتربيت عليها مع جدي ووالدي. واليوم أرى حياتي تُمحى أمامي".
ويوضح بصوت مختنق أنه "نحو ألف شجرة دمّرت هنا. ألف شجرة يعني ألف ذكرى وألف موسم. هذا فعل إجرامي، وكأنهم يقطعوا قلبي".
اعتداءات متواصلة
المسنة، صدقية خروش، تقف على بقايا جذور أشجار زيتون مقتلعة، وتقول إنهم "لم يتركوا أرضًا (سليمة)".
وتشرح في حديثها للأناضول أنهم استيقظوا صباح الأحد، "مفزوعين على صوت الآليات الإسرائيلية وهي تقتلع أراضينا وتخلع أشجارها المعمرة".
وأوضحت أن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين هددوا سكان القرية أكثر من مرة بشأن أراضيهم "فتارة يحرقونها، وتارة يمنعون وصولهم إليها، وأخيرا يقتلعونها كلها".
وذكرت أن أشجار الزيتون كان آخر ما يمتلكونه في هذه القرية، التي شهدت انتهاكات إسرائيلية متعددة، لافتة إلى أن إسرائيل استولت "حتى على المياه".
وأكدت أن عمليات التجريف تصل إلى مسافة قريبة جدا من منازل الفلسطينيين، معربة عن تخوفات سكان القرية من بناء وحدات استيطانية جديدة بالقرب منهم.
وأشارت إلى عدم وجود كلمات كفيلة بوصف حالة القهر التي تمتلكهم إزاء عمليات تجريف واقتلاع الزيتون.
"جريمة ممنهجة"
الناشط في مواجهة الاستيطان، بشار القريوتي، يقول للأناضول، إنه "نعاني من استيطان يلتهم ما تبقى من أرضنا. أكثر من 90 بالمئة من أراضي قرية قريوت صودرت بدواعٍ واهية".
وأوضح أن إسرائيل تمهد اليوم لـ"مصادرة 400 دونم إضافية ضمن مشروع استيطاني ضخم"، دون تفاصيل.
وذكر أن هذه المنطقة التي تتم فيها عمليات التجريف تعد "استراتيجية" وتضم المئات من أشجار الزيتون المعمرة، بعضها يزيد عمره عن مئات السنين، مشيرًا إلى أن "الاحتلال يستبيح القرية، ويدمر حدائق المنازل، ويزيل الجدران، ويستهدف أراضي مصنفة (ب). من يحكم المنطقة فعليا هم المستوطنون المتطرفون".
وصنفت اتفاقية أوسلو 2 أراضي الضفة إلى 3 مناطق، "أ" تخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، و"ب" تخضع لسيطرة أمنية إسرائيلية ومدنية وإدارية فلسطينية، و"ج" تخضع لسيطرة مدنية وإدارية وأمنية إسرائيلية، وتشكل الأخيرة نحو 60 بالمئة من مساحة الضفة.
ويشير القريوتي إلى أن قريوت كانت تمتد على 22 ألف دونم، لم يتبق منها سوى 1200 دونم فقط، بينما تطوقها 4 بؤر استيطانية و3 مستوطنات وهي: عيلي، شيلو، شفوت رحيل.
ووصف ما يعيشه سكان القرية بـ"الكابوس اليومي"، محذرًا من أن المرحلة المقبلة ستكون الأصعب وذلك لأن ما يجري "محاولة لاقتلاع القرية من جذورها".
وتكثف إسرائيل منذ بدئها حرب الإبادة على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، ارتكاب جرائم هدم المنازل والتهجير للفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وتوسيع وتسريع البناء الاستيطاني بعموم الضفة الغربية المحتلة.
إلى ذلك، وبموازاة الإبادة في غزة، يصعّد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر، حتى الآن، عن استشهاد ما لا يقل عن 1092 فلسطينيًا، وإصابة نحو 11 ألفًا، إضافة لاعتقال أكثر من 18 ألفًا و21 ألفًا، وفق معطيات فلسطينية.
الجيش الإسرائيلي يشارك مباشرة في إنشاء المزارع الاستيطانية بالضفة
كشف ضابط في الجيش الإسرائيلي، عن قيام الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع المستوطنين في بناء بؤر استيطانية زراعية في الضفة الغربية المحتلة، منذ تعيين آفي بلوط قائدا للقيادة الوسطى بالجيش.
وأوضح الضابط خلال مقابلة مع برنامج "زمان إيميت" على القناة الإسرائيلية "كان-11"، الذي بث مساء الإثنين، أن العمل على إنشاء هذه المزارع الاستيطانية بدأ فعليا منذ تموز/يوليو 2024، ضمن آلية منظمة وبالتنسيق الكامل مع القيادة العسكرية.
وأشار الضباط إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعد مجرد متلق للأمر الواقع، بل أصبح شريكا في التخطيط المسبق لإقامة المزارع الاستيطانية في الضفة.
وأضاف الضابط أن الوضع كان مختلفا في عهد العقيد يهودا فوكس، حيث كانت المزارع الاستيطانية تقام فجأة على الأرض وبدون أي تنسيق مع الجيش، أي "في الخفاء"، وكان على الجيش قبولها كأمر واقع.
وكشف الضابط أنه عند توليه منصبه، عين ضابط الدفاع الإقليمي إليتسور طرابلسي، مسؤولا رئيسيا عن ملف المزارع الاستيطانية.
وأوضح أن طرابلسي يقوم بدور محوري لتجنب تورط قائد المنطقة في التفاصيل، حيث يزور الموقع المخصص للمزرعة الاستيطانية، يجري مقابلات مع أصحاب الأرض، ويجري جولة تمهيدية لتقييم الوضع قبل الشروع في التنفيذ.
وبعد الجولة، يتم إشراك قائد اللواء لإطلاعه على المستجدات، وإرسال الخرائط اللازمة، ثم يرفع الأمر إلى الجنرال المسؤول الذي يعطي الموافقة النهائية لإقامة المزرعة الاستيطانية بالتنسيق الكامل.
وأشار الضابط إلى أن العملية ليست مجرد تنسيق لحظي، بل تتسم بالتنظيم الدقيق على مستوى الفرقة واللواء الإقليمي، حيث يصدر أمر فعلي يحدد ترتيب القوات المكلفة بتأمين المزرعة الاستيطانية، وطريقة إنشائها، وعدد الكرافانات المستخدمة، لتصبح إقامة المزرعة عملية منظمة ومنسقة بالكامل.
وكشف الفريق الأول أن إنشاء المزارع الاستيطانية يتطلب مشاركة مباشرة من الجيش الإسرائيلي، حيث يخصص الجيش مجموعة من الجنود للحماية والحراسة، إضافة إلى مستوطنين يسكنون المزارع أو التجمعات السكنية الاستيطانية المجاورة، وجنود الاحتياط.
وأوضح أن كل مزرعة استيطانية يخصص لها عادة أربعة إلى خمسة جنود، مع وجود أكثر من مئة مزرعة استيطانية في الضفة تعمل بنفس الآلية، ما يجعل عدد الأفراد المكلفين بحراسة هذه المزارع يتجاوز 500 شخص، أي ما يعادل كتيبة كاملة.
وأشار إلى أن إقامة هذه المزارع الاستيطانية غالبا ما يؤدي إلى احتكاكات تتطور بسرعة، مما يتطلب نشر قوات إضافية للسيطرة على الوضع.
واصفا الوضع بدورة متواصلة، قال: "تنشأ مزرعة، وتحدث احتكاكات، تؤدي إلى مزيد من الاحتكاكات والهجمات، التي بدورها تسهم في توسيع المزرعة وتحويلها تدريجيا إلى مستوطنة، إنه حدث لا ينتهي".
وأضاف أن الجيش متورط عن قصد في هذا النشاط، معتبرا أنه "حدث غير قانوني ولا يندرج ضمن مهام الجيش الرسمية".
استند التحقيق إلى تحذير صدر عن مسؤول عسكري رفيع المستوى في آذار/مارس من هذا العام، جاء فيه أنه منذ بداية عام 2024 وحتى الآن، تم توثيق أكثر من 200 مخالفة بناء في القطاع الاستيطاني، شملت 36 مزرعة زراعية جديدة وعدة بؤر استيطانية.
وأشار المسؤول إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن معظم هذه المزارع والبؤر الجديدة تنشأ وتقام بعلم وموافقة الجهات العسكرية المختلفة، وفقا لتصريحات المسؤولين عن إنشائها.
كما لفت إلى أن عمليات الإنشاء غالبا ما تصاحبها عناصر عسكرية من الفرق الإقليمية بالجيش، تقوم بتأمين مواقع البناء وشق الطرق وأعمال التطوير المرتبطة بها.
كشف ضابط في الجيش الإسرائيلي، عن قيام الجيش الإسرائيلي بالتعاون مع المستوطنين في بناء بؤر استيطانية زراعية في الضفة الغربية المحتلة، منذ تعيين آفي بلوط قائدا للقيادة الوسطى بالجيش.
وأوضح الضابط خلال مقابلة مع برنامج "زمان إيميت" على القناة الإسرائيلية "كان-11"، الذي بث مساء الإثنين، أن العمل على إنشاء هذه المزارع الاستيطانية بدأ فعليا منذ تموز/يوليو 2024، ضمن آلية منظمة وبالتنسيق الكامل مع القيادة العسكرية.
وأشار الضباط إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعد مجرد متلق للأمر الواقع، بل أصبح شريكا في التخطيط المسبق لإقامة المزارع الاستيطانية في الضفة.
وأضاف الضابط أن الوضع كان مختلفا في عهد العقيد يهودا فوكس، حيث كانت المزارع الاستيطانية تقام فجأة على الأرض وبدون أي تنسيق مع الجيش، أي "في الخفاء"، وكان على الجيش قبولها كأمر واقع.
وكشف الضابط أنه عند توليه منصبه، عين ضابط الدفاع الإقليمي إليتسور طرابلسي، مسؤولا رئيسيا عن ملف المزارع الاستيطانية.
وأوضح أن طرابلسي يقوم بدور محوري لتجنب تورط قائد المنطقة في التفاصيل، حيث يزور الموقع المخصص للمزرعة الاستيطانية، يجري مقابلات مع أصحاب الأرض، ويجري جولة تمهيدية لتقييم الوضع قبل الشروع في التنفيذ.
وبعد الجولة، يتم إشراك قائد اللواء لإطلاعه على المستجدات، وإرسال الخرائط اللازمة، ثم يرفع الأمر إلى الجنرال المسؤول الذي يعطي الموافقة النهائية لإقامة المزرعة الاستيطانية بالتنسيق الكامل.
وأشار الضابط إلى أن العملية ليست مجرد تنسيق لحظي، بل تتسم بالتنظيم الدقيق على مستوى الفرقة واللواء الإقليمي، حيث يصدر أمر فعلي يحدد ترتيب القوات المكلفة بتأمين المزرعة الاستيطانية، وطريقة إنشائها، وعدد الكرافانات المستخدمة، لتصبح إقامة المزرعة عملية منظمة ومنسقة بالكامل.
وكشف الفريق الأول أن إنشاء المزارع الاستيطانية يتطلب مشاركة مباشرة من الجيش الإسرائيلي، حيث يخصص الجيش مجموعة من الجنود للحماية والحراسة، إضافة إلى مستوطنين يسكنون المزارع أو التجمعات السكنية الاستيطانية المجاورة، وجنود الاحتياط.
وأوضح أن كل مزرعة استيطانية يخصص لها عادة أربعة إلى خمسة جنود، مع وجود أكثر من مئة مزرعة استيطانية في الضفة تعمل بنفس الآلية، ما يجعل عدد الأفراد المكلفين بحراسة هذه المزارع يتجاوز 500 شخص، أي ما يعادل كتيبة كاملة.
وأشار إلى أن إقامة هذه المزارع الاستيطانية غالبا ما يؤدي إلى احتكاكات تتطور بسرعة، مما يتطلب نشر قوات إضافية للسيطرة على الوضع.
واصفا الوضع بدورة متواصلة، قال: "تنشأ مزرعة، وتحدث احتكاكات، تؤدي إلى مزيد من الاحتكاكات والهجمات، التي بدورها تسهم في توسيع المزرعة وتحويلها تدريجيا إلى مستوطنة، إنه حدث لا ينتهي".
وأضاف أن الجيش متورط عن قصد في هذا النشاط، معتبرا أنه "حدث غير قانوني ولا يندرج ضمن مهام الجيش الرسمية".
استند التحقيق إلى تحذير صدر عن مسؤول عسكري رفيع المستوى في آذار/مارس من هذا العام، جاء فيه أنه منذ بداية عام 2024 وحتى الآن، تم توثيق أكثر من 200 مخالفة بناء في القطاع الاستيطاني، شملت 36 مزرعة زراعية جديدة وعدة بؤر استيطانية.
وأشار المسؤول إلى أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن معظم هذه المزارع والبؤر الجديدة تنشأ وتقام بعلم وموافقة الجهات العسكرية المختلفة، وفقا لتصريحات المسؤولين عن إنشائها.
كما لفت إلى أن عمليات الإنشاء غالبا ما تصاحبها عناصر عسكرية من الفرق الإقليمية بالجيش، تقوم بتأمين مواقع البناء وشق الطرق وأعمال التطوير المرتبطة بها.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire