العدو يبدأ هجومه على رفح: خطّة قضم القطاع تتسارع

 

اتضحت بعد نحو أسبوعين من العودة إلى القتال في قطاع غزة، الأهداف الإسرائيلية التي تختبئ وراء مزاعم الضغط على حركة «حماس» لإجبارها على الموافقة على صفقة تبادل أسرى تلبّي الرغبات الإسرائيلية. وتجلّى ذلك في توسيع جيش الاحتلال عمليته البرية في جنوب القطاع، حيث شنّ ليل الثلاثاء - الأربعاء عشرات الغارات الجوية على مناطق مدينة رفح كافة، وتلك التي تفصل بينها وبين مدينة خانيونس، وهجّر سكان الأولى قبل أن يشرع في التوغّل من محور «موراج» الذي يفصل رفح عن خانيونس وباقي مناطق الجنوب، ليعلن رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في وقت لاحق من صباح أمس، استحداث المحور الجديد.
ووفقاً للمحلّل العسكري في صحيفة «معاريف»، آفي أشكنازي، فقد تغيّرت أهداف العملية العسكرية في غزة من الضغط للدفع بالمفاوضات، إلى السيطرة على المزيد من أراضي قطاع غزة وضمّها إلى المناطق العازلة والأمنية، حيث شرعت «الفرقة 36» في العمل في وسط مدينة رفح وشرقها، فيما يعمل «اللواء 14 احتياط» في حي تل السلطان و»لواء جفعاتي» في مخيم الشابورة. ويشير موقع «أخبار من الميدان» العبري، بدوره، إلى أن جيش الاحتلال نشر «الفرقة 252» في مدينة غزة ومناطق شمال القطاع، فيما تعمل عدة ألوية احتياط في منطقة بيت حانون وبيت لاهيا وجزء من محور «نتساريم». ويشير الزجّ بتلك القوات إلى نية إسرائيلية لتوسيع مساحة السيطرة على أراضي القطاع، علماً أن نسبة ما يسيطر عليه جيش الاحتلال حالياً وصلت إلى 40%.
في غضون ذلك، كثّف العدو، خلال أيام عيد الفطر، من هجماته من الجو؛ وسُجّل الأيام الثلاثة الماضية ارتكاب الطائرات الحربية للعشرات من المجازر الجماعية التي طاولت خيام النازحين ومراكز الإيواء وسيارات الإسعاف والدفاع المدني، بمعدّل تجاوز الـ60 شهيداً في اليوم. وأمس، ارتكب جيش الاحتلال مجزرتين كبيرتين، طاولت الأولى منزلاً في رفح، قضى فيه أكثر من 15 شهيداً، والثانية استهدفت عيادة «وكالة غوث اللاجئين» وسط مخيم جباليا، والتي يسكن حولها الآلاف من النازحين، وقضى فيها 22 شهيداً وأصيب العشرات، من بينهم 16 طفلاً وامرأة. كما سجّلت وزارة الصحة، أمس، ارتقاء 68 شهيداً جراء غارات متفرقة.
90% من الأهالي يعجزون عن توفير وجبة واحدة من الطعام في اليوم
وعلى الصعيد المعيشي، دخل أهالي القطاع مجدّداً في موجة جديدة من الجوع، حيث أغلقت المخابز التي تعمل تحت رعاية «برنامج الأغذية العالمي» في القطاع وعددها 25 مخبزاً، أبوابها بسبب نفاد الطحين والوقود، فيما أعلن «مطبخ الغذاء العالمي» أن الكميات المتوفّرة من الغذاء لتأمين الوجبات الجاهزة شارفت على النفاد. وأمام الشحّ الشديد في البضائع وإغلاق المعابر المستمر منذ 35 يوماً، ارتفعت أسعار الطحين لتتجاوز 150 دولاراً للشوال الواحد، فيما فُقدت البضائع التموينية الأساسية من الأسواق.
ويؤكّد مصدر حكومي تحدّث إلى «الأخبار»، أن ما نسبته 90% من الأهالي يعجزون عن توفير وجبة واحدة من الطعام في اليوم، خصوصاً في ظل الارتفاع القياسي في أسعار السلع. أما عن الدور الحكومي في ضبط السوق، فيوضح المصدر أن «الطائرات المُسيّرة تلاحق كل مجهود حكومي أو شرطي يحاول ضبط الأسواق ومتابعة التجار». ويشير إلى أن «الطائرات المُسيّرة الإسرائيلية استهدفت مجموعة من رجال الشرطة الذين كانوا يحاولون متابعة التجّار والمحتكرين، ما تسبّب باستشهاد ثلاثة من العناصر وإصابة آخرين». وأضاف أن «الأجهزة الشرطية والحكومية عاجزة عن القيام بدورها في ظل الاستهداف الإسرائيلي المستمر، ما يفاقم من حالة عدم الانضباط والمجاعة».
على الصعيد السياسي، وصلت مفاوضات صفقة تبادل الأسرى إلى طريق مسدود، بعدما نسفت إسرائيل مبادرات الوسطاء الأخيرة، والتي كانت تنص على إطلاق سراح خمسة أسرى إسرائيليين من بينهم الأسير عيدان إلكسندر الذي يحمل أيضاً الجنسية الأميركية، مقابل إطلاق سراح 1111 أسيراً فلسطينياً و100 أسير من أصحاب المؤبّدات. وردّت إسرائيل على تلك المقترحات بالتمسّك بخطة المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، والتي تقضي بإطلاق سراح 11 أسيراً و16 جثماناً في اليوم الأول من التبادل مقابل الهدوء لـ40 يوماً، في حين قرّرت حركة «حماس» عدم الرد على المقترح الأخير.
بعد «نتساريم» و«فيلادلفيا»... «موراج» محورَ عربدة جديداً في غزة
تحدّث رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، عن ما وصفه بـ«تغيير المسار» في العمليات العسكرية الجارية في قطاع غزة، معلناً أن «الضغط على القطاع سيزداد». وكشف نتنياهو عن إنشاء «محور» جديد يحمل اسم «موراج»، مشيراً إلى أنه سيكون «بمثابة فيلادلفيا أخرى»، في إشارة إلى المحور الشهير الذي كان يفصل غزة عن مصر قبل تحرير القطاع. والمحور الجديد سيفصل عملياً مدينة خان يونس عن مدينة رفح (جنوب)، وقد سُمّي بهذا الاسم نسبةً إلى مستوطنة «موراج» التي كانت قائمة في المكان قبل انسحاب الاحتلال من غزة.
وكان رئيس أركان جيش العدو، إيال زامير، أكّد خلال جولة ميدانية جنوبي القطاع، برفقة رئيس «الشاباك» رونين بار، أن القوات الإسرائيلية «توسّع نطاق الهجوم في عملية (العزة والسيف)»، وأن هذه العملية «ستستمرّ وتتعمّق وفق الوتيرة المخطّطة»، معتبراً أن «الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقف التقدّم الكبير للجيش هو إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين». ومن جهته، قال بار إن جهازه مستمرّ في «إحباط الهجمات»، مضيفاً أن «حماس ستفشل أينما حاولت استهداف الإسرائيليين، وستستمرّ في دفع الثمن حتى إطلاق سراح المختطفين الـ59».
وكانت نقلت وكالة «رويترز» عن وزير الأمن الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، قوله إن «توسيع العملية في غزة يهدف إلى السيطرة على مساحات واسعة ستتمّ إضافتها إلى المناطق الأمنية الإسرائيلية». ومن جهتها، اعتبرت «القناة الـ12» العبرية أن الهدف الإسرائيلي من العملية البرية في رفح هو «ممارسة أقصى درجات الضغط على حماس لإعادة الأسرى»، مستدركة بأن «الدخول إلى هذه المنطقة والبقاء فيها كمنطقة أمنية سيؤديان إلى احتكاكات ميدانية»، ما يعني «العودة إلى مفاهيم كان الإسرائيليون يعتقدون بأنهم تجاوزوها»، مثل الاشتباك المباشر مع عناصر «حماس» على الأرض، وما قد ينتج من ذلك من خسائر بشرية في صفوف الجيش.
نتنياهو يعلن عن «فيلادلفيا - 2» بين رفح وخانيونس
أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فنقلت عن مصادر عسكرية إسرائيلية، قولها إن إعادة احتلال غزة «لا تزال في مرحلة التخطيط المتقدّمة»، لكنها لم تحصل بعد على موافقة المستويين السياسي والأمني في هيئة الأركان و«الكابينت». وأوضح مصدر أمني، للصحيفة، أن هناك منطقاً في السياسة الحالية التي تعتمد على «السيطرة على مزيد من المناطق الصغيرة في غزة وتنفيذ عمليات تصفية جوية للمسلحين»، لأنها تؤثّر فعلاً على موقف «حماس» تجاه صفقة الأسرى، لكنه أكّد أن إسرائيل «لا تزال بعيدة عن العودة إلى المناورة البرية الواسعة داخل القطاع»، واصفاً السياسة الحالية بأنها «تخدم الأطراف التي تفضّل إطالة الوضع الحالي لأسابيع أو أشهر إضافية، أو التي تنتظر ذريعة لشن عملية برية واسعة».
وفي السياق نفسه، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن إعلان نتنياهو إنشاء «محور موراج» الجديد، أثار استغراباً في المؤسسة الأمنية، خاصة أن الخطة لم تحصل بعد على الموافقة النهائية داخل الجيش و«الكابينت».
وأمام توسيع العملية العسكرية في غزة، أفادت «القناة الـ12» العبرية بأن نحو 400 من جنود الاحتياط وأولياء أمور الجنود، بقيادة منظّمة «كتفاً إلى كتف» ومنظمات أخرى، تظاهروا أول أمس في القدس، مطالبين الحكومة الإسرائيلية بتحقيق «المساواة في تحمّل العبء الأمني». ونقلت القناة عن منظمة «كتفاً إلى كتف» قولها: «نطالب القيادة اليوم بالنزول إلى مستوى الشعب والنظر في أعيننا وإطلاق تعبئة واسعة النطاق. نحن نتحمّل العبء، وسنواصل تحمّله، لكننا نطالب بتغيير فوري»، فيما تحدّثت عدة تقارير إعلامية إسرائيلية، عن وجود نسبة تخلّف عن الخدمة، مرتفعة بين جنود الاحتياط، ما يعيق عمل الوحدات العسكرية في الجيش، ويترك ثغرات وفجوات.

العدوان على الضاحية قرار أميركي
لم يكن مفاجئاً توسيع العدو الإسرائيلي نطاق اعتداءاته لتشمل الضاحية الجنوبية، بل كان مرجّحاً ورهن القرار الأميركي الذي يشكّل العامل الحاسم في هذا الاتجاه.
فبسبب خصوصية الضاحية وموقعها في المعادلة الداخلية وما تمثّله من مركز ثقل سياسي وشعبي للمقاومة، تحتل الاعتبارات السياسية الأميركية المرتبة الأولى بين العوامل التي يمكن أن تُنتج عدواناً عسكرياً مباشراً ضد أهداف داخلها. لذا، ليس أمراً عرضياً أن ينفّذ العدو الإسرائيلي خلال أيام عدوانيْن مباشريْن على هذه المنطقة.
نقطة البداية في تفسير الأداء العملياتي للعدو الإسرائيلي وفهمه، تكمن في عدم نجاحه في إنهاء المقاومة خلال الحرب الأخيرة، ولا إضعافها إلى الحدّ الذي يسمح بفرض الإملاءات عليها.
فرغم تحقيقه إنجازات عسكرية نوعية، بقي حزب الله القوة العسكرية الأولى في لبنان. وتدرك تل أبيب وواشنطن أن الحزب قادر على التعافي في توقيت قياسي وعلى إعادة ترميم قدراته وتعاظمها.
وهذا، من منظور أميركي، يشكّل عقبة رئيسية أمام استكمال مخطط إطباق الهيمنة الأميركية على لبنان وإلحاقه بمعسكر التطبيع مع العدو. فرغم الديناميات السياسية الداخلية التي أطلقتها نتائج الحرب في الساحة اللبنانية، ورغم المتغيّر السوري الذي يُعدّ العامل الأهم في الدفع نحو تنفيذ المخطط الأميركي لمواجهة المقاومة في لبنان، بقيت المقاومة قوة رئيسية في المعادلة السياسية اللبنانية استناداً إلى قاعدتها الشعبية والقدرات التي تمتلكها.
كل ذلك، دفع واشنطن وتل أبيب إلى تكثيف استهداف كوادر المقاومة وقادتها وقدراتها العسكرية، إضافة إلى قاعدتها الشعبية. والرهان الأميركي - الإسرائيلي هو على المسار التراكمي والتصاعدي للاعتداءات وعلى مفاعيلها السياسية وتداعياتها الشعبية. ولذلك، كان واضحاً أن اتساع نطاق الاستهداف ليشمل الضاحية لم يكن سوى مسألة وقت.
يعني ذلك، أيضاً، أن العدوان المتكرر على الضاحية هو استمرار للحرب التي شنّها العدو على المقاومة ولبنان، للأهداف نفسها. إلا أنها بوتيرة ووفق معادلات مختلفة، وتخضع حتى الآن لضوابط سياسية. لكنّ الإسرائيلي والأميركي يدركان أن هذه الضربات بذاتها غير قادرة على إحداث تحوّل جذري في واقع حزب الله لم تُفلح الحرب في إنتاجه. من هنا فإن معيار نجاحها يكمن في نتائجها السياسية وفي مدى تأثيرها الجدّي على تعافي المقاومة.
في الخلاصة، ما يشهده لبنان من تسارع في التطورات ليس معزولاً عما تشهده المنطقة، بل هو جزء من مسار إقليمي متفاعل ومتداخل، ويُعبّر عن الانتقال إلى مرحلة جديدة من الاعتداءات. لكنّ استمرارها واتّساعها محفوفان بحدّين ينطوي كل منهما على مستوى من المخاطر.
الأول، أن يؤدي ذلك في مرحلة ما إلى التدحرج نحو تبادل ضربات عسكرية أشدّ ضمن ما يُعرف بالأيام القتالية وربما ما هو أبعد من ذلك. والثاني، أن لهذه الاعتداءات تداعياتها الجانبية السلبية على صورة السلطة التي يهدف الأميركي إلى تعزيز مكانتها في المعادلة الداخلية، انطلاقاً من أن فشلها في توفير الحماية المطلوبة للبنان، يقوّض منطقها المستند إلى فرضية أن الدبلوماسية تشكّل بديلاً ناجعاً للمقاومة. ولا يتعارض ذلك مع كون هذه الاعتداءات تهدف إلى إضعاف حزب الله، كمسار، بهدف تمهيد الطريق أمام المخطط الأميركي في لبنان، كما أن من أهدافه محاولة التأثير على وعي بيئة المقاومة وخياراتها.


أورتاغوس إلى بيروت لزيادة الضغط: انزعوا السلاح وإلّا حرب إسرائيلية
يواصِل العدو مساعيه لتثبيت معادلة قائمة على ما صرّح به رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو بأن «إسرائيل ستضرب في كل مكان في لبنان ضد أي تهديد، وأي طرف لم يفهم بعد الوضع الجديد في لبنان تلقّى مثالاً جديداً على تصميمنا»، فيما تعزّزت المخاوف من مغامرات إسرائيلية بعدما استهدف العدو الضاحية الجنوبية مجدّداً، ضمن مسار عسكري يتزامن مع مسار سياسي تقوده الولايات المتحدة يهدف إلى القضاء نهائياً على حزب الله.
ولمس كبار المسؤولين في بيروت ارتفاع منسوب الضغط الأميركي لإجبار لبنان على القبول بالتفاوض الدبلوماسي مع العدو، بحجة الوصول إلى حلول للتلال الخمس المحتلة ومصير الأسرى والنقاط المتنازع عليها على الخط الأزرق. وتظهر الاتصالات أن واشنطن وتل أبيب لم تعودا تكتفيان بهذه النقطة ولا بالقرار 1701وانسحاب المقاومة من جنوب الليطاني، بل ارتفع سقف المطالبة إلى ضرورة نزع سلاح المقاومة «خلال فترة زمنية محدّدة».
وعلى هذا الأساس يُعاد تسخين الجبهة اللبنانية عبر تصعيد الاعتداءات الأمنية والعسكرية من جهة، والتجييش الداخلي الذي تتولّاه أحزاب وتيارات سياسية وجهات إعلامية من جهة أخرى، إضافة إلى المهمة التي تديرها نائبة المبعوث الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس، والتي تقول علناً إن الهدف هو إطلاق «مجموعات العمل الدبلوماسي»، لكنها تريد فعلياً إطلاق مسار بين لبنان وإسرائيل يقود إلى التطبيع الذي تطلبه إدارة الرئيس دونالد ترامب، وإلّا دفع البلاد إلى حرب أهلية من خلال وضع الجيش في مواجهة المقاومة.
ارتفع سقف المطالب الأميركية والإسرائيلية إلى نزع سلاح
المقاومة «خلال فترة زمنية محدّدة»
وفي السياق تأتي زيارة أورتاغوس المتوقّعة إلى بيروت خلال اليومين المقبلين، للقاء الرؤساء جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام حاملة رسالة أميركية تطالب بالشروع في وضع خطة لنزع سلاح حزب الله، كشرط لأي ملفات أخرى بدءاً من الانسحاب وصولاً إلى إعادة الإعمار.
زيارة المسؤولة الأميركية استُبقت بإعلان لجنة الإشراف الخماسية المعنية بتنفيذ قرار وقف إطلاق النار تعليق عملها، مع «رسائل تهديد وصلت إلى المسؤولين تخرج من إطار الـ 1701 وتحمل طروحات انتحارية للداخل اللبناني»، كما تقول مصادر سياسية مطّلعة. وقد أدّت هذه التطورات إلى حالة إرباك لدى المسؤولين الذين يشعرون بأنهم حُشروا في الزاوية، ولم يعُد في إمكانهم تدوير الزوايا أو الالتفاف على الضغوط التي تضع لبنان أمام خيارين: إما نزع السلاح بالقوة، ما يعني نزاعاً داخلياً، أو حرب إسرائيلية واسعة جديدة لنزعه.
وقدّرت جهات مطّلعة أن عملية اغتيال أحد قادة حزب الله حسن بدير، في قلب الضاحية، قد تكون بمثابة تمهيد لعملية عسكرية كالتي بدأت مطلع تشرين الأول واستمرت حتى 27 تشرين الثاني الماضييْن.
ونسبت الجهات نفسها المعلومات إلى مصادر دبلوماسية تحدّثت عن احتمال كبير بأن «تقوم إسرائيل بعملية عسكرية ضمن مهلة زمنية محدّدة، وأن الأميركيين أعطوا الضوء الأخضر لذلك». ومن غير المعروف ما إذا كان ذلك بعدَ زيارة أورتاغوس أم أن الأخيرة ستؤخّر زيارتها إلى ما بعد تنفيذ العملية.
وتشير الجهات نفسها إلى أن «لبنان الرسمي يعيش حالة من الخوف»، وإلى أنه بمعزل عن كل ما يقال عن «موقف لبناني موحّد يرفض الضغوط الخارجية وتدشين المسار السياسي الدبلوماسي مع إسرائيل والابتزاز الذي يُمارس على لبنان»، إلا أن التقديرات تشير إلى أن «زيارة أورتاغوس ستحدث انقساماً كبيراً، خصوصاً أن البعض سيتذرّع بهذه الضغوط ويطالب بالرضوخ لها لأن لبنان غير قادر على تحمّل الكلفة».
وتعزّزت المخاوف بعدما لمس المسؤولون أن «المحاولات الخارجية، ولا سيما تلكَ التي قامت بها باريس لمنع تدهور الأوضاع وانفجارها لم تجد نفعاً»، لذا «تلقّى الرئيس عون خلال وجوده في فرنسا، نصائح بتفادي خيار الرفض المطلق لمجموعات العمل الثلاثية، والبحث عن مخرج شكلي لمسار ما بين الأمني والتقني البحت والسياسي - الدبلوماسي، أقلّه ريثما تتضح المسارات في المنطقة في ضوء ما يُحكى عن ضربة قريبة لإيران».

تقريرتوقّف المخابز.. كارثة إنسانية تضع غزّة على حافّة المجاعة
في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة، يواجه السكان خطر المجاعة بعد توقف جميع المخابز عن العمل بسبب نفاد الدقيق والمواد الأساسية، مع دخول الإغلاق "الإسرائيلي" للمعابر أمام المساعدات الإنسانية شهره الأول.
أمس الثلاثاء، أعلن برنامج الأغذية العالمي توقف المخابز التي يدعمها في غزة عن العمل، بسبب نفاد مخزون الدقيق المتوفر لديه، في ظل استمرار الحصار "الإسرائيلي" ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
وأوضح البرنامج، في بيان له، أنّ إمدادات الدقيق والمواد الأساسية الأخرى على وشك النفاد، نتيجة انقطاع المساعدات الإنسانية منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، مشيرًا إلى أنّ البرنامج كان يوزع يوميًا أكثر من 306,000 كيلوغرام من دقيق القمح لتشغيل المخابز في القطاع، إلى جانب الخميرة والسكر والملح، إلا أنّ استمرار إغلاق الحدود ومنع إدخال الإمدادات أدى إلى توقف الدعم بالكامل.
من جهته، حذر رئيس جمعية المخابز في غزة، عبد الناصر العجرمي، من كارثة إنسانية تهدد سكان القطاع بعد قرار إغلاق المخابز نتيجة لاستمرار إغلاق المعابر، ما أدى إلى توقف إمدادات الغذاء والوقود بشكل تام.
وقال العجرمي إنّ جميع المخابز العاملة في غزة قد أغلقت أبوابها بسبب نفاد كافة مستلزمات الإنتاج، موضحًا أنّ برنامج الأغذية العالمي، الذي كان يموّل 23 مخبزًا بالطحين والوقود والخميرة والملح والسكر، اضطر إلى تعليق عمله بسبب نفاد مخزونه وعدم القدرة على إدخال الإمدادات.
وأضاف: "البرنامج كان يُدخل مواد الإنتاج عبر المعابر، لأنّ الاحتلال يمنع التجار والمخابز من الاستيراد المباشر، ومع استمرار إغلاق المعابر، لم يعد هناك أي أفق للحل".
ووفقًا لبيانات جمعية المخابز، فإنّ قطاع غزة يستهلك 450 طنًا من الدقيق يوميًا، وكانت المخابز تعمل على تغطية 50% من احتياجات السكان. ومع توقف المخابز، فإنّ الأزمة ستؤدي إلى نقص حاد في الخبز، مما يزيد من معاناة الفلسطينيين في ظل الظروف الصعبة التي يعيشونها.
كما حذر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري، من أنّ غزة تقف على حافة المجاعة، موجهًا اتهامات صريحة للعدو "الإسرائيلي" باستخدام الغذاء كسلاح حرب، واصفًا ذلك بأنه يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
ومع توقف المخابز، يتخوف السكان في غزة، الذين دخلوا أولى مراحل المجاعة الشهر الماضي، من عدم توفير الخبز لأطفالهم، في ظل انعدام وصول المساعدات الغذائية إليهم.
أم أحمد، إحدى النازحات من بيت حانون شمال غزة، تعبر عن معاناتها الشديدة في تأمين احتياجات أسرتها الأساسية، قائلة: "بحثت في الأسواق عن الدقيق، لكن سعر الكيس الواحد بعد إغلاق المخابز تجاوز 500 شيكل".
وتضيف بقلق: "نتخوف من عودتنا للمجاعة التي كنا نعيشها سابقًا، خاصة مع عدم قدرتنا على توفير السلع التي نفدت من الأسواق".
من جانبها، تشارك المواطنة نعمة عبد العال ذات المخاوف، مشيرة إلى أن الأوضاع الحالية تعيد إليها ذكريات المجاعة السابقة. تقول نعمة: "عشنا في السابق على الخبيزة، لمدة ستة أشهر متواصلة"، معبرة عن خوفها من تكرار تلك الكارثة.
أما المواطن حامد شاهين (70 عامًا)، فيقف متكئًا على عصاه أمام مخبز مغلق، خلفه 18 فردًا من أسرته ينتظرون رغيفًا لا يأتي. يقول حامد بصوت مرتجف: "لم يعد لدينا دقيق ولا مال.. حتى الخبز صار حلماً".
ومنذ الأول من آذار/مارس الماضي، يستمر الاحتلال "الإسرائيلي" في فرض حصار شامل على قطاع غزة، حيث أغلق جميع المعابر التجارية ومنع دخول البضائع والمساعدات، وذلك بعد انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، كما رفض الاحتلال الدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، الذي دخل حيز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير الماضي، مستأنفًا عدوانه على القطاع.
والأحد، توعّد رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، بنيامين نتنياهو، بتصعيد الإبادة الجماعية في قطاع غزة، وتنفيذ مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتهجير الفلسطينيين.
واستأنفت قوات الاحتلال في 18 آذار/مارس 2025 عدوانها على قطاع  غزة بعد توقف دام لأكثر من شهرين، من خلال شن سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع، راح ضحيته 1,066 شهيدًا حتى اللحظة.
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب قوات الاحتلال الصهيوني، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة، خلفت أكثر من 166 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، ويجدد الاحتلال اليوم  استخدام سلاح الجوع في الإبادة، وعندما يستخدمه فاشي في عالم يحكمه نازيون، يعاقب من خلاله شعب اختار ممارسة حقّه المشروع "مقاومة الاحتلال".



لازاريني: "إسرائيل" تجاوزت كل الخطوط الحمراء في غزة
قال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني إن الاحتلال الصهيوني تجاوز كل الخطوط الحمراء في غزة مرارا وتكرارا.
وقال لازاريني إن القوات "الإسرائيلية" شنت غارة اليوم استهدفت مبنى تابعا للوكالة في جباليا، مشيراً إلى أن المبنى في جباليا كان يؤوي أكثر من 700 شخص عند استهدافه.
وأوضح أن العائلات النازحة اضطرت للبقاء في المأوى حتى بعد استهدافه لعدم توفر مكان آخر يلجأون له.
وبيّن مفوض الأونروا أن التجاهل التام لحماية موظفي الأمم المتحدة ومقراتها وعملياتها انتهاك للقانون لدولي.
وفي هذا السياق، دعا لازاريني لإجراء تحقيق مستقل للكشف عن ظروف الهجمات والانتهاكات الجسيمة التي رافقتها.
صباح اليوم، استشهد ما لا يقل عن 19 مواطناً بينهم 9 أطفال، وجرح آخرون، إثر قصف طائرات الاحتلال الصهيوني عيادة تتابع لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الأونروا"، شمال قطاع غزة.
وقالت مصادر محلية، إنّ طائرات الاحتلال شنت غارات على عيادة للأونروا تؤوي نازحين بمخيم جباليا شمال القطاع، ما أسفر عن استشهاد وجرح العشرات، واندلاع حريق في المبنى.



الجبهة الشعبية: حماية الجبهة الداخلية واجب وطني في مواجهة حرب الإبادة الصهيونية
قالت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن الاحتلال الصهيوني لا يستهدف جهة أو فصيلاً بعينه، بل يشن حربه الشاملة على كل أبناء شعبنا الفلسطيني في محاولةٍ لضرب الوجود وتصفية القضية الفلسطينية وطمس الهوية الوطنية. وعليه، فإن الرد على هذه الحرب يجب أن يكون بوحدة الصف وتعزيز المقاومة بكافة أشكالها لمواجهة هذا العدوان المتواصل، والحذر من كل أساليبه الجبانة لضرب الجبهة الداخلية وإثارة الفوضى.
وفي بيان لها مساء اليوم الأربعاء،  حملت الجبهة الاحتلال الصهيوني المسؤولية الكاملة عن المأساة الإنسانية والأوضاع المعيشية الكارثية التي يفرضها على شعبنا، في ظل حرب الإبادة المتواصلة وسياسات التجويع والحصار، وصولاً لشن حرب نفسية ومحاولة ضرب وحدة شعبنا وإثارة الفوضى، في مسعى خسيس لتمزيق الجبهة الداخلية وإضعاف المقاومة.
وأكدت على ضرورة رفع درجات التعبئة الوطنية والشعبية لمواجهة أدوات الحرب الهجينة التي يشنها العدو للنيل من معنويات شعبنا ووحدته الميدانية والمجتمعية.  وإن كل من يساهم في نشر الشائعات أو تأجيج الانقسام الداخلي يخدم العدو بشكلٍ مباشر، وواجبنا جميعاً التصدي لهذه المحاولات بحزمٍ ومسؤوليةٍ وطنية.
كما شددت الجبهة في بيانها على ضرورة حماية السلم الأهلي وتعزيز التكاتف الوطني هما صمام الأمان في وجه الحرب الصهيونية المدمرة. وندعو جماهير شعبنا إلى التمسك بوحدتهم والالتفاف حول المقاومة،  وعلى ضرورة تضافر الجهود من كافة الجهات الوطنية والرسمية والمجتمعية لتعزيز صمود شعبنا على جميع المستويات، وإن التخفيف من الأعباء التي ولَدهّا العدوان والحصار مسؤولية وطنية تقع على عاتق الجميع، ولا بد من اتخاذ خطوات جدية خاصة من قبل الجهات المسؤولة في غزة لمواجهة كل الظواهر السلبية التي تفاقم معاناة شعبنا، من غلاء الأسعار والاحتكار إلى الأزمات المعيشية المتزايدة.
ودعت كافة القوى والمؤسسات إلى العمل المشترك لضمان استمرار الخدمات الأساسية ودعم الأسر المنكوبة، وتعزيز روح التضامن والتكافل بين أبناء شعبنا، مطالبةً العشائر التي قدّمت الشهداء والتضحيات، وتَحمّلت العذابات والآلام، وصمدت في مواجهة الاحتلال وأساليبه، إلى أخذ دورها الوطني المنوط بها، ورفع الغطاء عن الخارجين عن القانون الذين يساهمون في نشر الفوضى وتقويض السلم الأهلي، خدمةً للاحتلال. وندعو إلى محاسبتهم بكل حزم لحماية وحدة شعبنا وصموده في وجه العدوان.



مجلس حقوق الإنسان الأممي يحضّ إسرائيل على "منع إبادة جماعية" في غزة: "تجويع المدنيين وسيلة للحرب"
دان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الأربعاء، استئناف إسرائيل حربها على غزة، وحضّ تل أبيب على تحمّل مسؤوليتها في "منع وقوع إبادة جماعية" في القطاع.
وتبنّت أعلى هيئة حقوقية في الأمم المتحدة، بغالبية ساحقة قرارا يتضمن قائمة من المطالب لإسرائيل، بما في ذلك دعوتها إلى "رفع حصارها غير القانوني" عن غزة.
وندّد النص الذي اعتُمد بعدما صوّت لصالحه 27 من أعضاء المجلس، البالغ عددهم 47 عضوا، وعارضه أربعة، فيما امتنع 16 عضوا عن التصويت، بـ"انتهاك إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار".
وجاء التصويت بعدما استأنفت إسرائيل القصف المكثف على قطاع غزة في 18 آذار/ مارس، ثم نفذت عمليات توغل عقب هدنة بدأ تطبيقها في 19 كانون الثاني/ يناير، إثر حرب مدمّرة استمرّت 15 شهرا.
ودعا القرار الذي اقترحته غالبية أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، إلى إتاحة إدخال "مساعدات إنسانية دون عوائق" إلى غزة، و"إعادة توفير الضروريات الأساسية" لسكان القطاع.
ودان القرار "استخدام تجويع المدنيين وسيلة للحرب"، ودعا كل الدول إلى "اتخاذ إجراءات فورية لمنع الترحيل القسري المستمر للفلسطينيين داخل قطاع غزة أو منه".
كما أعرب النص عن "قلق بالغ إزاء تصريحات مسؤولين إسرائيليين ترقى إلى تحريض على إبادة جماعية"، وحضّ إسرائيل على "تحمّل مسؤوليتها القانونية في منع وقوع إبادة جماعية".
ودعا القرار الصادر الأربعاء، الدول إلى التوقّف عن تزويد إسرائيل بمعدات عسكرية.
كما دعا لجنة التحقيق التي شكّلت للنظر في انتهاكات ارتكبت في الحرب، بتوسيع نطاق تحقيقها ليشمل "نقل أو بيع أسلحة وذخائر وقطع غيار ومكوّنات ومواد ذات استخدام مزدوج، بشكل مباشر وغير مباشر إلى إسرائيل".
ودعا النص الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى النظر في تشكيل فريق تحقيق جديد لإعداد ملاحقات قضائية في جرائم دولية كبرى، قد تكون ارتكبت.


«حماس»: رفضنا المقترح الإسرائيلي لتعطيله اقتراح الوسطاء
رفضت حركة «حماس» أمس الاقتراح الأخير الذي قدّمته إسرائيل في المفاوضات غير المباشرة الجارية بين الطرفين بهدف استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح أسرى إسرائيليين وفلسطينيين.
وكشف مسؤول في «حماس» لوكالة «فرانس برس» أنّ «حماس قرّرت عدم التعاطي مع الاقتراح الإسرائيلي الأخير المقدّم عبر الوسطاء، لأنّ الاحتلال يهدف لتعطيل الاقتراح المصري-القطري ويريد تعطيل أيّ اتّفاق».
كما أكد قيادي آخر في الحركة للوكالة أنّ الحركة تناشد «الوسطاء والمجتمع الدولي إلزام الاحتلال باحترام ما وقّع عليه والتعامل إيجاباً مع مقترح الوسطاء».
وينص المقترح المصري القطري على وقف إطلاق النار لمدة 50 يوماً تطلق «حماس» خلاله سراح «خمسة جنود إسرائيليين»، بينهم جندي يحمل الجنسية الأميركية، مقابل إطلاق سراح 250 فلسطينياً، بينهم 150 محكوماً بالسجن المؤبد.
كما ينصّ المقترح على أن تفرج إسرائيل عن 2000 فلسطيني اعتقلوا في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول 2023، تاريخ الهجوم الذي شنّته حماس وأدى إلى اندلاع الحرب، وعلى أن يسنحب الجيش الإسرائيلي من مناطق غزة التي أعاد انتشاره فيها منذ 18 آذار، تاريخ استئناف العدوان على القطاع، إضافة إلى تدفّق المساعدات الإنسانية وفك الحصار الكامل المفروض منذ 2 آذار.
والسبت أعلنت «حماس» موافقتها على مقترح جديد لوقف إطلاق النار في غزة قدّمه الوسطاء، في وقت أشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إلى أن إسرائيل «نقلت اقتراحاً مضاداً إلى الوسطاء بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة»، في رفض ضمني لشروط مقترح الوسطاء.


نتنياهو يصل إلى المجر متحديا مذكرة الاعتقال الدولية
حطت طائرة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في مطار بودابست، فجر الخميس، بحسب ما أعلن وزير الدفاع المجري الذي استقبله على مدرج المطار.
وكتب وزير الدفاع المجر، كريستوف زالاي-بوبروفنيتسكي، على فيسبوك "مرحبا بك في بودابست بنيامين نتنياهو" الذي يجري زيارة للمجر تستمر أياما عدة بدعوة من حليفه فيكتور أوربان، متحديا مذكرة التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحقه.
وصادق الوزراء الإسرائيليون، الأربعاء، على أن يتولى وزير القضاء، ياريف ليفين، منصب القائم بأعمال رئيس الحكومة خلال زيارة نتنياهو للمجر التي تبدأ الخميس وتنتهي يوم الأحد المقبل.
ويجري نتنياهو خلال زيارته محادثات مع نظيره المجري فيكتور أوربان، ومسؤولين آخرين قبل أن يعود إلى إسرائيل في السادس من نيسان/أبريل الحالي.
ووجه أوربان دعوة إلى نتنياهو رغم مذكرة التوقيف الصادرة بحقه العام الماضي والتي ندد بها بشدة، معتبرا أنها "معيبة".
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، مذكرات توقيف بحق نتنياهو ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، والقائد العسكري السابق لحركة حماس محمد الضيف بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، في سياق حرب غزة.
غير أن المذكرة بحق الضيف ألغيت لاحقا بعدما اغتيل في غارة إسرائيلية على قطاع غزة في تموز/يوليو.
ووقعت المجر عام 1999 على نظام روما الأساسي، المعاهدة الدولية التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، وصادقت عليها بعد عامين خلال ولاية أوربان الأولى.
ومع ذلك، لم تصدر بودابست أمرا تنفيذيا لتفعيل الالتزامات المرتبطة بالاتفاقية لأسباب دستورية، وبالتالي فهي تؤكد أنها ليست ملزمة بالامتثال لقرارات المحكمة.


المجر تعلن انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية
أعلنت المجر، اليوم الخميس، انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، في اليوم الأوّل من زيارة إلى بودابست لرئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، الذي أصدرت مذكّرة اعتقال ضده على خلفيات جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها إسرائيل في قطاع غزة.
وكتب غيرغيلي غولياس، مدير مكتب رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، في منشور على "فيسبوك" أن "المجر تغادر المحكمة الجنائية الدولية. وستشرع الحكومة في إجراءات الانسحاب وفقا للإطار الدولي القانوني المعمول به".
ولم تُقدّم الحكومة المجرية في بيانها تفاصيل إضافية بشأن هذه الخطوة، أو موعد دخولها حيّز التنفيذ، علما بأن التقارير الإسرائيلية كانت قد أشارت مساء أمس، الأربعاء، إلى توقعات بأن تعلن المجر عن انسحابها من الجنائية الدولية خلال زيارة نتنياهو.
وقال نتنياهو، في تعقيبه على إعلان المجر نيتها الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، خلال مؤتمر صحافي مع أوربان، إن "رئيس الحكومة المجري اتخذ قرارًا شجاعًا ومهمًا للعالم كله، بالوقوف في وجه منظمة فاسدة مثل المحكمة الجنائية".
وأضاف نتنياهو "أنت أول زعيم دولة يتخذ هذه الخطوة، وأعتقد أنك لن تكون الأخير ممن ينسحبون من هذه المنظمة الفاسدة"، معتبرًا أن "هذه الخطوة ستحظى بتقدير كبير، ليس فقط من جانب إسرائيل، بل من دول أخرى أيضًا".
بدوره، قال أوربان "كنت رئيس الحكومة الذي وقّع على انضمام المجر إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2000، وأصبحت اليوم أول رئيس وزراء يوقّع على انسحابنا منها". وادعى أن المحكمة تحولت إلى "محكمة سياسية"، وأضاف "لا مكان لدولة ديمقراطية مثلنا فيها".

ساعر يشيد بالقرار المجري
وأشاد وزير الخارجية الإسرائيلي، غدعون ساعر، اليوم الخميس، بقرار المجر الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، واعتبره "قرارًا مهمًا". وقال "لقد عملت أنا ونظيري المجري، وزير الخارجية بيتر سيارتو، بشكل مكثف على هذا الموضوع منذ زيارتي إلى بودابست في 23 كانون الثاني/ يناير الماضي".
وأضاف ساعر "ما يُسمى ’المحكمة الجنائية الدولية‘ فقد سلطته الأخلاقية بعدما داس على المبادئ الأساسية للقانون الدولي في سعيه للنيل من حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وشكر "رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، والمجر على وقفتها الأخلاقية، الواضحة، والقوية إلى جانب إسرائيل".

حماس تدين انسحاب المجر من الجنائية الدولية: "تواطؤ مع نتنياهو"
وأدانت حركة حماس، في بيان، قرار حكومة المجر الانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة أن هذه الخطوة تمثّل "تواطؤًا فاضحًا" مع نتنياهو، الذي وصفه البيان بـ"مجرم حرب فارّ من العدالة الدولية".
وقالت الحركة إن إعلان الانسحاب "يتزامن مع زيارة نتنياهو إلى بودابست، وهو مطلوب للمحكمة على خلفية الجرائم البشعة التي ارتكبها جيشه الفاشي ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة"، ورأت في القرار "موقفًا لا أخلاقيًا، وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ومبادئ العدالة الإنسانية".
وأضافت أن "قرار المجر يشكّل صفعة لمبدأ العدالة الدولية، ويجسد سياسة الكيل بمكيالين التي تنتهجها بعض الحكومات الغربية، وعلى رأسها المجر والولايات المتحدة، بما يكرّس تقويض النظام القضائي الدولي، ويشجّع على الإفلات من العقاب، ويمثل تهديدًا مباشرًا للسلم والاستقرار العالميين".
وطالبت "حماس" حكومة المجر بـ"التراجع الفوري عن هذا القرار المنحاز والمخزي، والوفاء بالتزاماتها القانونية، وتسليم مجرم الحرب نتنياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية، لمحاسبته على جرائمه، ولينال جزاءه العادل على ما ارتكبه من مجازر وإبادة جماعية بحق شعبنا الفلسطيني".
وصباح الخميس، وصل نتنياهو إلى بودابست في أول رحلة له إلى أوروبا منذ 2023 متحديا مذكرة اعتقال دولية صدرت ضده؛ وكان أوربان قد وجّه دعوة لنتنياهو في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بعد يوم من إصدارمذكرة الاعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة.
ويرى خبراء أن رئيس الحكومة الإسرائيلية المقرر أن يبقى في المجر حتى يوم الأحد المقبل، يحاول التقليل من أهمية قرار المحكمة الجنائية الدولية، وفي الوقت نفسه صرف الانتباه عن التوترات في الداخل عندما يلتقي حليفه أوربان.
ومن المتوقع خلال الزيارة أن يؤيد أوربان نتنياهو في مقترح الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الذي يفتح الباب أمام تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة قسرا، و"نقل" أكثر من مليوني فلسطيني من غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن.
واعتبر مراقبون أن هدف نتنياهو النهائي هو "استعادة القدرة على السفر إلى أي مكان يريده. في البداية يسافر إلى أماكن لا يُخشى فيها الاعتقال، ويُمهّد بذلك الطريق لتطبيع رحلاته المستقبلية".
في شباط/ فبراير الماضي،، قال المستشار الألماني المقبل، فريدريش ميرتس، إنه سيحرص على أن يتمكّن رئيس الحكومة الإسرائيلية من زيارة ألمانيا.
ودعت منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمتي "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش"، المجر إلى اعتقال نتنياهو إذا سافر إلى البلاد وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
ويسري مفعول انسحاب أي دولة من المحكمة بعد عام من إيداع وثيقة الانسحاب، والتي عادة ما تكون بشكل خطاب رسمي بهذا الخصوص، لدى مكتب الأمين العام للأمم المتحدة.

الجنائية الدولية تذكّر بأن المجر "ملزمة التعاون" بشأن مذكرة اعتقال نتنياهو
بدورها، ذكّرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس، بأن المجر تبقى "ملزمة التعاون" بشأن مذكرة التوقيف التي أصدرتها ضد نتنياهو، وذلك عقب إعلان بودابست قرارها الانسحاب من المحكمة.
وقال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد لله، للصحافيين "تذكّر المحكمة بأن المجر تبقى ملزمة التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية". وأكدت الجنائية الدولية أن المجر "ملزمة قانونا" إنفاذ قرارات المحكمة "والمسؤولية تجاه الدول الأطراف الأخرى".
وقال المتحدث باسم المحكمة، فادي العبد الله، "عندما يكون لدى الدول مخاوف بشأن التعاون مع المحكمة، يُمكنها التشاور معها في الوقت المناسب وبطريقة فعالة". وأضاف "مع ذلك ليس من حق الدول أن تُحدد من جانب واحد سلامة القرارات القانونية للمحكمة".
ووقّعت المجر عام 1999 نظام روما الأساسي، المعاهدة الدولية التي أنشأت المحكمة الجنائية الدولية، وصادقت عليها بعد عامين خلال ولاية أوربان الأولى.
ومع ذلك، لم تصدر بودابست أمرا تنفيذيا لتفعيل الالتزامات المرتبطة بالاتفاقية لأسباب دستورية وبالتالي فهي تؤكد أنها ليست ملزمة الامتثال لقرارات المحكمة.
وللمحكمة الجنائية الدولية التي أُنشئت عام 2002، جهاز شرطة خاص بها وتعتمد على تعاون أعضائها وعددهم 125 لتنفيذ أي مذكرات اعتقال.
وكثيرا ما طرحت المجر فكرة الانسحاب من الجنائية الدولية، على غرار بوروندي والفيليبين، بل قررت ذلك حسبما ذكرته إذاعة أوروبا الحرة، الأربعاء، نقلا عن مصادر دبلوماسية.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.





Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire