ماري ناصيف – الدبس
(صور – 15 تموز 2023)
العدالة تعني وجود قوانين، ومحاكم تعنى بتطبيقها، وقضاة يتابعون تنفيذها ويعيدون صياغة ما تقادم منها وفقا لمتطلبات تطور المجتمعات في الحاضر والمستقبل.
غير أن ما نعيشه اليوم هو عكس ذلك. فالعنف، بأوجهه المختلفة، هو السائد في ظل نظام عالمي مأزوم، يعتمد الاستغلال سبيلا ويستند إلى العدوان والحروب، والقتل جوعا وعطشا، من أجل تأبيد نهبه للثروات التي تختزنها الأرض، خاصة في منطقتنا العربية.
لذا، اقتلع هذا النظام شعوبا من أوطانها، بدءا بشعب فلسطين، ليضع مكانها كيانات هجينة... وأشعل حروبا، تمتد اليوم على طول مساحة العالم العربي، وفتت بلدانا تارة بلعصبيات الطائفية وطورا بالعصبيات القبلية والاثنية. غير أنه، وفي كل هذه الحالات المختلفة، لم يفته العمل على الابقاء على نصف مجتمعاتنا – أي النساء - تحت السيطرة من خلال قوانين الأحوال الشخصية التي، وإن اختلف محتواها بعض الشيء بين دولة وأخرى، إلا أنها كلها، وبدون استثناء، "ذكورية" المحتوى، وتنظر إلى المرأة من منظار دوني.
لنأخذ من لبنان مثالا على ما نقول.
يشهد وطننا، منذ بضع سنوات، أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خانقة وصلت إلى حد الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة وما يتبع ذلك من نتائج سلبية على الأوضاع المعيشية للسكان، ولا أقصد هنا اللبنانيين فقط، بل كذلك اللاجئين الفلسطبينيين والنازحين السوريين الذين يشكّلون نسبة مهمة تقارب ال40 بالمئة من المقيمين على أرضنا.
وهذا الواقع المأزوم ينعكس بشكل خاص على أوضاع النساء. فحالات العنف والتحرّش وصلت إلى حدود خطيرة، إذ كل يومين تقريبا تقتل امرأة أو فتاة أو طفلة، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما تنشره وسائل الاعلام، لأن الأعداد أكبر من ذلك ويتم التستّر عن الكثير من الجرائم. أما العنف الجسدي، فحدّث ولا حرج، فهو يطال حتى الأطفال الرضّع. ولا ننسى أشكال العنف الكلامي والنفسي والتحرش والتهديد بالفصل من العمل التي تتعرض لها النساء يوميا بالاستفادة من الفلتان الأمني وغياب المؤسسات التي من المفترض أنها تشكّل درع الحماية والملجأ للواتي والذين هم بحاجة إليهما.
لذا، أطلقنا مجددا هذه الحملة تحت عنوان "عدالة النوع الاجتماعي وحقوق المرأة" بالتعاون مع مؤسسات نقابية واجتماعية كاتلانية، ساهمت سابقا في دعمنا، نحن في جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي وكذلك الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، يوم رفعنا شعار مواجهة تزويج القاصرات واعتبرناه نوعا من الاتجار بالبشر. ونحن نسعى عبر هذه الحملة إلى إلزام النظام اللبناني بإبرام الاتفاقية الدولية 190 التي تدعو إلى عالم عمل خال من العنف والتحرّش ، اللذين بلغا أوجا غير مسبوق خلال السنوات الثلاث الماضي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة النساء المعطلات عن العمل أو اللواتي يتقاضين نصف راتب أو اللواتي يعرضن للتحرش. ولا ننسى بالطبع ما يجري في المحاكم التي تعنى بالأحوال الشخصية، والتي باعتقادي ستكون الأساس في مداخلات عدة اليوم وكذلك في عملنا المشترك على الصعيدين الاقتصادي – الاجتماعي والقانوني.
أخيرا، أود الاشارة إلى أن اختيارنا لمخيم البص إنما أتى من تأكيدنا على التضامن مع الشعب الفلسطيني، وبالتحديد في جنين، الذي يواجه ببسالة قل نظيرها العدوان الصهيوني المدعوم أميركيا والذي يناضل لتحرير أرضه وإعادة بناء دولته الوطنية على كامل ترابه، وعاصمتها القدس.
(صور – 15 تموز 2023)
العدالة تعني وجود قوانين، ومحاكم تعنى بتطبيقها، وقضاة يتابعون تنفيذها ويعيدون صياغة ما تقادم منها وفقا لمتطلبات تطور المجتمعات في الحاضر والمستقبل.
غير أن ما نعيشه اليوم هو عكس ذلك. فالعنف، بأوجهه المختلفة، هو السائد في ظل نظام عالمي مأزوم، يعتمد الاستغلال سبيلا ويستند إلى العدوان والحروب، والقتل جوعا وعطشا، من أجل تأبيد نهبه للثروات التي تختزنها الأرض، خاصة في منطقتنا العربية.
لذا، اقتلع هذا النظام شعوبا من أوطانها، بدءا بشعب فلسطين، ليضع مكانها كيانات هجينة... وأشعل حروبا، تمتد اليوم على طول مساحة العالم العربي، وفتت بلدانا تارة بلعصبيات الطائفية وطورا بالعصبيات القبلية والاثنية. غير أنه، وفي كل هذه الحالات المختلفة، لم يفته العمل على الابقاء على نصف مجتمعاتنا – أي النساء - تحت السيطرة من خلال قوانين الأحوال الشخصية التي، وإن اختلف محتواها بعض الشيء بين دولة وأخرى، إلا أنها كلها، وبدون استثناء، "ذكورية" المحتوى، وتنظر إلى المرأة من منظار دوني.
لنأخذ من لبنان مثالا على ما نقول.
يشهد وطننا، منذ بضع سنوات، أزمة اقتصادية ومالية واجتماعية خانقة وصلت إلى حد الانهيار الكامل لمؤسسات الدولة وما يتبع ذلك من نتائج سلبية على الأوضاع المعيشية للسكان، ولا أقصد هنا اللبنانيين فقط، بل كذلك اللاجئين الفلسطبينيين والنازحين السوريين الذين يشكّلون نسبة مهمة تقارب ال40 بالمئة من المقيمين على أرضنا.
وهذا الواقع المأزوم ينعكس بشكل خاص على أوضاع النساء. فحالات العنف والتحرّش وصلت إلى حدود خطيرة، إذ كل يومين تقريبا تقتل امرأة أو فتاة أو طفلة، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ما تنشره وسائل الاعلام، لأن الأعداد أكبر من ذلك ويتم التستّر عن الكثير من الجرائم. أما العنف الجسدي، فحدّث ولا حرج، فهو يطال حتى الأطفال الرضّع. ولا ننسى أشكال العنف الكلامي والنفسي والتحرش والتهديد بالفصل من العمل التي تتعرض لها النساء يوميا بالاستفادة من الفلتان الأمني وغياب المؤسسات التي من المفترض أنها تشكّل درع الحماية والملجأ للواتي والذين هم بحاجة إليهما.
لذا، أطلقنا مجددا هذه الحملة تحت عنوان "عدالة النوع الاجتماعي وحقوق المرأة" بالتعاون مع مؤسسات نقابية واجتماعية كاتلانية، ساهمت سابقا في دعمنا، نحن في جمعية مساواة – وردة بطرس للعمل النسائي وكذلك الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان، يوم رفعنا شعار مواجهة تزويج القاصرات واعتبرناه نوعا من الاتجار بالبشر. ونحن نسعى عبر هذه الحملة إلى إلزام النظام اللبناني بإبرام الاتفاقية الدولية 190 التي تدعو إلى عالم عمل خال من العنف والتحرّش ، اللذين بلغا أوجا غير مسبوق خلال السنوات الثلاث الماضي، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار نسبة النساء المعطلات عن العمل أو اللواتي يتقاضين نصف راتب أو اللواتي يعرضن للتحرش. ولا ننسى بالطبع ما يجري في المحاكم التي تعنى بالأحوال الشخصية، والتي باعتقادي ستكون الأساس في مداخلات عدة اليوم وكذلك في عملنا المشترك على الصعيدين الاقتصادي – الاجتماعي والقانوني.
أخيرا، أود الاشارة إلى أن اختيارنا لمخيم البص إنما أتى من تأكيدنا على التضامن مع الشعب الفلسطيني، وبالتحديد في جنين، الذي يواجه ببسالة قل نظيرها العدوان الصهيوني المدعوم أميركيا والذي يناضل لتحرير أرضه وإعادة بناء دولته الوطنية على كامل ترابه، وعاصمتها القدس.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire