ريموند غيوس
ترجمة: سري أبو المنى
ربما لا يكون من المبالغة القول إنّ لحماس هدفاً آخر غير معلن، يتمثّل في دفع إسرائيل إلى إسقاط قناعها كدولة ليبرالية عقلانية وكشف طبيعتها الحقيقية كمفترس متعطّش للدماء لا يقيّده قانون.
صارت القضية الفلسطينية، قضيّة إنسانية عالمية يتبنّاها الملايين حول العالم، كثيرون منهم لا علاقة مباشرة لهم بها، وما كان ذلك إلا ثمرة أفعال إسرائيل نفسها.
يُقال إنّ التاريخ يكتبه المنتصرون. تشهد غزّة في لحظة كتابة هذه السطور، وقفاً هشّاً لإطلاق النار، أحادي الجانب في الواقع، إذ تواصل إسرائيل كعادتها في مثل هذه الحالات، قصف القطاع بين حين وآخر. لا توحي التجارب السابقة مع هدن مشابهة بأنّ هذه ستصمد طويلاً. ومع ذلك، من المفيد التوقّف عند المشهد الراهن وطرح سؤال بسيط: لو انتهت الحرب الآن، من الذي انتصر؟ يمكن الإجابة بالنظر إلى أهداف كلّ طرف، وما تحقّق منها. من بلغ أهمّ أهدافه انتصر، ومن أخفق خسر.
لا وجه للمقارنة بين ما يملكه الطرفان من موارد وقدرات. تمتلك إسرائيل جيشاً ضخماً مدرّباً بعناية، ومخزوناً يكاد لا يُستنفد من أكثر الأسلحة تطوّراً في العالم، من طائرات مقاتلة ودبابات ومروحيات وتقنيات دقيقة لا تُضاهى. في المقابل، يعتمد الفلسطينيون على مجموعات مقاومة صغيرة مسلّحة بأسلحة خفيفة وصواريخ محلية وبعض الأدوات البدائية، كثير منها مصنوع من بقايا ذخائر إسرائيلية لم تنفجر. لذلك، من الطبيعي أن تكون أهداف الجانبين مختلفة جذرياً من حيث الإمكانات والمنطق.
تمكّن الجيش الإسرائيلي من تدمير واسع النطاق، لكنّه فشل في تحقيق أهدافه المعلنة أو المضمرة. فبعد عامين من حرب شاملة، لم يُبَد سكان غزّة ولم يُهجَّروا، ولم تُهزم حماس أو تُحلّ أو تُنزَع أسلحتها. حتى ملفّ الرهائن لم يُحسم عسكرياً، إذ أُفرج عن معظمهم بالتفاوض مع حماس، على الرغم من أنّ إسرائيل كانت تؤكّد عدم رغبتها في ذلك.
إذا خسر الإسرائيليون، فهل يعني ذلك أنّ الفلسطينيين انتصروا؟ يمكن القول إنّ ثمّة ما يبرّر هذا الاستنتاج. كانت حماس قد أعلنت أنّ هدفها هو امتلاك الوسائل التي تتيح تبادل الأسرى. تحتجز إسرائيل آلاف الأسرى الفلسطينيين، بينهم أطفالٌ كثر، وكثيرون رهن الاعتقال الطويل من دون توجيه تهمة. وبما أنّ إسرائيل تحتلّ القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزّة بصورة غير قانونية وفق القانون الدولي، ولأنّ للسكان الواقعين تحت الاحتلال حقّاً في مقاومة القوة المحتلّة، فإنّ أسر عناصر عسكرية إسرائيلية يُعدّ، من حيث المبدأ، عملاً مشروعاً. وبما أنّ الحكومات الإسرائيلية كانت في السابق مستعدّة لإجراء تبادلٍ للأسرى، فقد بدا من المنطقي أنّ امتلاك أسرى عسكريين إسرائيليين قد يكون وسيلة فعّالة للإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين. وقد تبيّن أنّ هذا التقدير كان صائباً، إذ جرى بالفعل تبادلٌ للأسرى باتفاق الطرفين.
ربما لا يكون من المبالغة القول إنّ لحماس هدفاً آخر غير معلن، يتمثّل في دفع إسرائيل إلى إسقاط قناعها كدولة ليبرالية عقلانية وكشف طبيعتها الحقيقية كمفترس متعطّش للدماء لا يقيّده قانون. وإذا كان هذا أحد أهدافها في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، فقد بدا أنّها حقّقته بما يتجاوز كلّ تصوّر. إذ لم يعد ممكناً لمن شاهد الإبادة الجماعية التي بثّها جيش الاحتلال الإسرائيلي مباشرة وبنشوة، أن ينظر إلى دولة إسرائيل أو إلى الصهيونية بالطريقة نفسها مجدداً. بمجرد سقوط القناع، غدت ملامح الصهيونية الحقيقية عصيّة على الإنكار. وما جرى في غزّة غيّر، وربما إلى الأبد، ليس فقط الموقف من الحكومة الإسرائيلية الحالية ومن المجتمع الإسرائيلي الذي أيّد الإبادة بحماسة شبه جماعية، بل أيضاً الطريقة التي يُنظر بها إلى تاريخ المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين برمّته.
غيّرت مشاهدة الدمار في غزّة لحظة بلحظة النظرة السائدة إلى ماضي إسرائيل بصورة لا رجعة فيها. فعددٌ متزايد من الناس لم يعد يرى المشروع الإسرائيلي كمحاولة يائسة لبناء ملاذ آمنٍ لشعب مضطهد، بل كحلقة أخرى في السردية الاستعمارية الأوروبية القديمة، شبيهة بالمستوطنات البريطانية في إيرلندا وأستراليا وأميركا الشمالية، والجزائر الفرنسية وجنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري وغيرها. فكرة إسرائيل كدولة استيطانية استعمارية ليست جديدة، إذ تعود إلى بدايات الصهيونية، وقد وصف عددٌ من قادتها الأوائل مشروعهم بتلك العبارات. اكتسبت هذه الفكرة دفعة وجيزة في الغرب عندما نشر المفكر ماكسيم رودنسون مقاله «إسرائيل، واقع استعماري» في مجلة الأزمنة الحديثة في العام 1967، لكنها ظلّت رؤية هامشية إلى أن أصبحت فظائع غزّة فاضحة إلى درجة لا يمكن تجاهلها. واليوم صارت هذه الفكرة هي السائدة، ولن يكون من السهل زعزعتها.
هل يمكن النظر إلى ما فعلته حماس في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر بوصفه «نجاحاً خالصاً»؟ يصعب أن يُقال ذلك أمام حجم الفاجعة: تُشير التوثيقات إلى مقتل قرابة 70,000 مدني، بينهم أكثر من 20,000 طفل، بينما ما زال كثيرون تحت الأنقاض، ومجاعة مصنوعة تُنهك الأحياء، وموتٌ صامت بفعل آثار الحرب التي لا تنتهي، وآلاف الأطفال فقدوا أطرافهم في عمليات بترٍ جرت من دون تخدير لأنّ إسرائيل منعت الدواء. سُوّيت مستشفيات ومدارس وشوارع بالأرض، فيما ظلّ العالم يتفرّج على غزّة وهي تُمحى ببطء.
أن يُصبح النصر أثقل من أن يُحتمل، تلك حكمة قديمة استخلصها الملك بيروس الإبيري في العام 279 قبل الميلاد حين قال بعد معركة أسكولوم: «نصرٌ آخر كهذا، ونكون قد انتهينا». فهل كان ثمن السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر يستحقّ ما جرى؟ لا يمكن الإجابة ببساطة. فالأمر يتعلّق بما كان البديل: هل الحصار الذي خنق غزّة لأكثر من عقد كان وضعاً يمكن احتماله إلى الأبد؟ ومن ذا الذي يملك أن يقرّر؟ إن رأى أغلب الفلسطينيين أنّ ما تكبّدوه لم يذهب سدى، فهل يحقّ لمن يراقب من بعيد أن يُنكر عليهم حكمهم؟ وإذا كان النقاش يدور حول معنى ذلك اليوم ونتائجه، فللإسرائيليين أيضاً أن يُدلوا بأصواتهم، لا بوصفهم أصحاب القرار، بل كمشاركين في الجدل حول ما حدث. أمّا الإجماع، فلا أحد ينتظره.
فقدان السيطرة على السردية في صراع ما ليس أسوأ ما يمكن أن يحدث لجماعة، تماماً كما أنّ الهزيمة العسكرية البسيطة ليست بالضرورة أسوأ ما يمكن أن تؤول إليه الحرب. في الحرب الأهلية الأميركية، انتصرت قوات الاتحاد في الشمال، ونستمدّ من روايتها اليوم ما نعرفه عن تلك الحرب. ومع أنّ الجنوب الأميركي دُمّر وتفكّك البناء السياسي للكونفدرالية، فإنّ السكان استمرّوا في الوجود، وهناك روايات كثيرة تروي الحرب من منظور مؤيّد للكونفدرالية. أمّا مصير قرطاجة القديمة فكان أشدّ قسوة على المستويين: لم تُهزم فقط، بل أُبيدت بالكامل على يد الرومان في ختام الحرب البونيّة الثالثة. وإلى جانب ذلك، لا نعرف كيف نظر القرطاجيون إلى تلك الحرب، إذ اختفت جميع رواياتهم اختفاءً تاماً. وحتى ظهور علم الآثار الحديث، كان كلّ ما نعرفه عن قرطاجة وشعبها ومعتقداتها يأتي من أعدائها الإغريق والرومان.
لا يكتفي بعض الإسرائيليين بالطرد أو الإبادة، بل يبتغون ما هو أدهى: أن يُقنِعوا العالم بأنّ الفلسطينيين لم يكونوا يوماً هنا. لكنّ الحقيقة تصمد: باتت التوثيقات المتراكمة لجرائم غزّة ملكاً للعالم، شاهدةً في الضوء. صارت القضية الفلسطينية، كما كانت حرب فيتنام أو نضال جنوب أفريقيا ضدّ الفصل العنصري، قضيّة إنسانية عالمية يتبنّاها الملايين، يتبنّاها اليوم ملايين حول العالم، كثيرون منهم لا علاقة مباشرة لهم بها، وما كان ذلك إلا ثمرة أفعال إسرائيل نفسها. لقد فشلت حملاتها وحملات حلفائها الغربيين في تطويع السرد. المستقبل مفتوح، لكن ما يبدو أكيداً هو أنّ من سيكتب التاريخ لن ينجح في شطب الاسم الفلسطيني من الوجود.
نُشِر هذا المقال في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 في New Left Review – Sidecar، وترجم إلى العربية ونشر في موقع «صفر» بموافقة مسبقة من الكاتب.
ريموند غيوس (Raymond Geuss) فيلسوف سياسي أميركي وعضو في الأكاديمية البريطانية (FBA)، متخصّص في الفلسفة الأوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين. يشغل حالياً منصب أستاذ فخري في كلية الفلسفة بجامعة كامبريدج.
سري أبو المنى
أستاذ فلسفة في التعليم الثانوي، وطالب ماجيستير في الفلسفة
ربما لا يكون من المبالغة القول إنّ لحماس هدفاً آخر غير معلن، يتمثّل في دفع إسرائيل إلى إسقاط قناعها كدولة ليبرالية عقلانية وكشف طبيعتها الحقيقية كمفترس متعطّش للدماء لا يقيّده قانون.
صارت القضية الفلسطينية، قضيّة إنسانية عالمية يتبنّاها الملايين حول العالم، كثيرون منهم لا علاقة مباشرة لهم بها، وما كان ذلك إلا ثمرة أفعال إسرائيل نفسها.
يُقال إنّ التاريخ يكتبه المنتصرون. تشهد غزّة في لحظة كتابة هذه السطور، وقفاً هشّاً لإطلاق النار، أحادي الجانب في الواقع، إذ تواصل إسرائيل كعادتها في مثل هذه الحالات، قصف القطاع بين حين وآخر. لا توحي التجارب السابقة مع هدن مشابهة بأنّ هذه ستصمد طويلاً. ومع ذلك، من المفيد التوقّف عند المشهد الراهن وطرح سؤال بسيط: لو انتهت الحرب الآن، من الذي انتصر؟ يمكن الإجابة بالنظر إلى أهداف كلّ طرف، وما تحقّق منها. من بلغ أهمّ أهدافه انتصر، ومن أخفق خسر.
لا وجه للمقارنة بين ما يملكه الطرفان من موارد وقدرات. تمتلك إسرائيل جيشاً ضخماً مدرّباً بعناية، ومخزوناً يكاد لا يُستنفد من أكثر الأسلحة تطوّراً في العالم، من طائرات مقاتلة ودبابات ومروحيات وتقنيات دقيقة لا تُضاهى. في المقابل، يعتمد الفلسطينيون على مجموعات مقاومة صغيرة مسلّحة بأسلحة خفيفة وصواريخ محلية وبعض الأدوات البدائية، كثير منها مصنوع من بقايا ذخائر إسرائيلية لم تنفجر. لذلك، من الطبيعي أن تكون أهداف الجانبين مختلفة جذرياً من حيث الإمكانات والمنطق.
تمكّن الجيش الإسرائيلي من تدمير واسع النطاق، لكنّه فشل في تحقيق أهدافه المعلنة أو المضمرة. فبعد عامين من حرب شاملة، لم يُبَد سكان غزّة ولم يُهجَّروا، ولم تُهزم حماس أو تُحلّ أو تُنزَع أسلحتها. حتى ملفّ الرهائن لم يُحسم عسكرياً، إذ أُفرج عن معظمهم بالتفاوض مع حماس، على الرغم من أنّ إسرائيل كانت تؤكّد عدم رغبتها في ذلك.
إذا خسر الإسرائيليون، فهل يعني ذلك أنّ الفلسطينيين انتصروا؟ يمكن القول إنّ ثمّة ما يبرّر هذا الاستنتاج. كانت حماس قد أعلنت أنّ هدفها هو امتلاك الوسائل التي تتيح تبادل الأسرى. تحتجز إسرائيل آلاف الأسرى الفلسطينيين، بينهم أطفالٌ كثر، وكثيرون رهن الاعتقال الطويل من دون توجيه تهمة. وبما أنّ إسرائيل تحتلّ القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزّة بصورة غير قانونية وفق القانون الدولي، ولأنّ للسكان الواقعين تحت الاحتلال حقّاً في مقاومة القوة المحتلّة، فإنّ أسر عناصر عسكرية إسرائيلية يُعدّ، من حيث المبدأ، عملاً مشروعاً. وبما أنّ الحكومات الإسرائيلية كانت في السابق مستعدّة لإجراء تبادلٍ للأسرى، فقد بدا من المنطقي أنّ امتلاك أسرى عسكريين إسرائيليين قد يكون وسيلة فعّالة للإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين. وقد تبيّن أنّ هذا التقدير كان صائباً، إذ جرى بالفعل تبادلٌ للأسرى باتفاق الطرفين.
ربما لا يكون من المبالغة القول إنّ لحماس هدفاً آخر غير معلن، يتمثّل في دفع إسرائيل إلى إسقاط قناعها كدولة ليبرالية عقلانية وكشف طبيعتها الحقيقية كمفترس متعطّش للدماء لا يقيّده قانون. وإذا كان هذا أحد أهدافها في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر، فقد بدا أنّها حقّقته بما يتجاوز كلّ تصوّر. إذ لم يعد ممكناً لمن شاهد الإبادة الجماعية التي بثّها جيش الاحتلال الإسرائيلي مباشرة وبنشوة، أن ينظر إلى دولة إسرائيل أو إلى الصهيونية بالطريقة نفسها مجدداً. بمجرد سقوط القناع، غدت ملامح الصهيونية الحقيقية عصيّة على الإنكار. وما جرى في غزّة غيّر، وربما إلى الأبد، ليس فقط الموقف من الحكومة الإسرائيلية الحالية ومن المجتمع الإسرائيلي الذي أيّد الإبادة بحماسة شبه جماعية، بل أيضاً الطريقة التي يُنظر بها إلى تاريخ المشروع الاستيطاني الصهيوني في فلسطين برمّته.
غيّرت مشاهدة الدمار في غزّة لحظة بلحظة النظرة السائدة إلى ماضي إسرائيل بصورة لا رجعة فيها. فعددٌ متزايد من الناس لم يعد يرى المشروع الإسرائيلي كمحاولة يائسة لبناء ملاذ آمنٍ لشعب مضطهد، بل كحلقة أخرى في السردية الاستعمارية الأوروبية القديمة، شبيهة بالمستوطنات البريطانية في إيرلندا وأستراليا وأميركا الشمالية، والجزائر الفرنسية وجنوب أفريقيا في عهد الفصل العنصري وغيرها. فكرة إسرائيل كدولة استيطانية استعمارية ليست جديدة، إذ تعود إلى بدايات الصهيونية، وقد وصف عددٌ من قادتها الأوائل مشروعهم بتلك العبارات. اكتسبت هذه الفكرة دفعة وجيزة في الغرب عندما نشر المفكر ماكسيم رودنسون مقاله «إسرائيل، واقع استعماري» في مجلة الأزمنة الحديثة في العام 1967، لكنها ظلّت رؤية هامشية إلى أن أصبحت فظائع غزّة فاضحة إلى درجة لا يمكن تجاهلها. واليوم صارت هذه الفكرة هي السائدة، ولن يكون من السهل زعزعتها.
هل يمكن النظر إلى ما فعلته حماس في السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر بوصفه «نجاحاً خالصاً»؟ يصعب أن يُقال ذلك أمام حجم الفاجعة: تُشير التوثيقات إلى مقتل قرابة 70,000 مدني، بينهم أكثر من 20,000 طفل، بينما ما زال كثيرون تحت الأنقاض، ومجاعة مصنوعة تُنهك الأحياء، وموتٌ صامت بفعل آثار الحرب التي لا تنتهي، وآلاف الأطفال فقدوا أطرافهم في عمليات بترٍ جرت من دون تخدير لأنّ إسرائيل منعت الدواء. سُوّيت مستشفيات ومدارس وشوارع بالأرض، فيما ظلّ العالم يتفرّج على غزّة وهي تُمحى ببطء.
أن يُصبح النصر أثقل من أن يُحتمل، تلك حكمة قديمة استخلصها الملك بيروس الإبيري في العام 279 قبل الميلاد حين قال بعد معركة أسكولوم: «نصرٌ آخر كهذا، ونكون قد انتهينا». فهل كان ثمن السابع من تشرين الأوّل/أكتوبر يستحقّ ما جرى؟ لا يمكن الإجابة ببساطة. فالأمر يتعلّق بما كان البديل: هل الحصار الذي خنق غزّة لأكثر من عقد كان وضعاً يمكن احتماله إلى الأبد؟ ومن ذا الذي يملك أن يقرّر؟ إن رأى أغلب الفلسطينيين أنّ ما تكبّدوه لم يذهب سدى، فهل يحقّ لمن يراقب من بعيد أن يُنكر عليهم حكمهم؟ وإذا كان النقاش يدور حول معنى ذلك اليوم ونتائجه، فللإسرائيليين أيضاً أن يُدلوا بأصواتهم، لا بوصفهم أصحاب القرار، بل كمشاركين في الجدل حول ما حدث. أمّا الإجماع، فلا أحد ينتظره.
فقدان السيطرة على السردية في صراع ما ليس أسوأ ما يمكن أن يحدث لجماعة، تماماً كما أنّ الهزيمة العسكرية البسيطة ليست بالضرورة أسوأ ما يمكن أن تؤول إليه الحرب. في الحرب الأهلية الأميركية، انتصرت قوات الاتحاد في الشمال، ونستمدّ من روايتها اليوم ما نعرفه عن تلك الحرب. ومع أنّ الجنوب الأميركي دُمّر وتفكّك البناء السياسي للكونفدرالية، فإنّ السكان استمرّوا في الوجود، وهناك روايات كثيرة تروي الحرب من منظور مؤيّد للكونفدرالية. أمّا مصير قرطاجة القديمة فكان أشدّ قسوة على المستويين: لم تُهزم فقط، بل أُبيدت بالكامل على يد الرومان في ختام الحرب البونيّة الثالثة. وإلى جانب ذلك، لا نعرف كيف نظر القرطاجيون إلى تلك الحرب، إذ اختفت جميع رواياتهم اختفاءً تاماً. وحتى ظهور علم الآثار الحديث، كان كلّ ما نعرفه عن قرطاجة وشعبها ومعتقداتها يأتي من أعدائها الإغريق والرومان.
لا يكتفي بعض الإسرائيليين بالطرد أو الإبادة، بل يبتغون ما هو أدهى: أن يُقنِعوا العالم بأنّ الفلسطينيين لم يكونوا يوماً هنا. لكنّ الحقيقة تصمد: باتت التوثيقات المتراكمة لجرائم غزّة ملكاً للعالم، شاهدةً في الضوء. صارت القضية الفلسطينية، كما كانت حرب فيتنام أو نضال جنوب أفريقيا ضدّ الفصل العنصري، قضيّة إنسانية عالمية يتبنّاها الملايين، يتبنّاها اليوم ملايين حول العالم، كثيرون منهم لا علاقة مباشرة لهم بها، وما كان ذلك إلا ثمرة أفعال إسرائيل نفسها. لقد فشلت حملاتها وحملات حلفائها الغربيين في تطويع السرد. المستقبل مفتوح، لكن ما يبدو أكيداً هو أنّ من سيكتب التاريخ لن ينجح في شطب الاسم الفلسطيني من الوجود.
نُشِر هذا المقال في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 في New Left Review – Sidecar، وترجم إلى العربية ونشر في موقع «صفر» بموافقة مسبقة من الكاتب.
ريموند غيوس (Raymond Geuss) فيلسوف سياسي أميركي وعضو في الأكاديمية البريطانية (FBA)، متخصّص في الفلسفة الأوروبية في القرنين التاسع عشر والعشرين. يشغل حالياً منصب أستاذ فخري في كلية الفلسفة بجامعة كامبريدج.
سري أبو المنى
أستاذ فلسفة في التعليم الثانوي، وطالب ماجيستير في الفلسفة
تحذير من تصفية بطيئة للقائد أحمد سعدات داخل العزل.. وإعلام الأسرى يحمل الاحتلال المسؤولية
أصدر مكتب إعلام الأسرى، اليوم السبت، بيانا أدان فيه بأشد العبارات ما يتعرض له القائد الوطني والأسير أحمد سعدات (72 عاما) من اعتداءات جسدية ونفسية متكررة داخل عزل "جانوت"، حيث نُقل إليه مؤخرا قادما من عزل "مجدو" وتعرض فور وصوله للضرب الوحشي على يد وحدات القمع في سجون الاحتلال.
وذكر البيان أنه "بحسب شهادات موثقة، فقد عانى القائد سعدات في عزل ‘مجدو‘ من اقتحامات متكررة لزنزانته وتفتيشات مهينة وتراجع كبير في وضعه الصحي وهبوط واضح في وزنه إلى جانب تعرضه لاعتداء جسدي مباشر عدة مرات ضمن سياسة انتقامية تستهدف رمزيته ومكانته".
ووثقت عائلته، أن "سعدات أُصيب سابقا بمرض جلدي (سكابيوس) وخضع لظروف تنكيل قاسية حيث تم الاعتداء عليه في شهر مارس الماضي أثناء نقله من ‘ريمون‘ إلى ‘مجدو‘ واحتُجز في ساحة السجن لساعات مع تقييده وتغطية رأسه".
وأشار مكتب إعلام الأسرى إلى أن ما يتعرض له القائد أحمد سعدات هو "جريمة متكاملة الأركان وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ويعكس نية الاحتلال الواضحة في تصفية رموز الحركة الوطنية داخل السجون ببطء وتحت غطاء رسمي".
وحمل مكتب إعلام الأسرى إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته، داعيا الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية الدولية للتدخل الفوري من أجل وقف هذه الانتهاكات وإنهاء عزله والإفراج عنه.
أصدر مكتب إعلام الأسرى، اليوم السبت، بيانا أدان فيه بأشد العبارات ما يتعرض له القائد الوطني والأسير أحمد سعدات (72 عاما) من اعتداءات جسدية ونفسية متكررة داخل عزل "جانوت"، حيث نُقل إليه مؤخرا قادما من عزل "مجدو" وتعرض فور وصوله للضرب الوحشي على يد وحدات القمع في سجون الاحتلال.
وذكر البيان أنه "بحسب شهادات موثقة، فقد عانى القائد سعدات في عزل ‘مجدو‘ من اقتحامات متكررة لزنزانته وتفتيشات مهينة وتراجع كبير في وضعه الصحي وهبوط واضح في وزنه إلى جانب تعرضه لاعتداء جسدي مباشر عدة مرات ضمن سياسة انتقامية تستهدف رمزيته ومكانته".
ووثقت عائلته، أن "سعدات أُصيب سابقا بمرض جلدي (سكابيوس) وخضع لظروف تنكيل قاسية حيث تم الاعتداء عليه في شهر مارس الماضي أثناء نقله من ‘ريمون‘ إلى ‘مجدو‘ واحتُجز في ساحة السجن لساعات مع تقييده وتغطية رأسه".
وأشار مكتب إعلام الأسرى إلى أن ما يتعرض له القائد أحمد سعدات هو "جريمة متكاملة الأركان وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، ويعكس نية الاحتلال الواضحة في تصفية رموز الحركة الوطنية داخل السجون ببطء وتحت غطاء رسمي".
وحمل مكتب إعلام الأسرى إدارة سجون الاحتلال المسؤولية الكاملة عن حياته وسلامته، داعيا الصليب الأحمر والمؤسسات الحقوقية الدولية للتدخل الفوري من أجل وقف هذه الانتهاكات وإنهاء عزله والإفراج عنه.
لا مكان للطفولة في غزة
هداية محمد التتر
بينما يستيقظ أطفال العالم وهم يحلمون بيوم جديد، يستيقظ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة وهو يحلم بيوم آمن، لا يسمع فيه أصوات الصواريخ أو أيّ تفجيرات، ويستطيع أن يحمل فيه حقيبة المدرسة بدلاً من جالون المياه، وأن يحتفل بسقوط أولى قطرات المطر بدلاً من الغرق فيها والدعاء بألّا تعود مجدداً.
حلقات العلم وطابور المياه
في مدرسة الإتقان التعليمية في حيّ الشيخ رضوان، استعجل الطالب آدم معلمته في الشرح، مبرّراً ذلك بالقول: «من أجل الحصول على المياه وإيصالها لخيمة العائلة».
وقال الطفل ذو الاثني عشر عاماً لـ«الأخبار»: «استشهد والدي في الشهور الأولى من الحرب، ولا أسمح لأمي بالوقوف في طابور المياه، لذلك أحاول الحصول على الدرس مبكراً لأذهب مسرعاً قبل إغلاق محطة المياه».
وأكد أنّه يحبّ التعلّم ويحرص عليه «على الرغم من المهام الصعبة التي نقوم بها من تعبئة المياه ونقلها إلى المنزل، وجمع الحطب والمساعدة في إشعال النار»، مضيفاً: «نحن نقاوم الاحتلال الإسرائيلي بعلمنا الذي سنعمّر به أرضنا ووطننا الحبيب».
وأوضحت المعلمة لينا سمور لـ«الأخبار» أنّ الطلاب يعيشون «بين نارين، نار العلم وحرصهم عليه وعلى حضور الدروس التعليمية، ونار المهام التي استجدّت عليهم في الحرب».
وأضافت: «يطالبني الطلاب بعقد الدرس في ساعة مبكرة من اليوم كي يستطيعوا اللحاق بعربة المياه التي تحضر غالباً في موعد انعقاد الدرس».
وتابعت: «على الرغم من أنني فخورة بطلابي وأطفال شعبي الذين يحرصون على تلقي الدروس التعليمية في ظروف تكاد تكون مستحيلة، إلا أن حياتهم تملأ القلب حزناً وألماً، لما يواجهونه من صعوبات العيش وافتقارهم لحياة إنسانية كريمة».
ويحلم الطفل عصام مهدي (8 أعوام) بحياة آمنة مطمئنة «تؤمّن لي سبل العيش الكريم». وقال لـ«الأخبار»: «لا يوجد مصدر دخل لعائلتي، والدي مصاب ونحتاج إلى المال كي نشتري بعض الطعام الذي يسدّ جوعنا».
وأضاف: «أخرج كل صباح حاملاً أكياس الخبز، أبيعها بنقود معدودة وأشتري بعض المعلّبات أو البقوليات، بينما أشاهد اللحوم والخضار والفواكه ولا أقوى على شراء أيّ منها».
أرقام وإحصائيات
بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في تصريح صحافي، إنّ «الاحتلال يقدّم في اليوم العالمي للطفل نموذجاً صارخاً لجرائم ممنهجة تخترق بصورة فاضحة قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات حماية المدنيين، مرتكباً حرب إبادة جماعية تستهدف الأطفال الفلسطينيين بشكل مباشر وممنهج».
وأكد المكتب الإعلامي أنّ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة يعيش واقعاً كارثياً نتيجة حرب الإبادة الجماعية، مشيراً إلى أنّ أكثر من 20 ألف طفل قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي «في جريمة تُعدّ الأكبر عالمياً ضد الطفولة في القرن الحاضر»، بينهم 1,015 طفلاً كانت أعمارهم أقل من عام واحد، منهم ما يزيد على 450 رضيعاً ولدوا واستشهدوا خلال الحرب «في دلالة على حجم الإبادة التي طالت أصغر الفئات العمرية».
وأشار المكتب إلى أنّ عشرات الآلاف من الأطفال أُصيبوا بجراحات بالغة أدّت في بعض الحالات إلى إعاقات دائمة، لافتاً إلى أنّ 864 طفلاً بُتروا نتيجة القصف المباشر، وقال: «تلك أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر».
وأوضح أنّ 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم «في ظل منع الاحتلال المتعمّد لحقّ العلاج والتنقّل».
وأكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي ما زال مستمراً في هندسة التجويع البطيء، وحرمان الأطفال من المواد الأساسية للحياة «ما يهدد 650,000 طفل بالموت جوعاً بشكل بطيء بسبب نقص الغذاء الكامل، بينما يتهدد الموت 40,000 رضيع بسبب نقص حليب الأطفال وهو أمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تؤكد تعمد الاحتلال استهداف الأطفال الرضع ضمن سياسة الإبادة».
وقال إنّ 56,348 طفلاً يتيماً فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، «في واحدة من أكبر موجات اليُتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث، يعيشون اليوم بلا مأوى، بلا حماية، وبلا بيئة آمنة، ويتعرضون لصدمة جماعية ستترك آثارها لعقود طويلة».
ودعا المكتب المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة واليونيسف والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإنسانية إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ خطوات عملية وفورية لحماية الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة وإدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال دون قيد أو شرط.
كما طالب بفتح تحقيق دولي مستقل في جرائم الإبادة الجماعية والقتل المتعمد للأطفال، وضمان محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا هذه الجرائم أمام العدالة الدولية.
هداية محمد التتر
بينما يستيقظ أطفال العالم وهم يحلمون بيوم جديد، يستيقظ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة وهو يحلم بيوم آمن، لا يسمع فيه أصوات الصواريخ أو أيّ تفجيرات، ويستطيع أن يحمل فيه حقيبة المدرسة بدلاً من جالون المياه، وأن يحتفل بسقوط أولى قطرات المطر بدلاً من الغرق فيها والدعاء بألّا تعود مجدداً.
حلقات العلم وطابور المياه
في مدرسة الإتقان التعليمية في حيّ الشيخ رضوان، استعجل الطالب آدم معلمته في الشرح، مبرّراً ذلك بالقول: «من أجل الحصول على المياه وإيصالها لخيمة العائلة».
وقال الطفل ذو الاثني عشر عاماً لـ«الأخبار»: «استشهد والدي في الشهور الأولى من الحرب، ولا أسمح لأمي بالوقوف في طابور المياه، لذلك أحاول الحصول على الدرس مبكراً لأذهب مسرعاً قبل إغلاق محطة المياه».
وأكد أنّه يحبّ التعلّم ويحرص عليه «على الرغم من المهام الصعبة التي نقوم بها من تعبئة المياه ونقلها إلى المنزل، وجمع الحطب والمساعدة في إشعال النار»، مضيفاً: «نحن نقاوم الاحتلال الإسرائيلي بعلمنا الذي سنعمّر به أرضنا ووطننا الحبيب».
وأوضحت المعلمة لينا سمور لـ«الأخبار» أنّ الطلاب يعيشون «بين نارين، نار العلم وحرصهم عليه وعلى حضور الدروس التعليمية، ونار المهام التي استجدّت عليهم في الحرب».
وأضافت: «يطالبني الطلاب بعقد الدرس في ساعة مبكرة من اليوم كي يستطيعوا اللحاق بعربة المياه التي تحضر غالباً في موعد انعقاد الدرس».
وتابعت: «على الرغم من أنني فخورة بطلابي وأطفال شعبي الذين يحرصون على تلقي الدروس التعليمية في ظروف تكاد تكون مستحيلة، إلا أن حياتهم تملأ القلب حزناً وألماً، لما يواجهونه من صعوبات العيش وافتقارهم لحياة إنسانية كريمة».
ويحلم الطفل عصام مهدي (8 أعوام) بحياة آمنة مطمئنة «تؤمّن لي سبل العيش الكريم». وقال لـ«الأخبار»: «لا يوجد مصدر دخل لعائلتي، والدي مصاب ونحتاج إلى المال كي نشتري بعض الطعام الذي يسدّ جوعنا».
وأضاف: «أخرج كل صباح حاملاً أكياس الخبز، أبيعها بنقود معدودة وأشتري بعض المعلّبات أو البقوليات، بينما أشاهد اللحوم والخضار والفواكه ولا أقوى على شراء أيّ منها».
أرقام وإحصائيات
بدوره، قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في تصريح صحافي، إنّ «الاحتلال يقدّم في اليوم العالمي للطفل نموذجاً صارخاً لجرائم ممنهجة تخترق بصورة فاضحة قواعد القانون الدولي الإنساني واتفاقية حقوق الطفل واتفاقيات حماية المدنيين، مرتكباً حرب إبادة جماعية تستهدف الأطفال الفلسطينيين بشكل مباشر وممنهج».
وأكد المكتب الإعلامي أنّ الطفل الفلسطيني في قطاع غزة يعيش واقعاً كارثياً نتيجة حرب الإبادة الجماعية، مشيراً إلى أنّ أكثر من 20 ألف طفل قتلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي «في جريمة تُعدّ الأكبر عالمياً ضد الطفولة في القرن الحاضر»، بينهم 1,015 طفلاً كانت أعمارهم أقل من عام واحد، منهم ما يزيد على 450 رضيعاً ولدوا واستشهدوا خلال الحرب «في دلالة على حجم الإبادة التي طالت أصغر الفئات العمرية».
وأشار المكتب إلى أنّ عشرات الآلاف من الأطفال أُصيبوا بجراحات بالغة أدّت في بعض الحالات إلى إعاقات دائمة، لافتاً إلى أنّ 864 طفلاً بُتروا نتيجة القصف المباشر، وقال: «تلك أكبر موجة إعاقات جماعية تصيب الأطفال في تاريخ فلسطين المعاصر».
وأوضح أنّ 5,200 طفل بحاجة إلى إجلاء طبي عاجل لإنقاذ حياتهم «في ظل منع الاحتلال المتعمّد لحقّ العلاج والتنقّل».
وأكد أنّ الاحتلال الإسرائيلي ما زال مستمراً في هندسة التجويع البطيء، وحرمان الأطفال من المواد الأساسية للحياة «ما يهدد 650,000 طفل بالموت جوعاً بشكل بطيء بسبب نقص الغذاء الكامل، بينما يتهدد الموت 40,000 رضيع بسبب نقص حليب الأطفال وهو أمر ينذر بكارثة إنسانية غير مسبوقة، تؤكد تعمد الاحتلال استهداف الأطفال الرضع ضمن سياسة الإبادة».
وقال إنّ 56,348 طفلاً يتيماً فقدوا أحد الوالدين أو كليهما، «في واحدة من أكبر موجات اليُتم الناتجة عن حرب واحدة في العصر الحديث، يعيشون اليوم بلا مأوى، بلا حماية، وبلا بيئة آمنة، ويتعرضون لصدمة جماعية ستترك آثارها لعقود طويلة».
ودعا المكتب المجتمع الدولي ومجلس الأمن والأمم المتحدة واليونيسف والمنظمات الدولية القانونية والحقوقية والإنسانية إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، واتخاذ خطوات عملية وفورية لحماية الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة وإدخال الغذاء والدواء وحليب الأطفال دون قيد أو شرط.
كما طالب بفتح تحقيق دولي مستقل في جرائم الإبادة الجماعية والقتل المتعمد للأطفال، وضمان محاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذين ارتكبوا هذه الجرائم أمام العدالة الدولية.
المقر العسكري الأميركي يضع خطة «تقسيم غزة»... ما التفاصيل؟
وضع المقر العسكري الأميركي في الأراضي المحتلة، خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، خضراء وحمراء، تخضعان لسيطرة إسرائيل و«حماس»، بالتزامن مع البدء بإنشاء تجمعات سكانية مؤقتة في الجزء الخاضع لسيطرة إسرائيل في محاولة لإزاحة «حماس».
ووفق الخطة، ستكون المنطقة التي تسيطر عليها «حماس» - وراء الخط الأصفر - ملونة باللون الأحمر، والمنطقة التي يسيطر جيش الاحتلال ملوّنة باالأخضر.
في تلك المناطق الخضراء، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، تشجع الولايات المتحدة بناء مساكن جديدة مؤقتة للفلسطينيين - وقد أحضر المقر الأميركي في «كريات غات» فرقاً هندسية إلى هناك ويخطط لإزالة الأنقاض.
وأشار مسؤولون أميركيون تحدثوا للصحيفة إلى أن فرقاً هندسية تعمل على وضع خطط بناء جديدة في «المنطقة الخضراء»، وتعمل على إزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة.
وتنص الخطة على أن تبقى هذه المساكن المؤقتة قائمة ريثما يتم تنفيذ خطط إعادة اعمار دائمة. ووفقاً للمسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا للصحيفة.
ومن المقرر بناء أول تجمع سكاني، وفقاً للخطة، في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل تقريباً.
ووفقاً لمصادر إسرائيلية وأميركية تحدثت إلى الصحيفة، فإن الخطة لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها تهدف إلى إنشاء أول تجمع سكاني هناك.
وذكرت الصحيفة أن هذا الاقتراح الأميركي هو على الأرجح السبيل الوحيد لبدء إعادة إعمار قطاع غزة حتى تغادر «حماس» السلطة، إذ لن يوافق أي مانح محتمل على تمويل إعادة الإعمار في منطقة تسيطر عليها «حماس».
وذكرت أن الدول العربية أبدت تحفظات أيضاً على خطة بناء تجمعات سكانية في الجزء الإسرائيلي لأنها ستُقسّم غزة فعلياً- وتُخضعها لسيطرة ليست بالضرورة فلسطينية.
وأفادت التقارير أن مصر حذرة بشكل خاص من إنشاء مثل تلك التجمعات المؤقتة في رفح - وتخشى من محاولة محتملة لدفعها إلى سيناء - إذا تغير الوضع.
من يضبط أمن التجمعات السكنية؟
ثمة تساؤل كبير يحيط بمسألة الأمن في هذه التجمعات السكنية المفترض إنشاؤها وفقاً للخطة. وليس من الواضح كيف سيتم ضمان دخول المدنيين فقط، وليس مقاتلين، إلى هذه التجمعات.
إحدى الأفكار، وفقاً للصحيفة، هي استخدام الميليشيات العاملة في قطاع غزة، والتي سلّحتها ودعمتها إسرائيل وفقاً لمصادر إسرائيلية وعربية.
لكن مسؤول أميركي صرّح بأن الولايات المتحدة لا تفكر في استخدام ميليشيات، يُعتبر بعض أعضائها مجرمين، وليست لديها بالضرورة القدرة على التعامل مع «حماس» عند الحاجة.
الهدف إزاحة «حماس»
ووفقاً للمسؤولين، يتوقعون أن تتقلص المناطق التي تسيطر عليها «حماس» مع مرور الوقت، ثم تختفي في نهاية المطاف - وستكون قوة الاستقرار الدولية (ISF)، التي فوض مجلس الأمن بإنشائها، قادرة على تولي مسؤولية الأمن في قطاع غزة إلى جانب الشرطة الفلسطينية، وذلك وفقاً لتقرير «وول ستريت جورنال».
وخلال هذه الفترة، من المفترض أن يُشرف مجلس السلام التابع للرئيس ترامب على الحكم المدني في غزة وإعادة الإعمار - إلى أن يتم نقل السيطرة في نهاية المطاف إلى حكومة فلسطينية.
وضع المقر العسكري الأميركي في الأراضي المحتلة، خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين، خضراء وحمراء، تخضعان لسيطرة إسرائيل و«حماس»، بالتزامن مع البدء بإنشاء تجمعات سكانية مؤقتة في الجزء الخاضع لسيطرة إسرائيل في محاولة لإزاحة «حماس».
ووفق الخطة، ستكون المنطقة التي تسيطر عليها «حماس» - وراء الخط الأصفر - ملونة باللون الأحمر، والمنطقة التي يسيطر جيش الاحتلال ملوّنة باالأخضر.
في تلك المناطق الخضراء، وفقاً لصحيفة «وول ستريت جورنال»، تشجع الولايات المتحدة بناء مساكن جديدة مؤقتة للفلسطينيين - وقد أحضر المقر الأميركي في «كريات غات» فرقاً هندسية إلى هناك ويخطط لإزالة الأنقاض.
وأشار مسؤولون أميركيون تحدثوا للصحيفة إلى أن فرقاً هندسية تعمل على وضع خطط بناء جديدة في «المنطقة الخضراء»، وتعمل على إزالة الأنقاض والذخائر غير المنفجرة.
وتنص الخطة على أن تبقى هذه المساكن المؤقتة قائمة ريثما يتم تنفيذ خطط إعادة اعمار دائمة. ووفقاً للمسؤولين الأميركيين الذين تحدثوا للصحيفة.
ومن المقرر بناء أول تجمع سكاني، وفقاً للخطة، في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، التي دمرها جيش الاحتلال الإسرائيلي بالكامل تقريباً.
ووفقاً لمصادر إسرائيلية وأميركية تحدثت إلى الصحيفة، فإن الخطة لا تزال في مراحلها الأولى، لكنها تهدف إلى إنشاء أول تجمع سكاني هناك.
وذكرت الصحيفة أن هذا الاقتراح الأميركي هو على الأرجح السبيل الوحيد لبدء إعادة إعمار قطاع غزة حتى تغادر «حماس» السلطة، إذ لن يوافق أي مانح محتمل على تمويل إعادة الإعمار في منطقة تسيطر عليها «حماس».
وذكرت أن الدول العربية أبدت تحفظات أيضاً على خطة بناء تجمعات سكانية في الجزء الإسرائيلي لأنها ستُقسّم غزة فعلياً- وتُخضعها لسيطرة ليست بالضرورة فلسطينية.
وأفادت التقارير أن مصر حذرة بشكل خاص من إنشاء مثل تلك التجمعات المؤقتة في رفح - وتخشى من محاولة محتملة لدفعها إلى سيناء - إذا تغير الوضع.
من يضبط أمن التجمعات السكنية؟
ثمة تساؤل كبير يحيط بمسألة الأمن في هذه التجمعات السكنية المفترض إنشاؤها وفقاً للخطة. وليس من الواضح كيف سيتم ضمان دخول المدنيين فقط، وليس مقاتلين، إلى هذه التجمعات.
إحدى الأفكار، وفقاً للصحيفة، هي استخدام الميليشيات العاملة في قطاع غزة، والتي سلّحتها ودعمتها إسرائيل وفقاً لمصادر إسرائيلية وعربية.
لكن مسؤول أميركي صرّح بأن الولايات المتحدة لا تفكر في استخدام ميليشيات، يُعتبر بعض أعضائها مجرمين، وليست لديها بالضرورة القدرة على التعامل مع «حماس» عند الحاجة.
الهدف إزاحة «حماس»
ووفقاً للمسؤولين، يتوقعون أن تتقلص المناطق التي تسيطر عليها «حماس» مع مرور الوقت، ثم تختفي في نهاية المطاف - وستكون قوة الاستقرار الدولية (ISF)، التي فوض مجلس الأمن بإنشائها، قادرة على تولي مسؤولية الأمن في قطاع غزة إلى جانب الشرطة الفلسطينية، وذلك وفقاً لتقرير «وول ستريت جورنال».
وخلال هذه الفترة، من المفترض أن يُشرف مجلس السلام التابع للرئيس ترامب على الحكم المدني في غزة وإعادة الإعمار - إلى أن يتم نقل السيطرة في نهاية المطاف إلى حكومة فلسطينية.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire