إيلان بابيه: اقتربت نهاية الصهيونية

 

بول مخلوف

بالنسبة إلى المؤرخ اليهودي المناهض للصهيونية إيلان بابيه، فإن إسرائيل قد دخلت «طورها الأخير». قد يبدو هذا الكلام عند العاقل فينا ضرباً من الجنون، وقد يعتبر قائله أشبه بالمنجّم؛ لكن إيلان بابيه يفكر بعقلانية باردة ولا يشيح نظره عن الصيرورة التاريخية مهما بلغ حجم الجرائم وتوسّعت رقعة الإبادة.
بابيه الذي يرصد ديناميكية الكيان الصهيوني ويتتبع التجليات الصهيونية في تحقيب تاريخي صارم، وصل إلى خلاصةٍ تفيد بأنّ مستوى التوحّش الذي وصل إليه الاحتلال ينذر بأنه في المرحلة الأخيرة قبل السقوط.

بذرة الدمار لإسرائيل
عاد بابيه إلى الواجهة من جديد. على منصة إكس، تشاع فيديوهات للمؤرخ الرصين التابع لمدرسة «المؤرخين الجدد» الذي تجرّد من «هويته» الإسرائيلية وكرّس حياته لتفكيك السردية الصهيونية ومحاربة إسرائيل. فيديوات يتحدث فيها عن نظريته «التاريخية» التي تقرّ بأن المستقبل ليس لمصلحة إسرائيل.
بابيه الذي كتب قبل نحو عقدين مقالة ذكر فيها أنّ إسرائيل في «الزمن القادم» ستكون أكثر تشدداً وانغلاقاً وعنفاً، يرى الآن أنّ التشدد والعنف والانغلاق الإسرائيلي وقد بلغ أنضج مستوى سيكون بحد ذاته بذرة الدمار لإسرائيل.
يقول بابيه: «نشهد مرحلة الصهيونية الجديدة. التقاليد الصهيونية غدت أكثر تطرفاً، والعنف الإسرائيلي تخطى المستوى الذي كان عليه. يحاول الإسرائيليون اليوم تحقيق مبتغاهم في وقتٍ قصير من الزمن».
هو يرى أنّ «الصهيونية الجديدة» في سباق مع الوقت. إنّ القيادة الصهيونية الجديدة تكمل ما بدأه أسلافها عام 1948، أي قتل الفلسطينيين والاستيلاء على أرض فلسطين وهي تريد إنهاء المهمة بسرعة، وهذا يتطلب النزوع نحو التوحّش اللامعقول الذي تمارسه.
لكن «تاريخياً، ما من حضارة استعمارية إلا وقد سبَقت سقوطها تلك المرحلة التي بدت فيها طموحة جداً ولم تبد أي رحمة، هذه هي حال إسرائيل اليوم».

انفضاض أميركا عن وكيلها
يبيّن بابيه مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي تدعم حجته بأن إسرائيل تقترب من أفولها، بدءاً من العواقب الدولية التي أقرتها المحكمة الدولية بسبب جرائم الحرب، أي الإبادة، التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، مروراً بحالة التصدع داخل «المجتمع» الإسرائيلي وصولاً إلى علاقة إسرائيل بحليفتها أميركا.
يتوقع بابيه أن يكون عهد ترامب سلبياً على الاقتصاد الأميركي، ما سيجعل أميركا تُحجِم رويداً رويداً، عن التدخل في منطقة الشرق الأوسط. «البنية السياسية التي أنتجتها الحرب العالمية الأولى تنهار أمام أعيننا بما في ذلك الحرب المعقّدة بين إسرائيل وفلسطين» يؤكد بابيه. وبابيه يشدد على كون إسرائيل بفطرتها مناهضة للإنسان. إنها مشروع يجرّد الإنسان من إنسانيته.
«يرى الإسرائيليون اليوم الأطفال الفلسطينيين القتلى ويقولون: جيّد، هذا جيد». الصهيونية عقيدة سامّة، وفكرة وجود إسرائيل لهي «حقيقة صعبة» كما يصفها المؤرخ. غير أنّ انهيار إسرائيل وفقاً لطرحه ليس حتمياً فقط، إنما بات وشيكاً.
إنّ انفكاك الفلسطينيين عن الاستعمار ونهاية إسرائيل معناه «دولة فلسطينية واحدة، يعيش تحتها اليهود والعرب متساويين» على حد تعبير بابيه.
توقّعات بارتفاع الكلفة إلى 20 ملياراً: إسرائيل تعاين آثار حربها
أحمد العبد

رام الله | انقشع غبار المواجهة، وسرى اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل؛ لكنّ الأضرار التي خلّفتها الصواريخ الإيرانية في الكيان لا تزال ماثلة، بل ويزداد حجمها وثقل تداعياتها يوماً بعد آخر، خصوصاً أنها لا تقتصر على الجوانب الاقتصادية، بل تطاول جوانب عسكرية واستراتيجية وسياسية واجتماعية. ووفقاً لصحيفة «غلوبس» الاقتصادية العبرية، فإن كل صاروخ إيراني سقط في إسرائيل، نتجت منه في المتوسط 4,000 طلب للتعويض على الأضرار. ولفتت الصحيفة إلى أن الصواريخ الإيرانية تسبّبت بأضرار كبيرة نتيجة موجات الانفجار الهائلة الناتجة من سقوطها، ودفعت إلى إجلاء حوالى 18 ألف إسرائيلي من منازلهم خلال أيام الحرب الـ12.
وفي الإطار نفسه، قال صندوق التعويضات في سلطة الضرائب الإسرائيلية، إنه تلقّى نحو 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية مباشرة، من جرّاء الضربات الإيرانية داخل المدن المحتلّة. وتوزّعت تلك الطلبات على 30 ألفاً و809 طلبات للتعويض عن أضرار لحقت بمبان، و3713 طلباً عن أضرار بمركبات، و4085 طلباً عن أضرار بمعدات وغيرها. ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، في هذا الجانب، إلى أن هناك تقديرات بتضرُّر آلاف المباني الأخرى، وأنه لم تُقدَّم أيّ طلبات للتعويض عنها إلى الآن، وهو ما يعني أن الرقم المذكور متحرّك وليس نهائياً. كذلك، أفاد موقع «بحديري حريديم» الإلكتروني العبري، بأن قرابة 25 ألف طلب تمّ تقديمها في مدينة تل أبيب (وسط) وحدها، تليها مدينة أشكلون (عسقلان/ جنوب) بـ10 آلاف و793 طلباً.
وبصورة أعم، تشير تقديرات عبرية أولية إلى أن الحرب على إيران كلّفت الخزينة الإسرائيلية حوالى 22 مليار شيكل (6.2 مليارات دولار) بشكل مباشر، بينها 10 مليارات شيكل لتمويل إنفاق الجيش الإسرائيلي الذي يشمل الذخيرة وصواريخ منظومات الاعتراض والساعات الطويلة لتحليق الطائرات الحربية وتجنيد قوات احتياط؛ و5 مليارات شيكل لتمويل تعويضات للمصالح التجارية والعاملين الذين اضطروا إلى التوقّف عن العمل، وتعويض حوالى 15 ألف شخص من الذين تمّ إخلاؤهم من منازلهم؛ و5 مليارات شيكل لتمويل الأضرار اللاحقة بالمباني والبنية التحتية.
لكنّ تقارير اقتصادية إسرائيلية، كشفت أن الحرب كلّفت الاقتصاد الإسرائيلي خسائر مباشرة تُقدَّر بـ12 مليار دولار، تشمل النفقات العسكرية، والأضرار الناجمة عن الضربات الصاروخية، وتعويضات الشركات والأفراد، وتكاليف إعادة الإعمار. وتوقّعت أن ترتفع الكلفة إلى 20 مليار دولار، إذا استكملت تقديرات الأضرار غير المباشرة وتعويضات الجبهة الداخلية. وأشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، في هذا الإطار، إلى أن الجيش الإسرائيلي تقدَّم بطلب للحصول على 40 مليار شيكل إضافية (نحو 11.7 مليار دولار) لتعويض خسائره، بعدما سبق له طلب 10 مليارات ثم 30 ملياراً قبل اندلاع الحرب، موضحة أن تلك المطالب تشمل شراء صواريخ اعتراضية وذخائر هجومية وإعادة ملء مخزون التسليح.
وبحسب الصحيفة، لا تشمل هذه الأرقام تكاليف استمرار إقامة آلاف الإسرائيليين في الفنادق، أو استئجار مساكن بديلة لهم بعد انتهاء فترة الإيواء المؤقّت، أو كلفة تعويض العمّال والمصالح المتوقّفة عن العمل. كما لم تُحدَّد بعد الخسائر الدقيقة في نحو ثلث العقارات المتضرّرة، وسط تقديرات بأن إعادة تأهيلها ستتطلب ما بين 1 و1.5 مليار شيكل إضافية.
وبيّنت التقارير أنه من أجل تمويل تكاليف الحرب على إيران، سيتعيّن تنفيذ خطوات تشمل رفع نسبة العجز في موازنة الدولة، بعدما تمّ رفعها بسبب الحرب على غزة، ويُتوقّع أن تصل إلى 6%، مشيرة إلى تراجع النموّ الاقتصادي الإسرائيلي بنسبة 0.2% على الأقل، الأمر الذي سيخفّض دخل خزينة الدولة من الضرائب. لكنّ حكومة الاحتلال تحاول التقليل من تداعيات الخسائر والأضرار مقابل ما تقول إنها مكتسبات كبيرة حقّقتها في مواجهة إيران.
ولذلك، استعرضت إذاعة جيش الاحتلال الأضرار التي وصفتها بـ»المحدودة نسبيّاً»، والتي اقتصرت على الجبهة الداخلية فقط. وكانت الضربات الإيرانية أسفرت عن مقتل 28 إسرائيلياً، وإصابة 1319 آخرين، بينهم 17 في حالة حرجة، و29 بحالة متوسطة، إضافة إلى دمار واسع شمل مئات الشقق السكنية، وخسائر مادية لم يتمّ حصرها بعد.
ولا تزال الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض، من جهتها، رقابة مشدّدة على حجم الخسائر والأضرار، ولا سيما في المواقع العسكرية والبنى التحتية الحيوية والاستراتيجية التي استُهدفت في الهجمات الصاروخية الإيرانية. واستعرضت إذاعة جيش الاحتلال ما سمّته الأضرار التي لحقت بإسرائيل، وهي إطلاق إيران ما بين 500 و550 صاروخاً باليستياً وأكثر من ألف مُسيّرة.
وأضافت: «تسبّبت الصواريخ بأضرار جسيمة لعشرات المواقع في العمق الإسرائيلي، وألحقت دماراً بمئات المنازل، ما أدى إلى تشريد مئات العائلات، كما أسفرت عن مقتل 28 إسرائيليّاً، بينما أسقطت الدفاعات الإيرانية طائرتين مُسيّرتَين تابعتَين لسلاح الجو الإسرائيلي». كذلك، اعترفت بتعرُّض مواقع استراتيجية في إسرائيل للقصف، من بينها منشآت شركة «بازان» (المسؤولة عن إدارة مصفاة تكرير النفط في حيفا)، ومعهد «وايزمان» في رحوفوت.
وكتب الخبير الاقتصادي يهودا شاروني، في موقع «واللا»، عن التكلفة الباهظة للحرب مع إيران، قائلاً: «في موازنة تبلغ حوالى 600 مليار شيكل، وناتج محلّي إجمالي يبلغ تريليونَي شيكل، حتى قوّة مثلنا تجد صعوبة في خوض حرب طويلة مع إيران، التي تبعد عنّا مسافة حوالى ألفي كيلومتر».
أيضاً، عانت الأسواق المالية في إسرائيل من جرّاء تصاعُد التوتّرات العسكرية، والتي أصابت شراراتها بورصة الألماس الإسرائيلية، وهي قطاع يُمثّل نحو 8% من إجمالي صادرات إسرائيل. وتسبّبت تلك الضربة التي تلقّاها سوق الأسهم، بذعر المستثمرين، ما أدّى إلى عمليات بيع مكثّفة، سرّعت من وتيرة تباطؤ السوق، وعرّضت الاستقرار الاقتصادي للخطر على المدى القصير.
وتضع هذه التكاليف والخسائر، الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحدّيات صعبة، خاصة في ظلّ استمرار الحرب على غزة، والتي كلّفت الاحتلال حوالى 40 مليار دولار حتى نهاية عام 2024 فقط، فيما تكبّدت قطاعات عديدة، وفي مقدّمها البناء والسياحة والطيران، خسائر فادحة أيضاً منذ السابع من أكتوبر 2023.


مساعٍ مصرية - قطرية لإحياء المفاوضات
القاهرة | تشهد الساحة السياسية تحرّكات دبلوماسية مكثّفة في محاولة جديدة لإحياء مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وبحسب مصادر مصرية تحدّثت إلى «الأخبار»، فإنّ «الاتصالات مع الوسطاء لم تتوقّف، ومن المتوقّع أن تُعقد جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة خلال أيام، في القاهرة أو الدوحة». وتشير المعطيات إلى أنّ هناك «تمهيداً لجولات تحضيرية قد تبدأ خلال أيام، إذ يتوقّع أن تتحرّك وفود المفاوضين بين تل أبيب والقاهرة والدوحة، في لقاءات تهدف إلى استكشاف نوايا الأطراف والاستعدادات لجولة حاسمة من التفاوض، في حال توافرت الشروط اللازمة».
وفي هذا السياق، عادت مصر وقطر المنخرطتان في جهود الوساطة، إلى «الضغط على الولايات المتحدة من أجل دعم مسار التهدئة بشكل حقيقي هذه المرة». كما عقد مسؤولون مصريون وقطريون، في الأيام الأخيرة، لقاءات مع وفود وقيادات من حركة «حماس»، وشاركوا في اتصالات مع أطراف دولية، بينها واشنطن.
وتهدف هذه التحرّكات، وفقاً للمصادر، إلى «وضع أسس واضحة لجولة مفاوضات جديدة تأخذ بعين الاعتبار التنازلات التي قدّمتها "حماس" في الجولات السابقة، وفي الوقت ذاته تحاول تجاوز الشروط التعجيزية التي تطرحها إسرائيل، والمتمثّلة في نزع سلاح الفصائل وإبعاد القيادات»، وهي المطالب التي ترفضها الحركة بشكل قاطع، وتطالب في مقابلها بصفقة شاملة تضمن وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، وإعادة إعمار القطاع، وتنظيم ملف الحكم في غزة عبر تفاهمات وطنية.
وإزاء ذلك، تقول المصادر إنّ «حماس ستكون أكثر تعاوناً هذه المرة، شريطة أن تلتزم واشنطن بدورها كضامن فعلي لأي اتفاق يتمّ التوصل إليه، وأن تدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات مقابلة»، مضيفة إنّ الحركة «جاهزة لإطلاق جميع الأسرى الذين تحتجزهم دفعة واحدة، مقابل التزام إسرائيلي واضح بمحدّدات الحل الشامل وضمانة أميركية بعدم خرق التهدئة مجدّداً»، وهو ما تعتبره القاهرة أنه «يجب البناء عليه».
وإذ ترى المصادر أنّ الموقف الإسرائيلي «لا يزال غامضاً»، فهي تعتقد أنّ المؤشرات السياسية الآتية في تل أبيب توحي بأنّ «هناك تيارات داخل الحكومة والجيش تميل إلى إنهاء الحرب، خاصة مع اتّساع حجم الخسائر السياسية والعسكرية، وتزايد الضغوط الأميركية والأوروبية، إلى جانب المطالبات الداخلية بإعادة الجنود والأسرى من غزة».


كمائن «المساعدات» حصدت 600 شهيد في غزة
استشهد حوالى 600 فلسطيني، وأصيب الآلاف، بعد شهر من تفعيل آلية المساعدات الإسرائيلية الأميركية في قطاع غزة.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إن شهراً كاملاً قد مرّ «على بدء عمل وإنشاء ما يُسمى بـ«مراكز المساعدات الأميركية-الإسرائيلية»، والتي تحوّلت خلال 30 يوماً إلى مصائد للموت وأفخاخ للقتل والاستدراج الجماعي اليومي، راح ضحيتها 549 شهيداً، و4,066 إصابةً، و39 مفقوداً».
وأكد المكتب أن «ما يحدث في هذه المراكز هو جريمة حرب مكتملة الأركان (...) حيث يجري استدراج المُجوّعين المدنيين ثم إطلاق النار عليهم، بدمٍ بارد وممنهج وبشكل يومي، ووفق مواعيد محددة»، محذراً العالم «من استمرار هذا النمط الدموي».
وكانت وزارة الصحة في غزة قد أعلنت، اليوم، استشهاد 79 شخصاً وإصابة 391 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية، ما يرفع عدد الشهداء، منذ بداية العدوان على القطاع، إلى 56156 شهيداً و132239 إصابة، ومنذ اسئنافه في آذار الفائت إلى 5833 شهيداً و20198 إصابة».
وفي سياق متصل، أعرب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب عن اعتقاده بأن «تقدماً كبيراً يتحقّق في ما يتعلق بغزة وأعتقد أن السبب هو الهجوم الذي نفّذناه»، في إشارة إلى الضربات الأميركية على منشآت نووية في إيران، متوقعاً «أنباء جيدة جداً»، بشأن القطاع.

استشهاد طفل في جنين
وفي الضفة الغربية، استشهد فتى برصاص الاحتلال الإسرائيلي، خلال اقتحام بلدة اليامون غربي جنين، ما يرفع عدد الشهداء في المحافظة، منذ بدء العدوان في كانون ثاني الفائت، إلى 40 شهيداً.
وتواصل قوات الاحتلال تنفيذ اقتحامات في شوارع مدينة جنين، حيث أطلقت الرصاص الحي عشوائياً، وعرقلت حركة المواطنين.
وقالت وكالة «وفا» إن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص الحي تجاه مركبة فلسطينية، على شارع السكة في مدينة جنين، واحتجزت من بداخلها دون وقوع إصابات، فيما انتشرت فرق المشاة وسط المدينة ومحيط دوار السينما، وأطلقت الرصاص الحي تجاه الموجودين.
وفي وقت سابق من اليوم، هدمت جرّافات الاحتلال المنازل في مخيم جنين، في إطار مخطط الهدم الذي أعلن عنه الاحتلال في التاسع من الشهر الجاري، ويتضمن هدم 95 منزلاً في عدة حارات في المخيم.
كما اقتحمت آليات الاحتلال الإسرائيلي، ظهر اليوم، المركز التجاري في مدينة جنين، وداهمت محلاً تجارياً واستولت على بضاعته، فيما أطلق جنود الاحتلال قنابل الغاز السام المسيل للدموع.

هجوم للمستوطنين في رام الله
أما في رام الله، فاستشهد 3 أشخاص وأُصيب 7 آخرون، خلال هجوم لمستوطنين على بلدة كفر مالك شرق رام الله.
وقالت مصادر محلية، لوكالة «وفا»، إن «عشرات المستوطنين هاجموا بلدة كفر مالك، وأحرقوا مركبات ومنازل لمواطنين في البلدة، وسط محاولات من مواطني البلدة والقرى المجاورة التصدّي لهم».
وأضافت أن «قوات الاحتلال أمنت الحماية للمستوطنين، وأطلقت الرصاص الحيّ صوب المواطنين، ومنعت سيارات الإسعاف من الوصول إلى المصابين ونقلهم».


العدو يتفرّغ لغزة مجدّداً | المقاومة تتنشّط: كمائن فاتكة
يوسف فارس

بانتهاء الحرب على إيران، انصبّ التركيز الإسرائيلي مجدّداً على جبهة قطاع غزة التي عادت لتتصدّر أولويات الحكومة الإسرائيلية؛ إذ التقت آراء وزراء الاحتلال على المضي قدماً في الحرب حتى تحقيق الأهداف الرئيسية المعلنة، وهي القضاء على «حماس»، واستعادة الأسرى الأحياء والأموات. وبرزت مؤشرات هذا التوجه، في الاندفاع الميداني المصحوب بنشوة «الإنجازات»، توازياً مع تعطيل المسار التفاوضي للوصول إلى صفقة تبادل تشكّل بوابة لنهاية الحرب.
وعلى الرغم من ما قاله الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في تصريحاته، عن أنه ستكون هناك «أخبار جيدة حول غزة في الأيام المقبلة»، والأجواء المتفائلة التي أشاعها الوسيط غير الرسمي، بشارة بحبح، في مقابلات صحافية، حول الانتهاء من معظم النقاط العالقة، أكّدت «هيئة البث الإسرائيلية» أنه «لن يتم إرسال وفد التفاوض إلى الدوحة، لأن الفجوات لا تزال كبيرة، والخلافات حول شروط إنهاء الحرب معقّدة»، فيما أعلن رئيس أركان الجيش، إيال زامير، أن «القتال في غزة سيستمر حتى تحقيق كلّ الأهداف».
أما ميدانياً، فتصاعدت وتيرة القصف، وتحديداً الذي تنفّذه الطائرات الحربية. وشهد اليومان الماضيان قصف العشرات من المنازل وتدميرها، وتحديداً في مدينة جباليا البلد شمال القطاع، ومدينة خانيونس جنوبه. وسُجّل أيضاً حضور لافت للطائرات المُسيّرة بعد غياب نسبي استمر لأيام، حيث نفّذت العشرات من الاستهدافات التي طاولت تجمعات المواطنين وخيامهم.
وبعد تسجيل استشهاد 84 مواطناً، نحو 60 منهم من منتظري المساعدات على شارع الرشيد، ومراكز التوزيع الأمركية، أول أمس، سقط 7 شهداء من عائلة الدحدوح، أمس، في قصف طاول منزلهم في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، و10 آخرون من عائلة قزعاط في قصف منزلهم في حي الصبرة جنوب المدينة.
كما أغارت الطائرات الحربية على منزلين لعائلتَي نصر والدادا في جباليا البلد، ما تسبّب في مجزرة بحق سكان المنزلين.
كذلك، استشهد 4 مواطنين من عائلة سلمان جراء استهداف مسكنهم في مدينة دير البلح وسط القطاع، و5 مواطنين في قصف طاول منزلهم في محيط مجمع أنصار جنوب مدينة غزة، و9 مواطنين من عائلة أبو عجوة في استهداف بيتهم شرق المدينة.
ودمّرت الطائرات الحربية أيضاً، منزلاً لعائلة التلمس في حي الكرامة شمال غرب المدينة، ما تسبّب في استشهاد عائلة مكوّنة من 5 أفراد. ولم يمر أمس من دون أن يرتكب جيش الاحتلال مجزرته اليومية بحق منتظري المساعدات؛ سجّلت المصادر الطبية استشهاد 14 مواطناً قرب مركز توزيع المساعدات الأميركية في منطقة نتساريم وسط القطاع.
في مقابل ذلك، شهدت الأيام الثلاثة الماضية زخماً ميدانياً كبيراً لعمليات المقاومة؛ إذ تمكّنت الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، وعلى رأسها «كتائب القسام» و»سرايا القدس»، من تنفيذ عشرات الكمائن والمهمات القتالية المؤثّرة، والتي تسبّبت بإيقاع خسائر بشرية كبيرة في صفوف جنود الاحتلال. وأهم تلك الكمائن، نفّذه مقاومو «كتائب القسام»، مساء أول أمس، أي في الوقت نفسه الذي كان فيه رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، يتباهى بتحقيق منجزات في الحرب على إيران.
وقالت الكتائب إن أحد عناصرها تمكّن من تدمير ناقلة جنود من نوع «بوما» حيث وضع عبوة ناسفة من نوع «شواظ» داخل قمرة القيادة، ما أدّى إلى احتراقها ومقتل جميع أفراد طاقمها، قبل أن يستهدف المقاومون ناقلة جنود أخرى بـ»عبوة العمل الفدائي» بالقرب من مسجد الإمام علي بن أبي طالب في منطقة معن جنوب مدينة خانيونس.

جيش الاحتلال يعترف بمقتل 7 جنود وجرح 17 في كمين في غزة
وفي التفاصيل، ذكرت مصادر عبرية أن «وحدات الإنقاذ فشلت في محاولة إخماد النيران التي اندلعت في الناقلة في مسرح الحدث بسبب قرب المقاومين من المكان، والخشية من تكرار الهجوم، ما دفعها إلى سحب الناقلة وهي مشتعلة إلى شارع صلاح الدين شرقاً، بينما أجساد الجنود تتفحّم». وكان اعترف جيش العدو بمقتل 7 من جنوده وإصابة 17 آخرين بجروح متفاوتة، في الكمين.
وزاد توثيق «القسام» للمهمة ونشر مقطع مصوّر لها، تأزم المشهد المعنوي في أوساط مجتمع الجيش والإعلام العبريين، حيث علّق نوعم أمير، من «القناة 14»، على المقطع بقوله: «يجب على رئيس الأركان الاتصال بقائد الفرقة 36 وإرساله إلى المنزل»، فيما رأى ضابط كبير في جيش الاحتلال أن «ما تمّ توثيقه مخزٍ ولا يشرّف الجيش الإسرائيلي. هذا أقل ما يمكن قوله.
وكان من المُفترض بقائد القوة أن يدهس المسلحين وفقاً للتعليمات العسكرية، إذا كانوا على مسافة قريبة، أو على الأقل يفتح النار عليهم باستخدام الرشاش المثبّت على المدّرعة». أما موريا أسراف من «القناة 13»، فقد ربطت الكمين بما نشره «الإعلام العسكري» التابع للكتائب قبل أسبوع ونصف أسبوع، حيث ظهر أحد المقاتلين وهو يلاحق ناقلة جند بسلاح فردي ويحاول فتح بوابتها من الخارج، قبل أن تعمد الناقلة إلى الهروب.
كذلك، أعلنت «كتائب القسام» تنفيذ كمين مركّب استهدف فيه المقاومون قوة صهيونية تحصّنت داخل منزل بقذيفة من نوع «الياسين 105»، وأخرى من نوع «آر بي جي» في منطقة الترخيص جنوب مدينة خانيونس، ما تسّبب بوقوع أفراد القوة بين قتيل وجريح. وتحدّثت أيضاً عن استهداف دبابة «ميركافا» بعبوة «شواظ» وقذيفة «الياسين 105» في المنطقة نفسها. كما ذكرت أن مقاوميها فجّروا جرافة عسكرية من نوع «دي ناين» بعبوة «شواظ» معدّة مسبقاً، مضيفة أن النيران اشتعلت في الجرافة لمدة ساعة، وحينما تقدّمت جرافة أخرى للإنقاذ تمّ استهدافها بقذيفة «الياسين 105» في منطقة التوحيد جنوب خانيونس
وفي خانيونس أيضاً، أعلنت «سرايا القدس» تمكّن مقاوميها من تنفيذ استحكام مدفعي بوابل من قذائف الهاون، استهدف تجمعات الجنود داخل محاضن الآليات في محيط صالة المهنّد وشارع البداو في منطقة السطر الغربي، ما استدعى تغطية جوية ومدفعية لنقل الجرحى والقتلى من جيش العدو. وأكدت «سرايا القدس» أن مقاوميها استطاعوا تدمير آلية عسكرية متوغّلة في منطقة الترخيص القديم جنوب المدينة، بتفجير عبوة برميلية شديدة الانفجار.
كذلك، أبلغ «الإعلام الحربي» التابع للسرايا عن تفجير مقاوميه آلية عسكرية من نوع «ميركافا» في منطقة عبسان الكبيرة شرق خانيونس. وكانت أعلنت، قبل يومين، استهداف مقاوميها منازل في خانيونس يتحصّن فيها جنود الاحتلال، بصواريخ موجّهة من نوع «فاغوت» و»مليوتكا». ووزّعت أيضاً مشاهد لقنص جندي على تلة المنطار شرق مدينة غزة.
هذه الأحداث الميدانية المتلاحقة والمكلفة بشرياً، وقعت جميعها في مناطق عمل فيها جيش الاحتلال طويلاً، وزعم عدة مرّات أنه استطاع تدمير كتائب المقاومة فيها، وهو ما يؤكد قدرة الأخيرة المستمرة على إعادة بناء خلاياها، وتوظيف ما يتوفّر من إمكانات في تنفيذ عمليات مكلفة بشرياً، بتكتيك قتالي يعتمد كلياً على فهم سلوك العدو وتوقّع خطواته، إلى جانب ما يمتلكه المقاومون من بسالة واستعداد للتضحية.


إسرائيل للّجنة وقف النار: انزعوا السلاح كي ننسحب
آمال خليل

للمرة الأولى منذ 11 آذار الماضي، التأمَ أمس في رأس الناقورة اجتماع لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، برئاسة الرئيس الجديد للّجنة الجنرال الأميركي مايكل ليني وحضور قائد اليونيفيل ديوداتو أبانيارا في أول نشاط له بعد تسلّمه منصبه أمس.
وبحسب مصدر عسكري، أبدى ليني أداءً مختلفاً عن سلَفه الجنرال الأميركي غاسبر جيفرز «الذي كان يأتي إلى اللجنة برزمة إملاءات منحازة إلى إسرائيل».
إذ «بدا ليني مرناً ومستمعاً إلى وجهات نظر الأطراف المشاركة، حاصراً النقاش في المستوى العملاني العسكري، ولم يربطه بالإملاءات السياسية لبلاده على لبنان».
وضمن المداخلات، قال ممثّل العدو إنّ قوات الاحتلال «لن تنسحب من النقاط الخمس التي بقيت فيها عند الحدود الجنوبية قبل نزع سلاح حزب الله». في المقابل، نقل الوفد اللبناني موقف رئيسي الجمهورية والحكومة اللذين يصرّان على «انسحاب إسرائيل أولاً».

حرب الغرب على الشرق
أيهم السهلي

منذ بداية حرب أكتوبر 2023، والهجوم الإسرائيلي الذي نعيش وحشيّته حتى اليوم، وأنا أسأل نفسي السؤال ذاته، هل لو كان على رأس الحكم في إسرائيل شخص آخر غير بنيامين نتنياهو، لكانت الوحشية الإسرائيلية ستكون أقل، أو أشكالها مختلفة؟
الإجابة تبدو بالنسبة إليّ واضحة في كل مرة، وهي لا كبيرة، ونعم أكبر، وللإجابتين ما يبرّرهما. إنّ نتنياهو العالق في جلباب أبيه، وفي عباءة جابوتنسكي، أقرانه من السياسيين الإسرائيليين عالقون في جلابيب مماثلة، لا تقلّ وحشيّة عن أفكار صاحب «الجدار الحديدي»، وصاحب النظرة الاستعلائية الإلغائية للشرق وثقافته ووجوده ككل. جلابيب الساسة في إسرائيل، متوارثة، ومع كل جيل جديد، يعلق عليها شيء جديد، ينتقل إلى الجيل التالي، وهكذا، حتى وصلنا إلى الحاليّين الذين يحكمون إسرائيل.
ومنذ الأوائل، قبل أكثر من 77 عاماً، أي قبل «إعلان الاستقلال» ونكبة فلسطين عام 1948، كانوا يدرسون كل خطوة سينجزونها، بدءاً بثيودور هرتزل، الذي يقول في كتابه «دولة اليهود»: «إنّ الخطّة، وهي بسيطة في تصميمها معقّدة في تنفيذها، سوف تقوم بها مؤسّستان: جمعية اليهود والشركة اليهودية. سوف تقوم جمعية اليهود بالأعمال التمهيدية في مجالَي العلم والسياسة، ثم تقوم الشركة اليهودية في ما بعد بتطبيقها عملياً. سوف تنظر الشركة اليهودية في تحقيق المصالح المالية لليهود الراحلين، وسوف تنظّم الاقتصاد والتجارة في الدولة الجديدة».
ويكمل موضحاً أنّ رحيل اليهود عن بلادهم التي يعيشون فيها، سيكون تدريجياً ومستمراً على مدى عقود من الزمن. والمتابع لبدء وجود اليهود في فلسطين من أواخر القرن التاسع عشر، يدرك أنّ «الخطّة» التي تحدّث عنها هرتزل، نفّذت. ويدرك أيضاً، ما كتبه هذا الصحافي الذي ينسب إليه تأسيس الحركة الصهيونية، في تفصيله لمن عليهم الرحيل أولاً نحو البلد المختار لإقامة «الدولة»، فاعتبر أنّ أول الراحلين يجب أن يكونوا «الأكثر فقراً لزراعة الأرض، وفي إطار خطّة سبق تصميمها، سوف ينشئون الطرق والجسور، والسكك الحديدية والتلغراف، واستثمار الأنهار، وبناء مساكنهم، وسيخلق عملهم هذه التجارة، وستخلق التجارة الأسواق، وسوف تجذب الأسواق مستوطنين جدد، لأنّ كل واحد منهم سيذهب مختاراً على حسابه الخاص، وسيأخذ المخاطرة على عاتقه».
التخطيط الإسرائيلي انتقل من المؤسّسين إلى التابعين، بن غورين وغيره، وتلامذته الذين حكموا إسرائيل، ومكّنوا دعائمها، وحافظوا على الفوقية والاستعلاء على الآخرين، حتى داخل المجتمع الوليد في الدولة الوليدة، فكما قال هرتزل عن رحيل الفقراء أولاً، فعل ورثته في إسرائيل، فعومل اليهود غير الغربيّين، معاملة أقل، وأحياناً دون، ولم يصل كثير منهم إلى مناصب عليا في الدولة.
مؤسّسو إسرائيل، على أرضية صهيونية، شكّلوا قبيلة لا يخرج من عباءتها أحد، إلا قلّة نجت بنفسها، وتصالحت مع عقلها وإنسانيتها، ولم تخضعه لمقولات وتفسيرات جاهزة، ومحاولات خلق حاضر في الجغرافية للنص التاريخي. أمّا القبيلة، فهي التي تقوم بالذي نعيشه في منطقتنا منذ سنوات طويلة، وها هو يتجلّى بأحلك صوره منذ عامين تقريباً، ليس بدءاً بتعبير «حيوانات بشرية» الذي تفوّه به وزير الأمن الإسرائيلي السابق يوآف غالانت، فقد سبقه الأوائل بكلمات وتعابير أقذع. فهم لم يرونا في يوم من الأيام أكثر من «حيوانات» سهل استباحتنا، وسهل أكثر قتلنا، وسهل أكثر تحميلنا مسؤولية موتنا وإبادتنا وفنائنا في آخر المطاف.
بالعودة إلى السؤال في البداية، إنّ أي حاكم لإسرائيل كان سيخوض الحرب بالضراوة والوحشيّة ذاتها، هل لأنّ هجوم المقاومة كان قوياً إلى هذا الحدّ؟ نعم، لكن ليس هذا فحسب، إنما لأنّ هناك مَن فكّر بهزّ أركان هذا الكيان القائم بقوة الغرب، ونفّذ هذا الهجوم، فالغرب هو الذي قرّر أيضاً خوض هذه الحرب، والاستمرار فيها، هو الذي أراد لهذا الشرق أن «يتربّى» تحديداً وإنّ مشهد ذاك الصباح، سيفتح في أذهان سكان المنطقة العربية والإسلامية وغيرهم في العالم، إمكانية التفكير والذهاب بعيداً في المواجهة، والانتقال من التضامن القلبي أو اللفظي إلى الفعلي.
فمن أجل قمع هذا التحول، كانت الحرب ضارية ووحشيّة، وبعد ذلك، بعد أن ضمنوا صمتاً وسكوتاً ودفناً للرؤوس والقلوب في التراب، حان وقت الإنجازات الأخرى، كقضم الأراضي، وتهجير السكان، واستمرار «تعليم» المنطقة مصيرها لو جرّبت رفع رأسها.
بعد الحرب على إيران، ورؤية الصورة واضحة من إسرائيل، بعد ضرب أبنية في مدنها الكبرى، وفي درّة التاج (تل أبيب)، فإنّ فعلاً جديداً سيخرج من إسرائيل والغرب معاً، لإعادة «ترويض» وعي المنطقة الذي اشتغلوا عليه بالنار على مدى العامين السابقين.
لذا فالحرب التي انتهت لم تنتهِ بعد، وستستمر بأساليب أخرى، وربما بأسلوب الحرب ذاته، لكن في مناطق أخرى في المنطقة. هذه الحروب لتنتصر القبيلة في إسرائيل، والقبيلة في الغرب، وهذه الحروب لها عنوان واحد في نظر هؤلاء جميعاً، قاله نتنياهو في الخطاب الذي ألقاه في 24 تموز2024 أمام الكونغرس الأميركي: «صراع بين الحضارة والبربرية».


استشهاد 3 مواطنين وإصابة 7 آخرين في هجوم لمستوطنين على بلدة كفر مالك شرق رام الله
استشهد ثلاثة مواطنين وأصيب سبعة آخرون، مساء اليوم الأربعاء، برصاص المستوطنين وقوات الاحتلال الصهيوني، خلال هجوم عنيف استهدف بلدة كفر مالك شرق رام الله.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد ثلاثة مواطنين وإصابة سبعة آخرين بالرصاص الحي، في اعتداء نفذه مستوطنون مسلحون بحماية قوات الاحتلال، استهدف منازل وممتلكات المواطنين في البلدة.
وأوضحت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمها تعاملت ميدانيًا مع خمس إصابات وُصفت جراح بعضهم بالخطيرة، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال منعت سيارات الإسعاف من الوصول للمصابين ونقلهم.
ووفقًا لمصادر محلية، فقد هاجم عشرات المستوطنين بلدة كفر مالك، وأضرموا النار في عدد من المركبات والمنازل، وسط محاولات من أهالي البلدة والقرى المجاورة للتصدي لهم، بينما أمنت قوات الاحتلال الحماية للمعتدين، وأطلقت النار على المواطنين الذين خرجوا لرد الهجوم.
ويأتي هذا التصعيد بعد يومين فقط من استشهاد الطفل عمار معتز حمايل (13 عامًا)، لاعب منتخب فلسطين للموياي تاي للناشئين، والذي ارتقى برصاص قوات الاحتلال التي أطلقت عليه النار بشكل مباشر في البلدة.


«هارفرد»: اختفاء 377 ألف إنسان من غزة!
علي عواد

أفاد تقرير جديد نُشر عبر منصة «هارفرد داتافيرس» بأن عدد الفلسطينيين المفقودين في قطاع غزة منذ تشرين الأول (أكتوبر) 2023 بلغ نحو 377 ألف شخص، في وقت تشير فيه التقديرات الرسمية لوزارة الصحة إلى مقتل ما يقرب من ستين ألفاً فقط.
التقرير، الذي أعدّه البروفيسور يعقوب غارب، اعتمد على تحليلات بيانات سكانية وخرائط تفصيلية ليكشف عن تراجع حاد في أعداد سكان القطاع، وسط استمرار العمليات العسكرية والحصار الإسرائيلي.
وتطرح الأرقام الجديدة تساؤلات جدية عن حجم الكارثة الإنسانية في غزة والعدد الحقيقي للضحايا، خصوصاً مع غياب أي أثر لعشرات الآلاف من الأطفال والعائلات التي لم يُعرف مصيرها بعد.
قبل بدء الهجوم الإسرائيلي، وصل عدد سكان غزة إلى أكثر من 2.2 مليون نسمة. اليوم، تنخفض التقديرات الرسمية إلى مليون و850 ألفاً فقط. في غزة المدينة، ما يزال هناك مليون على قيد الحياة. في المواسي، تحاصر بقايا 500 ألف شخص. وسط القطاع يستقر 350 ألفاً. لكن أين ذهب الباقون؟
تكشف التقارير الميدانية أنّ المناطق التي شهدت أعنف القصف صارت شبه خالية من البشر. ويصعب على الباحثين والإعلاميين معرفة عدد الشهداء الحقيقي. تحت الأنقاض أجيال كاملة تذوب في العتمة، ولا إحصاءات دقيقة أو سجلات توثق ما حدث.
الأرقام الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة في غزة تُحصي ما يقرب من ستين ألف شهيد، إلا أنّ تقديرات الدراسات الحديثة تفترض أنّ العدد الحقيقي يفوق ذلك بكثير.
تشير أبحاث طبية نشرت في مجلة «ذا لانسيت» إلى أن الحصيلة النهائية قد تتجاوز الـ186 ألف شخص، خصوصاً إذا أُخذت في الحسبان الوفيات الناتجة من الحصار ونقص الغذاء والدواء والماء، وتفشي الأمراض المزمنة والحادة.
المأساة لا تقتصر على مشهد القتل اليومي. يواجه سكان غزة صعوبات متواصلة في الحصول على الغذاء والماء النظيف. الحصار الخانق يمنع دخول المساعدات بشكل فعلي، وتتكدس شاحنات الإغاثة على المعابر من دون أن تصل إلى مستحقيها. الخطة الأميركية الإسرائيلية لتوزيع المساعدات وُضعت ضمن منطق السيطرة والاحتواء، وليس لإنقاذ الجوعى أو علاج المرضى. يتحول القطاع إلى سجن كبير، وتُفرض عليه إجراءات معيشية أقرب إلى العقاب الجماعي.
وسط هذا الظلام، يتقلص الأمل في النجاة أو الفرار. غالبية السكان لا يملكون القدرة على مغادرة القطاع، ولا يجدون أمامهم سوى انتظار الموت أو الجوع أو المرض. يفقد الأطفال مدارسهم ومستقبلهم، وتتشرد العائلات وتنفصل عن بعضها البعض. تختفي الأسماء من قوائم الحياة يومياً، وتترك خلفها رائحة الرماد.
مئات آلاف القصص لم تجد من يرويها. يرحل الضحايا بلا وداع، فلا صور ولا جنازات ولا قبور واضحة. تبتلع الرمال والصخور والركام كل شيء، ويبقى القطاع شاهداً صامتاً على توحش آلة الموت الإسرائيلية. في غزة اليوم، يقتل الإنسان مرتين: مرة تحت القصف، ومرة في ذاكرة العالم المنهكة بالعجز والاعتياد.
أظهرت تقارير بحثية ودراسات حقوقية حديثة أنّ ما يتعرض له قطاع غزة منذ تشرين الأول 2023 يرقى إلى جريمة إبادة جماعية وفقاً للتعريفات القانونية الدولية.
وتتزايد المؤشرات على اتباع سياسات منظمة تشمل تدمير الأحياء السكنية، واستهداف المدنيين، وعرقلة وصول المساعدات. تضع هذه الوقائع الوضع الإنساني في غزة ضمن دائرة الجريمة الجماعية، وتدفع المجتمع الدولي لمراجعة مواقفه إزاء ما يجري في القطاع.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire